استمرت سلطات الانقلاب في السودان، بإطلاق الرصاص الحي في مواجهة المحتجين السلميين، المتمسكين باستعادة المسار المدني الديموقراطي.
التغيير: علاء الدين موسى
لبت جموع غفيرة بالعاصمة السودانية وعدد من الولايات، يوم الاثنين، دعوات تنسيقيات لجان المقاومة للمشاركة في مواكب 7 فبراير، المنددة باستيلاء العسكر على السلطة بالقوة في 25 أكتوبر 2021.
ولم تُغلق سلطات الانقلاب، الجسور الرابطة بين مدن العاصمة المثلثة (الخرطوم، بحري، أم درمان)، كما جرت العادة، واكتفت فقط بإغلاق جسر المك نمر قبل انطلاق مواكب 7 فبراير بساعات، ومن دون إعلان رسمي.
وشهدت شوارع الخرطوم انتشار أمني كثيف، واستخدام مفرط للقوة المفرطة ضد المحتجين السلميين.
حصر المصابين
وقالت لجان العمل الميداني إن عدد الإصابات في المدن الثلاث قاربت على (200) إصابة في العاصمة الخرطوم.
وأوضحت أن عدد الإصابات بالرصاص الحي 12 إصابة.
ورصد اللجان عدد الإصابات بطلقات (الخرطوش) وشظايا القنابل الصوتية و13 إصابة، ثلاثة منها بشظايا طلقات نارية.
وأشارت إلى وجود مصاب حالته غير مستقرة وتم تنويمه بالعناية المكثفة، إلى جانب مصاب واحد برصاصة في الصدر حالته مستقرة.
ومن ضمن الإصابات الناجمة عن استخدام قنابل الغاز المسيل للدموع، كسلاح في مواجهة المحتجين، رصدت اللجان إصابة واحدة مباشرة في العين، تم تحويل المصاب على إثرها لمستشفى تخصصي بالعاصمة.
وعن الحالات المحولة للمشافي، قالت اللجان إن ثمانية مصابين مقرر أن يخضعوا لعمليات جراحية (إصابات بطلقات نارية حية/ عبوة غاز مسيل للدموع/ شظايا قنابل صوتية وطلقات خرطوش).
اعتقال صحفيين
واصلت القوات الانقلابية تعسفها بحق الصحفيين، واعتقلت قوة أمنية صحفيين أجانب ينتمون لقناة (بي. بي. سي)، خلال تغطيهم للاحتجاجات على مقربة من مقابر فاروق.
وقال شاهد عيان لـ(التغيير): إن القوة كانت تستقل سيارة بدون لوحات، واقتادت الطاقم إلى مكان غير معلوم”.
وضم فريق صحفيو (بي بي سي)، المراسل فراس كيلاني، والمنتج محمد إبراهيم، والمصور مارك بونسكي.
من ناحيته أصدر تجمع المهنيين السودانيين بياناً، أدان فيه الحادثة، واستنكر التضييق الممارس على الصحفيين وتقييد تحركاتهم.
تتريس الشوارع
بدأ تجمع تجمع ثوار موكب 7 فبراير أم درمان، بالقرب من مستشفى الأربعين، انتظاراً لبقية المواكب القادمة من بقية أحياء العاصمة الوطنية.
ونصب الثوار المتاريس في كل الشوارع الجانبية، لمنع وصول قوات الانقلاب التي مارست بالرغم من تلك التحوطات، عنفاً مفرطاً ضد الثوار.
وتجمع المتظاهرون في أحياء أم درمان القديمة للتوجه نحو شارع الشهيد عبد العظيم (الأربعين سابقاً) بالقرب من محطة سنادة بحي العباسية.
وقبل التحام المواكب، شرعت القوات الأمنية في إطلاق كميات كبيرة من القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع والرصاص الحي، خلفت 27 إصابة خمسة منها بالرصاص الحي بحسب دكتور أحمد آدم.
وقال آدم لـ(التغيير) إن القوات الانقلابية ظلت تمارس العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين، ولا تتواني في إطلاق الرصاص الحي.
وأشار إلى أن القوات الانقلابية تطلق الرصاص إمعاناً في القتل.
موضحاً بأن الثوار ظلوا يجدون صعوبة في توصيل المصابين إلى مستشفى الأربعين بسبب تمركز القوات الأمنية على مقربة منه.
وكشف عن تعرض المستشفى لاقتحام متكرر من قبل القوات الأمنية.
حاثاً الثوار بعدم الاحتكاك مع القوات الأمنية خشية سقوط مزيد من الشهداء.
موكب بحري
وفي مدينة الخرطوم بحري، تجمع المتظاهرون بمنطقتي المؤسسة وشرق النيل عند مدخل جسر المنشية، وكالعادة تصدى الثوار ببسالة، للقوات الأمنية التي أمعنت في إطلاق الغاز المُدمع بكثافة، بالإضافة إلى قنابل الصوت التي سُمع دويها بوضح في الخرطوم، للحيلولة دون وصول المحتجين إلى الجسر الذي ينتهي في شارع رئيس مفضٍ إلى القصر الرئاسي.
موكب ضخم
وفي الخرطوم، تجمع المحتجون بمنطقتي باشدار وجاكسون، وانطلقوا في موكب ضخم نواحي القصر الجمهوري.
ولجأت القوات الأمنية كعادتها إلى إطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية، في مواجهتهم، مع ضرب طوق لحصارهم في منطقة موقف شروني.
واستمرت معارك الكر والفر بين المحتجين والقوات الانقلابية، حتى الساعة السادسة مساءً، موعد نهاية المواكب.
مدن السودان تنتفض
خرجت عدة ولايات سودانية في تظاهرات ضخمة، لإحياء مواكب 7 فبراير.
وشمل جدول المدن المشاركة في الفعالية “مدني، سنار، القضارف، بورتسودان، الشمالية”.
وتعرضت مواكب الثوار في كثيرٍ من المدن للقمع المفرط وإطلاق الغاز المسيل لدموع، خاصة في مدينة ود مدني وسطي البلاد.
وشهدت حاضرة ولاية الجزيرة، اعتقال العشرات من المحتجين، من بينهم أعضاء في لجان المقاومة.
تدخل دولي
واستنكرت قوى الحرية والتغيير، مواصلة القوات الانقلابية استهدف المواكب بإطلاق الرصاص الحي بالصدر والرأس.
وقالت المتحدث باسم الحرية والتغيير سلمى نور لـ(التغيير) إن القوات الانقلابية مستمرة في إطلاق قذائف قنابل الغاز المسيل لدموع داخل المستشفيات.
واضافت: “إطلاق الغاز المسيل لدلموع يهدد حياة المرضي ذوي الحالات الحرجة”.
وطالبت نور بوحدة قوى الثورة وقيام مركز موحد لقيادتها وترك الخلافات والشقاق التي تليق بالأجهزة الأمنية”.
ضغط الشارع
تسعى لجان المقاومة والأجسام الثورية إلى الضغط عبر الشارع بالمواكب والاحتجاجات والعصيان المدني من أجل إسقاط سلطة الانقلاب واستعادة المسار المدني الديموقراطي، وتحقيق شعارات ثورة ديسمبر.
ويرجح مراقبون أن صمود العسكر ضد الاحتجاجات المتصاعدة، أمر لن يستمر طويلاً بسبب الصراع الداخلي بين مكونات النظام الانقلابي، خاصةً بعد استقالة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بالإضافة إلى الضغط الذي يمارسه المجتمع الدولي في مقدمته الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
