أمان يا ربى أمان


لا تخرج من هذا المقال حتى تردد المثل التركى «أمان يا ربى أمان».. تعجبًا، كنت (كمدخن وهذا مدعاة للأسف.. ولكن الكيف يحكم) أتخيل أن رئيس شركة الدخان مدخن عتيد، ولا تنطفئ له نار، سيجارة من سيجارة، باعتبار عجان الصبر بيدوقه، وببلاهة مدخن، كنت أحسده، عايش فى سحابة من الدخان البيور، خالى من الإضافات.

ويومًا ما زرت شركة الدخان فى الجيزة، وعايشت «الخرمنجية»، وهم مجموعة من الذواقة يختبرون تشغيلة الخام على خطوط الإنتاج، ولهم الكلمة الفصل فى الطعم والرائحة ونسب النيكوتين، تقريبًا ممثلو مزاج شعب المدخنين فى الشركة.

استفقت من غفوتى على تصريح للسيد «هانى أمان»، الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب للشركة الشرقية بـ«أنه وجميع أعضاء مجلس إدارة الشركة لا يدخنون!».

أمان يا ربى أمان، إشى خيال يا ناس، أكبر مسؤول تدخينى، يترأس مجلس إدارة شركة الدخان لا يدخن، رجل يقف على خطوط الدخان الأمامية، ويخطط للتوسع فى رقعة المدخنين، ويعمل على زيادة الإنتاج والاستهلاك، ويقود الشركة لمبيعات مليارية ولا يضع فى فمه عقب سيجارة.

تخيل خلال النصف الأول من العام المالى الجارى من يوليو حتى ديسمبر بلغت مبيعات الشركة ٣٤ ونصف مليار جنيه، مقابل ٣٢.٥٩ مليار جنيه فى الفترة المقابلة من العام المالى الماضى، بنسبة نمو ٦٪، وهو ومجلس إداراته لم يحرق جنيهًا واحدًا فى سيجارة فرط على سبيل التجريب.

لن أحدثك عن ٤٣٪ صافى أرباح، ولا يسهم فيها بجنيه، شركة تبيع ٦ مليارات سيجارة شهريًا، ولا يسهم بشراء علبة بوكس، أو أجنبى، هذا من عجائب الحال فى دفتر الأحوال.

أغبطه تمامًا، ويبقى السؤال: كيف فعلها؟ كيف هذا؟ وكيف اصْطَبَرَ (من الصبر) على مغريات التدخين، لربما من شروط إدارة شركة الدخان ألا تقرب التدخين، ويقينًا يعلم علم اليقين مضار التدخين الصحية، يخشى على صحته، مكتوب على علبة السجائر، التدخين يسبب سرطان الرئة، وأتوقع مكتوبًا على باب مكتبه «عفوًا ممنوع التدخين»!.

ما صرح به السيد «هانى أمان» خليق بالتوقف والتبين، توقف أمام حجم المبيعات، المرعب، ٦ مليارات سيجارة شهريًا، وخطط التوسع معتمدة، هذا النزوع الاستهلاكى التدخينى يكلفنا الكثير صحيًّا، لربما أكثر كثيرًا من مليارات الأرباح التى تحققها الشركة، الشركة تربح، والحكومة تدفع كلفة الإصابة بالسرطان، وتبين مستقبل هذه الصناعة فى بلادنا المنكوبة بوباء التدخين، والعبد لله أحد المنكوبين محاولًا الإقلاع، وأحذر منها ما استطعت.

المفارقة صاخبة، ينتج الدخان ويبيعه ولا يدخن، كما «قهوجى» لا يشرب الشاى، يكتفى بالينسون، مغذٍ ولا يخلف إدمانًا، كيف تستقيم هذه المعادلة؟!

بصراحة أغبطه وأشد على يديه، وأخشى أن أرشحه مثالًا لعدم التدخين حتى فى قلب شركة الدخان، ويسرح بى الخيال أن نكلفه بالحملة الوطنية المرتجاة لمنع التدخين، ستكون مفارقة جد صارخة.

أعتبر تصريح السيد «هانى أمان»، للإعلامية «إنجى أنور» مقدمة برنامج «مصر جديدة»، على قناة ETC، من أفكه التصريحات التى مرت علينا، ومدعاة للتفكير العميق فى الإقلاع عن التدخين، وألا أكون مصدر ربح للشركة، أو من زبائنها المدخنين، مستر هانى أمان، بأريحية أقول «أمان يا ربى أمان».

نقلاً عن "المصري اليوم"

تاريخ الخبر: 2022-02-19 18:17:08
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 79%
الأهمية: 85%

آخر الأخبار حول العالم

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:28
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 53%

مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال الـ 24 ساعة الماضية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-28 00:26:34
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية