حققت مصر إنجازًا تاريخيًا فى قطاع الصادرات، خلال العام الماضى، ببلوغ إجمالى الصادرات ٤٥.٢ مليار دولار، وهو الرقم الأعلى فى تاريخ الصادرات المصرية، حسب الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء.

وأوضح "مدبولى" أن أعلى رقم وصلت له الصادرات كان ٣٦.٧ مليار دولار، فى العام المالى ٢٠١٠/٢٠١١، وذلك فى إطار توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى المتعلقة بهذا الملف. "الدستور" تواصلت مع عدد من خبراء الاقتصاد؛ لرصد الأسباب الرئيسية وراء هذا النجاح، ومدى اقتراب مصر من تحقيق حلم الوصول إلى صادرات بقيمة ١٠٠ مليار دولار.

كمال الدسوقى: ٤٥ مليون جنيه تم ضخها لدعم التصدير

كشف كمال الدسوقى، نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، عن ضخ الدولة ٤٥ مليون جنيه لدعم التصدير، فى إطار المجهودات الضخمة التى بذلتها فى جميع المجالات، ومنها التصدير، منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم فى ٢٠١٤.

وقال "الدسوقى": "على مدار ٦ سنوات حدثت طفرة عظيمة فى الصادرات، وهذا هو المتوقع، فقد قفزت الصادرات المصرية إلى نحو ٣٣ مليار دولار، على ضوء إنشاء ٢٢ مدينة ومنطقة صناعية جديدة، ومناطق اقتصادية كاملة، وإطلاق مبادرات من قبل القيادة السياسية".

وأضاف: "كل هذه عوامل ساعدت فى حدوث طفرة تصديرية، وهناك قطاعات واعدة فى مصر ستزيد من حجم الصادرات، خلال الفترة المقبلة، على رأسها الصناعات الكيماوية".

وأوضح أن مصر حققت طفرة فى تصدير الرخام والسيراميك والأجهزة المنزلية والموالح، وكان من أهم شركاء مصر فى هذا النجاح: الإمارات والولايات المتحدة ودول أوروبا.

وشدد على أن الفضل فى النجاح الذى تحقق يعود للقيادة السياسية، التى عملت على زيادة الإنتاجيةـ بما يحقق الاكتفاء الذاتى ويوفر فائضًا للتصدير، عبر تقديم الدعم للقطاع الصناعى، وتوطين صناعات جديدة، فضلًا عن برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى نفذته الدولة.

واختتم "كل المؤشرات تقول إن مصر تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هدف الـ١٠٠ مليار دولار صادرات، وهو أمر يسهم فى خفض معدل البطالة بالتأكيد".

وليد جاب الله: فتح أسواق جديدة فى تكتلات مثل "الكوميسا"

قال وليد جاب الله، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إن الدولة استطاعت زيادة حجم الصادرات المصرية، على الرغم من وجود أزمات اقتصادية فى سلاسل الإمداد العالمى نتيجة تداعيات جائحة "كورونا".

وأضاف: "مصر خلقت فرصًا جديدة أمامها لغزو الأسواق الخارجية، وعلى رأسها السوق الأوروبية، وأثبتت الصادرات المصرية جدارة فى أسواق الدول العربية والإفريقية".

وكشف عن تجاوز قيمة صادرات مصر من البترول نحو الـ٤٠٠ مليون دولار، خلال أغسطس من العام الماضى فقط، محققة زيادة ضخمة مقارنةً بنفس الشهر خلال العام السابق عليه.

ورأى "جاب الله" أن القفزة التى حققتها مصر فى الصادرات بمختلف المنتجات، جاءت نتيجة تشجيع الدولة وافتتاح أسواق جديدة فى التكتلات الاقتصادية التى اشتركت فيها مصر، مثل "الكوميسا".

وأرجع خالد الشافعى، رئيس مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، وصول مصر لأعلى رقم فى تاريخها من الصادرات، وهو ٤٥.٢ مليار دولار، إلى تشجيع الدولة للقطاع الصناعى، وصرف جميع المستحقات للمصدرين، إضافة إلى تذليل العقبات أمام التصدير، وخلق مجمعات صناعية وتوطين صناعات جديدة.

وأضاف "الشافعى" أن زيادة الصادرات انعكست على زيادة حجم الناتج المحلى وزيادة فرص العمل وتقليل فاتورة الواردات، كما يعنى تطبيق المواصفات القياسية العالمية على السلع المُصدرة، بدليل ترحيب دول العالم بمنتجاتها، وفتح أبواب التصدير لها من دول جديدة.

هدى الملاح: الاهتمام بالمشروعات الصغيرة وزراعة القطن والنباتات العطرية

أكدت هدى الملاح، مديرة المركز الدولى للاستشارات الاقتصادية، أن مصر اتبعت سياسة اقتصادية ناجحة منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية البلاد، تضمنت الاهتمام بإقامة مشروعات قومية ضخمة، بالتوازى مع دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ما ساعد فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، رغم ظروف انتشار جائحة "كورونا" التى أثرت على أغلب دول العالم.

ورأت أن قطاع الصادرات يستطيع وحده تحقيق أضعاف الإيرادات التى تحققها قناة السويس والسياحة.

وأضافت أن الهدف الرئيسى لجهود الدولة هو بلوغ حجم الصادرات ١٠٠ مليار دولار، معتبرة أننا نسير بخطى ثابتة نحو تحقيق هذا الهدف، عبر تشجيع القطاعات الصناعية والإنتاجية، ومساعدة المنتج المحلى بفرض جمارك على البضائع المستوردة.

وشددت على أنه "لا يجوز أن يكون المنتج المستورد أرخص من المحلى، رغم تقارب الجودة، لذا لا بد من دعم المنتج المحلى، مع إجراء دراسات لمعرفة احتياجات الدول الأخرى، والتوسع فى زراعة المحاصيل التى تدخل فى الصناعات".

وكشفت "الملاح" عن أن مصر تحتل المركز الأول عالميًا فى تصدير بعض المنتجات الزراعية، مثل البطاطس والموالح، وبجانب هذه المحاصيل لا بد من الاهتمام بالمحاصيل الاستراتيجية التى تدخل فى عملية التصنيع، مثل القطن والنباتات العطرية، وهو ما بدأته الدولة بالفعل خلال الفترة الماضية.

ورأت أن الحصان الرابح فى زيادة الصادرات هو المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التى اهتم بها الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه رئاسة الجمهورية، فأعاد من خلال اهتمامه بدعم الشباب وتمكين المرأة، توزيع الثروة على الشعب، وأقرض الشباب ما يزيد على ٢٠٠ مليار جنيه لإقامة مشروعاتهم الخاصة، كما سهل لهم تسويقها من خلال المعارض التى تقيمها الدولة فى الداخل والخارج.

رشاد عبده: مِنح للمصدرين.. وخطة ضد "كورونا"

وصف الدكتور رشاد عبده، خبير الاقتصاد الدولى، ما حققته مصر فى مجال الصادرات بأنه إنجاز كبير لم يحدث مصادفة، بل نتيجة فكر ووعى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى لم يجعل البلاد تستسلم لما فرضه فيروس "كورونا" من شلل على معظم الأسواق العالمية.

وقال "عبده" إن الدولة نفذت خطة عبقرية لمواجهة "كورونا"، وفى الوقت نفسه أكملت مسيرة التنمية، وكانت النتيجة تحقيق أرباح فى وقت حقق فيه أغلب الدول خسائر كبيرة.

وأضاف: "الرئيس السيسى اهتم بقطاع التصدير، عبر دعم المستثمرين، وتقديم مِنح للمصدرين والاهتمام بالعمالة غير المنتظمة، والسير وفق سياسة اقتصادية وصحية سليمة، أدى إلى عدم تأثر مصر فى مجال التصدير بجائحة كورونا، على عكس كثير من الدول نتيجة عدم توقف العمل على الإطلاق، بل تنظيمه بما يتناسب والإجراءات الاحترازية".

وواصل: "فى الوقت الذى انتشر فيه فيروس كورونا، لم تقل كميات السلع الغذائية فى السوق المصرية، وهذا فى حد ذاته يمثل إنجازًا كبيرًا"، لافتًا إلى أهمية تثبيت السياسات الاقتصادية وتذليل العقبات أمام المستثمرين، إضافة إلى القضاء على الفساد والبيروقراطية، وكذلك الاتجاه إلى تدريب العديد من الكوادر فى المجال الاقتصادى؛ لخلق خبرات مع الوقت فى هذا القطاع الحيوى.