اليأس والمخاوف من الانفصال يدفعان البوسنيين لمغادرة بلادهم


إعلان

ويقول طالب علوم الكمبيوتر المقيم في بانيا لوكا، مقر "الكيان" الصربي البوسني، إنه يأمل في الانتقال إلى سويسرا بعد دراسته الجامعية، مشيرا إلى تزايد انقسام المشهد السياسي في الداخل ما يدفع للانتقال إلى مكان آخر.

وقال لوكالة فرانس برس إن "السبب الرئيسي هو انعدام الأمن" مضيفا "لا أثق بالسياسيين. كل وعودهم أكاذيب".

ويتصاعد التوتر منذ أشهر لأسباب عدة في مقدمتها حديث الزعيم السياسي لصرب البوسنة ميلوراد دوديك عن الانفصال، مؤججا المخاوف من أن تكون البوسنة على شفير نزاع جديد.

وهدد السياسي القومي المتشدد الذي كان مدعوما من الغرب، بسحب الكيان الصربي، أي جمهورية صربسكا، من مؤسسات مركزية ومنها الجيش البوسني والسلطة القضائية ونظام الضرائب.

وتثير إجراءات دوديك المزمعة قلقا من أن تتسبب مساعيه إن نُفذت، في تقويض اتفاقيات السلام التي وضعت حدا لسنوات من المعارك في التسعينات التي أدت إلى مقتل قرابة 100 ألف شخص.

جدارية عليها صورة زعيم صرب البوسنة راتكو ملاديتش، في بنيا لوكا في 18 شباط/فبراير 2022 إلفيس باروكسيتش ا ف ب/ارشيف

وعلى مدى حوالى ثلاثة عقود، عانت البوسنة من متاعب متواصلة. فبعد انتهاء الحرب قُسّم البلد إلى جزئين، الأول يحكمه الصرب الثاني فدرالية تضم المسلمين والكروات.

وتجمع إجراءات بيروقراطية معقدة الجانبين في دولة مركزية حالت دون تجدد أعمال العنف الطائفية، لكنها وضعت البوسنة في حالة شبه شلل سياسي دفع بكثيرين لمغادرة بلادهم بأعداد كبيرة.

ومع ترقب الانتخابات في تشرين الأول/أكتوبر، وضع دوديك نصب عينيه إطاحة الوضع القائم ما أثار مخاوف من خروج سياسة حافة الهاوية التي ينتهجها لجذب أصوات على الأرجح، عن السيطرة.

وقال ميليفوي مايستوروفيتش المتقاعد البالغ 66 عاما في بانيا لوكا "هذا الوضع يخيفني. أنصح الشبان بمغادرة هذا المكان".

- لن يعودوا أبدا -

استدعت إجراءات دوديك المتطرفة فرض واشنطن عقوبات عليه في كانون الثاني/يناير مشيرة إلى "أنشطة فساد مزعزعة للاستقرار".

وبالنسبة لكثيرين فإن اقتصاد البوسنة الضعيف غالبا ما يطغى على المخاوف من اندلاع حرب جديدة.

توصل تقرير لصندوق الامم المتحدة للسكان إلى إن نحو 200 ألف بوسني غادروا بلادهم البالغ عدد سكانها 3,5 ملايين نسمة، منذ 2011.

وأشار الكثير من الشباب الذين غادروا إلى "انعدام الأمن الاجتماعي والسياسي" كأسباب دفعتهم للمغادرة.

وتشير استطلاعات أخرى إلى أن عدد المغادرين قد يكون أكبر بمرتين.

وقال ستيفان بلاجيتش من ريستارت صربسكا (Restart Srpska) المنظمة الحقوقية المعنية بمكافحة الفساد ومقرها بانيا لوكا "مع الأسف أعتقد أنهم لن يعودوا أبدا".

ويرى بلاجيتش إن الهجرة الجماعية تصب في مصلحة المؤسسة السياسية العائدة لكافة الأطراف الإتنية عن طريق إبعاد البوسنيين المثقفين ولكن المستائين، وبقاء الذين تعتمد عليهم الطبقة الحاكمة للصمود.

ويوضح "لن يكون لدينا معارضة عندما تغادر المعارضة".

وإلى الجنوب في شوارع العاصمة ساراييفو، ينتشر اليأس بين الأهالي الذي يتذكرون الحياة المتنوعة الأطياف التي كانت سائدة قبل الحرب.

وقالت ياسمينكا كوريليتش، الطبيبة المتقاعدة البالغة 66 عاما، والمتزوجة من رجل من اتنية أخرى "بالطبع نحن خائفون من نزاع جديد".

وتعتقد أن أبناءها يدفعون ثمن ما كان سائدا ذات يوم في يوغوسلافيا السابقة، قائلة إن ابنتها تواجه صعوبة في إيجاد عمل في بلد منقسم بشدة، نظرا لخلفيتها المختلطة، وملء العديد من الوظائف على أساس إتني.

وتتساءل "يجب أن نكون قادرين على العيش في أي مكان في هذا البلد، بغض النظر عن اسمائنا. وإذا كنا قادرين على الذهاب إلى ألمانيا والعيش فيها لم لا نستطيع العيش هنا سويا؟".

- ليس سهلا -

في "مطبخ الشعب" في ساراييفو، وهو مطعم للفقراء افتتح في بداية الحرب ولم يغلق أبوابه، يتوافد مئات الأشخاص يوميا لتناول وجبات طعام لعدم تمكنهم من تأمين قوتهم.

تقول أدالا هاسوفيتش (32 عاما) التي تساعد في إدارة عمليات المطبخ "في السنوات الماضية، لم يكن يأتينا شباب. الآن لدينا شباب". وتضيف "الوضع ليس سهلا في البوسنة".

بالنسبة للمقتدرين ماديا، فإن الحياة في الخارج وإن كان المستقبل غير واضح، تبدو أفضل من مواصلة العيش في يأس في الديار.

ويقول سييو البالغ 35 عاما والأب لولدين "مرت سنوات عدة على الحرب ولم يحصل تقدم". ونظرا لأنه يسعى للحصول على تأشيرة عمل في النمسا، طلب عدم الكشف عن اسمه بالكامل.

ويضيف "العمل ليس مضمونا والمستقبل ليس مضمونا".

وبموازاة ذلك يشدد دوديك على أنه لا يريد إشعال نزاع جديد ويعتبر الوضع في البوسنة "مستقرا".

وقال في خطاب الإثنين "لم يعد أحد يتكلم في البوسنة عن حرب وأمور تافهة".

ورغم مسارعة دوديك لتبديد المخاوف من أعمال عنف محتملة، يقول آخرون إن تجاهل مؤشرات تحذير تعرض البلاد للخطر.

وتقول إيفانا كورايليتش من منظمة الشفافية الدولية في بانيا لوكا "لا يسعنا سوى الشعور بالخوف مما قد يحصل تاليا".

وتضيف "لم نأخذ بعض الأمور على محمل الجد في التسعينات لكنها أدت إلى حرب وسفك دماء".

تاريخ الخبر: 2022-02-25 15:15:59
المصدر: فرانس 24 - فرنسا
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 86%
الأهمية: 93%

آخر الأخبار حول العالم

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:19
مستوى الصحة: 60% الأهمية: 54%

36 رياضيا في فريق اللاجئين بأولمبياد باريس

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-02 21:26:14
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 60%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية