أكد محمود قاسم، باحث ببرنامج الأمن والدفاع بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، أن أصوات البنادق والصواريخ بدأت تتعالى، وذلك على خلفية إطلاق الرئيس الروسي "بوتين" لعملية عسكرية في إقليم دونباس شرق أوكرانيا، وبهذا يدخل الصراع مرحلة شديدة التعقيد خاصة في ظل ترقب رد الفعل المحتملة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وتعتبر روسيا أن تلك الهجمات تستهدف حماية أمنها القومي ومجالها الحيوي ضد أية تهديدات.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أن التصعيد الأخير يضعنا أمام عدد من المسارات خلال الأيام القادمة والتي يمكن أن تحدد ملامح التفاعلات بين الدول المنخرطة في الصراع وذلك فيما يلي:

مسار الحرب الخاطفة

وقال إن أولى السيناريوهات المتوقعة بعد العملية العسكرية هي، مسار الحرب الخاطفة، يمكن أن تظل هجمات روسيا في حدودها الحالية دون التمدد خارج إقليم دونباس، وأن استهداف روسيا للبنية التحتية العسكرية مجرد محاولات لتحييد رد الفعل الأوكراني وتقييد فرص قيامه بتقديم دعم للقوات الأوكرانية في إقليم دونباس.

وهذا المسار يعيد للأذهان سيناريو 2008 حينما قامت روسيا بتقديم دعم لإقليم ابخازيا واوسيتيا ضد القوات الجورجية، وقد ساهم التدخل الروسي في قلب موازين القوى العسكري لصالح الانفصاليين الموالين لها، ومنذ ذلك الحين احتفظت روسيا بوجود وتأثير كبير في جورجيا عبر هذا الإقليم، الأمر الذي يمكن أن يحدث في الحرب الحالية، حيث تكتفي موسكو بضمان حضورها في دونباس دون التمدد للخارج.

الغزو الكامل

والثاني هو مسار الغزو الكامل لأوكرانيا، لكن هذا السيناريو يظل مستبعد لأن روسيا تدرك تداعيات تلك الحرب، إذ أن التصعيد لا يزال يستهدف الحصول على أكبر قدر من المكاسب وتجميع أوراق ضغط يمكن أن توظفها روسيا مستقبلَا للحصول على مزيد من الضمانات الأمنية وفي مقدمتها تعهد مكتوب من الناتو بعدم ضم أوكرانيا للحلف.

وتشير التجربة التاريخية أن الأزمة الحالية قد لا تكون أسوأ من أزمة الصواريخ الكوبية 1962 حيث عاش العالم نحو ثلاثة عشر يومًا في ترقب وحذر وتوقع البعض أن الحرب العالمية الثالثة قريبة بسبب التصعيد بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، إلا أن ذلك لم يحدث وتم تجاوز تلك الأزمة عبر التهدئة.

نشر عناصر لحلف الناتو

أما السيناريو الأخير، قال الباحث إنه يمكن للغرب أن يقوم بفرض مزيد من العقوبات الاقتصادية وقد يقوم بنشر عناصر للحلف في الدول الأعضاء المحيطة بروسيا، إلا أن الدخول في حرب مفتوحة قد لا يكون ضمن حسابات الحلف على الأقل في الوقت الراهن، خاصة أن أوكرانيا ليست عضو في الحلف، ومن ثم لن يكون الحلف ملتزمًا بالدخول في تلك المواجهة بالوكالة، لكن يمكن أن يقدم مساعدات عسكرية ودعم اقتصادي لأوكرانيا بهدف الصمود.

واختتم أن رغم هذا التصعيد لا يزال مسار التفاوض وأدوات الدبلوماسية حاضرة، وأن ما يحدث هو رفع سقف التفاوض، خاصة أن كل طرف يعرف حاجة الطرف الأخر من هذا التصعيد.