افتتاحية الدار: حكاية ريان.. عندما تحرك الدولة جبلا من أجل ابنها


الدار/ افتتاحية

من المنح الثّاوية وراء محنة الطفل ريان الذي قضى في فاجعة سقوطه في البئر بنواحي شفشاون هذا اليقين وهذه الثقة الراسخة اليوم في استعداد الدولة بكل أجهزتها ومؤسساتها الأمنية والوقائية والتنظيمية من أجل التحرك لإنقاذ ابن من أبنائها مهما كلّف ذلك من جهود وإمكانات وموارد مادية وبشرية. ولعلّ هذا المشهد على الرغم من الحزن الذي يغلفه وعلى الرغم من نهايته المفجعة إلا أنه يبعث في النفوس قدرا كبيرا من الأمل والتفاؤل بمغرب أفضل وآمن لكل أبنائه وبناته صغارا وكبارا. إلى حدود الأمس القريب كنا نشاهد الكوارث والمآسي وحوادث السير والحرائق والانهيارات التي تودي بحياة العشرات بل والمئات في غياب المسؤولين وانعدام التنسيق وضعف الإمكانات وكنا حينها نبتلع ذلك بكثير من الأسى والحسرة ونبكي على واقعنا المأساوي.

لكننا اليوم أصبحنا قادرين على أن نرفع أصواتنا عاليا بالفخر والاعتزاز بما يمكن أن تقدمه لنا الدولة من تضحيات جسام وما تؤديه هيئات الوقاية المدنية والأمن والقوات المساعدة من واجب وطني دون كلل أو ملل لأجل إنقاذ الأرواح وتجنّب المأساة. إلى الأمس القريب كان بعض الساخرين في شبكات التواصل الاجتماعي ينتقد ويسخر من الطائرات المروحية التابعة للدرك الملكي لأنها لا تطير إلا إذا تعلّق الأمر بسائح أجنبي، والحال أننا رأينا في الماضي كيف ساهمت هذه المروحيات في إنقاذ العالقين في الجبال بسبب الثلوج وكيف نقلت النساء الحوامل للإنجاب من مناطق نائية إلى المستشفيات، وكيف رابطت هذه الطائرة على مقربة من موقع البئر الذي سقط فيه الصغير ريان في انتظار نقله على وجه السرعة لتلقي العلاجات اللازمة.

استنفار الدولة من أجل طفل صغير كريان كان مشهدا أثار إعجاب الكثيرين من سكان العالم، بل من كباره، ها هو ذا بابا الفاتيكان فرانسوا، أعلى سلطة دينية مسيحية في العالم، لم يستطع أن يخفي فخره وإعجابه بما قام به المغاربة من أجل ابنهم ريان، ويشكرهم على بذل كل الجهود الممكنة لإنقاذه. كل الذين تابعوا مشاهد الإنقاذ الجبارة يعترفون بأن السلطات المغربية قد فعلت ما ينبغي أن يُفعل في مثل هذه الحالات، لأنها كانت تعمل تحت إكراه حماية الطفل من الانهيار الصخري وحماية أطقم الوقاية المدنية وعمال الحفر أيضا. لقد كانت الأيام الخمسة حزينة ومؤلمة لنا جميعا، وكانت نهايتها محبطة ومحزنة بعد أن عجز ريان عن مقاومة كل أسباب الموت المحيطة به، لكن من رحم هذا الحزن والألم تخرج هذه المشاعر المتفائلة بمغرب جديد يرسم عنوانه بدولة اجتماعية قوية ورؤوفة وحريصة على أبنائها.

لقد ظهرت هذه الدولة الاجتماعية الراعية لأبنائها بجلاء خلال الشهور الأولى من جائحة فيروس كورونا المستجد، عندما تجنّبنا الكارثة وتكفلت الدولة بالرعاية الاجتماعية والمادية لمواطنيها، وها نحن ذا نستعيد من جديد معاني الدولة الاجتماعية مع قصة الطفل ريان الذي لربّما كانت محنته رسالة بليغة لكل أولئك اليائسين والعدميين والمشككين في قدرة بلادنا على الاستجابة لانتظارات سكانها وتحدي الأزمات والكوارث والخروج منها بقدر كبير من التماسك والتلاحم والانسجام. إن أكبر منحة نستخلصها من هذه المحنة هي هذه الملحمة التي كانت تلخصها صورة المواطنين الدين حجّوا إلى موقع الإنقاذ من كل أنحاء البلاد، وتابعوا بنظام وانتظام وأمل مشاهد وعمل عناصر الوقاية المدنية والسلطات العمومية وهي تبذل قصارى جهدها لإنقاذ الصبي الصغير. وإذا كانت هذه الدولة مستعدة لتحريك جبل من أجل ابنها بكل ما يعنيه ذلك من رمزية روح الواجب والمسؤولية فإننا كمغاربة أيضا مستعدون أن نتفاعل بكل الثقة اللازمة في هذه المؤسسات لمواجهة التحديات المستقبلية وبناء مغرب جديد.

تاريخ الخبر: 2022-02-06 21:23:47
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 64%

آخر الأخبار حول العالم

تحديد سعر الطرح النهائي لاكتتاب مياهنا عند 11.50 ريال للسهم

المصدر: أرقام - الإمارات التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:24:25
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 50%

توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:25:06
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 54%

الصين توصي باستخدام نظام بيدو للملاحة في الدراجات الكهربائية

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:25:04
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 66%

انخفاض الرقم القياسي للإنتاج الصناعي بنسبة 8.7% خلال مارس 2024م السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-09 09:23:59
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية