على الرغم من التطبيع والتقارب غير المسبوق بين أبو ظبي وتل أبيب، فضلاً عن التصريحات القادمة من إسرائيل والتي قادها رئيس الوزراء نفتالي بينيت بشأن تقديم الدعم الأمني والاستخباراتي للإمارات عقب الهجمات التي نفذتها جماعة الحوثي، إلا أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رفضت بيع الإمارات منظوماتها المتقدمة الخاصة بمهام الدفاع الجوي.

فيما كشف المحللون العسكريون في صحيفتي "يسرائيل هيوم" و"معاريف" النقاب عن الأسباب التي دفعت القيادات الأمنية الإسرائيلية لرفض بيع منظومتي "القبة الحديدية" و" مقلاع داود"، والتي كان من أبرزها خشية الأجهزة الأمنية من تسريب معلومات تكنولوجية وعسكرية بشأن صناعة وتطوير المنظومات الدفاعية الجوية الإسرائيلية إلى أطراف أخرى، في إشارة إلى إيران وجماعة الحوثي.

وفي ظل الرفض الإسرائيلي الذي يقف خلفه أيضاً رغبة إسرائيل بالحفاظ على التفوق العسكري الفريد بالشرق الأوسط، بالإضافة إلى خوفها من إخفاق القبة الحديدية وظهور عيوبها للعلن كما حصل في الحروب السابقة مع غزة، توجهت الإمارات إلى شراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية، بتكنولوجيا روسية، وذلك للحفاظ على منجزاتها الاقتصادية تزامناً مع تصاعد هجمات الحوثيين.

رفض إسرائيلي مستمر

وفق مقال كتبه المحلل العسكري الإسرائيلي ألون بن دافيد ونشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، خسرت إسرائيل حوالي 3.5 مليار دولار جراء رفضها بيع الإمارات المنظومات الدفاعية، وأضاف كاتباً "إن مردود الصفقة كان بإمكانه أن يقلل من تكلفة إنتاج هذه المنظومات، وتوفير الكثير من فرص العمل للصناعات العسكرية الإسرائيلية".

وعزا المحللون العسكريون، وعلى رأسهم بن دافيد، الرفض الإسرائيلي إلى خشية القيادات الإسرائيلية من تسريب معلومات تكنولوجية وعسكرية حساسة ومهمة من شأنها إذا ما وصلت إلى يد إيران أن تبطل مفعول المنظومات الدفاعية الجوية المتطورة مثل "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، وهو ما سيجعل من إسرائيل عارية أمام أي هجوم صاروخي قادم من إيران أو الحدود الشمالية، بالإضافة إلى غزة أيضاً.

وعلى الرغم من أن جهاز الموساد الإسرائيلي، الذي مهد الطريق أمام خطوات التطبيع السريعة، كان قد طلب من قادة المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عدم النظر إلى الإمارات من المنظور التقليدي الذي يصنفهم كـ "عرب أعداء"، إلا أن وزارة الأمن الإسرائيلية ظلت ثابتة عند موقفها الرافض لبيع المنظومات الدفاعية، في حين أنها اضطرت إلى التراجع عن موقفها الرافض وسمحت ببيع بعض التقنيات، مثل معدات سيبرانية هجومية.

إسرائيل أهدرت فرصة حقيقية

أشار بن دافيد إلى أن إسرائيل أهدرت فرصة حقيقية جراء رفضها بيع منظومات "القبة الحديدية" و"مقلاع داود"، ونصبها أمام التهديدات الإيرانية التي تضرب الإمارات الآن من الأراضي اليمنية، والتي تهدد بين الحين والآخر لضرب إسرائيل.

ويرى المحلل العسكري ألون بن دافيد أن الفرصة قد سنحت لإسرائيل لبناء نظام دفاعي إقليمي متقدم قريب من إيران تكون فيه المنظومات الدفاعية المتطورة والمنتشرة بالإمارات ولاحقاً في الخليج ككل بمثابة خط الدفاع الأول عن إسرائيل، وهو ما يتيح لإسرائيل بطبيعة الحال تحذيراً مبكراً عند انطلاق أي هجمات من طهران.

ومن جانبه أشار المحلل العسكري لصحيفة "يسرائيل هيوم" يوأف ليمور، إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية "مخطئة" لرفضها بيع منظومات الدفاعات الجوية الإسرائيلية للإمارات، وأكد أن المخاوف الضئيلة من تسريب التكنولوجيا الخاصة بهذه المنظومات، لا يجوز أن تضيّع فرصة إسرائيل من تعزيز علاقاتها بالإمارات وتوطيد مكانتها في الخليج بشكل عام.

ويرى ليمور أنه فضلاً عن الخسارة المادية الكبيرة، فقد خسرت إسرائيل أيضاً فرصة التعرف عن قرب والتعامل مع الأسلحة الإيرانية بطرازاتها المختلفة، وأبرزها صواريخ كروز والصواريخ البالستية، بالإضافة إلى الطائرات المسيّرة، و"التي يجري الآن توزيعها بشكل جماعي في المنطقة، والتي ستضرب في وقت ما أيضاً هنا في إسرائيل".

الإمارات تبحث عن حليف حقيقي

في ظل الرفض الإسرائيلي وتصاعد حدة التهديدات القادمة من اليمن، توجهت الإمارات إلى شراء منظومة دفاع جوي من كوريا الجنوبية، بتكنولوجيا روسية، لكن ذلك لم يمنع الإمارات من البحث عن حليف حقيقي قادر على مساعدتها في صد الهجمات الحوثية التي تهدد بقصف "إكسبو دبي"، ما يعني تهديداً للإنجازات الاقتصادية التي عملت الإمارات عقوداً طويلة من أجل ترسيخها.

وفي هذا السياق، قال ليمور: "إنه من الأفضل أن تمنح إسرائيل أيضاً تراخيص لبيع القدرات السيبرانية الهجومية في الخليج. الخوف من الغضب الأمريكي واضح، لكن إسرائيل دولة ذات سيادة، عليها أولاً وقبل كل شيء أن تهتم بمصالحها"، مشيراً إلى أن التخوف الإسرائيلي من انتقال الخليج من الاعتماد شبه الكامل على التكنولوجيا الإسرائيلية إلى الاعتماد على التكنولوجيا الصينية.

ويأتي ذلك بعد أن رفضت الولايات المتحدة بيع الإمارات الطراز الأحدث من مقاتلات الجيل الخامس (F-35) الشبحية، والذي تملكه القوات الجوية الإسرائيلية منذ مدة، في خطوة أمريكية-إسرائيلية مشتركة قرأها الخبراء على أنها محاولة للحفاظ على تفوق إسرائيل بالمنطقة وإبقاء الإمارات تحت الخطر، الأمر الذي يسهل ابتزازها في أي وقت.

TRT عربي