عن دار ميريت للنشر والتوزيع صدر للكاتبة شيماء سامي روايتها الأولى "شيء من حياة" وهى الرواية التى قوبلت بالكثير من الحفاوة من قبل زوار معرض القاهرة الدولي للكتاب بعدما عقد لها ندوة أولى وحفل توقيع ساهم في الترويج الفنى والأدبي للرواية وهذا ما دفع “الدستور” لسؤال الكاتبة " شيماء سامى "عن ما يدور في عالمها وكيف ترى صدى روايتها والتي تقول في متونها (يومًا ما تموت كل الحكايات، وتنتهي، وتمضي النهايات كلها بسلاسة نحو بدايات جديدة، وأبطال آخرين، وربما هؤلاء يحظون في حيواتهم بشمس تضيء أحلامهم، ونجوم تلمع في ظلمات سمائهم، وقمر لا يضلون الطريق بعده أبدًا، ربما هؤلاء يروون الدلالات ويعرفون العلامات ويسمعون الطَرقات قبل انتشار الغث وتعميم الرث وانتهاء الأمر، ربما هؤلاء يعثرون على الجنة".

بهذه الجمل القصيرة التي تشبه اللهاث الذي أصابها بعد ركض طويل في واقع متردٍ وبائس، تنهي الكاتبة شيماء سامي حكاية بطلتها وأحداث روايتها "شئ من حياة" التي صدرت حديثا عن دار ميريت للنشر والتوزيع. بدت العبارات- التي جاءت على لسان البطلة التي تعتبر الشخصية الرئيسية في العمل ومحور أحداثه- كخلاصة لمعاناتها ووقفة عميقة على أطلال واقع خبرته جيدا وأمنت بحتمية ظهور ضوء ما يقشع الظلام. 

وبين هذه النهاية وبين البداية، التي ظهرت فيها البطلة في الحمام تغتسل في محاولة يائسة للتخلص من رائحة عفنة تتغلغل في جوفها.. تقول الروائية شيماء سامى_ ( تدور الأحداث، أو تبدأ الرواية في متن سردى أولي وكما تؤكد الساردة _ على لسان البطلة حيث تتصدر الرواية تفاصيل ما جرى لها بضمير المتكلم، ومنذ الصفحات الأولى تتشكل أمامنا بأوصافها وتفاصيل روحها كاملة. 

خلال الأحداث يمكن ملاحظة أن باقي شخصيات الرواية، يقعون تحت وطأة الواقع نفسه، ويلقي بتبعاته على كواهلهم ويصيبهم بأزماته، فهم إما مقهورون ومغلوبون على أمرهم مثل "سيف" الموسيقي عشيق البطلة، و"هالة" صديقتها، أو ضحايا مغدورون مثل أخيها "أيمن" التي يتعرض للاختطاف والقتل على يد جماعة إرهابية، أو فاسدون ومدعون مثل "وائل" المحامي المخادع الذي قابلته صدفة خلال رحلة سفر بالقطار وتعرضت على يديه للانتهاك وترك في روحها ندبة لا تزول، وجميعهم نتاج واقع واحد، واقع مشوه سقاهم من مائه الملوث ودفعهم ليأكلوا بعضهم بضعا، ويدوسوا على أرواح من يصادفهم في الطريق. 

لكن ما الذي قاد البطلة إلى مصيرها وجعلها على هذه الحالة من البؤس والاستسلام، وقد تقلصت أحلامها في البقاء فقط على قيد الحياة، بدلا من أن تستمتع بسنين شبابها، وتضفي على الأيام التي تعيشها من روحها "عطرًا وتمنح الذين حولها محبة وسلاما وأمانًا؟". الإجابة على هذا السؤال تتكفل بها الراوية، وبلغة ملتاعة متأسية تمتد في تضاعيف فصول القصة المتتابعة، صعودا وهبوطا، تستحضر البطلة قراءها في كثير من الأحداث، تشركهم في حكايتها المأساوية. 

وتنتهي الحكاية، وفيها تتجلى مهارة المؤلفة وقدرتها على نسج الأحداث والانتقال بين ما هو ذاتي وما هو موضوعي، بين ما يخص روحها وما يبدو بعيدا خارج ذاتها، من قضايا اجتماعية وسياسية، واقتصادية، تفعل ذلك بمهارة فائقة وحساسية واضحة، ولغة حميمية هامسة، تشرك القارئ بين وقت وآخر في حياتها المتقلبة، وتدخله في تفاصيلها، وتضع أمام عينيه رسالة ربما غابت على امتداد تفاصيل الرواية، وفي سؤال للكاتبه عن ماتريد طرحه في هذا العمل الملغز تقول شيماء ( ما أردت التأكيد عليه في رواية " شيء من حياة" وهو ما سرد وظهر في أخر سطور العمل وهي.. أن الإنسان يمكن أن يحيا ويعيش من أجل غيره، وهو ما وضعته في فقرة محورية في النهاية تلخص رؤيتي لتبدلات الواقع والعالم من حول بطلة العالم والتي تتسق ورؤيتى لنفسى والعالم بل والوجود الإنساني والحياتى والمعيشي من حولي.

شيماء سامي من مواليد 91 بمدينة الإسكندرية، أعمل بمجال الصحافة والبحث الثقافي ولها اهتمامات خاصة بعوالم المرأة في المعيشي والحراك المعرفي الثقافي.