تحت ضغط المجموعة العسكرية الحاكمة في مالي، تضفي فرنسا وشركاؤها الأوروبيون الخميس طابعاً رسمياً على انسحابها بعد أشهر من الحرب الطاحنة.

ويُفترض أن يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤتمراً صحافياً في الإليزيه بمشاركة رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، للإعلان عن القرارات التي اعتُمدت مساء الأربعاء خلال قمة ضمت عدداً من القادة الأوروبيين والأفارقة.

وتنشر فرنسا قواتها منذ 2013 في مالي التي تنتشر فيها عناصر تنظيمات إرهابية مسلحة شأنها شأن دول أخرى في منطقة الساحل.

وتدخلت باريس لوقف تقدم هذه الجماعات الذي هدد باماكو، ثم نظمت عملية واسعة في المنطقة لمكافحتهم تحمل اسم "برخان"، ونشرت آلاف الجنود لمحاربة فرعَي تنظيمَي القاعدة وداعش الإرهابيين.

لكن على الرغم من الانتصارات التكتيكية لم تتمكن الدولة المالية وقواتها المسلحة من بسط سيطرتها على الأرض من جديد.

وما زاد من خطورة الوضع الإطاحة بالحكومة المالية في انقلابين في 2020 و2021، تولت بعدهما السلطة مجموعة عسكرية ترفض تنظيم انتخابات قبل سنوات، وتستغلّ مشاعر العداء لفرنسا المتزايدة في المنطقة.

وفرضت المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا عقوبات على السلطات المالية التي تُدين الوجود العسكري الغربي على أراضيها، ولجأت حسب الأوروبيين إلى استقدام المرتزقة الروس في مجموعة فاغنر.

وينتشر نحو 25 ألف رجل في منطقة الساحل حالياً، بينهم نحو 4300 فرنسي (2400 في مالي في إطار عملية برخان)، حسب الإليزيه.

كما ينتشر في مالي 15 ألف جندي تابع لبعثة الأمم المتحدة (مينوسما)، وبات مستقبلهم مجهولاً حالياً لاعتمادهم على دعم كبير من قوة برخان.

وقالت الرئاسة الفرنسية الثلاثاء: "نحن بحاجة إلى إعادة اختراع شراكتنا العسكرية مع هذه الدول". وأضافت أن "الأمر لا يتعلق بنقل ما نفعله في مالي إلى مكان آخر، بل بتعزيز ما نفعله في النيجر وزيادة دعم الجناح الجنوبي".

وقال مصدر قريب من الإليزيه إن فرنسا وعدت بتنسيق انسحابها مع بعثة الأمم المتحدة في مالي وبعثة الاتحاد الأوروبي التدريبية في مالي، اللتين ستستمران في الاستفادة من دعم فرنسي جوي وطبي على الأرض قبل نقل هذه الوسائل لاحقاً.

وأعلن فرانسوا هولاند عن العملية في 2014 بعد مقتل 53 جندياً فرنسياً، ولكن الحكومة الفرنسية اعترفت بأن العملية وصلت إلى طريق مسدود. من هنا قرر ماكرون تقليل خسائره بسبب تصرفات الطغمة العسكرية الحاكمة وظهور المرتزقة الروس والمشاعر المعادية لفرنسا حتى بين النخبة المتحدثة بالفرنسية.

وترفض باريس المقارنة بين سحب قواتها وخروج القوات الأمريكية من كابل، قائلة إنها ستواصل محاربة الإرهاب من تشاد، وربما من بوركينا فاسو والنيجر وموريتانيا.

وإلى جانب تعزيز محتمل لوجودها في النيجر المجاورة التي تضمّ على أراضيها قاعدة جوية فرنسية و800 عسكري، تنوي باريس عرض خدماتها على دول أخرى في غرب إفريقيا (ساحل العاج والسنغال وبنين).

ويستخدم منافسو ماكرون في الانتخابات المقبلة التدخل في مالي كسلاح للحديث عن فشله في الحرب وانجراره إلى المستنقع وخسارته حرب المعلومات وعدم قدرته على مواجهة نظام متنمر وفاسد. وعلّق إريك زمور المرشح الرئاسي المعادي للإسلام قائلاً: “يموت جنودنا لكي تهيننا دولة”.

TRT عربي - وكالات