ظلال الصمت أول فيلم سعودي روائي طويل، يناقش المخرج السعودي عبد الله المحيسن في هذا الفيلم أزمة الفرد العربي وعجزه أمام تراكمات ماضيه ووطء حاضرة ورعبه من المستقبل المجهول الذي يظهر أنه لا يملك أملاً أوحلماً أووعداً يقدمه. حيث يعرض الفيلم نظام متسلط يعمد، شعورا منه بأن الطرق القديمة التي طالما استخدمها في إحكام السيطرة لم تعد ناجعة، إلى تطوير طرقه بتكوين خلية تفكير تنشئ " معهدا " منعزلا في قلب الصحراء تجعله، في الظاهر، مركزا للعلاج بالتنويم والتأهيل بتنمية القدرة على التحكم في النفس، وتزاول فيه، في الحقيقة، التخدير وغسيل المخ لتدمير الكفاءات الخارجة عليه.

أبطال وفريق عمل الفيلم

قام ببطولة الفيلم الذي تم تصويره في مدينة تدمر السورية نخبة من النجوم العرب المنتقين بعناية

• من السعودية: عبد المحسن النمر ونايف خلف.
• ومن الكويت: محمد المنصور.
• ومن سوريا: غسان مسعود، وفرح بسيسو، ومنى واصف, وراتى فرحات.
• ومن لبنان: إحسان صادق.
• وقد عهدت مهمة بناء موسيقى الفيلم التصويرية للموسيقار اللبناني المعروف زياد الرحباني
• كما يضم الطاقم الفني والإنتاجي للفيلم ما يقارب الأربعمائة مشارك، وهوعدد يتماشى مع رغبة المخرج عبد الله المحيسن الكبيرة للعودة إلى عالم الإخراج السينمائي بعد توقف دام أكثر من ثلاثة عشر عاماً حين قدم فيلمه الوثائقي الثالث (الصدمة)عام 1991م.

سيرة الفيلم

تنطلق الأحداث من مشهد مصوّر لمداهمة من المداهمات لبعض الأحياء الشعبية يتم التعليق عليها، في اجتماع يعقد للغرض بين رؤساء الخلية وأعضاءها مزيدا في البحث عن الوسائل الناجعة للقاءة الأزمات التي بدأت تحتدّ. يستقر الرأي على الاستمرار في التصلب مع شيء من الانفتاح على التحديث في الوسائل.

"المعهد" يشتغل فيه خبراء أجانب ومحليون، منهم من اتىه مغترا بما يوفره من فرص لتطوير الأبحاث وخدمة الفهم. أما نزلاؤه فمنهم المعارض السياسي الذي جلب إليه جلبا والمفكر المعاند، ومنهم من استدرج إليه استدراجا من أصحاب الكفاءات والخبرات بالتطميع في العلاج والتأهيل للوصول إلى بعض المناصب السامية والوظائف المرموقة.

يتم استدراج المحرر الروائي بديع مراد للنزول بالمعهد لتخليصه من توتر أصابه على إثر نشره رواية جديدة دُفِع إلى تحويرها على نحولم يكن يرضاه، وللتأهل لاستقبال منصب محتمل بوزارة الثقافة. نتعرّف، في الأثناء، على وقائع هذا الاستدراج، وعلى الشخصيات الفاعلة في مسار الأحداث.

ينطلق العمل انطلاقته الحاسمة من تفتيش أهوج لمنزل بديع مراد بحثا عن رسالة هجرها لزوجته سميرة يفهمها فيها بأنه مضى إلى المعهد للإقامة فيه. تثوب سميرة إلى رشدها فتندم على أنها لم تكن حازمة في منع زوجها من الوقوع في ما سقط فيه وتشرع في التحرك للوصول إليه وتخليصه.

ينطلق العمل أيضا بتعهدنا على عمر، شاب يمسك محلا لبيع القماش، فهومشغول بغياب والده يسعى إلى الوصول إليه بالـ"معهد"، بعد حتى بلغه احتمال حتىقد يكون قد نقل إليه نتعهد إلى "المعهد" من الداخل، عندما يحل به بديع مراد فإذا به مشابه لمركز للعلاج الذهني والنفسي قريب من معتقل من النوع الحديث. فيه يعتني البروفسور حمود بالمحرر بديع مثلما يعتني غيره من الدكاترة بغيره من المجلوبين إليه.

تتطور الأحداث عبر مسارات ثلاثة متوازية في الغالب ومتقاطعة متداخلة:

المسار الأول

تتخذه سميرة زوجة بديع عندما تقدم على تطبيق مغامرة البحث عنه لتخليصه. يتخذ الشاب عمر نفس القرار ويشرع في تطبيقه بالذهاب إلى البحث عن والده. يتم اللقاء بين سميرة وعمر صدفة شديدة في إحدى المطاعم المقاهي ببعض المحطات فيتلازمان لأن غايتهما واحدة.

المسار الثاني

يتمثل في تقارب يحصل داخل المعهد بين بديع وبهاء الدين خبير الهندسة الإعلامية. يتضايق هذان الشخصان من بعض المزعجات بالمعهد ومن سخافة الكيفية التي يستعملها في العلاج فيشرعان في رد العمل. في نفس هذا المسار يتأكد تقارب آخر بين البروفيسور حمود والدكتور يحيى عندما يفطنان إلى حتى المعهد ليس المؤسسة الفهمية التي اتىها جميع منهما راغبا في خدمة الفهم وتطوير البحث.

المسار الثالث

يتمثل في استمرار إدارة المعهد في تطبيق المخططات التي أنشأته من أجلها : التخدير، التنويم، غسيل المخ، بل القتل : فالمحرر الصحفي عبد الكريم منصور يطلق سراحه ليتم اغتياله، الروائي بديع يتم تخديره ليزج به في مصرع عبد الكريم منصور على أنه هوالذي اغتاله مثلما يشير عليه شريط مصور للأحداث، بهاء الدين يخدر ويقحم في غرام حسناء على طريقة حسن الصباح بقلعته فهموت. وبعض النزلاء كالمريض 818 وإسماعيل (الذي جيء به إلى المعهد ضمن مخطط آخر) يتعرضان إلى الضرب والتعنيف.

تسير الوقائع في هذه المسارات نحوالتعقد :

• فالمحرر بديع يشرع في التمرد والمقاومة دون أمل كبير في الخلاص. والدكتور يحيى والبروفسور حمود يشرعان في البحث عما يجب عمله فيستقطبان مسقما ويستفيدان من خبرة بهاء الدين. وإدارة المعهد تسترسل في تحقيق أهدافها بشيء من التصعيد. أما سميرة وعمر فيتيهان في الصحراء وتهاجمهما ذئابها وتشيح سيارتهما من البنزين وينتهي الزاد والماء، فلا ينقذهما سوى الشيخ فلاح الناصري وقد خرج في رفقة من أهله للبحث عن إبل له ضائعة.
• يتدخل بظهور الشيخ فلاح الناصري عامل آخر في الأحداث يعكس نظرة الأهالي سكان المنطقة إلى المعهد متضايقين من الكيفية التي غرس بها في حِماهم. فهم أيضا كارهون جدا لوجوده. وهم، رغم التكتم وقلة التصريح، يعهدون عنه جميع شيء ويعهدون الأذى الذي يحدثه.
• التقاء الشيخ فلاح الناصري بعمر وسميرة ينتقل بالأحداث من مجرد المساعدة لإنقاذهما من مخاطر الصحراء إلى إرشادهما على الطريق إلى المعهد ثم إلى المساعدة لهما على إنقاذ ذويهما.

• تدخل الأحداث في طورها الحاسم نحوالانفراج : يصل عمر وسميرة بمساعدة من صالح ابن الشيخ فلاح إلى مشارف المعهد فيصدهم الحراس عن الاقتراب منه. يرتّب الشيخ فلاح الناصري، متحديا الحراسة العسكرية المضروبة على المعهد وبمساعدة أحلافه من أهالي الجهة ،خطة الحفل البدوي للترحم على الأجداد والأسلاف.
• يستهين مدير المعهد بالحدث فيأمر بعدم التدخل في شؤون الأهالي بل يقصد الحفل ناقلا لشيوخه تحيات الحكومة.
• يستقبله الشيخ فلاح والوفد المرافق له استقبالا جميلا. يأخذ الاحتفال بالنفوس فيظل الجميع مشدودين إليه.
• يُقدم البروفيسور حمود بمساعدة من بهاء الدين على تطبيق خطة لإفساد عمل المعهد وضعها له الدكتور يحيى، فيتم تعطيل عمل الأجهزة وتحويل وجهة شغلها ضدّا لما كانت قد صّممت له فتكون استفاقة جماعية للمخضعين للعلاج بالتنويم وغسيل المخ، كان بديع مراد واحدا منهم، ويبدأ التحرك للخروج من المعهد.
• يبدأ، من ناحية ثانية، اقتحام المعهد من الخارج إذ يتسلل إليه بعض الشبان بقيادة صالح ومرافقة عمر. يتم التسلل بنجاح فيعثر عمر على والده.
• يتم اللقاء بين الحركتين المنطلقة من الداخل والوافدة من خارج المعهد، ويتمكن بديع من الحصول على الشريط الذي يدينه بقتل عبد الكريم منصور، ويكون إسماعيل قد التحق بالمجموعة المتحركة للخلاص.
• أثناء السعي للخروج يظل بهاء الدين مصرا على البقاء تعلقا بتلك التي كان قد تعهد إليها مخدّرا، فيأخذه إلى الخارج إسماعيل رغما عنه. يخرج الذين اقتحموا المعهد منه عدا البروفيسور حمود إذ كان قد بقي له ما ينبغي إنهاؤه.
• يحاط مدير المعهد فهما بالواقعة فيقفل راجعا، وبينما يسارع بديع بالنزول إلى حيث كانت سميرة زوجته ينصرف عمر والبستاني والده، يشرع بهاء الدين في الركض باتجاه المعهد راجعا إليه. يظل إسماعيل متحيرا لا يدري ما يصنع، فإخراجه لبهاء الدين قد كلفه التفريط في تلفاز كان قد أخذه معه من المعهد، وهي إشارة تربط منطلق الأحداث بنهايتها.
• لئن كانت النهاية موفقة فإن غبارا يتراءى محدقا بالمنطقة التي فيها المعهد والشخوص جميعا.

المهرجانات التي شارك فيها الفيلم

• مهرجان روما السينمائي 2006م.
• مهرجان كان السينمائي 2006م.
• مهرجان روتردام للأفلام العربية 2006م.
• مهرجان السينما العربية في باريس 2006م.
• مهرجان القارات الثلاث بمدينة نانت الفرنسية 2006م.
• مهرجان دبي السينمائي 2006.
• مهرجان ألوان السينمائي بنيويورك 2007م.
• مهرجان الأفلام العربية بطوكيو2007م.

إنجازات الفيلم

• نال مخرج الفيلم في مهرجان نانت مفتاح المدينة نظير جهوده في السينما العربية والسعودية خلال رحلته الفنية التي تجاوزت 35 عاما. وهذا التتويّج للمحيسن تكريما لمسيرته الفنيّة المتميّزة بتقديم رؤية فنيّة فكريّة للواقع العربي في ظل الصراعات الإقليمية والدولية ضمن مدرسته السينمائية التي هجرز على تكثيف لغة الصورة وتوظيف دلالات الرمز والإسقاطات التاريخيّة لتحريض المشاهد على التفكير في واقع ومستقبل الأجيال.
• ترشح الفيلم للمسابقة النهائية لمهرجان روما 2007م ونافس معه 15 فيلما من بلدان مختلفة.