رسائل تصعيدية بين أطراف الاطار التنسيقي


يبدو ان التصعيد الاخير الذي يشهده العراق لا يحمل رسائل ضغط سياسي للتحالف الثلاثي الذي يضم الكتلة الصدرية والحزب الديمقراطي الكردستاني وتحالف عزم وتقدم فحسب، انما يحمل أيضاً رسائل الى داخل الاطار التنسيقي وتحديداً الاطراف التي بدأت تميل الى الالتحاق بتحالف الأغلبية الوطنية.

فبعد توقف دام لأشهر، استُهلّ العام الجديد بأعتداءات على مواقع عسكرية عراقية استهدفت قاعدة Victory في مطار بغداد بهجومين منفصلين، وقاعدة عين الأسد الجوية غرب الثرثار في محافظة الأنبار، وهجوم مجهول على البيشمركة في التون كوبري شمال كركوك، وقاعدة بلد الجوية بمحافظة صلاح الدين، كما استهدفت السفارة الامريكية في بغداد وقاعدة زيلكان في ناحية بعشيقة التي تضم قوات تركية، وجميع هذه الهجمات استخدمت بواسطة طائرات مسيرة وصواريخ كاتيوشا، فضلاً عن استهداف مقرات الحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب تقدم وتحالف عزم في بغداد بقنابل يدوية.

رسائل تصعيدية خارج الاطار التنسيقي.

تزامن هذا التصعيد مع الاجراءات الدستورية المتمثلة بالجلسة الأولى للبرلمان الجديد وفي ظل ازمة سياسية أصرت على افتعالها أطراف الإطار التنسيقي، تبدو ان دوافعه مرتبطة بمراحل المسار التفاوضي قبل الجلسة الاولى، فإعتداءات ما قبل التاسع من كانون الثاني الجاري كانت تسعى لممارسة الضغط الأقصى على مقتدى الصدر لأحتواء الاطار التنسيقي كاملاً والتنازل عن الفيتو الذي يتخذه تجاه ائتلاف دولة القانون ودخول الثنائي الشيعي الى جلسة البرلمان موحداً واعلان الكتلة الأكبر، وهذا ما أكدت عليه أغلب بيانات الاطار التنسيقي وتصريحات أعضاءه حتى صبيحة الجلسة الأولى للبرلمان، إلا ان وقائع الجلسة الأولى لم توكد عدم دخول الثنائي الشيعي موحداً فحسب، انما أكدت ان الإطار التنسيقي أول من شقّ البيت الشيعي بتقديمه ورقة الكتلة الاكبر لرئيس السن دون الكتلة الصدرية.

رسائل تصعيدية داخل وخارج الإطار التنسيقي.

رغم الملاحظات التي أثارها الاطار التنسيقي حول ما شهدته الجلسة الاولى وانتخاب هيأة رئاسة البرلمان، إلا ان مسار المفاوضات شهد تغيّراً بارزاً بين الكتلة الصدرية وبعض أطراف الاطار التنسيقي، وهو ما غيّر دوافع التصعيد لتشمل رسائل موجهة نحو أطرافاً رئيسة داخل الإطار التنسيقي وتحديداً تحالف الفتح الذي يضم منظمة بدر وكتلة صادقون التابعة لعصائب اهل الحق، وكتلة سند التابعة لكتائب جند الإمام الذين حصدوا 17 مقعداً نيابياً، بالاضافة الى حلفاء الصدر من خارج الإطار التنسيقي.
فقد غرّد الصدر في 11 كانون الثاني ان باب التحالف لا يزال مفتوحاً على بعض من ما زال يحسن الظن بهم، وتشير معلومات من داخل التيار الصدري ان الصدر لا يعترض على ضمّ تحالف الفتح (17 نائب) بزعامة هادي العامري، وتحالف قوى الدولة (4 نواب) الذي يضم تيار الحكمة بزعامة عمار الحكيم وتحالف النصر بزعامة رئيس الوزراء الاسبق حيدر العبادي.
وبحسب مقربون من التيار الصدري، فإن مقتدى الصدر يشترط على من ينضم الى تحالفه من اطراف الاطار التنسيقي الالتزام ببرنامجه القائم على محاسبة ائتلاف دولة القانون على سياساته، وتخلّي الفصائل المسلحة عن سلاحها لصالح الدولة، ويبدو ان هنالك استجابة واضحة من الجهات التي يسعى الصدر لضمها من الإطار التنسيقي، ممثلة بموقف هادي العامري من الحوارات السابقة، وموقفه من استهداف السفارة الأمريكية والمقرات الحزبية التي غازل فيها توجهات الصدر، وزيارته يوم امس الى الحنانة للقاء مقتدى الصدر، فيما تشير معلومات الى استعداد قيس الخزعلي التوجه نحو العمل السياسي وترك العمل المسلح للحفاظ على غطاء سياسي للفصائل المسلحة الأخرى من جهة، وممارسة دور الوصي على هذه الفصائل من جهة أخرى وهو ما يسعى اليه الخزعلي منذ مقتل قاسم سليماني وابو مهدي المهندس، وما يؤكد ذلك تغريدته الأخيرة التي اشار فيها ان استهداف الخضراء محاولة لخلط الأوراق.

أثار هذا المسار التفاوضي امتعاض الجهات السياسية والمسلحة من الاطار التنسيقي التي يرفضها الصدر (ائتلاف دولة القانون وكتائب حزب الله) وحلفائهم من الفصائل المسلحة الأخرى خارج الاطار، وتصاعد خطابهم بإتهام حلفاء الصدر بشق الصف الشيعي والتهديد بالحرب الشيعية – الشيعية، وعلى الأرجح ان هذه الأطراف السياسية والمسلحة تركز العمل على جانبين، رسائل داخل الاطار التنسيقي للحفاظ على تماسكه الهشّ ومنع انتقال العامري والخزعلي الى الصدر عبر التصعيد المسلح ضد القواعد العسكرية العراقية التي تضم قوات التحالف الدولي، ورسائل خارج الأطار التنسيقي لتفكيك تحالف الصدر مع القوى السنية والكردية عبر رسائل التهديد المباشرة، وفي ظل الوساطة الإيرانية التي تولي الجانب السياسي اولوية في الوقت الحالي، فمن المحتمل كثيراً ان نجاح الصدر في شق الاطار التنسيقي وتوسيع دائرة تحالفاته فيما يتعلق بالكتلة النيابية الأكثر عدداً، يتوقف على عزل ائتلاف دولة القانون وكتائب حزب الله والمليشيات الأخرى التي تدور في فلك الاطار التنسيقي.

سباق مع الوقت يغلّب المصالح الفرعية.

فرضت الاجراءات الدستورية بعد اجراء الانتخابات الاخيرة نفسها على الواقع السياسي القائم على التوافق حتى الدورة البرلمانية الرابعة في عام 2018، فقد خاض العراق معركة دستورية منذ اعلان نتئاج انتخابات 10 تشرين الاول 2021 تمثلت بتغليب الالتزام بقانون الانتخابات على الضغوطات السياسية وكذلك فيما يتعلق بمصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات بعد اعتراضات استمرت لأشهر وصولاً الى الجلسة الاولى للبرلمان الجديد في التاسع من الشهر الجاري وصدور أمراً ولائياً من المحكمة الاتحادية بإيقاف صلاحيات هيأة رئاسة مجلس النواب للنظر في دستورية الجلسة الاولى.
وبحسب السوابق القضائية، فعلى الارجح ان تُردّ الدعوى المقدمة الى المحكمة الاتحادية للطعن بدستورية الجلسة الاولى للبرلمان كون التنازع في النظام الداخلي يفصل به مجلس شورى الدولة، وفي ضوء بيان المحكمة الاتحادية بعدم تأثير أمرها على التوقيتات الدستورية لأنتخاب رئيس الجمهورية، وشعور تحالف الفتح بعدم جدوى الطعن بدستورية الجلسة او تفكيك التحالف الذي افضى الى انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه حتى وان اعيدت الجلسة، فتغليب المصالح الفرعية يتقدم على تماسك الاطار التنسيقي الذي تشكّل اساساً للضغط على مواقف التيار الصدري وفُعّل لتغيير نتائج الانتخابات.
وفي ضوء ذلك، يدور الحديث الان داخل أطراف الاطار التنسيقي التي يرجح انتقالها الى تحالف الصدر حول مصير ائتلاف دولة القانون اذا ما اصر الصدر على محاسبة سياسات زعيمه، والضغط بإتجاه قبول عدم اشتراكه في الحكومة مقابل تقديم تنازلات من الصدر بعدم ملاحقته قضائياً، ويبقى مصير هذا الأمر رهن المتغيرات المستمرة حتى لحظة تكليف رئيس الجمهورية الجديد لمرشح الصدر بتشكيل الحكومة اواخر الشهر القادم، إلا ان الواضح من جميع هذه المجريات ان الاطار التنسيقي في طريقه الى التفكك وتحول العلاقة بين اطراف من التنسيق الى التنافس الحاد.

تاريخ الخبر: 2022-01-17 00:15:09
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 81%
الأهمية: 93%

آخر الأخبار حول العالم

آخر تطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا /16.05.2024/

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 06:06:55
مستوى الصحة: 95% الأهمية: 89%

روسيا.. الجندي الأمريكي المعتقل في فلاديفوستوك يعترف بجريمته

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 06:06:51
مستوى الصحة: 78% الأهمية: 90%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١٦)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-16 06:21:33
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 59%

طقس الخميس.. حرارة وهبوب رياح بهذه المناطق

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 06:09:08
مستوى الصحة: 62% الأهمية: 74%

10 دول أوروبية ترفض الحديث عن ضمانات أمنية لأوكرانيا

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 06:07:10
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 97%

"رويترز": بريطانيا ستفرج عن بعض المجرمين بسبب اكتظاظ السجون

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-16 06:06:54
مستوى الصحة: 93% الأهمية: 87%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية