تستعد الهيئة العامة للإحصاء، لإطلاق حملة التعداد الفعلي للسكان والتي تُعدُّ حملة التعداد الخامسة في تاريخ المملكة العربية السعودية، حيث قد أُجْرِي آخر تعداد عام للسكان والمساكن في المملكة في عام 2010، وقد بلغ عدد السكان آنذاك 27,136,977 نسمة.
ويقصد بالتعداد، جمع وتجهيز ونشر وتحليل البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالسكان وتوزيعهم الجغرافي في زمن معين، ومن ثم الإعلان عن النتائج بالربع الأخير من العام الجاري، حيث قد تم اعتماد ليلة الإسناد الزمني للتعداد العام للسكان والمساكن بدءا من مساء يوم الاثنين 8 شوال القادم الموافق 9 مايو 2022.
قد يتساءل البعض عن أهمية وجدوى التعداد للسكان والمساكن تنموياً واجتماعياً واقتصادياً، وبالذات فيما يتعلق بالجهد المبذول والوقت المخصص في جمع البيانات والمعلومات في ظل توفر العديد من القنوات والمنصات والسجلات والتطبيقات الحكومية ذات الطبيعة المعلوماتية، مثل تطبيق "أبشر"، وتطبيق "توكلنا"، ومنصة "علم" وغيرها من التطبيقات والمنصات، التي تُمكن الحكومة من استقاء المعلومات المطلوبة والحصول عليها.
بداية لعله من المهم التوضيح أن الهدف الأساسي من التعداد، أنه يُعد أهم مصدر من مصادر البيانات الاجتماعية والاقتصادية لجميع دول العالم، مثل مجموعة دول العشرين ودول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، حيث تُمكنهم استخدام نتائج التعداد في رسم السياسات العامة ووضع الاستراتيجيات المرتبطة بالتعليم والصحة والإسكان والاستثمار الرأسمالي المرتبط بشبكات الطرق والاتصالات وتطوير الخدمات العامة والبرامج التنمويّة عموماً، هذا بالإضافة إلى تمكين الدول من توزيع الميزانيات بين المناطق الإداريّة وفقاً للاحتياجات التنموية. كما أن التعداد يفيد جداً في تمكين القطاع الخاص والمستثمرين في دفع عجلة التنمية والرفع من مستوى التخطيط الحضري ودعم صناع القرار في صناعة القرار.
أما بالنسبة لعدم اعتماد الدولة على التطبيقات والمنصات المعلوماتية المتوافرة لديها بالكامل، باعتبار أن مسوحات التعداد تتضمن لأنواع مختلفة من المعلومات المطلوبة عن السكان والمساكن، التي تمتاز بالشمولية والتي قد لا توفرها المنصات والتطبيقات الحكومية الحالية المتواجدة بشكل شمولي يخدم أغراض التعداد وأهدافه بمرحلتي التحضير للتعداد ومرحلة تنفيذ التعداد، سيما وأن هذا التعداد بالتحديد سيكون تعداد رقمي بالكامل، وسوف يستخدم في مراحله المختلفة، تقنيات حديثة ومتطورة، مثل الأقمار الاصطناعية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، هذا بالإضافة إلى تقنيات الباركود وإتاحة الفرصة ولأول مرة في تاريخ التعداد العد الذاتي للراغبين في ذلك عبر 34 موقعاً موزعين على 34 محافظة على مستوى المملكة.
كما سيتم استخدام الأقمار الاصطناعية والذكاء الاصطناعي في تحديد المساكن المأهولة كبديل عن الاعتماد في السابق على الخرائط والمخططات المعتمدة، وسيكون لأول مرة تمكين للمرأة بشكل أقوى من السابق في جميع مراحل التعداد في مراكز قيادية ترتبط بالمسوحات والبحث الميداني والتحليل.
أما بالنسبة لتوجس البعض حيال سرية المعلومات والبيانات الخاصة عنهم وعن مساكنهم ومأمونية التعامل معها، فإن نظام هيئة الإحصاءات العامة يَكفل لهم هذه السرية، حيث لا يَسمح نظام الهيئة بتبادل المعلومات والاحصائيات والبيانات التي تُجمع في استخدامها لغير الغرض المخصص لها أو إفشائها، حيث تلتزم الهيئة بأعلى مستويات الخصوصية والسرية تجاه بيانات الأفراد المقيمين داخل المملكة العربية السعودية والمشاركين في التعداد.
أخلص القول؛ أن التعداد للسكان والمساكن، يُعد ركيزةً أساسيَّةً لرؤية المملكة 2030، نظرًا لما سيوفره من بيانات ضرورية في سبيل تحسين عمليات صنع القرارات واتخاذها من قِبَل الجهات والهيئات الحكومية، وكذلك هيئات القطاع الخاص وجهاته ومؤسساته. كما أنه يُعد ركيزة أساسية لتطوير الخدمات الأساسية والمرافق العامة، وبالذات في ظل التحولات والتطورات التقنية السريعة التي نشهدها في مجال التعاملات اليومية للأفراد والأعمال، والتي فرضت أنماط جديدة من الحياة المعيشية والحياتية، تستلزم التخطيط الدقيق اقتصادياً واجتماعياً وحضارياً، على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والتعلمي، بما في ذلك الصحي، لينعم المواطن والمقيم بحياة أفضل ومستقبل أكثر ازدهاراً، سيما وأن عملية التعداد تتم كل 10 سنوات، مما سيتيح الفرصة أمام صناع القرار الفرصة للتخطيط الحضري والتنموي السليم.
ومن هذا المنطلق وحتى أن تنجح حملة التعداد وتأتي بثمارها وبأكلها المنشودة منها، فإن الأمر يتطلب التعاون الحثيث من قبل المواطنين والمقيمين مع الحملة والقائمين عليها، وبالذات فيما يتعلق الإدلاء بالمعلومات بالدقة المطلوبة، التي تضمن سلامة المعلومات واتخاذ القرارات التنموية المناسبة.
نقلاً عن "الرياض"
