بعقل ناقدة وروح مبدعة.. بريهان أحمد تتألق في “بقايا جيل التسعينيات”


بمجموعة قصصية متنوعة قررت الناقدة بريهان أحمد، أن تبدأ رحلتها في عالم الكتابة لتأخذنا إلى عالم كدنا أن نفتقده، بقايا جيل التسعينيات، مجموعة قصصية تتكون من 10 قصص متنوعة ومختلفة، أدارتها الكاتبة بحبكة الناقدة وروح المبدعة، حيث استطاعت أن تسرد كل قصة بلغة مبسطة، تلائمت مع كل فكرة أرادت أن تقدمها للقاريء، فجاءت القصة الأولى “الليل مع فاطيمة” بلغة الشباب الحديثة، وكان أبرز أهم عناصرها التشويق:
تناولت الكاتبة قصة حب بين شاب مصري وفتاة فلسطينية عبر العالم الافتراضي، وعالجت من خلال هذه القصة فكرة التشبث بالمجهول ومداوة الآلام الواقعية بالخيال، وكيف يغفل الإنسان عن تأثير هذا الخيال على حياته وروحه، هو فقط يهتم بالمتعة الوقتية والمسكنات الوهمية لمشاكله الحقيقية.
كما لفتت الكاتبة إلى قضية هامة من خلال هذه القصة، وهي تجميل الكُتاب الروائيين لشخصياتهم في الأعمال الأدبية في محاولة منهم للاستشفاء والعلاج، وكيف يكون لذلك تأثيره السلبي على بعض عشاق القراءة الذين يبحثون في حياتهم الواقعية عن أبطال لن يكونوا إلا على الورق.

*بقايا جيل التسعينيات
أمال القصة الثانية، فسافرت بنا الكاتبة إلى أعوام لم نعيشها بعد، تاركة عنان خيالها ليذهب بنا إلى عالم الصحافة والعوالم الافتراضية بعد 10 أعوام من الآن، فتباين سردها تارة ما بين الحكي عن طفولة بطلة القصة “بيان” بنت جيل التسعينيات، وبين مستقبلها، وقد غلبت اللغة التقريرية على أسلوب القصة في هذه القصة.
تطلعت الكاتبة إلى خلق عالم جديد في مهنة الصحافة تعتمد على السرعة والدقة أكثر، كما أنها ناقشة قضية الواسطة والموهبة ودورهما في الحصول على وظيفة تعتمد على الإبداع.
وصفت الكاتبة طفولة بطلة جيل التسعينيات بـ”القاسية” والمؤلمة، فهي طفولة بعيدة عن الترفيه، طفولة جادة ومليئة بالأحاسيس.
وأبحرت بنا الكاتبة إلى العالم الافتراضي، وكيفية استخدامه في طمس الهوية العربية وتزيف الحقائق، في لفتة منها إلى ضرورة الصحوة العربية واللحاق بهذه التكنولوجية كأفراد مؤثرين فيه وليس مستقبلين، حتى لا نستيقظ يومًا نجد أنفسنا خارج نطاق هذا العالم جبرًا.

*فيلا 106
تأخذنا الكاتبة في رحلة إلى عالم مريض “الهلاوس”، ومعاناته، من خلال وقوع إعلامي شهير، زوج ابنة وزير – بطل القصة- تحت وطأة هذا المرض، ذاهبة بالقاريء إلى عالم خيالي مشوش يتساءل فيه القاريء هل ستذهب به إلى العوالم الخفية أم أن هناك شيء آخر.
كما ناقشت حرب الجهل والعلم التي يعيشها أهل الطب في تحديد ماهية هذا المرض.
وتناقل السرد بين المريض تارة وبين الطبيبة تارة أخرى، في لفتة من الكاتبة إلى أهمية المعاناة التي يعيشها كلاهما.
ووضعت الكاتبة رؤيتها التي تود عبورها للقاريء من خلال تعبير تكرر كثيرًا على لسان المريض بطل القصة “إن الشر يذهب إلى أولئك المخطئون ويكون سبب اختيارهم”. وكان الغموض أهم عناصر تلك القصة.

*جدار عازل
بلغة سردية قديمة تعود إلى جيل الستينيات، سردت بريهان أحمد حكاية جدار عازل، في إشارة منها إلى التطور الزمني الذي صاحبه تطور فكري ينبغي أن تمارسه النساء في تربية أطفالهن وبث تقديرهم لذواتهم في نفوسهم منذ نشأتهم، لما قد يعانوه بسبب إنكارهم لحقوقهم وتضحياتهم غير المحسوبة.
تسرد الكاتبة حكاية فتاة تعيش قصة حب (الحبل السُري) فتذيب كيانها في كيان زوجها إلى أن تتلاشى تمامًا فتخسر دراستها رغم تفوقها، وكذلك تفقد أمومتها، ثم بعد كل ذلك تخسر زوجها، لتشعر أنها خسرت العالم بأسره.
ثم تنقلنا الكاتبة إلى رحلة صعود تلك المرأة مرة أخرى، فتبدأ حياة أخرى وتبدأ دراسة أخرى ثم تحقق ذاتها في العمل، وتستطيع أن تبدأ حياة مع رجل آخر، حتى أمومتها فاختارت الكفالة حتى تستعيد ما فقدته.
لخصت الكاتبة قصتها في جملة “البداية اختبار والنهاية قرار”، في إشارة منها إلى ضرورة عدم الاستسلام وضرورة التمسك بالحق في الحياة السليمة والسوية.

*ألزهايمر
بلغة يملؤها الشجن، وإهداء لمرضى ألزهايمر، وكلمات مؤثرة “اصنع لنفسك تاريخًا من الذكريات ربما تحتاج إليه يومًا ما”، دفقت إلينا بريهان أحمد مشاعر جياشة يعيشها بطل القصة ابن الأكرمين مع جده الذي أصابه مرض ألزهايمر اللعين بعد أن قام بتربيتها.
بمشاعر ملموسة من حروفها، استطاعت بريهان أن تجعلنا نشعر بلذة بناء الذكريات مع الآخرين، الذكريات التي تجعلهم أوفياء لنا دون شروط، فقط من أجل الحب الذي زرعوه فينا يومًا ما.

*مقام كفر الشيخة سالمة
كانت هذه القصة الأكثر أيلامًا ووجعًا بين هذه المجموعة، فعلى الرغم من إشارة الكاتبة إلى أنها قصة حقيقية، إلا أن هذه القصة تُعد الأكثر خيالًا، فتحاول الكاتبة من خلال تلك القصة إلى عالم الدجل والخرافة، وكيفية تأثيرهم على حياة الناس ومصائرهم، عبر عبثية اللعب على الوهم والإطاحة بالإيمان الحقيقي الذي يساعد الإنسان على تخطي الصعاب.
فالقصة لبطلة تبحث لها حماتها عن الإنجاب وتقوم بأعمال مروعة تكون ضحيتها طفلة تفقد طمأنينتها، وبعد أن تفشل كل هذه الحيل ينفصل الزوجين دون جدوى من الدخول إلى هذا العالم.
دخول القاريء في هذا العالم من خلال سطور الكاتبة، يجعله يشعر كم أن الجهل مخيف أكثر من المجهول.
بينما عالجت الكاتبة النهاية بثورة الناس على مقام الشيخة سالمة “الكاذب”، بعد وقوع جريمة قتل على يد أولياء الزيف في إشارة منها إلى أن الموت دائمًا يكون طريق البشر للصحوة إلى الحياة.

*حبال دايبة
قصة غير مألوفة، يبتعد الكثير من الكتاب عن تناولها، لما تحمله من جرأة، تناولت فيها الكاتبة قصة حب وقع فيها رجل مسيحي بحب امرأة على غير دينه.
لم تحاول الكاتبة الخوض في التجربة بتفصيلات عميقة، بينما كان أهم ما أشارت إليه، هو أن الحب منحة ربانية، ليست باختيار منا، وله حكمته، فتلاقي الأرواح بعيدًا عن المعتقدات والتعقيدات، يكون لأسباب يعلمها خالقنا، ربما ابتلاء أو منحة لتهذيب النفوس ولكن هناك حبًا مستحيلًا يكون أصدق مما هو متاح…

*الشرائط التسجيلية
تناولت الكاتبة حياة الكُتاب في هذه القصة، مشيرة إلى أن الكتابة تعتبر حياة أخرى يعيشها صناعها بكل متعة، على الرغم من تعقيداتها الكثيفة التي لا يعلم القاريء عنها أي شيء، لافتة إلى أنه على الرغم من كل ذلك إلا أن البقاء للقاريء لأنه من يُحيى الكاتب.

*نأسف لانعدام الرؤية
تدور أحداث هذه الرؤية بطل من ذوي الهمم (كفيف)، مثقف ولديه من العلم ما يؤهله لأن يحيا حياة طبيعية، يعتمد على حواسه الأخرى وقدراته في مواجهة الحياة، فتأخذنا الكاتبة إلى عالم أخرى مليء بالمشاعر الدافئة والجياشة يعيشها شاب يعمل في مهنة دقيقة وهي “التدقيق اللغوي” على الرغم من فقده لنعمة البصر.
يقع هذا الشاب في حب فتاة تجهل معاني الحب والحياة والإنسانية، فهي تعاني مرض انعدام البصيرة، وتنتهي القصة بفراق كل منها بكلمات جارحة ترشق كالسكين في نفس القاريء السابح في بحر الخيال بهذه القصة، في لفتة من الكاتبة إلى أن “ضربة الكلمة أقوى من ضربة السيف”.

*قصة الفتاة المسحورة
هي الأمتع بين المجموعة القصصية، تناولت فيها الكاتبة عالم عشاق القراءة، وما يقعون فيه من غيرة بعد قراءة كل عمل يقرأونه فبعد أن يسبحون فيما يقرأون تنتهي بهم رحلة الكتاب، الذي يشعرهم دائمًا أنهم جزءًا منه.
في رحلة من الخيال سبحت بنا الكاتبة مع الساحرة الصغيرة، التي أخذت الكاتبة من كتاب لآخر، أوضحت فيه أن القاريء مسافر جيد يتنقل بين كل الدول والقارات من فوق أريكته (كنبته).

على الرغم من اختيار بريهان إلى قصص تميل إلى الخيال والفانتازيا، إلى أن نهاية كل قصة كانت تميل إلى العقلانية والبعد عن الرومانسية الحالمة واللامعقولية.

جدير بالذكر أن بريهان أحمد كاتبة وباحثة دكتوراة ومعلمة لغة عربية لغير الناطقين بها، من موالد 1992، بحي حلمية الزيتون، تخرجت من كلية الآداب جامعة عين شمس قسم اللغة العربية، حصلت على ماجيستير في الدراسات السردية عن رسالة بعنوان “ثالوث المحرمات في الرواية العربية،”.
صدرت بقايا جيل التسعينيات عن دار ببلومانيا للنشر ولتوزيع لعام 2022، وقد شاركت المجموعة القصصية في معرض القاهرة الدولي للكتاب.

تاريخ الخبر: 2022-02-13 21:21:45
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 50%
الأهمية: 60%

آخر الأخبار حول العالم

رحيمي يورط إدارة نادي العين

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:08:42
مستوى الصحة: 70% الأهمية: 74%

رفاق دياز يعبرون إلى نهائي أبطال أوروبا

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:09:04
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 73%

تطورات مثيرة في ملف استقبال غينيا وأوغندا لمنتخب الجزائر بالمغرب

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:08:54
مستوى الصحة: 63% الأهمية: 85%

منيب تطالب باستطلاع رأي المغاربة حول حكومتهم

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:09:00
مستوى الصحة: 65% الأهمية: 75%

مديرية الأرصاد: طقس حار هبات لرياح قوية بهذه المناطق

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:08:50
مستوى الصحة: 75% الأهمية: 72%

ضربة موجهة يتلقاها نهضة بركان قبل مواجهة الزمالك

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:08:45
مستوى الصحة: 74% الأهمية: 71%

كيف أنهت “البوليساريو” حياة الأطفال؟

المصدر: الأيام 24 - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 03:08:48
مستوى الصحة: 71% الأهمية: 77%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية