شعرت الأوكرانية "أولغا" بالارتياح فور وصولها إلى الأراضي الرومانية، بعدما تمكنت من نقل أطفالها الثلاثة إلى بر الأمان، عبر نهر الدانوب، فراراً من الغزو الروسي لبلادها.

أوضحت "أولغا"، موظفة في مجال التسويق (36 عاماً)، "رافقنا زوجي حتى الحدود قبل أن يعود إلى كييف للقتال"، وفق حديثها لوكالة الصحافة الفرنسية.

و"أولغا" هي واحدة من مئات الأشخاص الذين وصلوا، السبت، إلى المعبر الحدودي في بلدة إيزاكيا على الجانب الروماني من الدانوب.

وتخشى رومانيا، العضو السابق في الكتلة الشيوعية التي أصبحت جزءاً من حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي، أن تجد نفسها على خط المواجهة ضد روسيا إذا اجتاحت موسكو أوكرانيا المجاورة.

منذ بداية الغزو الروسي الخميس، عبَر رومانيا أكثر من 25 ألف أوكراني، وفق بيانات حرس الحدود الرومانيين.

في ميناء إيزاكيا الصغير على ضفاف النهر، قالت "أولغا" إنها تنوي تمضية بضعة أيام في رومانيا، قبل أن تواصل طريقها إلى بلغاريا المجاورة.

بدوره، قال المحامي أندريه (40 عاماً)، إنه يخشى أن يكون أجبر على الفرار من بلاده إلى الأبد.

وأضاف بعد عبور النهر مع زوجته وأطفاله الثلاثة "لن نتمكن أبداً من العودة إلى أوكرانيا".

وأوضح أن عائلته أجبرت بالفعل على الفرار من منزلها في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا، جراء الصراع الذي اندلع فيها عام 2014، ووجدت ملاذاً في مدينة أوديسا الأوكرانية، قبل أن تنقطع جذورها من جديد.

الروس على الحدود الرومانية

تشعر رومانيا التي تشترك في حدود طولها 650 كيلومتراً مع أوكرانيا، الآن بأن عضويتها في حلف شمال الأطلسي ستحميها من أي عواقب عسكرية أكثر خطورة.

والسبت، قال رئيس هيئة أركان الدفاع الجنرال دانيال بيتريسكو: "نظراً إلى دينامية الأمن الإقليمي، هناك احتمال ضئيل بأن تصبح البلاد هدفاً لعمل هجومي تقليدي من روسيا".

لكن على مدى الأشهر الماضية من التوترات المتزايدة في المنطقة، طالبت رومانيا مراراً بإرسال تعزيزات إلى الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، واستجاب حلفاؤها لطلبها.

فأرسلت الولايات المتحدة أسطولاً من مدرّعات "سترايكر"، ونحو ألف جندي إلى قاعدة رومانية قرب البحر الأسود، وهي إضافة إلى 900 عسكري متمركزين أصلاً في البلاد.

وخلال الشهر الماضي، انضمت ست طائرات من طراز "يوروفايتر تايفون" تابعة سلاح الجو الألماني إلى أربع طائرات مماثلة أرسلتها إيطاليا قبل الأزمة.

والجمعة، قال رئيس هيئة أركان القوات الفرنسية، إن 500 جندي سيجري إرسالهم إلى الدولة الواقعة في شرق أوروبا.

فيما ازداد الموقف تعقيداً بسبب استيلاء روسيا على جزيرة الأفعى الأوكرانية، وهي نتوء صخري غير مأهول لكنه استراتيجي في البحر الأسود، يقع على مسافة 45 كيلومتراً من الساحل الروماني.

وفي الماضي، طالبت بوخارست وكييف بالجزيرة قبل أن تمنحها محكمة العدل الدولية لأوكرانيا عام 2009.

والجمعة، صرّح وزير الدفاع الروماني فاسيلي دانكو عقب الاستيلاء على الجزيرة "سيتعين علينا التعود على العيش مع الروس على حدودنا".

وأضاف "لكن هذه حدود للناتو، لن تكون رومانيا وحدها في مواجهة هذا الأمر، بل ستحظى بالدعم إذا لزم الأمر".

رغم ذلك، تشعر رومانيا بالقلق من احتمال أن تقوم شركات النفط والغاز التي تعاقدت معها للتنقيب عن الغاز الطبيعي قبالة شواطئها، بتأجيل نشاطها مع وجود القوات الروسية قرب المياه الإقليمية الرومانية.

ولم تبدأ عمليات التنقيب بعد، لكن أي اكتشاف سيكون مصدراً ضخماً للغاز، بالنسبة إلى رومانيا.

من جانبه، شدد الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، على أن أهداف الكرملين لا تقتصر على أوكرانيا، مع مطالبته الحلف بسحب جميع القوات وإزالة البنى التحتية من الدول التي انضمت إلى الناتو منذ عام 1997.

وترغب روسيا في إزالة نظام الناتو المضاد للصواريخ من قاعدة "ديفيسيلو" العسكرية في جنوب رومانيا، ورغم أن الحلف يصر على أن الغرض من هذا النظام دفاعي بحت، لكن موسكو تعتبره تهديداً.

TRT عربي - وكالات