أعلنت هيئات قضائية وأحزاب سياسية تونسية الأحد رفضها اعتزام الرئيس قيس سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء.

وكان سعيّد أعلن خلال زيارته مقر وزارة الداخلية في ساعة متأخرة من مساء السبت أنه سيمضي بإصدار مرسوم مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء، قائلاً: "فليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة".

والمجلس هيئة دستورية مستقلة من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية.

وقال سعيّد: "أعرف أن التونسيين سيطالبون الأحد بحل المجلس الأعلى للقضاء"، ومخاطباً التونسيين: "من حقكم التظاهر.. ومن حقكم حل الأعلى للقضاء".

ورداً على هذه التصريحات أعلن المجلس الأعلى للقضاء رفضه مساعي الرئيس لحله "في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك".

وأكد المجلس في بيان "رفضه المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية والإهدار المفاجئ والمسقط لكل ضمانات استقلال القضاء في تقويض واضح للدستور والمواثيق والمعاهدات الدولية المصدَّق عليها وفي تجاوز بيِّن لنتائج انتخابات ثلثَي أعضائه".

كما شدّد المجلس على "رفضه المساس بالأمان الوظيفي للقضاة وإخضاع مساراتهم الوظيفية والتأديبية لوضع قانوني انتقالي مجهول العواقب وفاقد لكل الضمانات تنفرد السلطة التنفيذية بصياغته وإدارته".

​​​​​​​بدوره أعلن البرلمان التونسي المُجمَّدة اختصاصاته رفضه الخطوة التي يعتزم الرئيس اتخاذها، مشدّداً على أن "أي إصلاح (للقضاء) له أسسه الدستورية وشروطه القانونية".

وقالت رئاسة البرلمان في بيان إنّها "تتابع الإساءة المتواصلة منذ أشهر من قبل الرئيس قيس سعيّد في حق المجلس الأعلى للقضاء، وما صحب ذلك من تحريض متواتر على القضاة".

وتابعت: "ويأتي كل ذلك في سياق التفكيك المنهجي لمؤسسات الديمقراطية ودولة القانون عن طريق المسّ من استقلالية القضاء ووضع اليد عليه وضرب أهم ضمانة لإقامة العدل".

واستنكر البرلمان "مواصلة الرئيس استهدافه للدستور الذي تبنى الفصل بين السلطات وأسس لاستقلال السلطة القضائية".

على نفس الشاكلة حذّرت جمعية القضاة التونسيين (مستقلة) رئيس البلاد من "المساس" بالمجلس الأعلى للقضاء، وتعهّدت بـ"الخطوات النضالية اللازمة لحماية استقلال القضاء والمؤسسات القضائية".

وعبّرت الجمعية في بيان عن "رفضها الشديد لكل محاولات المساس بالسلطة القضائية وبالمجلس الأعلى للقضاء من قبل رئيس الجمهورية والتجييش والتهديد والدعوات للعنف ضدّ القضاة وضدّ المجلس وأعضائه".

وأكّدت في الوقت نفسه "تمسّكها باستحقاق المحاسبة لكل من حاد عن واجب النزاهة والاستقلالية ضمن مسارات قانونية وبملفات مؤسسة، بعيداً عن منطق الفوضى والعنف".

4 أحزاب وائتلاف ترفض تلويح الرئيس

كما أعلنت 4 أحزاب تونسية رفضها إعلان الرئيس سعيّد، داعيةً "سائر القضاة والأحزاب الديمقراطية والمنظمات المدنية للتصدّي لهذه المحاولة المفضوحة لإخضاع القضاء لسلطة الانقلاب"

أحزاب "التيار الديمقراطي" (22 نائباً من أصل 217 بالبرلمان المجمّدة اختصاصاته) و"التكتل" و"الجمهوري" (لا نواب لهما)، أعربت عن رفضها هذه الخطوة في بيان مشترك.

ولفتت إلى "غياب أي آلية دستورية أو قانونية تجيز لقيس سعيّد حل المجلس كما يتوعد ويدعي".

وعبرت عن "استهجانها للخطاب المتشنج الذي ما فتئ يعتمده قيس سعيّد وتحريضه مناصريه على مؤسسات الدولة".

وفي بيان منفصل استنكر حزب "ائتلاف الكرامة" ما "أعلن عنه الرئيس قيس سعيّد من اعتزامه حل المجلس الأعلى للقضاء ومطالبته المواطنين علناً بالنزول للتظاهر من أجل هذا المطلب الشخصي".

من جانبه ندد ائتلاف "توانسة من أجل الديمقراطية"، بما سمَّاه "مواصلة الرئيس قيس سعيّد تقسيم التونسيين".

جاء ذلك في بيان للائتلاف، وهو بمثابة ائتلاف مدني مستقل يضم نشطاء حقوقيين وسياسيين معارضين لقرارات الرئيس التونسي قيس سعيّد التي اتخذها في 25 يوليو/تموز الماضي.

حراك "تونس الإرادة"

من جانبه حذّر حزب "حراك تونس الإرادة" من "إصدار مرسوم أو قرار يستهدف السلطة القضائية أو مجلسها الأعلى".

واعتبر "ذلك نسفاً للفصل بين السلطات وتمادياً في انقلاب 25 جويلية (يوليو/تموز) وتكريساً للسلطة الاستبدادية".

وتابع: "اختيار سعيّد لمقر وزارة الداخلية مكاناً لإعلان قراره هي رسالة واضحة بأنه يستقوي على الشعب التونسي ومؤسساته باستعمال القوة الصلبة للدولة".

وحمّل "القائمين على وزارة الداخلية مسؤولية الانخراط في أي عمل يحيد بالمؤسسة عن القانون أو يجعل منها العصا الغليظة لحماية الانقلاب".

كما دعا "كل القوى الحية وكل من له ضمير حي للوقوف إلى جانب القضاة في معركتهم ضد سلطة الانقلاب تغليباً لدولة القانون والمؤسسات وإعلان مقاومة الانقلاب بكل الوسائل السلمية والقانونية المتاحة بما في ذلك إعلان العصيان المدني".

وفي وقت سابق الأحد نظّم حراك "25 جويلية" (المساند للرئيس سعيّد)، وقفة احتجاجية أمام المجلس الأعلى للقضاء للمطالبة بحله.

وتشهد تونس أزمة سياسية حادة منذ 25 يوليو/تموز الماضي، حين بدأ رئيس البلاد قيس سعيّد فرض إجراءات استثنائية منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة، وتعيين أخرى جديدة.

TRT عربي - وكالات