«ست رقية» شهيدة و«أم أفريقيا» تمدد لي سيدها


بقلم: بثينة تروس

عذراً نعيد مقال نشر قبل خمسة سنوات 16 فبراير 2017، بعد ان أشعل حادث الطفل ريان من المغرب طاقات الإنسانية والمسئولية! ووصل حار عزاء البرهان والمجلس العسكري في وفاة ريان، وهم الذين يصدرون الأوامر بقنص أرواح الشباب السلميين، ويصنعون الموت قصداً بأطفال السودان بالرصاص الحي، بالطبع لم نشهد لهم عزاء في 2019 حين انتاشت رصاص غدرهم الطفل (عموري) في الخرطوم! ولم يذرف المتأسلمين دمعاً لوفاة أكثر من 50 طفلا من الجوع والمرض والإهمال بدار المايقوما (دار رعاية اليتامى وفاقدي السند) 6 فبراير 22 وهكذا عهد قديم متواصل.
متى يستقيل الوزراء في بلادي عندما يعجزون عن القيام بواجبهم!! الا يعلمون بداهة أن من أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل!! وهم الذين قد (مكنوا) في هذه الوزارات بدعوى الصلاح! وتمت تزكيتهم باللحى وخديعة (الأيدي المتوضئة)؟
ألا يجد السيد وزير التربية والتعليم، ووزراء التعليم بالولايات، ان لهم طرفاً من المسؤولية، فيما آل اليه حال التعليم والمعلمين تحت وزاراتهم فلقد تلاحقت المصائب بالمعلمين، من جراء انفراط عقد الأمن من جهة، ونتيجة لانهيار الخدمات والمرافق الحكومية من جهة أخرى، وهي حوادث! لو حصلت في اي دولة محترمة!! لكانت كفيلة بأن يستقيل السادة الوزراء عن مناصبهم!!
وأبرزها حادثة اختطاف واغتصاب معلمتين في مطلع فبراير 2017، تلك الحادثة التي أكدت عليها وزيرة التربية والتعليم بالمنطقة! بنفسها إذ صرحت (وزيرة التربية والتعليم بولاية غرب دارفور فردوس حسين خلال تصريحات صحفية الأربعاء أن ملثمين مجهولين هاجموا سكنا يخص معلمات مدارس في منطقة عدار! تقع نحو 15 كيلومترا غرب الجنينة! واقتادوا معلمتين تحت تهديد السلاح، مشيرة الى أن المهاجمين اغتصبوا المعلمتين في مكان نائي قبل إعادتها مرة أخرى للسكن).!!
الا يختشي!! السيد د فرح مصطفي عبد الله وزير التربية والتعليم بالخرطوم، (ان كان ما يزال وزيرا للتربية)! فهم يتقلبون في المناصب ويتبادلونها، كأنما حواء السودان قد عقمت عن إنجاب الاكفاء من ابنائها!! فلقد تخرج وزير التربية من جامعة أم درمان (الإسلامية كلية الشريعة والقانون)، ونال درجة الماجستير والدكتوراه من الجامعة (الإسلامية) في (القانون المدني)
واليه السؤال هل ما درسه من شريعة وأحكام إسلامية! تحلل له منصبه ورزقه!! وهو الذي صمت وإخوته ببقائهم على كراسي الوزارة، عن هتك أعراض معلمات تحت مسئوليتهم المباشرة، بصورة مخالفة للشريعة وللدين!! وغير مسبوقة في أعراف وتقاليد الشعب السوداني قبل حكمهم ذلك الشعب الذي تعلم تلاميذه وطلابه قبل عهدكم، ان ينشد في طابور الصباح، قصيدة أمير الشعراء احمد شوقي: قُــمْ لـلمعلّمِ وَفِّـهِ التبجيلا.. كـادَ الـمعلّمُ ان يكون رسولا
لكن للأسف هم حكام اصابهم العطب في أخلاقهم (وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون)..ولاخير يرجي فيهم! وضعف أخلاق المتأسلمين حال بينهم وبين الاستقالات الجماعية! عندما تلت الحادثة الأخرى في ظرف اقل من أسبوعين، إذ توفيت الاستاذة رقية صلاح المعلمة بمدرسة الحارة 13 بنات، نتيجة لانهيار حمام المدرسة، فكشفت عورات النظام الذي فشل أن يبني (مرحاضاً) صحياً صالحاً للاستخدام في مدرسة في قلب عاصمته!
وكشفت عن الفساد في توظيف أموال الدولة بأبلغ صورة! وكيف لا؟ ورئيس الدولة الذي يحج بيت الله الحرام، ويعمر كل عام! يعد من بين أثرى الرؤساء! بحسب موقع “ويكيليكس” فقد ورد من بين حيثيات المحكمة الدولية في اتهامه (ان الرئيس السوداني عمر حسن البشير نقل نحو 9 مليارات دولار الى حساباته المصرفية في بريطانيا والولايات المتحدة) ويستكثر صدقة من تلك الأموال!! علي المعلمين المتعبين وعلى مدارس البلاد ومرافقها الخدمية، وفِي نفس الوقت يتطاول (المجاهدون) في البنيان في كافوري، يديرون صفقاتهم المالية بالمحسوبية والتمكين، ويتزوجون اسرافاً، ويعددون في الزيجات ترفاً، وسفهاً يصرفون من أموال هذا البلد على أبنائهم ومحاسيبهم، ويموت المعلمين في الجانب الآخر من المدينة فقراً..
ومن سخرية الأقدار، فقد تزامن مأساة انهيار (المرحاض البلدي) واستشهاد المعلمة رقية صلاح، مع مؤتمر اخوات نسيبة! اللائي يجتمعن ببقية أخواتهن ( المسلمات) من جميع أنحاء العالم، في فندق كورال في الخرطوم يومي 12 – 13 فبراير 2017، حيث بدأت أعمال المؤتمر العام السابع للاتحاد النسائي الإسلامي العالمي بالخرطوم، بمشاركة من ممثلين ل (36) دولة!! وجاء في الافتتاحية أن (أهداف المؤتمر تتمثل في السعي مع نماذج من نساء العالم الإسلامى للعمل سوياً لتحقيق التقدم في كل مناحى الحياة، ونشر وتعميق الوعى الإسلامى بين النساء المسلمات، مما يؤدى إلى إظهار هوية المرأة المسلمة، ومساعدتها على تجاوز الظلم ومناهضة الممارسات المهينة التي لا تتماشى مع قيم الدين وكرامة الإنسان، بجانب تقوية أواصر التراحم والتسامح والتعاون !!

والسؤال الذي يفرض نفسه على أخوات (نسيبة)، هل عندهن ان المعلمات اللائي تم اغتصابهن في دارفور، ليس بمسلمات؟؟ وهل ما تم في حقهن من اغتصاب وهتك للعرض، وإهانة لإنسانيتهن، يتماشى مع قيم الدين وكرامة الانسان؟! اولا يستحقن هؤلاء المعلمات، من صاحبات المؤتمر (النسائي)!! علي اقل تقدير ان يرد ذكرهن في الافتتاحية والمطالبة بالقصاص لهن! (ومساعدتهم على تجاوز الظلم ومناهضة الممارسات المهينة) ويا سيدات الحزب الحاكم، من هم الاولي (بتقوية أواصر التراحم والتسامح والتعاون) المعلمات السودانيات المسكينات؟ اللائي يتحملن اعباء المعيشة وظروف العمل القاسية! ام بقية النساء في كل ارجاء العالم؟
لكن الحقيقة المتأسلمين هم نسيج من خامة المصالح المشتركة، وأنصع دليل علي ذلك تصريحات الدكتورة سعاد الفاتح البدوي الرئيس الفخري للمؤتمر، والتي رفعت عقيرتها! لتطالب بتمديد عمر رئاسة البشير حتي يكمل رسالته (والمشروع الإسلامي الذي بدأه).
د سعاد الفاتح هي قيادية في الحركة الاسلامية، وعلي يديها تتلمذة أجيال من الأخوات المسلمات، اللائي أسهمن في نشر الهوس الديني والفكر الإخواني المتطرف، في المدارس والجامعات، ثم تقدمن الوظائف القيادية في الحكومة.

فهي تطالب! والمخلوع يؤكد في تكريمها (انها عروستنا ?سعاد الفاتح? وتكريمها يعد تكريماً لكل نساء السودان)!! ويواصل في مدحها في انها ما بتعرف تكسر التلج ولكنها تأمر ونحن نطيع).. وبالطبع جارت صحافة النظام، رئيسها وأطلقت عليها لقب (ام افريقيا) وللاسف القيادية الاسلامية والمؤتمرات، واللائي تصرف عليهن وعلي مؤتمراتهم وضيوفهم من البلدان الأخرى من ميزانية الدولة، لا يعنيهن في شئ، انهيار مرحاض بلدي متهالك ، لايقوي علي حمل مدرسة نحيلة، في مدرسة آيلة للسقوط بجميعها
كما لا يكترثن لاختطاف واغتصاب معلمتين!
الحق ان هذه الأوضاع اللامعقولة في البلاد، تحتاج الي شجاعة المواجهة، في ان يتبرأ جميع السودانيين من ورثة هذا المشروع الحضاري! وذلك بضرورة رفع الوعي في مواجهة فكر الاخوان المسلمين النفعي، وبمواصلة فضح كذب هؤلاء القوم الذين يحكمون السودان، والذين لا يهمهم الانسان السوداني، بقدرما يهمهم مشروعهم الإسلامي، الذي يمكنهم من الحكم والسلطة. فهم يغيرون جلودهم ويبدلونها بحسب مصالحهم، والمواقف العالمية والضغوط الخارجية! وان لم تتم محاربة جذرية لهذه الحكومة، فسوف تستمر ساقية هذه المِحنة في الدوران والطحن علي أجساد المستضعفين..
التحية للمناضلين المعلمين والمعلمات، الذين يضربون النموذج الحي في الانتماء لهذا الشعب، في أزمته المعاصرة، بالاصرار علي مواصلة تعليم ابناء وبنات السودان، ليكونوا حملة للتغيير، والوعي، ونفعاً للوطن، رغماً عن ظروف انهيار التعليم، وضعف المناهج التربوية، وسوء البيئة الدراسية، من المنشآت والمباني المدرسية، ورداءة الأوضاع الصحية بالمدارس، والصعوبات الاقتصادية.
ولهم تنحني الهامات احتراماً لعظمة تلك التضحيات التي بلغت حد الفداء بكل ما هو عزيز النفس والعرض.

تاريخ الخبر: 2022-02-07 12:22:11
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 52%
الأهمية: 63%

آخر الأخبار حول العالم

في ذكرى رحيله الأولى.. سر حب مصطفى درويش لمدينة دمنهور - منوعات

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:21:07
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 69%

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:21:34
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 66%

استمرار هطول الأمطار الغزيرة بعدد من المناطق السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:23:41
مستوى الصحة: 46% الأهمية: 52%

نزاهة توقف 166 شخصا بتهمة الفساد من 7 جهات حكومية السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-05-01 06:23:40
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 59%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية