«سبات»
«سبات»
راحت تنتظر قدومه.. تترقب فى شغف بالغ، الجميع من حولها يعلم انتظارها له.. يحاولون إقناعها باحتمالية عدم قدومه.. يحاولون إثناءها عن ذلك الانتظار، تارة بالتلميح وأخرى بالتصريح.. يشفقون عليها من ذلك الانتظار.. يحدثونها عنه، عن قصصه فى الغدر.. فى الكذب.. فى خيانة العهد والوعد.. تكذب الجميع.. تنتظر وتنتظر على يقين، أبدًا لن يقوى على خيانتها.. لن يجعلها أضحوكة بين الجميع.. لن يخذلها يومًا وهى من منحته الحب.. هى من دافعت عنه عندما هاجمه وتخلى عنه الجميع.. هى من منحته الثقة حين رفض الجميع منحه إياها.. جاء اليوم الموعود.. انتظرت وانتظرت وفاءه بالوعد.. وترقب الجميع.. يمر يومها عصيب.. لا تدرى له ملامح واضحة.. وبعد طول الانتظار راحت تهرب فى سبات عميق.. استيقظت.. نهضت فى فزع.. تهرول إلى نافذتها.. تنظر.. لا تستطيع أن تحتمل أو تصدق.. تتألم، تدرك أنه كان هنا.. مر.. جاء يسعد الجميع إلا هى.. خانها ومضى.. صدقت الجميع.
«لجوء»
تنفست
الصعداء بعد وفاة حماتها؛
«ضرتها» الخفية،
مصدر الاحتواء، الحنان، الأمان لزوجها..
لم تستطع، خلال سنوات زواجهما، أن تشاركه مكانتها فى قلبه،
أن تجد طريقًا بين سكنات فؤاده فتحتوى نبضه بين ضلوعها..
كانت أمه صديقته، ابنته، رفيقة العمر والأحلام، حياته الدافئة،
بينما هى من تغلب عليها مادية الحياة وجليدها.
يعيش بجوارها، لكنه هناك يحيا مستشعرًا الدفء فى أحضان أمه..
اليوم تشعر بالتحرر، حين أفلت من سماء دنياه، أصبحت ضحكاتها تزلزل جدران بيتهم على غير عادتها،
بينما هو ما زال هناك منذ أن
شيعها بقلب كسير ووجه تخلو منه أى ملامح للحياة،
تغرق عيناه فى شلال دموع يتوارى فى غيابات قلب لا تهجره الآهات..
لم تعبأ بذلك
«فترة وهتعدى»
راحت تمنى نفسها.. سيعود إليها لاجئًا، وحيدًا، متعافى..
انتظرت مرور الأيام والشهور
انتظرت، حتى بدا عليه أخيرًا تغيير واضح، عادت إليه أشلاء نفسه المتناثرة تلملم بقايا روحه لتنبض من جديد، يغمر نبض حرارتها جدران حياته، يشع دفئًا وأملًا
استشعرت كل ذلك، اطمأنت، تنفست الصعداء،
إلى أن عثرت بين أوراقه على وثيقة «خاصة»..
ارتدت السواد
ذهبت لزيارة قبر حماتها
تقرأ لها الفاتحة.
