الفنانة والباحثة مارى منصور توضح طرق العلاج النفسى بالايقونة بالفن بمركز “بى لمباس “


بمركز “بى لمباس”، بكنيسة السيدة العذراء بمهمشة برئاسة وحضور نيافة الحبر الجليل نيافة الأنبا مارتيروس أسقف عام منطقة شرق السكة الحديد، عقد اللقاء الشهري المعتاد، حيث استضاف المركز الفنانة والباحثة مارى منصور الحاصلة على رسالة الماجستير الأولى من نوعها على مستوى العالم فى العلاج النفسى بالايقونة، والتى أبهرت الحضور من خلال محاضرة شيقة ومتميزة فى العلاج النفسى بالفن والتى القت فيها الضوء على رؤية جديدة مبتكرة لاستكشاف دور الأيقونة القبطية فى العلاج النفسى بالفن وتفعيلها وتطبيقها عملياً والتى كانت قد حصلت بها على درجة الماجستير حيث ناقشت خلال المحاضرة كيفية وإمكانية العلاج النفسى بالفن بالإستعانة بالأيقونة القبطية لأول مرة، حيث تعتبر رسالتها هذه هى أول رسالة فى هذا المجال العلمى على مستوى العالم.

بدأ اللقاء بصلاة افتتاحية قادها نيافة الأنبا مارتيروس،، ثم رحب نيافته بالحضور الكريم، وقام المهندس أشرف موريس منسق اللقاءات بالمركز بتقديم الباحثة مارى منصور

وفى البداية، كان هناك تساؤل هام حول الأسباب القوية التى دفعت الباحثة إلى الدراسة والبحث والسعى إلى ابتكار برنامج برؤية جديدة وغير مسبوقة فى مجال العلاج النفسى بالفن من خلال الاستعانة لأول مرة بالأيقونة القبطية؟؟ وقد لخصت الباحثة رؤيتها فى ذلك من خلال عدد من النقاط قالت فيها:- فى ظل عالم يصعب فيه أن لا يكتئب الإنسان.

ظللتُ فى صراع متواصل على دروب الحياة مع مواجع الناس ومتاعبهم واحباطاتهم وانهياراهم واكتئابهم ويأسهم، والأبواب المغلقة والمغلفة بفقدان الرجاء والأمل والتى يتقوقعون فى داخلها، بعد أن تلامست مع هموم ومشاكل العديد من الأشخاص فى مصر والخارج. وقد لمستُ فى الندوات والمحاضرات التى قدمتها والمؤتمرات والمداخلات والبرامج التلفزيونية التى شاركت فيها، شغف البشرية الهائل للمعرفة، ولإيجاد حلول لانهيارات الفكر والروح والنفس، والظروف الضاغطة على آلام البشر.

وقد التقيتُ بالفعل بالعديد من الحالات التى تعانى من الاكتئاب بدرجاته المتنوعة، مثل حالات الرغبة فى الانتحار أو الإقدام الفعلى عليه، وشراسة وقسوة بعض الأهل على أطفالهم أو أبنائهم المراهقين والشباب خاصة مع ظن الأهل بالخطأ بأنهم يقومون بتربية هؤلاء الأبناء عن طريق القسوة. فسعيت بكل طاقتى لإيجاد بل ولاختراع حلول عملية لمشاكل الناس من خلال رؤية روحية نفسية اكاديمية علمية وعملية من واقع مشاكل وجراحات البشرية والآمهم النفسية والحياتية الرهيبة. ومن ثم وجدت نفسى مدفوعة بقوة لأن يشاركنى كل المهتمين والمثقلين بهموم البشر فى تلك الأحدث الواقعية المؤلمة بحق، ربما تكون للجميع رسالة مشتركة من أجل مساندة من يحتاج للمساندة فى ظل عالم يوشك أن يصبح مجرداً من الحنان والأمان.. عالم يصعب فيه أن لا يكتئب الإنسان.

وأضافت الفنانة والباحثة مارى منصور: لقد اكتشفتُ خلال رحلة الحياة الاحتياج البالغ لإعادة صياغة الفكر البشرى وبناء الشخصية الإنسانية، وتشكيل ملامحها النفسية والروحية بطريقة علمية وعملية قابلة للتنفيذ فى ظل صعوبات الحياة.. وأيضاً علاج المشاكل النفسية، والتربوية والكثير منها على درجة من الخطورة، ولهذا حرصت على أن تتناول رسالتى للماجستير المشاعر الإنسانية الداخلية لمختلف المراحل العمرية بما فى ذلك الطفولة، والتى قد يفصح عنها علناً أو لا يفصح فتظل حبيسه فى داخل جدران نفسه تؤرقه وتضغط عليه بقوة فتخرج إلى السطح فى صورة شغب أو عناد أو شراسة أو تدمير، أو خلافه.

وقد قامت الفنانة والباحثة مارى منصور بصياغة تعريف جديد لمصطلح الاكتئاب قد توصلت إليه من زاوية رؤيتها الخاصة وهو: ”الاكتئاب هو حالة إنغلاق على الذات تؤثر على النفس والجسم، حيث يتناسى خلالها الشخص كل ما مر به من لحظات بهجة أو سعادة.. ويسترجع شريط حياته المؤلم بكل ما فيها من إحباطات وصدمات ولحظات فشل وجراحات، ويشعر بالحزن الشديد، وأنه بلا قيمة وغير محبوب، ويفقد الرغبة فى التواصل مع الآخرين فينزوى بعيداً، ويرفض الحياة، ومع غياب الوازع الدينى فى حياته قد يؤدى به الاكتئاب فى مراحله المتقدمة إلى التفكير فى الانتحار.”

أما عن أسباب الإكتئاب، فقد أوضحت ا الفنانة والباحثة مارى منصور بأنة يوجد العديد من الأسباب منها الكبت، وخاصة الإفراط فى كبت المشاعر السلبية مثل الغضب أو الحزن أو الشعور بالقهور فى أسلوب تراكمى، قد يؤدى إلى الإصابة بالاكتئاب، حيث يتحول الكبت إلى اكتئاب، و الضغوط، خاصة الضغوط النفسية سواء من الأسرة أو من البيئة المحيطة (أصدقاء وزملاء) أو المجتمع. ويعتبر من بين هذه الضغوط وأكثرها حدة وتأثيراً خاصة على نفسية الأطفال هى الخلافات الأسرية العنيفة، والقسوة فى عقاب الطفل، والتى قد يستمر تأثيرها النفسى السلبى حتى بعد أن يكبر الطفل.

وأشارت الباحثة مارى منصور للهدف الرئيسى من رسالتها وهو مساندة المصابين بالإكتئاب والذين يعانون من المشاكل النفسية، عن طريق تصميم وبناء وتأسيس وتطبيق برنامج نفسى وفنى مبتكر فى الفكرة والأسلوب يضاف إلى العلاج النفسى بالفن من خلال الاستعانة بالأيقونة القبطية لأول مرة على مستوى العالم استناداً إلى رؤية من ابتكار الباحثة قد ترقى إلى مستوى النظرية فى العلاج النفسى بالفن، للمساهمة فى خفض مستوى الاكتئاب والوقاية منه وتحسين الصحة النفسية، مقترنة باستثمار التفكير الإيجابى لدى الفرد.

أما الأهداف الفرعية ذات الأهمية أيضاً: فكانت الكشف عن تأثيرات مرحلة الطفولة فى الراشدين ودورها فى إصابتهم بالاكتئاب. والكشف عن تأثير الأيقونة القبطية فى بعض مظاهر الأداء الشخصى والسلوكى والإنفعالى، لدى عينة من الأفراد المصابين بالاكتئاب. بالإضافة إلى الكشف عن دور الأيقونة القبطية فى تخفيض الاكتئاب لدى الأفراد.

وتشير العديد من الأبحاث والدراسات إلى أن هناك نسبة ليست بالهينة من الأشخاص الراشدين يعيشون تحت وطأة الإكتئاب.

وقد إنبثق عن الهيكل الأساسى لبرنامج الباحثة العلاجى أربعة بنود رئيسية:

البند الأول: وضع الخطة العلاجية: وفى هذا المحور تتفق الباحثة مع الآراء العلمية والتى تشير إلى أنه قبل إختيار العلاج المناسب للاكتئاب سواء بيولوجياً أو سيكولوجياً هناك ضرورة حتمية لإجراء الفحص الطبى الشامل لدى أطباء متخصصين أولاً، وذلك للتأكد إذا ما كانت هناك مؤشرات مرضية عضوية قبل الشروع فى العلاج النفسى بالفن، وإذا ثبت وجود مثل تلك الأمراض أو الأدوية المتسببة فى الاكتئاب.. فيمكن أن يتزامن تطبيق العلاج النفسى بالفن لدى المعالج النفسى جنباً إلى جنب مع العلاج الطبى الدوائى لدى أطباء متخصصين.

وتستكمل مارى منصور فتشرح: قمتُ بوضع الخطة العلاجية وأسلوب إستخدامها بعد وضع تقييم مبدئى للحالة، وذلك بناء على نتائج دراسة الحالة case – study التى قمتُ بها، وحسب إحتياج كل حالة طبقاً لنظرية الفروق الفردية بعد إجراء مقياس الاكتئاب (القْبلى بمعنى قبل تنفيذ الخطة العلاجية)، حيث قمتُ بإستخدام مقياس العالم النفسى الأمريكى آرون بيك Aaron Bec.

وتشمل الخطة العلاجية أهداف مرحلية قصيرة المدى وتتدرج لتصل إلى تحقيق الهدف بتخفيض الاكتئاب.

وتتزامن البنود والمراحل العلاجية التى تشملها الخطة العلاجية مع مساعدة المريض على التوصل إلى جذور مشاكله الأساسية النفسية فى مرحلة الطفولة ثم جذور المشكلة النفسية الحالية الظاهرة والعمل على عــلاج مسبباتها على التوازى مع علاج الحالة النفسية الاكتئابية للفرد والألتزام من خلال برنامجى العلاجى بالعناصر والخطوات والأساسيات الواردة فيه، كذلك السعى لتحويل كل اهتمامات المفحوص أو المريض المراد علاجه عن الأفكار السلبية المتسببة فى اكتئابه والتى تلازمه والتى ربما تكون قد أصبحت محور حياته {مثلاً ضعف الشخصية أو فقدان الثقة بالنفس أو الإحساس بالفشل أو صغر النفس..إلخ. أو أى مشاعر سلبية.

وكذلك مساعدته على ممارسة تدريبات خاصة عن طريق الاستعانة بالأيقونة القبطية، للمساهمة فى تعديل بعض السلوكيات الخاصة به. وأيضاً مساعدته على تغيير رؤيته للحياة ورؤية الأشياء والأشخاص من زاوية إيجابية، والمحاولة الجادة لإدراك واستكشاف أهميته كإنسان. وأخيراً محاولة مساعدته التعايش مع الصعوبات المحيطة به والمحبطة له. والالتصاق بالله متزامناً مع الاستعانة بالأيقونة القبطية.

وكل هذه الخطوات تبدأ بالصلاة المنسكبة من أجل استمطار مراحم الله للمساعدة فى حل المشاكل الوقتية والمزمنة، مما يساهم فى دفع الفرد فى نهاية المراحل العلاجية ليتخذ قراراً بالخروج من دائرة الاكتئاب عن طريق إعادة صياغة كل مفاهيمه السلبية ورؤيته لظروف حياته بأسلوب مختلف ووجهة نظر مشرقة، تسعى لاستثمار الإمكانيات المتاحة لديه من منظور مساندة الله صانع الخيرات له مع ضرورة مساعدته على إختيار هدف إيجابى يجد فيه معنى لحياته، مما يدفعه للقيام بوضع خطة حالية وأخرى مستقبلية لحياته الجديدة فى ضوء المهارات الحياتية التى يمتلكها والتى قد لا يدرك وجودها لديه ولم يستكشفها بعد، وأيضاً فى ضوء المفاهيم الجديدة الممتزجة بالأمل، والتى اكتسبها خلال رحلة علاجه النفسى بالفن.

وقبل وأثناء تنفيذ خطتى العلاجية قمتُ بإلقاء عدة محاضرات شملت أموراً متنوعة تمس حياة الأفراد ومشاكلهم باستخدام أحدث الوسائل مثل: صورة الذات عند الإنسان، وأزمة الهوية، وقبول الآخر، والأزمات والمشاكل النفسية، والغفران للآخرين، والخروج من دائرة الإكتئاب، والتسامح، وكيفية إكتساب الثقة بالنفس، واكتشاف المواهب والهوايات وماذا نفعل بها وكيفية إستثمارها، وروحانية الأيقونة القبطية، والمراحل العمرية وتأثرها النفسى، وكيف تدير فكرك كإنسان ومؤثر فى الحياة، وثقافة التغيير وكيفيته فى حياة الإنسان وفى رؤيته لها.. وغيرها.

البند الثانى وهو إستثمار وأثر الأيقونة القبطية وثمارها ودورها فى العلاج النفسى بالفن خاصة تخفيض الإكتئاب: ويعتمد هذا البند على المساهمة فى مساعدة الفرد على إعادة ترتيب أوراقه وتغيير رؤيته فى الحياة وصولاً إلى علاج الاكتئاب {وهو محور متداخل مع باقى مراحل العلاج} ، ومن خلال رؤية خاصة قمتُ باستثمارها فى التطبيق العملى لبرنامجى العلاجى، حيث قمتُ بوضع عدة محاور هامة فى دائرة الضوء وتطبيقها عملياً خلال برنامجى بالإستعانة بإدماج الأيقونة القبطية فى كل المراحل العلاجية، وتشمل هذه المحاور: تأثير القدوة: والتى أعتبرها المعلم الساحر فى حياة الإنسان من فترة الطفولة وحتى الشيخوخة، ومدى علاقتها بالأيقونة القبطية، وقبول الآخر {السامرى الصالح والسامرية} ومعاناة رحلة الحياة والرفض من الآخرين وقبول الرب يسوع للبشر بكل الخطايا والضعفات، والعمل الجماعى وروح الشركة والتفاعل الإجتماعى وأهمية وخطورة التأثير الرهيب لعدوى روح الجماعة ويتمثل ذلك فى الإلتفاف حول هدف إيمانى يرتقى بالمشاعر. مثل نحميا وسقوط أسوار أورشليم بالتشجيع كعامل نفسى وبالقوة الألهية الجبارة كعامل روحى مساند للوحدانية والشركة(سفر نحميا وثقافة العمل الجماعى)، [البعد الروحى والسيكولوجى].

بالإضافة إلى العمل فى فلك نوح (رغم سخرية العالم كله) [البعد السيكولوجى ] ( تكوين 6 ، 7 ، 8 )، وأيضاً التعرف على أحداث وأماكن ومواقع وأزمنة سابقة فى أيقونات القديسين مثل أيقونة قصة حياة القديس مارمينا، وإعادة الفرد استكشاف نفسه ومواهبه.

وتخفيض حدة العنف وثورات الغضب وسلوكياته وتداعياته الخطيرة كظاهرة عولمية منتشرة قد ينتج عنها الاكتئاب مع التأكيد على إمكانية تدريب الصغار والكبار أيضاً على استخدام الأسلوب السليم فى تعبير الفرد عن غضبه فى نطاق الإحترام واللياقة.

وقد تمكنت من استثمار ذلك الغضب فى تدعيم أواصر العلاقة القوية مع الله، مثلما صارع معه أبينا يعقوب، على أن تكون هذه العلاقة الرائعة من خلال الأيقونة القبطية.. وكذلك تبسيط العلوم والإيمانيات لاستيعاب صعوبات الحياة وقد عرضت مارى منصور مجموعة من أيقوناتها التى رسمتها (كتبتها) فى إطار تبسيطها للعلوم مثل فلسى الأرملة، وبعض سير القديسين مثل القديسة مهرائيل، وقصة حياة القديس مارمينا العجايبى، وأحداث مباركة العائلة المقدسة لأرض مصر، وتجميع رموز القديسة العذراء فى أيقونة واحدة أطلقت عليها أيقونة “بانوراما الرموز” كوسيلة تعليمية مبتكرة ومتطورة، مع إضافة رموز مبتكرة داخل الأيقونة القبطية لإعطاء المزيد من الثراء الفني والتعليمى، بالإضافة إلى البعد الروحانى.

البند الثالث: الخطوات والمراحل الاجرائية العملية والتطبيقية للاستعانة بالأيقونة القبطية لتخفيض الاكتئاب من خلال برنامج الباحثة: حيث أوضحت مارى منصور: قمتُ بتقسيمها إلى عشرة مراحل علاجية بالغة الأهمية ممتزجة باستخدام وتفعيل دور الأيقونة القبطية فى العلاج النفسى بالفن من خلال برنامجها.

وكذلك قمتُ بتقسيم المراحل العلاجية على عدة أيام قد تستغرق من ثلاث إلى أربع جلسات فى الأسبوع، وقد تصل إلى شهر أو أكثر حسب احتياج الشخص المراد علاجه، وطبقاً لنظرية الفروق الفردية. ويكون العلاج على عدة مراحل متنوعة تشمل التطبيق العملى على حياة الفرد، وخلال رحلتنا سنتعرف على تفاصيل الإجراءات العملية والتطبيق للبرنامج العلاجى من خلال باقى البنود.

المرحلة الأولى: العلاج عن طريق رسم (كتابة) الأيقونة القبطية:

وتُعد مارجريت نومبرج من أوائل الرواد الأمريكيين فى مجال العلاج بالفن، حيث يُعتبر الرسم كوسيلة وأداة تشخيصية وعلاجية بالغة الأهمية قد يتمكن الفرد من خلالها من التعبير عن مكنونات نفسه وصراعاته ومشاكله، وضيقاته، وشحناته الإنفعالية، فيفرغ الشحنة التى بداخله على الصفحات البيضاء ويرسم أمنياته وأحلامه ويستشرف مستقبله كما يساهم الرسم فى إمكانية التواصل معه، فيدفعه إلى تحسين الثقة بالنفس والوعى بالذات ويساهم فى منح الطفل أو الراشد الشعور بالسعادة والثقة بالنفس مما يساعده على تنمية مهاراته فى العمليات العقلية والنمو الانفعالى والإدراكى والابتكارى.

وقد إسترشدت فى هذا السياق بالعديد من الأبحاث والمراجع والموسوعات.

ومن خلال التعبير بالرسم كوسيلة وأداة تشخيصية وعلاجية يرسم المفحوص ثم يقوم بتحليل وتفسير رسمه هو ثم أتحاور معه لإستخراج مكنونات نفسه والكشف عن سر الإكتئاب لديه.

المرحلة الثانية: العلاج عن طريق تحليل وقراءة الأيقونة القبطية: حيث ذكرت المحاضرة مارى منصور بأنها تميل إلى استخدام المنهج التحليلى كمنهج أساسى فى العلاج النفسى بالفن لبراعته فى الغوص داخل أعماق النفس البشرية واستخراج معاناة تلك النفس، وبالتالى يمكن للمعالج مساعدة تلك النفس على الشفاء.

فالمنهج التحليلى يلعب دوراً شديد الأهمية فى معالجة اليأس والقلق والاكتئاب، من خلال قيامه على أساس تنفيس المريض عن اللاشعور عن طريق استخدام المريض لآلية الإسقاط أثناء ممارسته لعملية التعبير الفنى، خاصة وأن كل فرد يمتلك طاقة كامنة لإسقاط صراعاته الداخلية فى صور بصرية.

* المرحلة الثالثة: العلاج عن طريق تذوق الأيقونة القبطية: فالمعروف علمياً أنه لتذوق الفنون وجماليتها دور هام فى الإرتقاء بالمشاعر حيث يساهم الفن فى القدرة على التذوق والحس الجمالى، مما يطبع الشخصية بطابع الرقى ورهافة الحس، والرقة، وغيرها من الصفات الإنسانية البالغة الرقى، وبالتالى يمكن استخدامه كوسيلة تساهم فى جزئية من العلاج النفسى بالفن.

وقد استخدمت الباحثة أسلوباً مبتكراً لتذوق الأيقونة القبطية فى الإجراءات العملية والتطبيق العملى لبرنامجى العلاجى المنبثق عن رؤيتة الخاصة، ويضم هذا الأسلوب التذوق بالقلب والخيال والحواس يساهم فى تخفيض الاكتئاب.

* المرحلة الرابعة: العلاج عن طريق تأمل ولمس الأيقونة القبطية: خلال هذه المرحلة توجه الباحثة دعوة فى سياق العلاج النفسى بالفن إلى التأمل، حيث تؤكد على أن التأمل إتجاه عالمى فى العلاج النفسى وإكتساب الصحة النفسية. ولهذا فهى تشجع على إتاحة الفرصة للفرد لأن يتذوق الفن ثم يتأمله من خلال رؤية روحية مختلفة، مما يساهم فى دفعه لتكوين رأى شخصى مستقل ووجهة نظر فى الحياة تساعده على تغيير مفاهيمه إلى الأفضل وإكتساب صلابة المواجهة فى الحياة.

فالتأمل الراقى النقى يعطى استنارة للذهن والروح والقلب.. حيث ينسج الفن الشخصية الإنسانية بالرقة ويساهم فى منح النفس الإستمتاع بالتذوق ورقى الفنون وإعلاء الحس الجمالى، والارتقاء بالمشاعر والأحاسيس. وترى مارى منصور أيضاً بأن إعادة رؤية الفرد لحياته من خلال التأمل يقود ببراعة إلى تلك الحياة الرائعة مع محبة الله محب البشر.

ومن الأهمية بمكان تدريب حاسة اللمس على الشعور بالشعاع الروحانى الذى ينبثق من الأيقونة بشفافيتها وملامح قديسيها واكتسابها مذاق خاص، وقد أشارت مارى منصور إلى كيفية قراءة الأيقونة فقالت: ”إذا أردت أن تقرأ الأيقونة ببراعة.. فعليك أن تقرأها بروح الصلاة.. وأن تبحث عن الرموز لتكتشف ما بين سطور الأيقونة من كنوز“. ولأهمية لغة اللمس أشارت إلى أنه هناك إتجاه عالمى أيضاً لإستخدامها فى تعليم الأطفال، كما وترى بأن لغة اللمس بالغة الرقى للصغار والكبار، ولهذا فبالإمكان استثمارها فى العلاج من خلال التلامس المباشر مع الأيقونة القبطية المدشنة بزيت الميرون المقدس والإحساس بملمسها النقى والذى يمنح الفرد الشعور بقوة تخرج منها لتستقر فى داخله.

المرحلة الخامسة: العلاج عن طريق استخراج الرموز وتحليلها وشرحها للآخرين

مفاتيح كهوف الأعماق: يُعتبر الرسم الحر من بين أهم الوسائل التى تساهم فى وضع البرامج العلاجية حيث تتعمق فى داخل النفس البشرية المراد علاجها من خلال تفسير شفرة اللغة الرمزية لتستخرج ما فى داخلها من ألم كما لـو كـانت مفاتيح للكهوف الخفية لتلك الأعماق، سواء بالنسبة لتفسير المعالج بالفن أو لتفسير المريض لرموزه من خلال رسوماته أو من خلال الأيقونة القبطية.

المرحلة السادسة: العلاج عن طريق التنافس والحوار من خلال عقد مسابقات حول الأيقونات القبطية (بين أفراد)، وجماعية (بين مجموعات). وتقوم هذه المرحلة على استخراج الفروق بين الأيقونات المتشابهة والمتماثلة كعمل ترفيهى ينمى مهارات الدقة وقوة الملاحظة ويقلل من الضغوط النفسية ويسهم فى قضاء وقت ممتع فى أجواء روحانية ومرحة فى ذات الوقت.. كقول الكتاب المقدس: “وإن كانت تسلية ما فللمحبة”. وغالباً ما تكون هذه الجلسات الجماعية متسمة بالمرح لما فيها من مشاغابات التنافس خفيفة الظل بين المجموعات والأفراد.

المرحلة السابعة: العلاج عن طريق التقييم. من خلال برنامج خاص كجزء من الخطة العلاجية يتناسب مع كل حالة على حدة طبقاً لنظرية الفروق الفردية، (مع وضع قواعد للتقييم بالتشجيع).

فالآية صريحة: “شجعوا صغار النفوس” فالشخص الذى يتم علاجه يبذل الكثير من الجهد كمحاولة للتعبير عن النفس فى إنجاز عمله الفنى وتحليله وفك شفرة رموزه، ويتغلغل فى أعماقه، ويغوص فى تأمل ملامحه، بالإضافة إلى تحليله وتفسيره لأعمال فنية أخرى ومن بينها الأيقونة القبطية، ويؤدى به ذلك إلى الشعور بالإنجاز وإستكشاف قدرات فى داخله لم يكن يعلم عنها شيئاً، مما يقوده إلى الإحساس بأهميته وتدعيم ثقته بنفسه وبالتالى يقتنى الراحة النفسية ثم الشفاء.

المرحلة الثامنة: العلاج عن طريق إعادة التطبيق العملى للعلاج فى الكنيسة والمنزل لاستكمال رحلة الشفاء: وقد إستثمرت الباحثة مارى منصور الخيال العلمى كرؤية مستقبلية تواكب التطور العلمى وتساهم من خلال الأيقونة القبطية فى التخلص من الاكتئاب وتحسين الصحة النفسية من منظور رؤيتها الخاصة لمساعدة الشخص المراد علاجه على اكتشاف النفس والمواهب والإمكانيات والمهارات.

حيث قامت الفنانة والباحثة مارى منصور باستلهام فكرة “هرم الدهشة العلمى” الذى قامت بابتكاره وتصميمه من قبل فى مرجعها الخاص وقد قامت بصياغته وتطويعه واستثمرته ليتناسب مع برنامجها للعلاج النفسى بالفن، وتخفيض الاكتئاب، والوقاية منه.

هرم الدهشة العلمى
Inline image

1- الدهشة: والإعجاب بملامح الأيقونة وشخوصها وأحداثها.

2- التساؤل: عن محتويات الأيقونة وقصص حياة أبطالها.

3- البحث العلمى والثقافى والمعرفى: والتاريخى والكنسى والروحى، للمزيد من المعلومات.

4- فك الطلاسم (الغوامض): بتحليل الرموز والذى يمنح الشعور بالإنجاز والبهجة والعمق.

5- الاستكشـاف: استكشاف المعانى الرائعة بين سطور الأيقونة والتى تدفع إلى التغيير للأفضل.

6- الخيال العلمى: إطلاق العنان للخيال ليسبح ويتأمل فى المجد السماوى ويستنير فينطلق ويسعى لاستثمار الخيال العلمى فيما يثرى حياة البشرية.

7- الإبداع والابتكار: انطلاق روائع الإبداع وروح الابتكار من داخل النفس البشرية لتضاهى فنون الأيقونة القبطية، وتثرى الحياة بالأعمال والأفكار وربما الاختراعات المبهرة.

وفى هذا السياق تؤكد الباحثة مارى منصور على أن كل خطوة أو درجة من الهرم تساهم فى صعود الفرد درجات سلم الشفاء.

فاقد الشئ يمكنه أن يعطيه بسخاء: هكذا تؤكد الباحثة مارى منصور بعكس المثل الشائع ذو الفكر المغلوط، حيث ترى بأن الإنسان الذى يتألم يسهل كثيراً إذا كان إنساناً سوياً ويتمتع بالصحة النفسية والروحية أن يشعر بالآم الآخرين ويسعى لأن يرفعها عنهم ولو بالصلاة من أجلهم. وقد استثمرت الباحثة هذه الفكرة فى التطبيق العملى لبرنامجها والملحق بالأجراءات العملية، ودراسة الحالة.

وفى مجال إعادة اكتشاف النفس وعلاج أزمة الهوية: قامت الباحثة بتوجيه الأنظار إلى أنه هناك أهمية لأن ينـظر الإنسان بنظرة واقعية لحالته وإمكانياته المتاحة حالياً ثم يعيد تصميم تصوره المستقبلى لذاته ويضع لنفسه هدفاً، ويقوم بوضع خطط فعلية وواقعية متدرجة يسعى إلى تنفيذها. مع الأخذ فى الإعتبار بأن الإنجاز يمنح الطفل والراشد أيضاً شعوراً رائعاً بل ومذهلاً بتحقيق الذات، ويساهم بواقعية فى تخطى أزماته النفسية. ولهذا فإنه ينبغى على الإنسان استثمار كل طاقاته الموهوبة له ويسعى الانسان بجديه إلى تغيير وجهة نظره ورؤيته فى الحياة.

المرحلة التاسعة: العلاج عن طريق إعادة تأمل إحدى الأيقونات بالكنيسة: وصول الرحلة العلاجية إلى العمق التأملى: وفى هذه المرحلة تطلب الباحثة من الحالة أو المريض أن يقوم بإعادة التأمل فى أحدى الأيقونات القبطية المدشنة بالكنيسة، وبعد مرحلة تأمل ولمس الأيقونة المدشنة، تطلب من الحالة أو المريض كتابة تأمل وهو ينظر إلى أيقونة يختارها.

المرحلة العاشرة: التطبيق البعدى لمقياس الاكتئاب باستخدام مقياس العالم النفسى الأمريكى آرون بيك Aaron Beck: حيث تقوم الباحثة بإعادة إجراء مقياس الاكتئاب (البعدى) للحالة أو المريض بعد إنتهاء تطبيق برنامجها بكل بنوده ومراحله، ثم تقوم برصد الفروق الدالة على صحة وفاعلية برنامجها المقترح من خلال مؤشر النسبة المئوية بين المقياس القبلى والبعدى، ثم استخراج النسبة المئوية لانخفاض الاكتئاب، ثم حساب مداها ودرجة انخفاضها حسب تصنيف مقياس الاكتئاب وتحديد نتائج رحلة الشفاء من خلال مقياس الاكتئاب البعدى بعد انتهاء رحلة تطبيق برنامج الباحثة النفسى والفنى للعلاج النفسى بالفن وتخفيض الاكتئاب.

البند الرابع: وصول الرحلة العلاجية إلى العمق

بداية رحلة الشفاء واكتساب الصحة النفسية: ويشمل عرضاً لنتائج رحلة الشفاء من خلال مقياس الاكتئاب البعدى باستخدام مقياس العالم النفسى الأمريكى آرون بيك Aaron Beck..

وجهت مارى منصور دعوة لبعض الكبار الذين ينتهجون النغمة السائدة: أنا كبرت خلاص؟؟
العمر الإفتراضى؟؟. فهذه النغمة مرفوضة.. لأنه مهما كانت متاعبك أو خطايا أو مرارة نفسك أو همومك فهو يجعل دائماً أمامك الباب المفتوح.. فثق.. آمن فقط، وإستمد منه قوتك وإستعيد علاقتك بالأيقونة القبطية وملامحها النقية.

وأشارت إلى قول الرب لأرميا الذى كان يظن أنه ضعيف أو صغير، ”فقال الرب لى: لا تقل أنى ولد، لأنى إلى كل من أرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما أأمرك به“. (أرميا 1:6،7)، هكذا أجاب الرب وهكذا يدعوك لإستكشاف مواهبك واستثمار وزناتك وأيضاً “يتجدد مثل النسر شبابك”(مزمور 103: 5).. فقط ضع لنفسك هدف لأن الرب يقول “هائنذا قد جعلت أمامك باباً مفتوحاً ولا يستطيع أحد أن يغلقه”.

وتتزامن البنود السابقة مع مساعدة المكتئب على التوصل إلى جذور مشاكله النفسية فى الطفولة ثم الألتزام من خلال برنامجى العلاجى بالعناصر والخطوات والأساسيات الواردة فى البرنامج، مما يساهم فى دفع الفرد ليتخذ قراراً بالخروج من دائرة الاكتئاب عن طريق إعادة صياغة كل مفاهيمه ورؤيته لظروف حياته بأسلوب مختلف ووجهة نظر مشرقة، تسعى لاستثمار الإمكانيات المتاحة لديه من منظور بنوته لله صانع الخيرات.

خلاصة النتائج: ولخصت الباحثة مارى منصور محاضرتها فى إن الفــن وخاصة فن الأيقونة القبطية هو بالفعل لغــة من أرقى اللغات الإنسانية فهى لغة التواصل الروحية ذات الحس الفنى الراقى والرمزية البالغة الشفافية، والتى يمكنها أن تتحدث إلى الاكتئاب ببراعة فتهزمه خاصة عندما يعجز الطفل أو الراشد عن الحديث اللفظى. وأن الفن عن طريق استخدام الأيقونة القبطية يمكنه أن يساهم ببراعة فى إحداث طفرة فى العلاج النفسى بالفن لكل الفئات العمرية من خلال ابتكار أسلوب علاجى متميز من خلال رؤية الباحثة الخاصة وبرنامجها ، وقد خرج بالفعل إلى حيز التطبيق العملى من خلال عينات عشوائية لفئات عمرية متنوعة، وعينات أخرى مختارة للفئات المعنية. حيث أفرز تطبيق برنامج الباحثة المبتكر عن نتائج هائلة ومبشرة فى ضوء فروض.

وأشارت الفنانة والباحثة مارى منصور الى ان العلاج النفسى بالفن قد لا يرفع عنا الضيقات التى مررنا أو نمر بها أو الضيقات التى صارعناها، أو مرارة النفس التى تذوقناها لكنه بالتأكيد سيساندنا ويساعدنا على التعايش مع الظروف والضيقات بسلام، فنتقوى بمساندة بعض ونقوى بعضنا البعض ونساند المحتاجين نفسياً، ونعطى لأنفسنا وللآخرين الأمل فى حياة مشرقة.

ومع اكتمال رحلة الشفاء يمكن للفرد الذى تم علاجه أن يسعى لمد يد العون لكل من يحتاج إلى كلمة شفاء نفسى: وتوصى الآية: “قل كلمة فيبرأ غلامى”.

حيث ثبت بالتطبيق من واقع الحياة العملية بأن كلمة صادقة من عمق القلب قد تساهم وبقوة فى تجفيف دمعة عين حزينة أو مظلومة أو مقهورة .. مثّقلة بالهموم والجراحات.. وفى كثير من الأوقات الصعبة والمريرة قد تنقذ من حالات انتحار لأشخاص متعبين أو مدمرين نفسياً.

واختتم اللقاء ببعض المداخلات الهامة من الباحثين والسادة الحضور، كما أجابة الباحثة مارى منصور على العديد من الأسئلة والتعليقات والاستفسارات والمداخلات من الحضور، في جو من الحب والود ثم قدم نيافة الأنبا مارتيروس الشكر للحضور الكريم وللفنانة والباحثة مارى منصور علئ العرض الشيق لموضوع المحاضرة التى قدمتها

ومن المعروف أن مركز (بي لمباس) يختص بدراسة أنشطة التراث القبطي والرحلات العلمية وورش عمل، وتبنى أبحاث علمية جديدة لتدريب صغار الباحيثن على الدراسة والبحث في مجال القبطيات بالإضافة إلى كورسات خاصة بدراسة اللغة اليونانية ، لمدة ساعة ، ومناقشة نصف ساعة ، وذلك بقاعة مجهزة خاصة بمقر نيافة الأنبا مارتيروس وسيحاضر نخبة من السادة الأساتذة المتخصصين في التراث القبطي ، كالتاريخ والفن والآثار ، والأدب القبطي ، والموسيقى القبطية ، وتاريخ الرهبنة ، والمخطوطات ويقيم المركز محاضرة شهرية تقام في الساعة السادسة والنصف من الجمعة الأولى من كل شهر.

تاريخ الخبر: 2022-02-07 21:21:19
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 67%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية