في غضون أربعة أيام من العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلنت القوى الغربية رزمة عقوبات ضدّ شخصيات ومؤسسات روسية، لكبح جماح عملياتها العسكرية على أراضي جارتها.

وتشمل العقوبات، التي تبنّتها دول أبرزها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي، تجميد أصول الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف.

وليل السبت، فُرضَت عقوبات على البنك المركزي الروسي وأُزيلَ بعض المقرضين في البلاد من نظام المدفوعات العالمي Swift، مع عقوبات اقتصادية أخرى.

كذلك، فُرضت عقوبات على سيرجي شويغو وزير الدفاع الروسي، وألكسندر بورتنيكوف رئيس جهاز الأمن الروسي، إذ أُدرجا في قائمة حظر السفر وتجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

هل ستنجح؟

على الرغم من حدة العقوبات الاقتصادية والمالية، التي تستهدف نحو 70 بالمئة من البنوك الممنوعة من الولوج إلى نظام التحويلات المالية العالمي "سويفت"، فإن إدارة الأزمة من جانب موسكو أمر ممكن.

يتمثل ذلك في أن القوى العظمى استثنت قطاع الطاقة (النفط والغاز) من العقوبات المالية، بما يعني أن تعاملات دول العالم مع موسكو قائمة، ويمكن تبادل المعلومات المصرفية عبر "سويفت".

وتوقن القوى العظمى بأن الاستغناء الكامل عن مصادر الطاقة الروسية (النفط والغاز) أمر غير ممكن في المستقبل القريب، لوجود أزمة نقص طاقة متزايد.

وفق تقرير لوكالة الطاقة الدولية، فإن غالبية منتجي الغاز الطبيعي حول العالم يعملون بطاقتهم القصوى، ولا يمكن تنفيذ زيادة كبيرة في غضون أسابيع أو شهور لتلبية حاجة أوروبا.

ووفق بيانات شركة غازبروم، فإن روسيا تزوّد القارة العجوز بأكثر من 170 مليار متر مكعَّب من الغاز الطبيعي سنوياً، تمثّل 41 بالمئة من إجمالي حاجة أو روبا من هذه السلعة.

كذلك تُعتبر روسيا اليوم ثاني أكبر منتج للنفط الخام في العالم، بمتوسط يومي يبلغ 10.2 مليون برميل، حسب بيانات منظمة البلدان المصدّرة للبترول "أوبك".

أزمة ثقة

إلا أن الأزمة الحالية قد تكبّد روسيا خسائر طائلة مرتبطة بالتدخل لبيع جزء من أصولها الاحتياطية لوقف هبوط سعر صرف الروبل الروسي.

وصعد مؤشر الدولار الأمريكي أمام الروبل الروسي إلى 83 لكل دولار واحد، مقارنة مع 76 روبل لكل دولار الأسبوع الماضي، حسب بيانات البنك المركزي الروسي.

ونشرت "بلومبرغ" الأحد أن طوابير بدأت تظهر أمام أجهزة الصراف الآلي لدى البنوك الروسية للحصول على الدولار، خوفاً من هبوط سعر صرف الروبل.

جاء الاندفاع على العملات الأجنبية على الرغم من بيع بعض البنوك الدولار أغلى بمقدار الثلث من سعر إغلاق السوق الجمعة الماضية، أي أكثر من 100 روبل لكل دولار.

وعلى الرغم من امتلاك روسيا احتياطيات أجنبية (نقداً وذهباً) بقيمة تتجاوز 634 مليار دولار، فإنها مرشحة للتراجع بحدة في حال تعميق العقوبات المالية والاقتصادية خلال الأيام القادمة.

في سياق آخر، قد يدفع استمرار التضييق الحالي عديداً من الشركات الأجنبية إلى التخارج من السوق الروسية، بما يعني حاجة البلاد إلى مزيد من السيولة النقدية لتعويض الاستثمارات المتخارجة.

ليل الأحد، وبعد ضغوط من الحكومة البريطانية، أعلنت شركة "بريتيش بتروليوم" أنها ستتخلى عن ملكيتها البالغة 19.75% لشركة "روسنفت"، وهي شركة نفط روسية، بسبب التطورات العسكرية على أوكرانيا.

وقالت الشركة في بيان إن الرئيس التنفيذي للشركة النفطية برنارد لوني استقال أيضاً من مجلس إدارة روسنفت "بأثر فوري".

AA