حذر رئيس الجمعية العربية لتربية النحل رئيس فرع اتحاد النحالين العالمي (الإيبومنديا) للشرق الأوسط والدول العربية، البروفيسور أحمد الخازم الغامدي، من تفشي أمراض النحل نتيجة لتأخر موسم الأمطار خلال العام الحالي، لافتًا إلى أن النحل تعرض في المناطق الساحلية إلى ضٌعف شديد وموت بسبب الجوع، وبسبب الأمراض التي عادة تكون خاملة في الطوائف وتنشط عند إجهاد الطوائف وضعفها.

وكشف الغامدي لـ«الوطن» أن المرض الذي وجد منتشرا بشكل كبير هو مرض «النوزيما»، وهو منتشر في معظم دول العالم، ومن بينها السعودية، وموجود منه نوعان: الأول يسمى «نوزيما أيبس»، والثاني يسمى «نوزيما سيرانا»، والأخير يعتبر الأخطر والأشد فتكًا.

مصائب حبوب اللقاح

أفصح الغامدي عن أنه أثناء العمل على مشروع الحفاظ على النحل بالبلدي الذي ينفذ حاليًا، تم اكتشاف إصابة الطوائف بالمرض، خاصة خلال شهر نوفمبر الماضي، مضيفًا «عندما درسنا وحللنا الوضع وٌجدنا أن المصدر كان حبوب اللقاح والعجائن التي نغذي بها النحل، ما استدعى تحليل جميع عينات حبوب اللقاح والعجائن التي حصلنا عليها من الأسواق، ووجدناها كلها ملوثة بجراثيم النوزيما»، وشرح الغامدي تفاصيل إبلاغ إدارة المناحل بالوزارة، والتي وجهت بتقديم تقرير علمي شامل والتنسيق مع المحاجر لأخذ عينات من أي شحنة تصل، ومن كل الموجود بالسوق، وعند اكتمال التحليل يقدم لها تقريرًا لأخذ الإجراءات المناسبة في مثل هذه الحالة.

تصنيف الأمراض

أكد الغامدي، أن النوع المسمى «نوزيما أيبس» مسجل عالميًا منذ أكثر من 100عام، وفي السعودية مسجل رسميًا منذ عام 1989م، و«النوزيما سيرانا» مسجل عالميًا منذ أكثر من 25 عامًا، ومسجل في السعودية منذ عام 2017م، حيث رصدت في عينات النحل البلدي والنحل المستورد التي جٌمعت من المناحل.

وأضاف إن وضع النحل خلال العام الحالي كان مختلفا من منطقة لأخرى ومن نحال لأخر، ففي بعض المناطق لم يكن هناك مشاكل تٌذكر، وفي المناطق الساحلية تركزت المشاكل على المناحل التي لم يتم الاهتمام بها بشكل مثالي.

أعراض الأمراض

لفت الغامدي، إلى أن هذه الأمراض تنشط على الطوائف وتظهر أعراضها بشكل واضح عندما تضعف الطوائف، مؤكدا أن الدراسات البحثية الحديثة حددت أن الطوائف لا تحتاج للعلاج إذا كان متوسط أعداد جراثيم النوزيما أقل من مليون جرثومة (أي أن عتبة المكافحة هي مليون جرثومة لكل شغالة نحل)، ولكن إذا تزامنت الإصابة بالنوزيما مع وجود أمراض أخرى مثل الفاروا والفيروسات، فيفضل عمل مكافحة وقائية مع المحافظة على التغذية بحبوب اللقاح، مع العلم بأن أعداد الجراثيم قد تصل إلى 50 مليونًا في الشغالات شديدة الإصابة، كما أكد أن موت النحل ينتج عن مجموعة عوامل، منها تواجد النوزيما مع أمراض أخرى مع الإجهاد نتيجة عدم توفر حبوب اللقاح.

مكافحة المرض

شدد الغامدي على أن المرض لا يمكن التخلص منه بعد انتشاره، ولكن يمكن السيطرة عليه بممارسات تربية النحل السليمة، كما يحدث في بقية دول العالم، ومن الممارسات الجيدة التي يفترض أن يقوم بها النحالون بعد موسم السدرة، تغذية النحل البروتينية، وهي ممارسة مهمة لرفع مناعة النحل، والتغذية السكرية، وضم الطوائف الضعيفة، وفحص النحل للكشف عن وجود الأمراض ومكافحتها خاصة طفيل الفاروا ومرض النوزيما، وإجراء عملية التشتية المناسبة مع انخفاض درجات الحرارة، ونقل النحل إلى مناطق رعوية حتى لو كانت محدودة، سواء كانت في الساحل أو في أماكن تواجد المراعي عموما مثل نبات الأثل والعرفج، وغيرها مع استمرار تغذية النحل وتقويته تبعًا للحاجة.

انتقال العدوى

بالإضافة الى حبوب اللقاح والنحل المستورد تنتقل العدوى أيضا من خلال الماء الملوث، والعسل والغذاء الملكي، وأدوات تربية النحل الملوثة، كما أظهرت بعض الدراسات العالمية أن جراثيم النوزيما قد تنتقل بواسطة الدبابير وطائر الوروار والنحل القزم، وتنتقل للملكات من خلال الحيوانات المنوية، وتنتقل من خلال جمع حبوب اللقاح من الأزهار التي زارها نحل مصاب، وأيضا تنتقل داخل المنحل بواسطة الهواء.

إدارة المناحل

أفصح الغامدي عن أوضاع المناحل التي زارها في المناطق الساحلية، مؤكدًا أن بعض المناحل كانت قوية بسبب إدارتها الجيدة من قبل النحالين المتمرسين، بما في ذلك تغذيتها بالتغذية البروتينية والسكرية، ومكافحة الأمراض بعد انتهاء موسم السدر، ونقلها إلى مراعي الأثل، مشددًا على أن المناحل التي يعتمد أصحابها على العمالة، خاصة غير المدربة أو تلك المناحل التي لم تحظ بالاهتمام كانت أكثر تضررًا خاصة الخلايا التقليدية.

إيقاف الاستيراد

حول رأيه في مطالبة كثير من ملاك النحل البلدي بإيقاف استيراد النحل، أكد الغامدي أنه يدعم قرار إيقاف استيراد النحل، ولكن في الوقت المناسب، خاصة أن آخر إحصائية كشفت أنه يتم استيراد أكثر من مليون طرد سنويًا، وتوقف استيراد هذه الكمية فجأة سيؤثر على مصدر رزق شريحة كبيرة من المجتمع، وسترفع أسعار العسل أضعافًا، والسبب عدم توفر كميات نحل بلدي كافية لتحل محل المستورد، ورأى أن يتم في الفترة الحالية التشديد في تطبيق إجراءات الحجر الزراعي، والنظر في حد الاستيراد في أوقات محددة من العام.

الآلية المناسبة

أعد الغامدي خارطة طريق لمعالجة المشكلة، تتمثل في الوقف التدريجي للاستيراد، وتمتد فترة الوقف التدريجي إلى 5 أو 7 أو 10 سنوات؛ بحيث يٌنتج خلال هذه الفترة كميات من النحل البلدي ضمن المحطات القائمة والجديدة ومن خلال الجمعيات التعاونية، على سبيل المثال يٌنتج نسبة معينة، ويخفض الاستيراد بنفس النسبة، وقد تختلف النسبة هذه من سنة إلى أخرى، وتعتمد طول الفترة على النسبة التي تٌنتج وعلى الدعم الذي تخصصه الوزارة للمنتجين في بدايات الإنتاج.

سد الفجوة

يرى الغامدي أن جهود وأنشطة وزارة البيئة والمياه والزراعة التي تتم بتوجيهات معالي الوزير وسعادة وكيل الوزراة لشؤون الزراعة جادة في سد الفجوة بين كميات النحل المستورد والبلدي، مؤكدًا أن الوزارة شغلت 6 محطات لتربية الملكات وإنتاج الطرود، وجار إنشاء عدد إضافي قد يصل إلى خمس محطات جديدة في عام 2022م، كما يجري تنفيذ مشروع لحماية سلالة النحل المحلية الذي سيكون من مخرجاته توزيع 5000 ملكه محسنة توزع مجانا على المحطات والجمعيات والنحالين، إضافة إلى تخصيص مناطق للنحل البلدي فقط يمنع فيها دخول النحل المستورد مثل منطقتي جازان والمدينة، وتخصيص أوديه أو مواقع في مناطق أخرى للنحل البلدي، فقط حسب اتفاق النحالين في كل منطقة، إضافة إلى تدريبه مئات الشباب من خلال مشاريع التوطين ليكونوا مؤهلين لإنتاج الملكات، وتدشين الوزارة عيادات متنقلة تركز على تشخيص أمراض النحل البلدي ومعالجته، وأخيرًا قروض صندوق التنمية الزراعية المخصصة للنحل البلدي.

رسائل للنحالين

ألمح الغامدي إلى أن الكثير من النحالين يتضررون نتيجة معلومات غير موثوقة أو مغلوطة تزخر بها وسائل التواصل الاجتماعي، فيما يتعلق بإدارة طوائف النحل، داعيًا النحالين إلى العودة للمراجع العلمية التي أصبحت بفضل التقنيات وبرامج الترجمة متاحة للجميع، ومناقشة المتخصصين الذين حصلوا على شهادات في المجال.

إستراتيجيات وخطط تطوير قطاع النحل:

- تسهيل إجراءات استيراد وتسجيل العلاجات والمغذيات والمنشطات.

- تنظيف السوق من المنتجات المستورد غير المصرح بها.

- دعم النحالين بالعلاجات والتغذية البروتينية، خاصة للمناحل الثابتة والنحل البلدي والخلايا الحديثة.

تخصيص مُرشدين للزيارات الدورية، خاصة وقت تجمع النحالين.

- البدء في تطبيق نظام الاستيراد الجديد الذي يهدف إلى تنظيم الاستيراد والمحافظة على جودة النحل والمنتجات المستوردة، ودراسة إماكنية الاستيراد الموسمي في أوقات محددة من العام.

- تفعيل الحجر الزراعي ورفض دخول أي عينات نحل أو منتجات موبوءة حسب النسب المسموح بها عالميًا.

- تفعيل عمل العيادات المتنقلة لتشخيص ومكافحة الأمراض وتلافي الإصابات مستقبلا.

- تطوير وتشغيل الجمعيات وربط أي دعم باستعدادها للتطور وبتقييم الأداء.

- تخصيص مناطق معزولة للنحل البلدي.

- تشغيل المحطات بشكل مثالي.

- الاستفادة من مبادرة الزراعة الخضراء لزيادة الغطاء النباتي.

- عمل خارطة رعوية لجميع مناطق المملكة.

- إعداد دليل موسمي للعمليات النحلية والممارسات الجيدة في تربية النحل.

- فرض برنامج تغذية النحل والعلاج الجماعي في وقت محدد.

- تحديد أيام أو أسابيع إرشادية في المناطق.

- مراقبة العسل والكشف عن متبقيات المبيدات والمضادات الحيوية والكشف عن الغش بالمواد السكرية.

- ربط الدعم بحصول النحالين العاملين في المناحل على التدريب.

دور النحالين

- تطبيق الممارسات الجيدة في تربية النحل، منها تغيير الملكات كل عام، مكافحة الأمراض، تغيير ثلث الأقراص كل سنة، تغذية داخلية، تشتيه، ضم، وغير ذلك.

- الالتزام بأخلاقيات المهنة، خاصة في مجال التستر، تسكين النحل في المراعي، المسافة بين المناحل، التغذية، وغير ذلك.

- تطوير المهارات والتدريب، خاصة أن الأمر أصبح سهلا مع وجود التقنيات والترجمة ووجود مراكز التدريب ودورات الوزارة.

- التعاون مع الوزارة والباحثين في تعبئة الاستبيانات لمساعدة أصحاب القرار على معرفة الوضع واتخاذ القرار المناسب.

- عدم الاعتماد على العمالة في إدارة المناحل، وإنما يكونوا مساعدين للنحال.

- الانتساب للجمعيات التعاونية والمساهمة في تفعيل برامجها وأنشطته.