المثقف الكاشف.. أحمد بهاء الدين يكتب عن قصة زواج الشيخ على يوسف وصفية السادات

 

تحل هذه الأيام الذكرى الخامسة والتسعين لميلاد «أحمد بهاء الدين ١٩٢٧- ١٩٩٦».. المثقف الذى احترف الصحافة، وكان بمثابة كشاف معارف، يسبق حركة مجتمعه، وينير الطريق أمام حركته.. درس فى كلية الحقوق وعمل محققًا فى وزارة التربية والتعليم فى مكتب واحد مع فتحى غانم وعبدالرحمن الشرقاوى.. دخل الصحافة من بوابة الثقافة، وكتب مقالًا يحلل فيه ميزانية الحكومة عام ١٩٥٠.. ترك المقال فى استعلامات «روزاليوسف» فقرأه إحسان عبدالقدوس، وأصدر أمرًا لموظف الأمن بالقبض على بهاء عندما يجىء مرة أخرى!.. أصبح نائبًا لإحسان عبدالقدوس ومنافسًا له أيضًا.. تولى صياغة مذكرات فاطمة اليوسف ١٩٥٦، وأصبح رئيسًا لتحرير مجلة «صباح الخير» وعمره ٢٩ عامًا، والأصح أنه هو الذى أسسها وألقى بذرة الموهوبين فيها.. خرج من «صباح الخير» ليصبح رئيسًا لتحرير صحيفة «الشعب» ١٩٥٩، ضمن محاولة ثورة يوليو لتأسيس صحافة جديدة تعبر عنها، وقادته موهبته لكى يصبح رئيسًا لتحرير «أخبار اليوم» مع آخرين، ثم رئيسًا لتحرير «آخر ساعة» ونقيبًا للصحفيين المصريين، أيد ثورة يوليو، وكان بمثابة ظهير فكرى لها، لكنه احتفظ باستقلاله عن التجمعات السياسية المتصارعة، وهو ما كان محل تقدير من جمال عبدالناصر الذى قال لمن أراد إلحاق الأذى به «راقبناه كثيرًا وتأكدنا من إخلاصه للثورة.. سيبوه هو مخه كده»، وكان المعنى أن أفكاره تعبر عن قناعاته وتهدف للإصلاح لا للهدم، تولى رئاسة دار الهلال وحوّل مطبوعاتها لمنبر ثقافى مهم.. ثم انتقل للأهرام بعد قليل من رحيل الأستاذ هيكل عنها.. كانت أفكاره مواكبة لحركة المجتمع ومضيئة له فألف كتابًا عن الاشتراكية عام ١٩٦٢.. واهتم بتجربة الهند فى التنمية، وترجم كتاب «رسائل نهرو إلى أنديرا».. خاض معارك كثيرة ضد التطرف الدينى كانت أشهرها مع أستاذ الشريعة الشيخ محمد أبوزهرة، الذى كان ينكر حق المرأة فى العمل، ومع الأستاذ عباس العقاد الذى كان ينتقص من قيمة المرأة ولا يعتبرها مساوية للرجل، كان أول من طالب بدراسة إسرائيل بعد نكسة يونيو، وألف كتابًا بعنوان «إسرائيليات» فى وقت لم تكن فيه هذه المدرسة البحثية قد حققت تراكمًا كبيرًا بعد، وقدم نقدًا حادًا لتطبيق قرارات الانفتاح الاقتصادى، الذى رأى أنه تطبيق خاطئ، وأطلق عليه تعبير «انفتاح السداح مداح»، وأثار مقاله غضب المسئولين فى وقتها، كان عموده اليومى فى «الأهرام» نافذة يومية للمعرفة والموقف النزيه، وكان آخر نشاط قام به قبل مرضه هو نشر إعلان على نفقته فى صحيفة «الأهرام» للتنديد بسماح الاتحاد السوفيتى لليهود الروس بالهجرة لإسرائيل، وصاغ بيانًا وقتها وصف فيه ما يحدث بأنه جريمة العصر.. سقط ضحية لنزيف فى المخ إثر سماعه خبر اجتياح العراق للكويت، واستمر يعانى المرض ست سنوات كاملة حتى رحل فى ١٩٩٦.. ألف ما يزيد على ستة وثلاثين كتابًا من أهمها كتاب «أيام لها تاريخ» الذى توقف فيه عند محطات فارقة فى تاريخ مصر الحديث، وصاغها بعقل مؤرخ وقلم أديب وقلب مصرى محب لوطنه.. فى السطور القادمة ننشر فصلًا من كتاب «أيام لها تاريخ» على سبيل التحية لذكرى كاتب وصحفى ومثقف عظيم من أبناء مصر.. التى كانت وستظل كبيرة بأبنائها.

إنها قضية زواج.. لا غير!

ومع ذلك فقد أقامت مصر وأقعدتها، وقسمت الرأى العام والساسة، وأهل الرأى، وعامة الناس.. وكانت محل كثير من المناورات السياسية الدقيقة التى دارت من وراء الستار.. ذلك أنها كانت صدمة عنيفة للناس فى الكثير من معتقداتهم القديمة عن «الشرف» و«الحسب والنسب!» وما إليها من أخلاق اجتماعية راسخة، وضعتها هذه القضية موضع التجربة والتفسير الجديد!

ولم تكن مصر فى ذلك الوقت- كما قد تتصور- فارعة البال، خالية من الهموم .. فقد وقعت قصة الزواج هذه فى سنة ١٩٠٤.. وهى السنة التاريخية التى عقدت فيها إنجلترا وفرنسا ما يسمى بـ«الاتفاق الودى».. وقعت بعد شهرين فقط من هذا الاتفاق الودى الذى بمقتضاه وافقت فرنسا على إطلاق يد إنجلترا فى مصر، مقابل موافقة إنجلترا على إطلاق يد فرنسا فى مراكش!.. صفقة من صفقات تقسيم النفوذ التى ما زالت تعقد بين لندن وواشنطن وباريس حتى اليوم؟

وفى نفس هذه السنة أيضًا، كانت مصر قد بدأت تفيق من ذهول الهزيمة وصدمة الاحتلال.. فهى تتحرى الأسباب، وتتعلم من أخطاء العرابيين.. وأخذت المذاهب السياسية تتبلور وتتناقش ويعصف بينها الخصام.. ك تمهيد لابد منه قبل اليقين.. وارتفعت الأصوات منادية بالمطالب والحلول.. كان أقواها صوت شاب نحيل اسمه مصطفى كامل.. مضى يجوب البلاد موقظًا الرقود، صارخًا فى الآذان الثقيلة، مناديًا بالجلاء والدستور، مؤكدًا أن «إنشاء مجلس نيابى هو الأنشودة التى يجب أن يترنم بها المصريون بعد طلب الاستقلال.. وسواء كان ذلك سابقًا أو لاحقًا للتخلص من رق الاحتلال، فإنه الضمان الوحيد والكفالة الصحيحة لسلامة القوانين والحرية الخاصة والعامة!».

كانت مصر تتنفس على أبواب يوم جديد وأحداث جديدة.. فبعد سنتين من قصة هذا الزواج يقع حادث دنشواى.. وبعد ثلاث سنوات تتكون الأحزاب لأول مرة منذ عهد جمال الدين الأفغانى.. تتكون ثلاثة أحزاب فى خلال ستة شهور: الحزب الوطنى يرأسه مصطى باشا كامل.. حزب الأمة يرأسه محمود باشا سليمان. وحزب الإصلاح الدستورى ويرأسه الشيخ على يوسف، بطل قصة الزواج!..

فى هذا الجو الحافل بالنذر.. انفجرت قضية الزواج، وشقت طريقها إلى الصفحات الأولى من الصحف، جنبًا إلى جنب مع صيحات الجلاد والدستور..

فمن هو «العريس»؟..

نذهب إليه فى شارع محمد على.. وكان فى ذلك الوقت يكاد يكون الشارع الرئيسى فى القاهرة.. كما نراه الآن تقريبًا: نفس المبانى والبواكى والدكاكين المتلاصقة، والحوارى التى تصعد إليها السلالم.. إلا أن أرضه كانت وما تزال مرصوفة بالبلاط، وأن الترام لم يكن قد عرف طريقه إليه بعد.. وفى وسط الشارع تقريبًا نجد «دار المؤيد»، أكبر الجرائد اليومية فى ذلك الوقت. فإذا دخلنا الدار، وصعدنا إلى حجرة صاحب الجريدة ورئيس تحريرها، وجدنا فيه شيخًا أنيقًا، يجلس إلى مكتب كبير.. وقد تربع على مقعده فى جلسة أزهرية وثنى ركبته، وأخذ يكتب مسندًا الورق إليها!..

إنه الشيخ على يوسف. الرائد الأول للصحافة المصرية الكبيرة..

وكان على يوسف قد ترك قريته النائية فى الصعيد «بلصفورة» فقيرًا غاية الفقر، وجاء إلى القاهرة على ظهر مركب فى النيل، ليتلقى العلم فى القاهرة.. لعله- إن أفلح- يصيح ففيهًا أو معلمًا، وإن فشل يتكسب الرزق بقراءة القرآن على المقابر!

على أن آمال الفتى الفقير، الزرى الهيئة، كات أعظم جدًا مما يظن الناس.. فهو لا يلبث أن يتوقف عن مواصلة الدراسة فى الأزهر ويهتم بالمسائل العامة، فيجرب قلمه فى رسائل يبعثها إلى الصحف، ثم تغريه الصحافة فيدخل فى ميدانها ويعمل فى مجلة «القاهرة الحرة» .. ثم يصدر مجلة «الآداب».. ثم لا تمضى سنوات حتى ينشئ أكبر جريدة يومية فى مصر هى : «المؤيد».. يكتب فيها كتاب الطليعة فى ذلك الوقت. قاسم أمين وسعد زغلول ومصطفى المنفلوطى ومصطفى كامل الطالب بكلية الحقوق قبل أن يتخرج ويصدر جريدته «اللواء»..

وكما كمان على يوسف أول مصرى صميم يملك جريدة يومية كبرى، كذلك كان أول صحفى يصل بقلمه إلى مركز أدبى رفيع فى الدولة.. فقد توثقت صلاته بأكبر الشخصيات المصرية المعاصرة، واتصلت أسبابه بعد ذلك بالخديو عباس الثانى، ثم بالخليفة التركى فى القسطنطينة.. وازدان صدره بأرفع أوسمة الدولة ونياشينها.. وأصبح رجلًا مرموقًا مرغوبًا، إلى جانب كونه صاحب قلم جبار، يغرسه كل صباح فى صدور الإنجليز.

كذلك كان على يوسف أول صحفى يُحاكم فى قضية صحفية هامة.. ذلك أنه أصدر جريدة «المؤيد» بعد شهور قليلة من صدور جريدة «المقطم» التى كان يمولها ويوجهها الإنجليز.. وكان الاحتلال ينفق على جريدته هذه ويساعدها بكل أنواع المساعدات.. التى وصلت إلى حد تزويدها بالأحكام القضائية لتنشرها قبل النطق بها!!..

وكان طبيعيًا أن يحارب الإنجليز جريدة «المؤيد» التى تنافس «المقطم» وتعارضها.. وأن يكون من وسائل حربهم لها حرمانها من الأخبار الهامة..

ولكن «المؤيد» بالرغم من ذلك دأبت على نشر البرقيات السرية التى كان اللورد كتشنر، قائد الجيش المصرى فى ذلك الوقت، يرسلها إلى وزير الحربية المصرى عن حالة الجيش المصرى فى السودان.. وكانت آخرها برقية لكتشنر أن الوباء يفتك بالجنود المصريين هناك.. وكان لنشر البرقية دوى كبير، وانطلق الإنجليز يبحثون وراء المسئول عن تسرب هذه البرقية حتى عثروا عليه: موظف وطنى صغير يعمل فى مكتب تلغراف القاهرة اسمه «توفيق أفندى كيرلس».. كان ينقل إلى الشيخ على يوسف نص البرقيات!!

وأخذت النيابة تحقق مع على يوسف وتوفيق كيرلس.. وكان وكيل النيابة المحقق شابًا بدينًا قليلً،ا يضع على عينيه نظارة مُذهبة اسمه: محمد فريد! فلم يلبث أن حفظ القضية «لعدم كفاية الأدلة». وثار الإنجليز من جديد، وأصدروا أوامرهم بنقل وكيل النيابة محمد فريد إلى الصعيد فاستقال وانضم إلى مصطفى كامل.. وأعيد التحقيق من جديد.. وقدم على يوسف وتوفيق كيرلس للمحاكمة..

كانت المحاكمة تحظى باهتمام الرأى العام كله.. كما كانت مناسبة لإلقاء المرافعات الوطنية علنًا ليسمعها الناس جميعًا، وجاء الحكم ببراءة على يوسف والحكم على توفيق كيرلس بالحبس ثلاثة شهور.. ولم يرض الإنجليز بهذه النتيجة فيقدمون طعنًا فى الحكم، وتركز الاهتمام من جديد حول قاعة محكمة الاستئناف..

وإذا بمحكمة الاستئناف تبرئ الاثنين: على يوسف وتوفيق كيرلس.. وتهجم الجماهير على قفص الاتهام- كما روت المؤيد- حاملة على يوسف على الأعناق إلى سلم المحكمة الخارجى!..

وكان من حظ الشيخ على يوسف أن يقدم مرة أخرى إلى المحاكمة فى أواخر أيامه، لأنه طبع كتابًا بذيئًا جدًا اسمه «المسامير» وضعه ثائر قديم هو السيد عبدالنديم، مهاجمًا فيه مفتى الباب العالى فى تركيا!..

هذا إذن.. هو العريس!

وكان على يوسف قد تزوج فى شبابه زيجة «متواضعة» تناسب شبابه المجاهد الفقير.. فلما وصل إلى هذا المركز الكبير، والثراء العريض أيضًا، فكر كعادة المصريين إلى عهد قريب- فكر فى أن يتزوج مرة ثانية.. زوجة ترضى- هذه المرة- مكانته الممتازة.. تكون جميلة، ثرية، من بيت «حسب ونسب!».

وهداه البحث إلى بيت «السادات».. فهو بيت ثراء وعراقة من وقت بعيد. وهم «أشراف» من سلالة الحسين وأحفاد النبى.. وكان قد أتيح له أن يرى فى بعض المناسبات «صفية» صغرى بنات السيد السادات، وأن يعرف عنها أنها قد نالت قسطًا من الثقافة، تعتبر إذا قيست إلى مستوى نساء عصرها ثقافة رفيعة..

وتقدم الشيخ على يوسف يخطب «صفية» التى كانت بيضاء اللون، جميلة الوجه، بدينة جدًا، على طراز الجمال الذى كان مفضلًا عند الشرقيين فى ذلك الزمان.. ولم يرض السيد السادات بسهولة.. لم يرض إلا بعد أن توسط «للعريس» الوسطاء من الوزراء والأمراء والكبار..

وتمت الخطبة، قدم الشيخ على يوسف الهدايا- المهر والشبكة- وكانوا يسمونها «النيشان!».

ومرت سنة، وسنتان، وأربع سنوات.. والشيخ على يوسف لا يكف عن سؤال الأب: متى يزف إلى عروسه؟ والسيد السادات يماطل ويسوف ويخلق العراقيل.. وضاق الشيخ على يوسف بالأمر.. ورأى أن الوضع أصبح مهينًا لكرامته.. كما ضاقت العروس بالأمر مثله!

وقرر الشيخ فى نفسه أمرًا.. وانطلق الرسل بينه وبين خطيبته وبعض أهلها من الذين كانوا يؤيدونه.. وفى يوم معلوم، خرجت «صفية» من بيت أبيها. مع بعض أهلها، فى زيارة بريئة لبيت السيد البكرى فى «الخرنفش» كان السيد البكرى من أقارب أسرة السادات.. وفى بيت السيد البكرى كان القسم الثانى من الخطة الموضوعة: كان الشيخ على يوسف جالسًا ومعه المأذون.. وجاءت العروس، وعقد المأذون القران، واحتفل الحاضرون احتفالًا سريعًا بالزفاف.. وخرجت العروس مع عريسها تشيعها الزغاريد إلى بيت الزوجية فى حى «الظاهر»..

واستيقظ السيد السادات فى اليوم التالى ليقرأ فى المقطم نبأ زفاف ابنته إلى الشيخ على يوسف! وكانت «المقطم» قد تعمدت أن تنشر الخبر دون أن تشير إلى مكان عقد القران، لتلقى على النبأ جوًا من الريبة.. وفقد الرجل لبه وجنونه: أتهرب ابنته من بيته بغير علمه.. أتتزوج من رجل غريب رغم أنفه؟ أيأخذها على يوسف على هذا النحو قسرًا، ويخطفها إلى بيت الزوجية خطفًا؟.. أيتآمر أهل بيته جميعًا على إنفاذ هذه الخطة المدبرة؟..

وقد يبدو فرار فتاة من بيت أبيها وزواجها بغير علمه فى أيامنا بغير علمه فى أيامنا هذه أمرًا قليل الغرابة، لو أنه عرف طريقه إلى النشر لما استغرق أكثر من سطور قليلة فى صفحة الحوادث المحلية إن كانت الهاربة من بنات الشعب، أو قصة قصيرة فى صفحات «المجتمع» إن كانت من بنات البيوتات!.. ولكن هذا الحادث منذ خمسين سنة كان يبدو أخطر جدًا بما نستطيع نحن أبناء هذا العصر أن نتصور.. وقد زاد خطورته أن الهاربة كانت من هذا البيت العريق، ذى الاسم الدينى الذى كان الناس يحفظون أنسابه ويتبركون به.. وأن «الهارب» رجل لامع شهير، من أبرز شخصيات السياسة والمجتمع..

وقدم السيد السادات بلاغًا إلى النيابة يتهم فيه الشيخ على يوسف بأنه غرر بابنته.. وبحثت النيابة الموضوع فوجدت أن السيدة صفية قد بلغت الرشد فمن حقها شرعًا أن تزوج نفسها.. وقد حضر القران عدد كبير من أقارب العروس، فليست هناك أى شبهة يمكن أن يستنتج منها أن الشيخ على يوسف قد غرر بالسيدة صفية..

وحفظت النيابة البلاغ..

ولم يسكت السيد السادات على هذا القرار.. فرفع دعوى أمام المحكمة الشرعية يطلب فيها الحكم بإبطال الزواج استنادًا إلى أن الشريعة تشترط لصحة الزواج وجود تكافؤ بين الزوجين فى الإسلام والنسب والمال والحرفة.. وقال السيد السادات إنه يطعن فى كفاءة على يوسف لابنته من ناحيتين: النسب.. والحرفة!.. فالشيخ على يوسف من ناحية النسب لا ينتسب إلى نسب رفيع كالسادات، وهو من ناحية الحرفة يحترف «مهنة الجرائد» التى هى- كما قال فى صحيفة دعواه- «أحقر الحرف.. وعار وشنار عليه!!».

وأحيلت القضية إلى محكمة قاضيها اسمه الشيخ أبوخطوة، وتحددت لنظرها جلسة يوم ٢٥ يوليو سنة ١٩٠٤..

وفى هذه الأثناء كان الرأى العام كله قد انقسم إلى معسكرين متخاصمين:

فريق يدافع عن الشيخ على يوسف.. أغلبه من المثقفين والمستنيرين الذين رأوا أن ما صنعه على يوسف لا غبار عليه.. وأنه كفء لابنة السادات فعلًا.. فضلًا عن أصدقائه وأنصاره السياسيين، وعلى رأسهم الخديو عباس حلمى نفسه.. فقد كان على يوسف صديقًا شخصيًا له، مدافعًا دائمًا عنه..

وفريق يهاجم الشيخ على يوسف.. يتكون من أغلبية الرأى العام، ويضم ألوانًا مختلفة من الناس.. يضم الجامدين الذين يؤمنون بالأخلاق القديمة كلها.. بأن الحسب والنسب شىء مقدس لا يرقى إليه العصاميون! وأن الوارث الغنى- ولو كان عاطلًا - أشرف وأرفع من الفقير الذى ارتفع بنفسه!.. ويضم كل الذين يستغلون الجهل السائد من مشايخ الطرق ومشعوذى الأديان. ويضم أيضًا كل خصوم الشيخ على يوسف السياسيين الذين لم يجدوا فى قضية الزواج إلا مناسبة للتشهير به والطعن عليه.. فتسابقت الصحف العادية تكيل له أقذع التهم، وتعيره بأصله الحقير وفقره القديم وزواجه الحرام!.

وأصبحت القضية التى يختلف فيها الناس ويتجادلون حولها فى الصحف والمنتديات والمقاهى والبيوت هى: هل يحق لمثل هذا الرجل العصامى، العظيم بنفسه لا بنسبه، أن يتزوج بنت الأشراف ذات الحسب والنسب؟..

وكتب على يوسف فى صدر جريدته مقالًا روى فيه القصة كلها.. ثم تحدث عن اتهامه بأنه غير كفء لزوجته، فقال مخاطبًا أباها السيد السادات: «أما الشرف.. فبالطريقة التى يمكنك بها أن تثبته لنفسك نستطيع نحن، وأما الثروة فالبطريقة التى تتوصل بها إلى بيان بسطة مالك نتوصل نحن.. وأما الحرفة فكلانا عضو فى الجمعية العمومية. أنا من قبل الأمة وأنت من قبل الحكومة. والأمة أصل والحكومة فرع. وأما كونى صاحب جريدة فإنى أترك شرف هذه الحرفة للسان الدفاع.. وويل ثم ويل للصحافة أن أصابها سهم القضاء بشر!»..

وفى اليوم الموعود انعقدت الجلسة، وازدحمت القاعة ازدحامًا لم تعرف المحاكم الشرعية له مثيلًا قط. ومثل السيد السادات «الشيخ الفندى»، وقام حسن بك صبرى بالدفاع عن الشيخ على يوسف والشيخ عزالعرب عن السيدة صفية.

وكان الشيخ أبوخطوة معروفًا بتزمته الشديد.. فكان اتجاهه واضحًا ضد الشيخ على يوسف.. وفى الجلسة الأولى حكم- مبدئيًا- بتسليم السيدة صفية إلى أبيها لمنع المخالطة الزوجية حتى يفصل نهائيًا فى الدعوى!..

ووافق على يوسف على أن تعود زوجته إلى بيت أبيها. ولكن السيدة صفية رفضت ذلك رفضًا قاطعًا. وأعلنت أنها إذا عادت إلى بيت أبيها فسوف تتعرض لأذاه الشديد، ولذلك فهى لن تبرح بيت زوجها مهما كانت النتائج. وبعد مفاوضات طويلة، اهتدى الشيخ على يوسف إلى حل يوفق به بين قرار المحكمة وإصرار زوجته. فاتفق معها على أن تترك بيت الزوجية وتذهب إلى بيت رجل «محايد» مؤتمن. وخيرها بين بيت الشيخ أبى خطوة، قاضى المحكمة نفسه، وبين بيت مفتى الديار المصرية الشيخ النواوى، أو بيت عالم جليل معروف بحسن السمعة وهو الشيخ الرافعى.. فاختارت الأخير، وانتقلت فعلًا إلى بيته وأرسلت إلى المحكمة خطابًا لذلك.

وعقدت الجلسة الثانية. وإذا بالشيخ أبى خطوة يعلن أنه لا يعتبر هذا الحل تنفيذًا لقرار المحكمة، ويقرر إيقاف القضية وإضرابه عن نظر الدعوى أو أى قضية أخرى فى المحكمة حتى ينفذ حكم القاضى بإرسال السيدة صفية إلى بيت أبيها ولو بالقوة!

وتلك- فيما أعلم- هى أول مرة و«آخر مرة» يعلن فيها أحد القضاة الإضراب!..

وكان الشيخ على يوسف لا يرى زوجته بعد أن ذهبت إلى بيت الشيخ الرافعى، فأرسل إليها خطابًا يحاول إقناعها بالإذعان لحكم المحكمة، هذا نصه:

«الساعة ١٠ صباحًا- ٢٨ الجارى.

قرينتى المحترمة

بعثت لفضيلة مولانا الشيخ الرافعى أبدى له الرأى الذى عولت عليه، وهو أن تذهبى إلى بيت والدك مختارة، حلًا للإشكال القائم الآن بين الحكومة والمحكمة.

وإذا كان فضيلة الأستاذ يتكفل بإيصالك إلى بيت أبيك وأخذ التعهد اللازم عليه ألا يصيبك مكروه، فعندك كفالة قوية أرجو أن تعتمدى عليها، وتنفذى هذا الرأى الذى أراه خير حل موفق لشرفنا.. ولمصلحة النظام العام.

وأقبلى فائق الاحترام من زوجك المخلص.

«على يوسف»

ولكنها رفضت أيضًا.. وأعلنت أنها لن تذهب إلى بيت أبيها إلا على أسنة الرماح!.

وتحرج الموقف جدًا.. وتوقف العمل.. فالأداة الحكومية كلها تبحث عن حل لهذا المخرج:

فالقاضى مضرب عن العمل بتاتًا حتى تذهب قوة مسلحة تنتزع السيدة قسرًا وتحملها إلى بيت أبيها.

والخديو عباس- صديق على يوسف- ضاق بهذه المحنة التى وقع فيها صاحبه.

والرأى العام الذى كان متجهًا ضد على يوسف بقوة بدأ يتردد.. فإنه لا يستسيغ أبدًا أن تعامل سيدة محترمة على هذا النحو المهين. وأن تنقل فى سيارات البوليس قسرًا، وتنتزع من خدرها انتزاعًا.

والصحف المعادية لعلى يوسف- من جهة أخرى- لا تكف عن التشهير به.

كانت تتحدث ساخرة عن الغرام الذى ذهب بلب الشيخ، والهوى الذى يمزقه..

وتنشر أخبارًا مؤداها أن على يوسف يتسلل إلى بيت الشيخ الرافعى- حيث توجد السيدة صفية- كل يوم عند منتصف الليل، ويخرج قبل أن يبزغ الفجر!!..

أما الحقيقة، فهى أن على يوسف وصفية السادات كانا يتبادلان الرسائل عن طريق خادمة أوروبية تتردد بينهما.. رسائل عاطفية حارة.. ثار لها الشيخ الرافعى الذى تنزل السيدة صفية عنده.. واعتبر هذه الرسائل نوعًا من الاتصال المنهى عنه.. فأمر الخادمة الأوروبية بألا تعود!

وتوالت الاجتماعات فى وزارة «الحقانية» بين الوزير ووكيل الوزارة وكبار رجال القضاء الشرعى.. واحتاج الأمر إلى ضغط كبير حتى اقتنع الشيخ أبوخطوة بأن يعدل عن إضرابه، ويمضى فى نظر الموضوع.

وأى موضوع؟.. إنها مناظرة هائلة بين نوعين من الناس رجل ورث عن آبائه مجدًا ومالًا.. ورجل فقير ارتفع من غمار الناس وصنع لنفسه مجدًا وشرفًا.

وكان على السادات لكى يكسب القضية أن يثبت شيئين: الأول أن نسب على يوسف لا يوازى نسبه.. والثانى أن الحرفة التى يتعيش منها غير شريفة!

وبدأت القضية باستجواب الشهود. وجاء محامى السادات بعشرات من عامة الناس شهودًا.. يسأل الواحد منهم أمام المحكمة: ما هو نسب السادات؟..

فيرد الشاهد: هو فلان بن فلان.. حتى يصل إلى محمد بن إدريس الذى كان خليفة على بلاد المغرب منذ قرون.. ثم إلى فاطمة الزهراء.. ابنة النبى!.

ويسأله القاضى: ولماذا تحفظ هذا النسب الطويل؟ 

فيجيب: للتبرك به!

ويسأله أخيرًا: ما هو نسب على يوسف؟

- لا أعرف!

ثم جاء محامى السادات أيضًا بشهود آخرين، من الموظفين الذين عملوا فى «بلصفورة» مسقط رأس على يوسف، يشهدون بأن أسرة على يوسف هناك فقيرة، وأن أباه كان لا يملك شيئًا..

وكان القاضى يسأل الشهود أسئلة من هذا النوع، بالحرف الواحد:

■ هل بيت يوسف له ما لبيت السادات من العلم والمكارم؟

- لا!..

■ هل فيه ما فى بيت السادات من العز والأبهة؟

- لا!..

■ هل أصول العلم والتقوى فى بيت يوسف قديمة؟

- لا!..

وقال أحد الشهود: إنه أدرك أن على يوسف من أصل «وضيع» حين رآه يومًا يقف فى إحدى المطابع ويصحح ديوانًا من الشعر من تأليفه.. إذ لا يفعل ذلك إلا «عديمو الأصل!».

إلى هذا الحد، كان السواد من الناس يعرفون كرامة الأصل ولا يعرفون كرامة العمل..

ثم وقف محامى السادات يترافع..

قال: إن نسب موكله يرجع إلى أكثر من ألف سنة.. فى حين أن الشيخ على يوسف «أعجمى!» ليس له نسب معروف فى الإسلام إلا «يوسف» فقط.. أى أبوه!.. وهو نشأ فى قرية «حقيرة جدًا تدعى بلصفورة كل أهلها أعاجم!!». ثم تطرف المحامى فقال إن القاعدة أن سكان مصر كلهم أعاجم ما عدا الأسر القليلة جدًا، المعروفة النسب مثل: الوفائية والسادات والبكرى!

ثم انتقل المحامى إلى حرفة على يوسف.. فقارن بين موكله المحترم الذى يعيش على أملاك واسعة تركها له آباؤه الأماجد «وهذه ألفاظ المحامى»، وبين الشيخ على يوسف الذى يضطر إلى العمل لكسب رزقه! ويحترف مهنة حقيرة هى.. الصحافة!

ثم أفتى المحامى بأن «حرفة الصحافة فى ذاتها دنيئة ويحرمها الدين الإسلامى!» ولماذا؟ «لأنها تقوم على الجاسوسية والإشاعة وكشف الأسرار، وهذا منهى عنه شرعًا!».

وبعد ذلك نهض محامى على يوسف يرد الهجوم، ويفند هذه الأقوال.. على أن الدفاع الأهم كان خارج المحكمة، كان الناس يطالعونه فى المقالات التى يكتبها على يوسف بنفسه فى صدر المؤيد كل يوم، وطوال أيام المحاكمة. وكان من ردوده البارعة على قول محامى السادات أن الصحافة محرمة شرعًا، قوله «لقد فات حضرة المحامى أن جميع حضرات القضاة.. من فضيلة القاضى الأكبر إلى القاضى الذى ينظر هذه القضية.. مشتركون فى المؤيد وغير المؤيد من الصحف، ويدفعون قيمة الاشتراك سنويًا. فلو صح أنها دنيئة وأن كسبها حرام لكانوا جميعًا آثمين. لأنهم مشاركون لأصحاب الجرائد باشتراكهم فيها!».

وقد عاد الشيخ أبوخطوة أثناء المحاكمة فأرسل إلى الشيخ الرافعى الذى تنزل عنده السيدة صفية خطابًا قال فيه «إن الحيلولة الشرعية تتحقق بمنع المخالطة الجسمية والكتابية والشفاهية وغيرها (أى أنه محرم على على يوسف أن يكتب لها رسالة!) ولكن ما أشيع على الألسنة من أن الشيخ على يوسف يتردد إلى منزلكم كل ليلة سحرًا ويذهب صباحًا ومن وجود طباخ يطبخ فى بيتكم على نفقته ومن تكرار حضور الملبوسات من بيته كل يوم وعودها وأمثال ذلك مما يوجب شدة الأسف!» وثار الشيخ الرافعى واعتبر هذه الرسالة إهانة.. وأرسل إلى مفتى الديار المصرية يطلب منه أن يتسلم السيدة صفية منه.. لولا أن عاد مفتى الديار فاسترضاه!

وانتهت المحاكمة، واعتكف الشيخ أبوخطوة خمسة عشر يومًا يحضر الحكم.. خمسة عشر يومًا فى مكان لا يعرفه أحد.. وفى خلال هذه الفترة، بذلت الحكومة وبذل الخديو عباس جهودًا جبارة للتأثير على الشيخ أبى خطوة، كى يجىء حكمه لصالح على يوسف.. ولكنه كان معتزًا باستقلاله، متمسكًا برأيه إلى أقصى الحدود.

وأصدر الشيخ أبوخطوة أخيرًا حكمه، وإذا به يحكم بفسخ عقد الزواج والتفريق بين الزوجين! وإذ به يؤيد فى حكمه كل ما ذهب إليه السادات، وفى لهجة قاسية جدًا.. بل إنه أضاف إلى دفاع السادات شيئًا طريفًا.. فقد رأى أن ثراء على يوسف الحالى لا يمحو عنه تلك الوصمة: أنه كان فقيرًا ذات يوم، فقال فى حكمه بالحرف الواحد «إن فقره فى بدئه وإن زال عنه الآن باكتساب الغنى، إلا أن عاره لا يزول عنه!!».

وكتب الشيخ على يوسف تعليقًا حزينًا على الحكم فى جريدته قال فيه:

«نشرنا الحكم الصادر اليوم فى القضية وتركنا لحضرات القراء رأيهم فى موضوعه وأسلوبه. أما نحن فلم يؤثر علينا ما فى لهجته الشديدة بشىء ما، إذ أمامنا الاستئناف وفى اعتقادنا أنه سينصفنا. وحينئذ يصبح حكم حضرة القاضى أشبه بمقالة من جملة المقالات التى قرأناها فى بعض الصحف ونسيناها!».

وفى محكمة الاستئناف، قرأ محامى على يوسف قول أبى خطوة أن الثراء اللاحق لا يمحو عن صاحبه وصمة الفقر السابق.. ثم صرخ من أعماقه:

«أين هى النصوص التى تقول إن الفقر السابق يبقى عارًا على صاحبه مهما نال بعد ذلك من الغنى والمال والجاه؟.. إن القائل بذلك يريد أن يسجل الانحطاط على الجنس البشرى كله.. لأن الأصل فى الإنسان الفقر، والغنى طارئ عليه، وأساس الغنى الجد والعمل. ولو علم الإنسان الفقير الذى توفرت فى غريزته بواعث الهمة، وانبعثت نفسه للعمل، أن عار فقره سيبقى له ولأولاده من بعده وصمة يعير بها، حتى من الكسولين الخاملين ممن رزقهم الله ميراثًا أو جرت عليهم صدقات وقف قديم.. ما انبعثت نفسه لعمل كبير!».

وذهبت هذه الصيحات بدورها أدراج الرياح.. وجاء حكم محكمة الاستئناف مؤيدًا الحكم الأول..

إلى هنا وأنسجت القضية من على المسرح.. لتبقى ذيولها خلف الكواليس.. فبعد أن صدر الحكم على هذا النحو، وشعر السيد السادات بأن كرامته قد ردت إليه.. اتصلت المساعى والوساطات بينه وبين الشيخ على يوسف.. حتى رضى السيد السادات بأن تتزوج ابنته صفية من الشيخ على يوسف بعقد جديد!.

وتم الزواج فعلًا. وعادت السيدة صفية إلى بيت زوجها!

والغريب فى الأمر.. هو تأثير هذه القضية على نفسية الشيخ على يوسف بعد ذلك. فبالرغم من أن زواجه الجديد من السيدة صفية كان تفنيدًا كافيًا لكل ما قيل عن كفاءة النسب والحرفة.. إلا أن الجرح الذى أصابه من هذه القضية لم يندمل قط.. فبعد أن حمل رتبة الباشوية، وأصبحت جريدته أكبر جريدة عربية، وأصبح رئيسًا لحزب من الأحزاب الثلاثة الموجودة فى مصر.. ظل يسعى دائبًا ليسجل اسمه فى سجل الأشراف، ولينسب نفسه إلى هذا النسب الذى استكبر مرة عليه. ولم يهدأ حتى ظفر بهذا الأمل الغريب، بعد ثمانى سنوات من القضية.. ورضى أن يعتزل حياة الصحافة والسياسة التى كللته، ليعين شيخًا للسادة الوفائية.. لأن هذا التعيين يجعله ندا لزوجته.. ولأسرته التى رفضت يومًا أن تصاهره!!..

وليس غريبًا- وهو يطوى فى نفسه هذه العقدة- ليس غريبًا أن تعرف أنه لم يكن موفقًا أبدًا فى حياته الزوجية مع السيدة صفية، وأنها كانت دائمة التنغيص له تنغيصًا جعله فى سن الكهولة يرابط فى مكتبه بالجريدة عشرين ساعة متوالية فى اليوم، فرارًا من البيت.. ولما مات سنة ١٩١٣، كانت زوجته لا تزال شابة فعاشت بعده ما يقرب من ثلاثين سنة.. وأحبت الممثل المعروف زكى عكاشة، وتزوجته!

ونستطيع أن نفهم من ذلك أن الشيخ على يوسف كان فى حقيقته رجعيًا، وإن قلت رجعيته عن الآخرين، وكان فى قرارة نفسه يؤمن بكل ما ساقه خصومه ضده من حجج الحسب والنسب والحرفة.. وهى رجعية ألقت بظلها على الكثير جدًا من نواحى تفكيره السياسى.. فكان إذا ثار شعب ليبيا مثلًا على الغزو الإيطالى كتب المقالات مدافعًا عن شعب ليبيا، داعيًا إلى التطوع ضد إيطاليا، فاتحًا أبواب الاكتتاب لإرسال المعونة الطبية إلى المجاهدين.. فإذا ثار شعب اليونان على الاستعمار التركى هاجم شعب اليونان، وندد بالثائرين فى وجه الأتراك.. ربما لمجرد أنهم «يونان»!.

ومع ذلك.. فإن هذه القضية قد لعبت دورًا باهرًا حين هزت الناس من الأعماق.. كان الجدل الذى أحاط بها مدرسة فتحت عيون الرأى العام ودفعته إلى إعادة التفكير فى الكثير مما كان يؤمن به من قديم..

وقد نضح اهتزاز الناس فى قصيدة كتبها الشاعر حافظ إبراهيم يسجل فيها حزنه وسخطه، مخاطبًا مصر:

حطمت اليراع فلا تعجبى                    وعفت البيان، فلا تغضبى

فما أنت يا مصر دار الأديب!                                ولا أنت بالبلد الطيب!

.....

وقالوا «المؤيد» فى غمرة                   رماه بها الطمع الأشعبى

دعاه الغرام بسن الكهول                     فجن جنونًا ببنت النبى!

فنادى رجال بإسقاطه                                         وقالوا تلون فى المشرب

وزكى «أبوخطوة» قولهم    

بحكم أشد من المضرب

فيا أمة ضاق عن وصفها                    جنان المفوه والأخطب

تضيع الحقيقة ما بيننا                                        ويصلى البرىء مع المذنب

ويهضم فينا الإمام الحكيم                     ويكرم فينا الجهول الغبى!!

تاريخ الخبر: 2022-02-11 21:21:02
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

هل تخترق المواد المسرطنة القهوة منزوعة الكافيين ؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-12 09:23:52
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 52%

الرئيس السيسي يفتتح مسجد السيدة زينب بعد انتهاء تطويره

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 09:22:15
مستوى الصحة: 38% الأهمية: 43%

استقالة مسؤول بمجلس الأمن القومي الإسرائيلي لهذا السبب

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 09:22:18
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 50%

الرئيس السيسى يصل مسجد السيدة زينب لافتتاح أعمال تطويره

المصدر: اليوم السابع - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 09:22:16
مستوى الصحة: 34% الأهمية: 38%

استشهاد فلسطيني وقصف مستمر.. ماذا يحدث في القطاع ورفح الفلسط

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 09:22:22
مستوى الصحة: 52% الأهمية: 64%

صفارات الإنذار تدوي بعدة مستوطنات شمال إسرائيل

المصدر: مصراوى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-12 09:22:27
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية