التدخل في كازاخستان.. الأبعاد الجيوسياسية وصراع النخب


وأردف: بإعلان حالة الطوارئ، وصف الرئيس توكاييف الاضطرابات أنها هجوم إرهابي على الأمن القومي للبلاد، وطلب المساعدة من منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهي تحالف عسكري يتألف من روسيا وكازاخستان وبيلاروسيا وأرمينيا، قيرغيزستان وطاجيكستان، واستجابت المنظمة بشكل إيجابي لطلبه.

وأشار إلى أن روسيا قدمت الجزء الأكبر من قوات حفظ السلام التابعة للمنظمة.


تهديد الاستقرار

ويقول الكاتب كلارك: في الواقع، أي دليل على هجوم مسلح يهدد السلامة والاستقرار والسلامة الإقليمية والسيادة على كازاخستان، مما أدى إلى اقتراحات بأن تدخل منظمة معاهدة الأمن الجماعي كان مجرد مثال على أن سيناريو أوكرانيا قيد التنفيذ.

وبحسب الكاتب، يتجاهل هذا التحليل عاملين رئيسيين: السياق السياسي المحلي للاضطرابات في كازاخستان، وديناميكيات البيئة الجيوسياسية في البلاد.

وأضاف: منذ استقلال كازاخستان في 1991، هيمن على المشهد السياسي الداخلي للبلاد رئيسها السابق نور سلطان نزارباييف، الذي أقاله توكاييف مؤخرا من مجلس الأمن في البلاد.

وتابع: حكم نزارباييف دون أي تحد كبير حتى 2019، عندما أدار مرحلة تعيين خليفته المختار يدويا، والرئيس الحالي توكاييف، رغم هذا التحول في القيادة، استمر الأول في ممارسة قوة ونفوذ كبيرين من خلال رئاسته مجلس الأمن في جمهورية كازاخستان.

ومضى يقول: تحت حكم نزارباييف، اعتبر المراقبون الغربيون كازاخستان لفترة طويلة أكثر جمهوريات آسيا الوسطى استقرارا ونجاحا في فترة ما بعد الاتحاد السوفييتي، ولفت إلى أن هذا الاستقرار يستند إلى نهج نزارباييف؛ الاقتصاد أولا والسياسة لاحقا، حيث فضلت حكومته التنمية الاقتصادية على تعزيز المؤسسات والأعراف الديمقراطية الحقيقية.

ونبه إلى أنه في حين أن كازاخستان شهدت تطورا اقتصاديا كبيرا، فإن عوائده لم توزع بشكل متساو، حيث كان يمتلك 0.001% من الكازاخيين 55% من ثروة البلاد.

وأردف: استخدم نزارباييف، على وجه الخصوص، ثروة موارد البلاد لتأسيس نظام رعاية عزز شبكات النخبة الموالية لتدعيم قبضته على السلطة التي استمرت قرابة 3 عقود، ومع هذا كان الفساد المستشري.

قلب «الفساد»

ومضى كلارك يقول: بحسب تقرير آخر صدر مؤخرا عن «تشاتام هاوس»، فإن نزارباييف وبناته وصهره وابن أخيه وحفيده، يقفون في قلب الفساد الهائل وأنشطة غسيل الأموال التي حولت مليارات الدولارات من ثروة البلاد إلى الخارج؛ البنوك والأصول.

وأضاف: أثار هذا النظام الوراثي الجديد للحكم حالات سابقة من معارضة متفرقة للنظام، مثل احتجاجات زاناوزن في 2011، ولكن يبدو أن انتقال القيادة الفاترة الآن قد أثار الغضب الشعبي والاستياء إلى مستويات غير مسبوقة.

وتابع: إضافة إلى ذلك، كان هناك التنافس الواضح بين النخبة خلال العام الماضي، حيث عزز توكاييف موقعه من خلال إنشاء شبكات رعاية لا تعتمد على نزارباييف.

وبحسب الكاتب، يبدو أن هذه الجهود لعبت أيضا دورا في الاضطرابات الأخيرة مع قيام توكاييف باعتقال كريم ماسيموف، أحد الموالين المقربين لنزارباييف، ورئيس الوزراء السابق، ورئيس أجهزة أمن الدولة في كازاخستان، بتهمة الخيانة.

ونقل عن المراقِبة الكازاخية المخضرمة جوانا ليليس قولها: إن هذا قد يشير إلى احتمال تورط ماسيموف في محاولة للإطاحة بتوكاييف والاستيلاء على السلطة.

وأردف: أكد المستشار السابق لنزارباييف، يرموخاميت يرتيسباييف، أنه يعتقد أيضا في هذه النظرية، وقال: «إن مثل هذا الانقلاب لا يمكن أن يتم دون خونة في أعلى مستويات السلطة، لا سيما في وكالات إنفاذ القانون».

وتابع: هكذا يبدو أن توكاييف يواجه تلاقي الغضب الشعبي من عدم إصلاح نظام نزارباييف وانقسام النخبة، وقد أدى ذلك إلى رواية معقدة من توكاييف حول الاضطرابات، حيث أكد الرئيس في 10 يناير، أنه كان هناك تنسيق بين الإرهابيين الأجانب وعناصر داخل الأجهزة الأمنية في البلاد.

التحريض والعنف

واستطرد الكاتب بالقول: في حين أن أساس ادعاء الإرهابيين الأجانب يبدو هزليا، يبدو أن بعض أعمال العنف قد تم التحريض عليها من قبل محرضين مسلحين مرتبطين بعدد من العصابات الإجرامية الكازاخية، التي يحتمل أن تكون مدفوعة من معارضي نظام توكاييف الداخليين.

وأشار إلى أنه في هذا السياق يكون طلب توكاييف لتدخل منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» منطقيا إلى حد ما.

ونقل عن بول سترونسكي من مؤسسة «كارنيجي» للسلام الدولي، أن الدليل على الدافع الحقيقي وراء هذا الطلب هو أنه بعد بدء العنف مباشرة، تحرك توكاييف ليحل محل مسؤولي الأمن الرئيسيين مع موالين له، وهذا يشير إلى أنه لم يثق بقوات الأمن في البلاد، وربما سعى للحصول على مساعدة روسية للتغلب على منافسيه في النظام.

وأردف: يبدو الآن واضحا أن الصراع داخل النخبة قد حدث، رغم أن علاقته الدقيقة بالاضطرابات الشعبية لا تزال غامضة، في خطاب ألقاه أمام البرلمان الكازاخي في 11 يناير، لم يسع توكاييف فقط إلى تعزيز روايته القائلة «إن الانقلاب قد تم من قبل المعارضين الداخليين بالتواطؤ مع الإرهابيين المسلحين، بما في ذلك المسلحون الأجانب»، بل انتقد أيضا نزارباييف علنا لتأسيسه نظاما انفصلت فيه النخبة السياسية عن الحقائق الصعبة واحتياجات المواطنين، وتم فيه تفضيل المجموعات المالية والأوليغاركية.

وتابع: بالتالي، بدلا من استغلال روسيا انتهازيا للأزمة الكازاخية، يبدو أن توكاييف ربما يكون قد لعب على تفضيلات الكرملين للوضع الراهن في آسيا الوسطى لحثه على تقديم المساعدة له.

ونقل عن مارك جالوتي قوله: بالنظر إلى أن تدخل منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» سيكون قصيرا للغاية، فإنه سيشكل فوزا سهلا للكرملين، حيث يمكن تقديمه على أنه إنجاز للسياسة الخارجية للجمهور المحلي والدولي، واستخدامه لإسكات الانتقادات الموجهة إلى المنظمة أيضا وفي تعزيز مكانة روسيا كحليف يمكن الاعتماد عليه.

تساءلت مجلة «ناشيونال إنترست» الأمريكية، عما إذا كان تدخل منظمة «معاهدة الأمن الجماعي» في كازاخستان يعكس أبعادا جيوسياسية أم صراعا بين النخب.

وبحسب تحليل لـ «مايكل كلارك»، الزميل البارز بكلية الدفاع الأسترالية، في مواجهة النخبة المنقسمة، يبدو أن الرئيس الكازاخي، قاسم جومارت توكاييف، ربما يكون قد لعب على تفضيلات الوضع الراهن للكرملين، لحثه على تقديم المساعدة له. ومضى يقول: أدت الاحتجاجات التي بدأتها زيادة أسعار غاز البترول المسال في غرب كازاخستان في 2 إلى 3 يناير، إلى اندلاع أعمال عنف واضطرابات على مستوى البلاد على مدى أسبوع، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 160 شخصا، واعتقال الآلاف.
تاريخ الخبر: 2022-02-01 03:22:59
المصدر: اليوم - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 48%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (٤)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:21:31
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 59%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:45
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 70%

عاجل.. لحظة خروج الدكتور التازي من سجن عكاش

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-04 06:25:38
مستوى الصحة: 54% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية