«فى وجدانى ما زال عقل طفل يلهو حتى وأنا أقترب من عمر الثمانين، لمَ كل هذه الأشياء التى أحتفظ بها؟».. هذا السؤال بدأ به المصور السينمائى سعيد شيمى، كتابه «حكايات مصور سينما.. الغريب والخفى أثناء عمل الأفلام»، الصادر حديثًا عن دار الهالة للنشر والتوزيع.

وأضاف: «هذا المؤلف هو تجاعيد الزمن، ذكريات أكتبها – وإن كانت غير متسلسلة زمنيًا – ما يخطر فى بالى وذاكرتى من حوادث وأحداث خلال عمرى، ربما تكون شيقة ومفيدة للبعض، أو لا تعنى شيئًا لآخرين، لكن من داخلى ومن صلب ضميرى أحسست بأنى أريد أن أكتبها».

خلال مقدمة الكتاب يكشف «شيمى» عن كواليس كتابته هذا العمل، بأنه بعد أن أصبحت القراءة أقل مما كانت عليه فى الماضى – حتى لا يرهق نظره – صار مكوثه وجلوسه فى المنزل بسبب جائحة كورونا مملًا جدًا، ولأنه من البشر الذين لا يستسيغون «رغى» التليفزيون الفاضى البعيد عن منطق العقل والثقافة، قرر كسر الملل بأن «ينكش» ويستخرج ما هو داخل الكنب الذى كان يضع فيه صوره وذكرياته، ونساه مع مرور الوقت والزمن والحياة.

أراد «شيمى» أن يشارك اطلاعه على ألعابه السينمائية كما أطلق عليها، ففى هذا الكتاب بعض من خبيئته مع الزمن لحبه للسينما وأهله وبلده والحياة، مؤكدًا أن اختيار الإنسان مهنته ونجاحه فيها ليس صدفة، بل هى تلك العزيمة التى تمسك بها، وقواها بالعلم والمعرفة والخبرة.

كما تحدث عن عمله فى الفن رغم أنه بعيد عن مجال أعمال أسرته، بأنه ميل جذبه إليه المولى عز وجل، وعبر به أيامه فى الدنيا، ونور الله طريقه فيه بالمعرفة المستمرة بقدر قدراته.

كواليس وحكايات عديدة كشف عنها «شيمى»، ومنها حكاية حين كان طالبًا فى السنة الثالثة بالمعهد العالى للسينما أثناء مشاهدته العرض الخاص لفيلم «المومياء» مع كل طلبة المعهد، وهو أول إخراج لشادى عبدالسلام، وعبر بعد مشاهدته الفيلم عن إعجابه وانبهاره به، وبأسلوب عبدالسلام الجديد تمامًا.

بعد الانتهاء من المناقشة وخروج الجميع من الصالة، لمحه «عبدالسلام» وتعرف عليه، وطلب منه أن يزوره فى استوديو نحاس، فهو رئيس مركز الأفلام التجريبية الخالدة، الذى أنشأه الدكتور ثروت عكاشة، وزير الثقافة حينها، بهدف اكتشاف المواهب الشابة الجديدة فى السينما المصرية.

كما رشحه للعمل فى فيلم تسجيلى عن صناعة الزجاج المصرى القديم مع المخرج المونتير أحمد متولى، وبالفعل بدأ العمل والتصوير، ولكن توقف التصوير لأسباب عديدة، من بينها عدم توافر سيولة نقدية لاستكماله، وعلمه أيضًا بأن هناك شكاوى ضد شادى عبدالسلام وصلت إلى وزير الثقافة؛ بسبب استعانته بطالب فى تصوير فيلم تسجيلى.

من الحكايات التى يسردها «شيمى» أيضًا مشهد ضرب الفنانة نجلاء فتحى والدتها سناء جميل فى فيلم «المجهول»، بصفعات قوية مستمرة على وجهها، حيث أكد أن هذه الصفعات حقيقية وليست تمثيلًا، بعد أن طلبت سناء جميل من نجلاء فتحى أن تصفعها بكل قوة حتى تتأثر ويكون انفعالها صادقًا.

وتابع: «كان المخرج أشرف فهمى معترضًا على ذلك لقسوة الصفعات المستمرة، ولكن سناء جميل ترجته حتى يكون الواقع على الشاشة صادقًا ومؤلمًا، وبالفعل حدث وجرى تصوير المشهد بشكل مدهش، وانهارت الفنانتان فى البكاء الشديد بعد تصويره».

كواليس أخرى عديدة يسردها «شيمى» عبر هوامش ٣٥ فيلمًا سينمائيًا شارك فيها، وجمعته بكبار النجوم والمخرجين.