الكاتبة الجزائرية فضيلة ملهاق: حينما تشتهيك الحياة تعالج مشكلة الهجرة الغير شرعية

خلال دورته الثالثة والخمسين، حلت الكاتبة الروائية الأكاديمية الجزائرية، فضيلة ملهاق، في ضيافة معرض القاهرة الدولي للكتاب. حيث شاركت في فعاليات المعرض، بأحدث إبداعاتها السردية، رواية "حينما تشتهيك الحياة"، والصادرة مؤخرا عن دار العين للنشر والتوزيع بالقاهرة.

وفضيلة ملهاق، حاصلة علي دكتوراه في القانون، ودبلوم الدراسات العليا المتخصصة في الدبلوماسية. تكتب الشعر والرواية، وصدر لها: روايات "حينما تشتهيك الحياة"، "رميم"، "لعنة اليربوع" و"ذاكرة هجرتها الألوان" وكتاب "حماية حقوق الانسان أثناء النزاعات المسلحة- واقع ورهانات. وكتاب "وقاية النظام البنكي الجزائري من تبييض الأموال.بالإضافة إلي المجموعات القصصية: الطباشير، خارج مجال التعرية، للعرض.. غير قابلة للرسم وغيرها.

 

حول مشاركتها في المعرض والمشهد الثقافي الجزائري، وأهم القضايا الثقافية والأدبية علي الساحة العربية كان لــ"الدستور" هذا اللقاء مع فضيلة ملهاق علي هامش معرض القاهرة للكتاب في دورته المنصرمة.

بداية أشارت ملهاق إلي سعادتها بدعوتها للمشاركة في المعرض ممثلة للجزائر عن أدباء الجزائر ووجهت الشكر لإدارة المعرض لدعوتها كضيفة شرف، والتى "أتاحت لى الاحتكاك بالكثيرمن الثقافات". وكانت لدى مشاركة لأمسية شعرية وكانت استفادة ولقاء بشعراء آخرين من ثقافات مختلفة.

وعن روايتها "حينما تشتهيك الحياة"، قالت ملهاق: هى آخر رواية لى بعد سلسلة روايات، وتعالج مشكلة الهجرة السرية الغير شرعية، من خلال القارب الموجود فى العالم المعاصر كله، تتحدث عن وجودنا المعاصر، أو المجتمع الدولى المعاصر الذى نعيشه. تتحدث عن مجموعة من"الحرّقاه" أو المهاجرين السريين نحن نسميهم الحرقاة فى شمال أفريقيا خاصة الجزائر. والذى هو أيضا مصطلح متبنى فى أوروبا. 
والحرّاقة هم الناس الذين يحرقون كل أوراقهم وكل ما لديهم يحرقون آمالهم ويقطعون البحر.
هذه المجموعة تنطلق من مدينة أسمها "الليمونة" وهو اسم مبتكر، مختلف من ابتكار الكاتبة وهو اسم ينطبق على أي مدينة فى جنوب البحر المتوسط. وتسجل الرواية الأسباب والأبعاد للهجرة الغير شرعية بعمق كبير. ينطلق القارب بمجموعة من الشباب يصلون للضفة الأخرى وهناك تلاقيهم مفاجآت عدة، يكتشفون أسرار الحياة.

وحول إن كانت هذه الهجرات الغير شرعية تصل في النهاية للسراب أضافت "ملهاق": لا نستطيع أن نقول سراب لأن الحياة عبارة عن كوكبة من التراتبيات والتراكميات. هناك من وجد سراب وهناك من وجد غايات أخرى، لكن الهدف من الرواية تشريح وجودنا فى العالم المعاصر. بمختلف سياساته وتواطئاته وخباياه. فقارب الهجرة الذى نجده مدانا لدى البعض وبعض القوانين الدولية وفى نفس الوقت هو منبت وتجارة للبعض الآخر. يعنى هناك ميزان مختل لمسألة الهجرة على المستويين الداخلى والدولى والوجدانى فالمسألة كيف يتعايش الانسان مع ظاهرة الانتقال عبر قارب سري غير شرعى إلى حياة اخرى يريدها شرعيا.

سيكتشف مفاجأة وأسرار فى هذه الرواية فالرواية مبنية على مجموعة من الأسرار، كل سر مفتاح لسر آخر، حتى يصل فى النهاية إلى هل تشتهيه الحياة أم لا تشتهيه؟. أيضا الجانب المتفرد فى الرواية أن فيها اختلاقات، اختلاق نظام عالمى مواز لعالمنا، عالم مبنى على رموز، مبنى على اشتهاءات فيها الكثير ويجب أن تقرأ، لأن الحرأقه لم يكتشفوا السراب والأسرار فقط بل اكتشفوا فى عمق البحر، ففى عمق البحر صادفتهم مفاجأة الشخص الغريب، وأعطاهم لغز من الألغاز (الاكتيمو) وكلها متخيلة من الروائية.

وعن الأسباب التي تدفع الشباب في الجزائر للهجرة الغير شرعية تابعت "ملهاق": عندما تبدأ الرواية تشرّح جميع الأسباب الدقيقة التى دفعت للهجرة السرية، فالرواية تدخل بيوت الليمونة وهى فى حى يدعى العليقى، وتنتقل بين الأحياء الراقية والمتدنية جدا، تدخلها بيتا بيتا وتناقشهم شابا شابا، المتعلم، وغير المتعلم، المدمن على المخدارات ولماذا يشربها، هى تقريبا تشرح ظاهرة الهجرة السرية. لكن لا تتناول الهجرة الغير شرعية من منظور تقليدى، فالرواية لا تنظر إلى قارب الهجرة بل هى تتبع وتتقفى المهاجر فى كل أبعاده، النفسية الاجتماعية وماذا يلاقى هناك فى الضفة الأخرى، من يسعى لاجتذابه، من يتصيده ليخرج من حيه، هل هى ظروفه أونفسيته أم هناك تواطؤ عالمى ودولى عليه لكى يخرج من حيه، فالرواية تشرح الظاهرة وكأنها فى مختبر علمى تحت المجهر.

وعن الجنس الأدبي الأقرب لقلبها قالت "ملهاق": كل الأجناس الأدبية قريبة لقلبى، فالكتابة بالنسبة لى ليس مخططا لها أو شيء. عندما تتطلب الفكرة رواية فأكتب الرواية، عندما أرى تشبعى الفكرى فى القصة القصيرة أكتفى بالقصة القصيرة. الشعر شيء آخر غير الرواية.

الفكرة هى التى تفرض أولا، والقضية التى أريد التحدث عنها. فالكتابة مسؤولية وقضية ليست مجرد أدبيات بالنسبة لى. هى قضية، رسالة، مكتوبة بوعى وثقافة معينة وأيضا باحساس معين.

وعن تأثير دراستها للقانون علي إبداعها أضافت "ملهاق": دراسة القانون تعطى نوع من النمطية الفكرية لأن القانون هو عبارة عن القواعد المنظمة للفوضى الاجتماعية، ماهو القانون هو القواعد التى تنظم وجودنا وحياتنا وتعايشنا مع بعض. طبعا القانون يؤثر على كتاباتى، مثلما يؤثر الأدب فى الصياغة وأى شيء. فهناك تفاعل بين المجالين القانونى والأدبى. فأنا انتقل بين القانون ودقته إلى نعومة الأدب وليونته وأفكاره الموسعة. أحاول التوازن بينهما لأنهما يكملان أفكارى.

وأردفت: هناك شعراء وأدباء مميزين قانونيين. مثل توفيق الحكيم ولما كتب حمار الحكيم كتبها من منظور القانون فالقانون يؤثر بطريقة ما على شخصية الكاتب طبعا لكن هذا لا يجرده من قلمه وحسه الأدبى، لأن الأدب أيضا له ذائقته.

وعن الكتاب المصريين الذين قرأت لهم قالت: قائمة قرئاتى للأدباء المصريين طويلة، فهم من تناولناهم بالدراسة فى المدرسة فى المدارس الجزائرية هناك تنوع في البرامج، أدباء عالميين وأدباء عرب ولبنانيين، وكان لى نصيبى من الأدباء المصريين، مثل توفيق الحكيم، نجيب محفوظ يحيى حقى يوسف السباعى إحسان عبد القدوس.

وحول انتشار الرواية مقارنة بالأجناس الأدبي الأخري أكدت "ملهاق": لايوجد شيء اسمه سحب البساط من جنس أدبى معين، فالأجناس الأدبية فى تطور مستمر وتفاعل وأيضا الذائقة متنوعة هناك من ذوقه فى الشعر. وأيضا فى الرواية والمهام ليست واحدة فكل جنس أدبى له مجاله. فمثلا أنا أغلب روايتى فيها شعر. فلا تنافس بل تكامل، فقد الرواية حاليا عرفت تنافس فى الجوائز التى أعطت أمد آخر للرواية.

وعن الرواية التاريخية قالت: الرواية التاريخية لها مجالها، ولها كتابها، فأنا مثلا أول رواية لي كانت تاريخية، تتحدث عن العشرية السوداء فى الجزائر بالتدقيق والتفصيل، لكن هذا لم يمنعنى للانتقال إلى مجالات وروايات أخرى اجتماعية ورومانيسية وكل شيء، حتى رواية "ذاكرة هجرتها الألوان" كان فيها جانب رومانسي. بالنسبة للكتاب الآخرين لا أعتقد أن هناك طغيان للرواية التاريخية. لكن هو الإعلام المؤثر وله دور كبير، ربما لأن الإعلام يبرز رواية أكثر من الأخرى فيظهر طغيان موضوع على آخر.

الجوائز الأدبية توثر على المشهد الثقافى إلى حد ما، لها تأثير اعلامى لكن التاثير الواقعى يبقى للناحية العلمية والجامعية، فالكتابات الروائية تأخذ حقها من الدراسات النقدية وهذا هو الأهم ربما أحيانا يعطى الزخم الإعلامى الرواية أما أقل أو أكثر مما تستحق.


وحول تأثير العشرية السوداء علي الرواية الجزائرية قالت "ملهاق": الأدب الجزائرى كأى أدب فى العالم يتفاعل مع المجتمع وتطوراته. فالأدب الجزائرى خاصة أثناء الثورة بدأ فى الأربعينيات، وعندما وصل الخمسينيات تأثر جدا بالثورة الجزائرية، وبعدها الاستقلال والنهضة وتأثر بها ثم هناك تراتبيات سياسية واقتصادية وطبعا تأثر بها. بعد العشرية السوداء ظهر أدب متفاعل جدا مع هذه الفترة. لأنها لم تكن كأى مرحلة فانا شخصيا كتبت متأخرا عن العشرية، لكن كتبتها بنفس اللحظة التى جرت فيها الاحداث. فلا أظن أن بعد العشرية أن هناك شخصا كتب ولم يشير إلى العشرية، والتى كان تأثيرها كبير جدا على كل من يكتب، فالمشاهد والتجربة كانت قاسية للغاية، والخروج من إحساس وتجربة العشرية لم يكن سهلا كان تحدي اجتماعى كبير وأظهر قوة الشعب الجزائرى وفكره والذى استطاع أن ينهض من جديد ويقضى على الفوضى.

وفي روايتي "لعنة اليربوع" تناولت الجرائم التى قامت بها فرنسا الاستعمارية فى أواخر الستينيات ضد الشعب الجزائرى فى الصحراء الجزائرية التفجيرات النووية الفرنسية والتى لاتزال آثارها ممتدة حتى هذه اللحظة نحن لم نتخلص من آثار التفجيرات النووية الفرنسية، فهى قضية دولية كبيرة، وأنا كتبتها على لسان إعلامية. هما أربع صديقات تناولن القضية التي أمتدت إلى الأبعاد الإنسانية الكبرى.

وعن الكاتبات في الجزائر أضافت "ملهاق": المرأة متواجدة فى أى مشهد وليس الثقافى الجزائر وحسب. لديها أفكارها وتفاعلها. وأنا شخصيا لا أفرق بين الأدب النسوى والرجالى فلما أكتب، أكتب عن الانسان، دون تصنيف فلا يوجد ثقافة نسائية ورجالية. فمثلا فى حين تشتهيك الحياة كتبتها على لسان وإحساس رجل، حتى أن بعض النقاد قالو لولا رأينا اسمك فضيلة ملهاق لفكرنا أنه رجلا من كتب. كتبت عن مشاعر رجل وإحساسه لامرأة وإعجابه بالمرأة. أنا ضد التصنيف، أكتب عن انسان فمشاكل الرجل والمرأة مشاكل إنسان مع بعض التميزات طبعا.
 

تاريخ الخبر: 2022-02-26 03:21:07
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 53%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:17
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 51%

سعيد بنكراد.. يكتب "تَـمَغْربيتْ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:25:52
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 52%

سعيد بنكراد.. يكتب "تَـمَغْربيتْ"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:00
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 69%

النقابة الوطنية للعدل تدعو إلى إضراب وطني بالمحاكم لثلاثة أيام

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-06 00:26:11
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 68%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية