قال موقع «سمول وورز جورنال»: إن الانتصار المتوقع للموالين للرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو في الانتخابات المزورة في نوفمبر 2021 بمثابة مسمار رمزي في نعش محاولة استعادة النوع الأكثر ليبرالية من الديمقراطية التي كانت سائدة سابقًا في البلاد.
وبحسب مقال لـ «إيفان إليس»، يبدو الآن أن فنزويلا تشبه كوبا أكثر من أي وقت مضى، مع وجود حكومة استبدادية تسيطر على المدى الطويل.
وتابع الكاتب: ومع ذلك، في حين أنه من غير المرجح أن تعود فنزويلا إلى الحكم الديمقراطي في أي وقت قريب، فإن أوجه التشابه مع كوبا تخفي الديناميكية المعقدة بين شخصيات النظام والجهات الفاعلة الخارجية التابعة للدولة والجماعات الإجرامية والإرهابية التي تشكل مستقبل البلاد.
وأردف: يعتمد التوصيف التالي بشكل كبير على المقابلات مع العديد من المطلعين، بما في ذلك كبار المسؤولين الفنزويليين والكولومبيين الحاليين والسابقين، لرسم صورة لديناميكيات النظام التي يمكن القول إنها مختلفة عن الشائع.
ديمقراطية مختطفة
ومضى الكاتب يقول: يمكن فهم فنزويلا على أنها «ديمقراطية مختطفة»، حيث قام القادة المنتخبون في البداية باستخدام الآليات الديمقراطية بتغيير تلك الآليات بطرق لم تعد متوافقة مع المفاهيم الغربية التقليدية للديمقراطية الليبرالية.
وتابع: أصبحت فنزويلا تحت سيطرة مجموعة معقدة من الجهات الفاعلة الداخلية والأجنبية ذات المصالح المتوافقة جزئيا ومؤقتا فقط.
وبحسب الكاتب، يمكن اعتبار بعض مناطق فنزويلا محكومة من قبل جماعات مسلحة مختلفة.
وأردف: تحقيقا لهذه الغاية، يمكن فهم الديناميكية في فنزويلا في سياق ما تسميه الأدبيات «دولة مخدرة» أو «ريعية»، يركز اللاعبون المحليون الرئيسيون إلى حد كبير على البقاء والأرباح غير المشروعة، وكل منهم مرتبط بجهات فاعلة أجنبية مختلفة متابعة مصالحهم الإستراتيجية الخاصة.
ولفت إلى أن الوضع الحالي في فنزويلا هو نتاج لـ 3 ظواهر مترابطة، بالإضافة إلى السياق الاقتصادي الاجتماعي والسياسي الأعمق المتجذر تاريخيا والذي يشكل مسار الدولة الفنزويلية.
ومضى يقول: أول الظواهر هو أن اقتصادها القائم على النفط خلق موارد لأولئك الذين يسيطرون على الدولة، سواء من الديمقراطيين أو المستبدين، للحكم، مع الحد من عدد قواعد القوة المستقلة عن قطاع النفط.
ونبه إلى أن الظاهرة الثانية هي أن إيرادات البترول عززت الفساد المستشري والأداء الاقتصادي غير المتكافئ، بما بث خيبة الأمل بين الفنزويليين تجاه الديمقراطية والأسواق الحرة.
وتابع: هذه الظاهرة التي تعرف باسم «لعنة الموارد»، ليست فريدة من نوعها في فنزويلا، لكنها تنتقل إلى أبعاد جديدة هناك، مع أولوية قطاع النفط وانحطاط القطاعات الأخرى، وساعدت هذه الظاهرة الهيكلية هوغو شافيز على الاستيلاء على السلطة في 1998 من خلال مناشدة خيبة الأمل هذه، ودعمت لاحقًا الإذعان لانتهاكاته للدستور وروح الديمقراطية عندما استولى على مؤسسات الدولة وحولها لصالحه.
تحقيق مصالح
وأشار إلى أن الظاهرة الثالثة هي أن الجهات الفاعلة من خارج نصف الكرة الغربي، ولا سيما جمهورية الصين الشعبية وروسيا، قدمت ضمن سعيها لتحقيق مصالحها الخاصة، موارد للنظام على شكل مشتريات نفطية وقروض وبعض الاستثمار، مما ساعد على استدامة نظام شافيز. كما تحركت ضد القطاع الخاص والمؤسسات الديمقراطية، حيث بدأ المستثمرون الغربيون في الفرار وطلب الإنصاف في المحاكم.
وبحسب الكاتب، كان أحد العناصر الرئيسية لنموذج «تشافيز» هو تعاونه مع مجموعة من الجماعات الإرهابية المرتبطة إجراميا، بما في ذلك جيش التحرير الوطني والقوات المسلحة الثورية لكولومبيا وكذلك «حزب الله» الموالي لإيران من بين آخرين.
وأردف: كانت هذه العلاقات مفيدة للطرفين بشكل عام، حيث وفر نظام شافيز ملاذا واقعيا وفرصة لتلك الجماعات لحماية الموارد أو توليدها، بينما كانت تخدم أغراضًا إستراتيجية داخل وخارج فنزويلا، بما في ذلك مساعدة النظام في السيطرة على الأراضي، وتنظيم العمليات غير المشروعة.
وتابع: أصبحت هذه الكيانات الإجرامية أيضًا تتفاعل مع بعضها البعض، ومع الجماعات المدنية والإجرامية داخل فنزويلا، بما في ذلك مجموعات العمل المجتمعي التي تنظمها الحكومة، إلى العصابات الإجرامية الإقليمية والمحلية ومع الأوامر العسكرية.
وأشار إلى أنه برغم التركيز الدولي على الصراع السياسي في كاراكاس، فقد انتقلت السلطة إلى الأطراف، حيث اعتمد الاستقرار بشكل متزايد على المصلحة المشتركة لتلك الجماعات في استمرار دولة فاسدة ضعيفة.
وأضاف: الخوف من الجهات الفاعلة الرئيسية يجبر كلا منها على المدى القصير على إبقاء النظام واقفا على قدميه، حتى أثناء المناورة لحماية مصالحهم إذا انهار.
القوة الحقيقية
وأشار إلى أن الرئيس مادورو لا يمتلك القوة الحقيقية لكنه محاط بمجموعة من الشخصيات المرتبطة إجراميا، ولكل منها روابط مختلفة بمؤسسات محلية مختارة، وفاعلين أجانب، وجماعات مسلحة.
وأردف: تتماشى مصالح هؤلاء الفاعلين حاليا مع بقاء الحكومة الحالية، لكن اختفاء مادورو، أو التغييرات الأساسية الأخرى في الوضع الراهن يمكن أن يغير ذلك، مما يضع كل طرف في مواجهة الآخر في صراع فوضوي وعنيف على الأرجح من أجل الحفاظ على الذات.
وتابع: لا يعني التقاء الجهات الفاعلة المهتمة باستمرار فنزويلا كمشروع إجرامي خاضع لحكم ضعيف ومقاوم للولايات المتحدة وملاذ من العدالة الغربية أن نيكولاس مادورو يحدد اتجاه الدولة، أو أن التوازن المؤقت الحالي سيستمر.
وأضاف: بمجرد كسر التوازن، قد يتصرف الممثلون الموصوفون في هذا العمل بطرق متطرفة، لأن العواقب بالنسبة للعديد منهم وجودية، بما في ذلك الملاحقة الجنائية وفقدان الثروة، بالنسبة إلى القوات المسلحة الثورية لكولومبيا وجيش التحرير الوطني، تشمل المخاطر فقدان الملاذ الفنزويلي والأسلحة المخبأة والموارد، وبالنسبة لكوبا، فإن شريان الحياة الاقتصادي للأمة على المحك.
ونوه بأنه في حال انهيار النموذج الحالي سيندفع الأفراد العسكريون للهروب بالسلاح وبيعه إلى السوق السوداء أو الجماعات الإرهابية كتذكرة للخروج من المستنقع.
وأردف: من المرجح أن يؤدي هذا التفكك العنيف والانهيار الاقتصادي إلى إطلاق العنان لأزمة إنسانية من شأنها أن تقزم تلك التي شردت بالفعل 7 ملايين مواطن، من المحتمل أن تمتد الآثار عبر الحدود إلى كولومبيا وغيانا ومنطقة البحر الكاريبي وربما البرازيل، مع تداعيات مضاعفة في جميع أنحاء المنطقة.
