بقرب عمل عسكري واسع في الأراضي الأوكرانية ردا على منع الأخيرة من الانضمام الى حلف شمال الأطلسي . ورغم نفي روسيا لقيامها بأي غزو ممكن الا ان قادة وزعماء الدول الغربية يؤكدون بأن عملا عسكريا بات وشيكا جدا .
وقد ذكرت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس انه من المرجح بشكل كبير أن تغزو روسيا أوكرانيا، وإن الغزو يمكن أن يكون وشيكا، وإنه سيمثل تهديدا لاستقرار أوروبا بما يشجع المعتدين حول العالم.»
مؤشرات نحو التصعيد
ولعل قيام موسكو بحشد أكثر من ألف جندي قرب حدود أوكرانيا يؤكد هذه الاحتمالات . وتتعامل الولايات المتحدة واوروبا لمواجهة هذه الأزمة في نطاقين، الأول دبلوماسي من خلال تكثيف الضغوط والاتصالات لمنع أي تصعيد عسكري، ويتمثل الثاني بالتلويح بفرض عقوبات اقتصادية كبيرة . ويبدو التحرك في هذا السياق على أكثر من مستوى بين الرئيس الأمريكي جو بادين ورئيس وزراء بريطانيا حيث كان الاتفاق على وجود نافذة مهمة للدبلوماسية، وذلك في اطار الحفاظ على استقرار أوروبا برمتها .
ويرى العديد من المراقبين بان أوروبا تتذرع بالتهديد الروسي من أجل نشر قوات اطلسية جنوب شرق أوروبا حيث أكد دبلوماسيون أوروبيون على انه من المتوقع أن يدشن وزراء دفاع الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي هذا الأسبوع خطة قد تفضي إلى نشر أربع مجموعات قتالية متعددة الجنسيات في جنوب شرق أوروبا ردا على الحشد العسكري الروسي على حدود أوكرانيا.
من المقرر أن يجتمع وزراء دفاع دول الحلف اليوم وغدا لاتخاذ قرار بشأن إصدار الأمر للقادة العسكريين لوضع خطط نشر مجموعات قتالية يبلغ قوام الواحدة منها نحو ألف جندي في بلغاريا ورومانيا، وربما في سلوفاكيا والمجر.
وترى موسكو في نشر قوات اطلسية تهديدا مباشرا لأمنها القومي ولمصالحها في منطقة ترتبط بعلاقات تاريخية وجغرافية معها وتعد امتدادا طبيعيا للاتحاد السوفياتي السابق. كما ان نشر هذه القوات يتعارض مع مطالب موسكو الأمنية بأن يسحب الحلف قواته من شرق أوروبا.
وتتحدث التقارير عن لجوء الحلف الأطلسي لنشر قوات متعددة الجنسيات بقيادة فرنسا في رومانيا للتنسيق مع قوات الحلف في شرق أوروبا وذلك في اطار حرص المجر وسلوفاكيا على عدم إغضاب روسيا.
حوار جديد
وفي خضم هذا البركان المتفجر تبدو محاولات حثيثة لمنع وقوع أي حرب تكون نتائجها كارثية وستجلب المزيد من الدمار لأوروبا برمتها . في هذا السياق عرضت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا إطلاق حوار جديد مع روسيا، في ظل تصاعد حدة التوترات المرتبطة بأوكرانيا.
وقال وزير خارجية بولونيا زبيجنيو راو، خلال اجتماع في موسكو مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن الوضع لا زال متوترا للغاية وقابلا للتدهور بشكل خطير. وأضاف راو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا: «في ظل هذه الظروف، تقدمنا بمبادرة لحوار جديد حول الأمن الأوروبي». ورد لافروف بأن المقترح «يستحق الاهتمام»، وقال :«نحن ملتزمون بتعاون وثيق للغاية مع رئاسة منظمة الأمن والتعاون في أوروبا».
ولفت لافروف إلى أن الأمر المهم في الوقت الراهن هو الحوار مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي واستطرد بالقول :«دون تحقيق تقدم مع الولايات المتحدة والناتو، لن تحقق المحادثات في فيينا أي تقدم».
ولعل عنصر المفاجأة في خضم كل هذه الاحداث هو مطالبة البرلمان الروسي بوتين بالاعتراف بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا وذلك في تصعيد جديد . حيث قال رئيس مجلس الدوما الروسي إن المجلس صوت امس لصالح دعوة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الاعتراف باستقلال منطقتين انفصاليتين تدعمهما روسيا في شرق أوكرانيا. وقد يقضي الاعتراف بالمنطقتين على عملية مينسك للسلام في شرق أوكرانيا، والتي قالت روسيا إنها ملتزمة بها.
وتتواصل المحاولات الاوربية والجهود الدبلوماسية لخفض التوتر وآخرها تلك المحادثات بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشار الألماني أولاف شولتس التي احتضنتها موسكو امس . وقال بوتين لدى بدء المحادثات «للأسف، سنخصص جزءا كبيرا من وقتنا اليوم لمسائل متعلقة بالوضع في أوروبا والأمن وللمحادثات الجارية حول هذه المسألة لا سيما ما يتصل بأوكرانيا» بحسب ما نقل التلفزيون الروسي العام.
من جهته قال شولتس «بالطبع، من الواضح انه علينا الآن بحث الوضع الصعب المتعلق بالأمن في أوروبا» معبرا عن «سروره» للتمكن من إجراء هذه المحادثات. وأضاف «الأهم ان نتمكن من العمل على علاقاتنا عبر محادثات جيدة بين الأطراف».
فهل ستساهم هذه المحاولات في نزع فتيل الأزمة الغربية-الروسية خاصة بعد بدء موسكو في سحب بعض الوحدات القتالية التي نشرتها على الحدود مع أوكرانيا ؟.
