وسط مخاوف شديدة، تترقب كييف وعواصم العالم الغربي، لحظة إعلان موسكو ساعة الصفر لبدء هجومها العسكري على أوكرانيا ومن ثم اجتياحها.

وبالرغم من أن روسيا لا تزال مصرّة على نفي ادعاءات تخطيطها لغزو جارتها الموالية للغرب، إلا أن الولايات المتحدة أكدت في المقابل، على لسان رئيسها جو بايدن، إلى جانب عدد من مسؤولي إدارته، أن التحركات العسكرية والمناورات الأخيرة على طول الحدود بين البلدين، إضافة إلى الحشد العسكري الكبير الذي تجاوز حدود المائة ألف جندي روسي، يُعتبر مؤشرا واضحا لـ"غزو وشيك".

وبينما انطلق الزعماء الغربيون في تكثيف مشاوراتهم ومباحثاتهم طيلة الأيام الماضية، حول تنسيق ردٍ مشترك إزاء الحشد العسكري الروسي، وذلك بعد أن بدت العقوبات المنتظر إعلانها غير كافية لردع موسكو، يتدخل عامل جديد يعتقد مسؤولون أمريكيون أنه قد يكون سبباً مهماً في إعاقة المخططات الروسية، يتمثل في ظروف الطقس.

الأوحال قد يعيق الجنود الروس

بعد أن كان شهر يناير/كانون الثاني من كل عام يُعد شهر الثلوج والتجمّد بالنسبة لأوكرانيا، إلا أنه قد صادف هذه السنة شتاء معتدلاً، لم تتجمد فيه الأراضي وخاصة تلك المحاذية لروسيا، وغرقت بالتالي في الأوحال.

وعلى ضوء ذلك لفت مسؤولون أمريكيون، في تصريح إعلامي لصحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن "الشتاء المعتدل والأراضي الموحلة قد تُعقّد الخطط الروسية والعمل العسكري لشن غزو على أوكرانيا".

حيث إن الأراضي المتجمدة، والتي ليست بالجليدية أو الطينية، تسمح للمركبات والمعدات العسكرية الثقيلة بالتحرك والمناورة بسهولة أكبر، في حين أن الوحل قد يعيق تحرك العربات الثقيلة والدبابات.

وأضاف المتحدثون في السياق ذاته أن "الأرض الموحلة قد تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى تأجيل أي هجوم بري مخطط له حتى شهر فبراير/شباط الجاري على أقرب تقدير، وسيتعين عليه، لنجاح مخططه، التحرك قبل ذوبان الثلوج في شهر مارس/آذار القادم، وإلا فإنه سيواجه حتما الأراضي الموحلة مرة أخرى".

ومنذ بدء تعزيز القوات العسكرية الروسية على الحدود الأوكرانية الروسية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بدأ خبراء الأرصاد الجوية في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن مراقبة أحوال الطقس هناك ويقيمون ما إذا كانت مناسبة لهجوم عسكري روسي على أوكرانيا.

وفي هذا الإطار لفت المحلل العسكري في وكالة المخابرات المركزية، جيفري إدموندز، إلى أنه "بالرغم من أن الأحوال الجوية هي عامل مهم في التخطيط العسكري، إلا أنها ليست العامل الوحيد الذي يجب مراعاته" وأضاف قائلاً إن "التضاريس الموحلة يمكن أن تعقّد العمليات العسكرية، لكنها ليست بأي حال من الأحوال عقبة".

ويرى خبراء ومحللون أن هذه الظروف الجوية قد تتطلب من الكرملين الروسي تخطيطاً مكثفاً ودعماً لوجستياً إضافياً، لإنجاح خططه، إذا كان فعلاً عازماً على الغزو.

كما أشارت العديد من الآراء، إلى أن القوات الروسية قد نشرت في الفترة الأخيرة المزيد من طائرات الهليكوبتر في محاولة منها للالتفاف على المشاكل الناجمة عن الظروف الجوية.

هل أوقف ذلك التحركات روسية؟

لا يزال مخطط غزو روسيا لأوكرانيا مجرد احتمال تشدد على مصداقيته العواصم الغربية انطلاقاً من الحشد العسكري الضخم الروسي على الحدود الأوكرانية والذي تجاوز 100 ألف جندي تمركزوا في مواقع مختلفة مجهزين بمعدات عسكرية ثقيلة، ومن المرجح أن يرتفع عددهم إلى 175 ألفاً خلال الأشهر الأولى من السنة الحالية 2022، وفق ما أكدته أجهزة الاستخبارات الأمريكية.

وبالرغم من التباطؤ الأخير في تقدم القوات العسكرية الروسية، بفعل التغيرات الجوية، والأوحال التي تغطي الأراضي في مناطق تحركها، إلا أن ذلك لم يمنعها من تكثيف وجودها على الشريط الحدودي، ونقلت في المقابل الطائرات الهجومية إلى المنطقة، كما رفضت طلب واشنطن بإعادة الجنود إلى الثكنات.

هذا الإصرار، عزز مخاوف الغرب من أن روسيا تُجري حالياً مجرد مناورة، وأن الغزو لأوكرانيا في الحقيقة لا يُعدّ بعيداً.

وصرّحت في ذلك المتحدّثة باسم البيت الأبيض جين ساكي يوم الأربعاء 2 فبراير/شباط الجاري قائلة إنها "لن تصف بعد اليوم الهجوم العسكري الروسي المحتمل على أوكرانيا بالوشيك"، مع أن الإدارة الأمريكية لا تزال تعتبر أن هذا الغزو "قد يحصل في أي وقت".

كما أعلنت الولايات المتحدة أنها سترسل 3 آلاف جندي إضافي إلى أوروبا الشرقية إلى جانب 8500 جندي قد وضعتهم خلال شهر يناير/كانون الثاني المنقضي في حالة تأهب.

ويدرس في الأثناء بقية الزعماء الغربيين، الرد المناسب المشترك الذي سيتعين عليهم اتخاذ القرار فيه، عما إذا أصبح الغزو الروسي أمراً واقعاً.

TRT عربي