انطلقت في بروكسل، يوم الخميس، النسخة السادسة لقمة إفريقيا الاتحاد الأوروبي، بعد التأجيل الذي طال انعقادها لسنتين، بفعل الجائحة الوبائية لفيروس كورونا. قمة، كما هو مرصود لها كشعار، تسعى من خلالها القارة العجوز إلى "بناء شكل جديد من الشراكة" مع جارتها الجنوبية.

هذا وستعرف القمة حضوراً وازناً من القادة الأفارقة لـ40 دولة من الاتحاد الإفريقي، ستجمعهم لقاءات مطولة مع قادة الدول الـ27 الأوروبية، على مدى يومين من أشغال القمة. وسيجري التطرق خلالها إلى ستة ملفات رئيسية، أبرزها خطة الإقلاع الاقتصادي عقب الركود الذي فرضته الجائحة، كما ملف الاستقرار والسلام بالقارة السمراء، وملف الهجرة غير الشرعية.

فيما تأتي هذه القمة برئاسة فرنسا التي تقود الاتحاد الأوروبي خلال الولاية الحالية، وبالتالي تطمح باريس من هذه الرئاسة استعادة بعض مما بقي من علاقاتها مع القارة السمراء، بعد سنة طبعها توتر تلك العلاقات.

قمة لـ "بناء شراكة جديدة" مع إفريقيا

حسب الدبلوماسية الفرنسية فإن هذه القمة تتيح فرصة لـ "إرساء أسس لتعزيز التعاون بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي"، ذلك من خلال "وضع رؤية مشتركة للتحديات التي تواجهها قارتانا، وإقامة تحالف طموح بين أوروبا وإفريقيا ويتطلع إلى المستقبل، ويساعد على إنشاء حيز للتضامن والأمن والازدهار المستدام والاستقرار".

هكذا رصد لهذه القمة هدف التصدي لثلاثة تحديات كبرى هي: الأمن والصحة والاستقرار. وقال رئيس المجلس الأوروبي البلجيكي شارل ميشال ورئيس الاتحاد الإفريقي السنغالي ماكي سال في مقال مشترك إن "الشراكة تفترض التبادل والتقاسم".

وأضاف الرئيسان بأن هذه الشراكة تأمل بأن يوفر "الاتحاد الأوروبي القدرة الاستثمارية العامة والخاصة، فضلاً عن الخبرة في البنية التحتية الخضراء والتقنيات الحيوية في كفاحنا المشترك ضد تغير المناخ ولتحويل الاقتصادات الإفريقية"، كما "سيكون السلام والأمن أيضاً من الأولويات الرئيسية لشراكتنا المعززة. أصبحت التهديدات غير وطنية ومعقدة بشكل متزايد. إنها مشكلة لنا جميعاً بأي شكل يتخذه، بما في ذلك الهجمات الإلكترونية والهجمات الهجينة".

ذلك عبر مشاريع فعلية ستقدمها البلدان الأوروبية، وتتمحور حول ثلاثية الازدهار والأمن والتنقل. حيث "وضع دول الاتحاد الأوروبي ومؤسساته هذه المشاريع بالتنسيق الوثيق مع البلدان الإفريقية سعياً إلى تلبية التطلعات الإفريقية في مجال الاستثمار والبنى التحتية والصحة والتنقل والأمن والتعليم" حسب موقع وزارة الخارجية الفرنسية.

فرنسا تسعى إلى استدراك علاقاتها الإفريقية

وتراهن فرنسا من خلال هذه القمة ورئاستها لها على استدراك علاقاتها الإفريقية التي بلغت طوال العام الماضي أسوأ مستوياتها. سوء تبدى مع المتاعب التي تعيشها عدد من بلدان الساحل حيث تواجدها العسكري من أجل "محاربة الجماعات الجهادية"، على رأسها مالي التي طردت قبل أسابيع السفير الفرنسي من أراضيها، وبوركينا فاسو التي أبدت حكومتها الجديدة العداء لباريس.

وعلّق الاتحاد الإفريقي عضوية مالي وبوركينا فاسو وغينيا والسودان بعد انقلابات، وبالتالي لن يكون قادة هذه الدول حاضرين في القمة. فيما ستكون فرصة لباريس من أجل تباحث إعادة نشر قواتها المشاركة في عملية "بارخن" في دول أخرى.

كما ستكون القمة كذلك فرصة لفرنسا من أجل إذابة جليد علاقاتها مع دول المغرب الكبير، بعد أزمة تضييق الخناق على إجراءات منح التأشيرات لمواطنيها، كما بعد تصريحات إيمانويل ماكرون المهينة للجزائر. كما لن يخرج ملف الأمن الطاقي عن هذه الحسابات، خصوصاً بعد التوتر الحاصل بين الغرب وروسيا، قد تدرس فرنسا كذلك تأمين حصتها من الغاز الجزائري لتغطية نقص نظيره الروسي في حال حدوث حرب في أوكرانيا.

هذا وأوردت يومية لوموند الفرنسية بأن "هذه القمة تمثل لفرنسا فرصة لإبراز نفسها كمحرك للعلاقات داخل الاتحاد الأوروبي وفي القارة الإفريقية". وأضافت الصحيفة بأنها "فرصة لطالما تطلع إليها ماكرون لإثبات التحالف الأوروبي الإفريقي في وجه البلدوزر الاقتصادي الصيني".

TRT عربي