لجان المقاومة نواة المشروع الوطني الجديد


بقلم: خالد فضل

لم تعد هناك مغالطات حول حقيقة بروز لجان المقاومة السودانية كجسم حركي فاعل ومؤثر في الساحة السياسية والإجتماعية , ولعل هذه الحقيقة تتطلّب النظر في كيفية تطوير هذه الحركة الوطنية الباذخة لتصبح نواة لبناء المشروع الوطني الجديد , ذلك المشروع الذي تأخّر إنجازه , وبالتالي فقدت البلاد بوصلتها منذ الإستقلال وحتى الآن .

الناظر في طبيعة هذه اللجان يجد أنّها تمتاز بالإنتشار الأفقي , فهي تكاد تغطي جميع أنحاء البلاد , في الأحياء والقرى والمدن والفرقان , وهي بطبيعتها فعل طوعي بحت , فلم ينتخبها أحد , ولم تعيّنها جهة , كل فرد فيها يبذل فوق طاقته من أجل الجماعة وبدوافع نبيلة في الغالب ؛ بالطبع لا يمكن تصور نشاط بشري خالصا مائة بالمائة مهما أحسنّا الظن , ولذلك نأخذ سمة الأغلبية في الوصف ؛ تحسبا للفروقات .  المهم أنّ لجان المقاومة يمكن وصفها بالتعبير الديمقراطي المباشر عن مصالح وتطلعات قطاعات واسعة من الشعب السوداني , كما أنّ أفرادها يحظون بثقة وإحترام المهتمين  بالشأن العام على الأقل , وهذه الشريحة من ذوي الإهتمام هي الشريحة المناط بها إفتراع المشروع الوطني الشامل , إنّ فئات المثقفين والمفكرين والمبدعين والأكاديميين الصبورين  والإعلاميين الجادين والسياسيين  الموثوقين هم الفئات التي يمكن أن تسهم بفعالية في بناء المشروع الحلم , فيما تقدم لجان المقاومة التطبيقات العملية لنجاعة فكرة بناء هذا المشروع .

التكوين الغالب على هذه اللجان هي فئة الشباب والشابات , وهي تمثل بالفعل فسيفساء التعددية السودانية في أسمى تجلياتها , حيث تتعدد الأعراق والثقافات واللغات والأديان والجهات , وفي ذات الوقت تتقارب الرؤى والأحلام والتطلعات المشتركة , وهذا هو المطلوب بالضبط عند الحديث عن مشروع البناء الوطني الجديد , فاحترام حقيقة التعددية يقودنا مباشرة إلى اليقين الذي لا يساوره الشك حول ضرورة أن تكون الدولة السودانية على ذات النسق التعددي , هنا تنزوي دعاوي الشمولية وتنحسر دوافع الإستبداد , ويتم التأسيس العملي لديمقراطية مستدامة , كما تتحلى ممارسة هذه اللجان بالحس الإنساني والوطني المحض , وهنا نلمح حاجة بلادنا الفعلية لهذه الروح , إذ الجميع يتحدث عن ضرورة إعلاء الوشيجة الوطنية ويقظة الضمير الوطني والترفع عن الأنا الضيقة , فيما الممارسة تقول بغير تلك الأحاديث المنمقة عن الفضائل الوطنية , (معليش ), هذه هي السمة الغالبة في الممارسات السياسية في كل العهود الوطنية , وعلى تبدل المواقع , فكم من مسؤول على أرفع مستويات المسؤولية في الدولة يبدل ولاءه كما يبدل قمصانه , فنراه تارة متسيدا متوهطا في ساحة العهد الديمقراطي حتى يظن أنّ الديمقراطية أكسجين تنفسه , وبين عشية وضحاها تتلبسه حالة الديكتاتور فيسجد بين قدميه متبتلا في محراب امتيازاته المادية وقشور الإمتياز المعنوي , ففي تقديري أنّ سدنة الإستبداد وحارقي البخور للديكتاتور أشخاص يعانون من هزال نفسي فظيع . فهو /هي مضطرين باستمرار لتبرير جلطات ونزوات المستبد , مما يغالط طبيعة السواء النفسي . في هذا الجانب تبدو لجان المقاومة أفضل حالا , على الأقل بالنسبة للفئة الشبابية ذات المطامح الذاتية المحدودة , فيما تمتد أمام هذا الجيل المصالح الوطنية العليا كقيمة تستحق التضحية من أجلها ولو كان الثمن هو الأرواح والدماء الغالية , إنّ التربية الوطنية بالممارسة التي تقدمها لجان المقاومة تصبح فعلا وواقعا يكتنف هولاء المقاومين /ات الأشاوس , فالرايات المرفوعة هي أعلام السودان , والنشيد والهتاف باسم الشعب والأرض , والتطلع دوما نحو المستقبل وركل سلبيات الماضي , لقد غنّى مغني الشباب على الراب , عاداتنا الرجعية عواليق نخليها , الحسادة والسطحية !! إننا فعلا في حاجة إلى نبذ عاداتنا الرجعية والتقدم نحو أفق الحداثة والتقدم ورفعة القيم البديلة النبيلة , ولجان المقاومة لمن يتأمل في تكوينها وحركتها وتطلعات ناشطيها يجد هذه المعاني , كما أنّ خطة المقاومة اللمية للإستبداد والديكتاتورية , يضيف بعدا مهما وحيويا لهذه اللجان مما يجعل العقول تأوي إلى شجرة فكرتها فتذيها , وفي ذلك مدد عظيم نحو ميلاد مشروع وطني عظيم .

كم هي الفكرة تبدو رائعة , ولجان مقاومة عبري يطل الناظر من خلالها إلى لجان مقاومة جبل مون , ومن هناك إطلالة على مايرنو والشكينيبة , مرورا بالدامر ودرديب ولا تنس الليري وأبكرشولا , وفاشر السلطان تداعب مدني السني على وقع أهزوجة ثورية , وفكرة جهنمية يلتقطها ثوار أقدي والقرابين رفقة فداسي وكريمة وقضارف الخير , أهزوجة تحت مظلة لجان المقاومة تجعل الأفئدة تهوى لى حيث بؤرة الوطن الكبير بالحيل _ وليرحم الله أستاذنا مبارك بشير صاحب التعبير العميق .

إنّ ترشيح لجان المقاومة السودانية رفقة لجنة الأطباء المركزية لنيل جائزة نوبل للسلام لم يأت من فراغ , بل من إعتراف بريادة هذين النشاطين السودانيين في مضمار النفع العام بالطرق السلمية , وهذه سانحة أخرى لبحوث ودراسات متعمقة ونظر عميق ومتأمل في كيف تتطور لجان المقاومة مبرأة من إرث التجارب السودانية الفاشلة .

تاريخ الخبر: 2022-02-07 15:21:58
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 57%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

كييف تعترف بتفوق موسكو على الغرب في الإنتاج العسكري

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:06:53
مستوى الصحة: 92% الأهمية: 91%

أثر جانبي خطير لأدوية حرقة المعدة

المصدر: RT Arabic - روسيا التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 06:07:34
مستوى الصحة: 76% الأهمية: 88%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية