مدخل للشاعر سعود القت:

مايكشف الرجل غير المال والخوّه

وإلا بقايا الطرق يقدر يخفِّيها

هذه هي اللي تبيِّن كل تحنوّه

وإن طاب حظه تعلى في معاليها

للشعراء مع الخوي حكايات ومواقف منها ما هو جميل، ومنها ما هو عكس ذلك، وللخوي الكفء من مساحات الحب والود والتقدير والوفاء والاعتزاز والإخاء الشيء الكثير، والتي جعلت الشعراء ينشدون في الخوي أجمل العبارات وأصدق المفردات.. ومنها هذه الأبيات الشهيرة للشاعر الفارس شالح بن هدلان الخنفري قالها في أحد المواقف فأنشد:

أنا ليا كثرت الأشاوير ما شير

حلفت ماتي بارزٍ مادعاني

وانا خويّك بالليال المعاسير

والاّ الرخا كلٍ يسد بمكاني

وشوري ليا هجّت توالي المظاهير

شلفاّ عليها رايب الدم قاني

شلفّا معوّدها لجدع المشاهير

يوم السبايا كنها الديدحاني

ماني بخبلٍ مايعرف المعايير

قدني على قطع الفرج مرجعاني

ان سندوّ حدرت صوب الجوافير

وان حدروا سندت لمرييغاني

تاخذ بخيران المريبخ مسايير

وما دبر المولى على العبد كاني

وتعد القصائد التي تحدثوا بها الشعراء في أشعارهم عن "الخَوي" من أجمل ما عبروا عنه خاصة عندما يذكرون الخوي الصادق الوفي الذي يبادر بالمساعدة في عندما تستدعي الحاجة على ذلك، فهذا هو الخوي الحقيقي الذي يمكن الاعتماد عليه -بعد الله سبحانه وتعالى- فيحق التفاخر به وبخوته وبصحبته على مر السنين بل طول الحياة.. فقد ندر في هذا الزمن أن تجد الخوي الذي يقف بجانبك وقت الضيق وقد وصف هذا المشهد وعن حاجة الخوي بكلمات لا يجيد فعلها إلا منهو أهلاً لها كما يقول الشاعر بندر الرشود:

وقت الرخا لا تذكر اسمي وتعدّه

ماله لزوم تعدني وانت رايق

لكن اذا مريت في ازّمه وشدّه

لازم تذكـرني إذا صرت ضايق

الناس تفرق في الوفا.. والمودّه

هذي قليـل تشوفها في الخلايق

والحديث عن الخوة والخوي حديث ذا شجون إذ لابد أن تحضر كلمات تعبر عن ذلك الخوي الصادق الذي يصون العشرة ويحفظ السر وفي هذا الاتجاه يقول الشاعر محسن بن دقلة:

أنا خوي منهو ضحوكٍ ومزّاح

وأنا خوي أهل الهقاوي البعيده

أنا خوي من صان سرّي ولا باح

دامه صفالي والله إني عضيده

أشفق على لقياه والمدّه سلاح

ولا غاب عني والله إنه فقيده

ومجالسه يشفي همومي وتنزاح

وإليا حكى ودّي كلامه يعيده

أما الذي ما يفرق أن جا ولا راح

ما احسب لمثله ولا نيب ميده

اللي تردّى ما نخاويه يا صاح

واللي دروبه عوج ماهي بسيده

وهناك من الشعراء من استغنى عن خوّة أهل البخل.. فالبخل من الصفات الذميمة التي لا تليق بالرجال الذين يعرفون بالوفاء والطيب المعشر.. فالبخل "عدو المرجة" والرفعة الحسنة ومن أكبر الأسباب التي تسبب التباعد بين الأصدقاء.. وأجزم أن البخل له أسباب كثيرة في عدم قبول الناس لمن يتصف به، لذا فإنه لا غرابة أن يكون دائماً يجلب الخلاف بين الرفقاء وعدم الرضاء والانسجام بين الناس بشكل عام والرفقاء بشكل خاص كما يقول الشاعر خالد عبدالرحمن السبيعي:

أنا رفيق اللي سمانٍ فعوله

اللي رفيقه ما يخيّب ظنّه

وأنا عدو اللي يده مغلوله

اللي يلَحّق مدته بالمنّه

كل الصِعاب فعالمي معقوله

ما دامت سيوف الأمل مسَنّه

وقد حذر الشعراء من رفقاء السوء وخوتهم ومصاحبتهم وأوضحوا أن الشخص السيئ لا يرشد خويه إلى فعل الخير وإنما دائماً تغلب تصرفاته الخيانة وعدم الولاء، وتقديم مصلحته الخاصة حتى ولو كان ذلك فيه ضرر بالغ على رفيقه، ويستخدم الطريقة الناعمة من أجل أن يشعر رفيقه بأن رفقتهم ليس مبنية على المصالح، وهذا الأمر جعل الشعراء يحذرون من على شاكلة هؤلاء الرفقاء فأكدوا في قصائدهم التي كتبوها عن تجربة وواقع حصل في الحياة، وفي هذا الاتجاه أنشد الشاعر عجب بن حمد المسردي قصيدة رائعة منها هذه الأبيات:

يا مدوّر للمراجل تجنّب كل لاش

ابتعد عن خوة اللاش يامال الشحم

الردي لا تنخدع به ترى عظمه هشاش

ما تحصّل من ورى خوته غير الندم

لا يغرك بالعزاوي على جال الفراش

ان تعقّد حاجب الوقت كبك وانهزم

دور اللي خوته تنشرا بالمال كاش

واحدٍ لا حل طاريه قالوا والنعم

ومن الوفاء والجميل أن يتذكر الإنسان رفقاءه الذين رافقهم ولا ينساهم بالسهولة، خاصة إذا كانوا من أهل الوفاء والطيب والكرم والصفات الحميدة من الواجب ذكرهم والتفاخر بهم والتواصل معهم وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أصالة الإنسان وطيب معدنه وهنا في هذا المقام يتحدث الشاعر عبدالله بن شايق العاطفي -رحمه الله- عن أخوياه من خلال قصيدة المشهورة في "اخوياه" وهي من قصائده الشِّعرية التي وصف فيها الخوّة بين الرجال وما عليهم من واجب اتجاه الخوي.

وكما هو معروف فإن الرجل العربي مشهور بشهامته ونخوته وكرمه وشجاعته ولذا لا غرابة أن يُبدع ابن شايق في وصف الخوي ومنها نقتطف هذه الأبيات المؤثرة التي نجد فيها الكثير من الاشتياق والتوجد لرفقة الرجال الأخيار وخوة أهل النواميس وأهل الطيب والأمجاد وتعد من مكاسب الحياة الناجحة يقول ابن شايق:

على الله متى بنقول هيا بنا ذالحين

اسج القدم مع عزوتي عقب مقعادي

اسجـل عـدد رحلاتنـا كلهـا واقيـن

ولا فيـه يـومٍ مرنـا قلـت لا عـادي

وقمت اتمنى و اطلب الله واقول آمين

يعودك يا عيد اربعه وتسعيـن ميـلادي

نهار الاحد واحد والاثنين يوم اثنيـن

ويوم الثلاثـا ثلاث ايـام الاعيادي

مع الاربعا عيد رمضان اربع وتسعين

تذكرت فيها خوة الربع الاجوادي

مسكنا طريـق البرّه الساعه الثنتيـن

على ست سيارات والخـط منقادي

تجاه الشمال الله اعلم ميه وسبعين

ورى تمير دون الشعب في فيضة الوادي

نزلنا صلاة العصر ديره وجواً زين

عـز الله لقينا ديرةٍ جوها هـادي

حتى قال:

حقيقه ثلاثه ايام تسـوى ثلاث سنين

لها جلسةٍ تغني عن الشرب والزادي

مقيميـن مرتاحيـن ساليـن متسلـين

سوالف وشبّة ضو يندلّها الغادي

صماليل سمرٍ نورها يجذب السارين

على جالهـا مدخن ودلّه وبرّادي

ومن مرنا قلنا هلا مرحبا واهلين

تفضل وهـذا سلمنا سلم الاجدادي

عجب المسردي
خالد السبيعي
عبدالله بن شايق
محسن بن دقلة
بندر الرشود
بكر هذال