«التغيير» تتحرى في ظاهرة قتل نشطاء الثورة السودانية


هل هي عمليات تصفية ممنهجة ومتعمدة للناشطين وقيادات الحراك بالسودان؟ أم هي حوادث اغتيال عشوائية تصادف الحضور الدائم لقادة اللجان الثورية في مقدمة المواكب؟

«التغيير» تتقصى عن سر سلسلة الاغتيالات التي تعرض لها نشطاء بارزين في الاحتجاجات المنددة بالانقلاب العسكري.

التغيير: سارة تاج السر

بعد انقلاب قائد الجيش الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في 25 أكتوبر العام الماضي، تصاعدت جرائم القتل خارج القانون، حتى وصلت إلى اغتيال 86 شهيداً، القاسم المشترك بينهم، أنهم الأكثر تاثيراً في الحراك الاحتجاجي.

وكان من بين سقوط أول ضحايا الانقلاب صبيحة 25 أكتوبر 2021، ثلاثة من قادة لجان المقاومة، الشهيد جمال عبد الناصر الشاذلي الشهير “بجوية” والذي  توفي جراء 3 رصاصات في البطن، الصدر، وطلق بالفك، خرج بالعين، وذلك بمحيط القيادة العامة بالخرطوم.

ولقب ناصر، بجوية، لأنه كان أحد حماة ترس الجوية أثناء اعتصام القيادة العامة.

وقنصت القوات الأمنية بجسر كوبر، محمد عبد السلام “ميدو” برصاصتين في الكتف والبطن في ذات اليوم، إلى جانب الطبيب محمد عبد الرحيم “السعودي”.

وتوفي في 27 أكتوبر، الشهيد قاسم الصادق من لجان مقاومة جنوب الحزام، متاثراً بإصابته بطلقتين، يوم 25  في شارع المطار.

واغتيل عضو لجان مقاومة بحري مروان جمال، في شمبات برصاص الاحتياطي المركزي في 28 أكتوبر .

وفقدت لجان المقاومة في 17 نوفمبر عشرات الشهداء في المجزرة التي راح ضحيتها قرابة 20 شهيداً على رأسهم ست النفور أحمد بكار، حمد علي ميرغني، صابر عثمان محجوب، حاتم محمد حسنين، لؤي تاج السر عبدالرحمن، محمد أنور صديق، مزمل الجنيد سليمان، عوض الكريم عبد المجيد خالد، يوسف محمد، عثمان محمد أحمد عثمان، علي خالد شكاك/ علي برير محمد، بلال محمد أحمد، وأبوبكر صلاح عثمان.

وفي مجزرة 30 ديسمبر قتل محمد ماجد محمد علي زروق (بيبو) وتبعه صديقه عبد الله عباس طه (الروسي) في اليوم التالي جراء إصابته برصاص القوات الأمنية في مجزرة شارع الأربعين، وبعد 72 ساعة لحق المهندس حسام الدين آدم، بصديقه (الروسي) في موكب 2 يناير بعد خروجه من منزل عزاء الأخير مباشرة .

واغتيل عضو لجان مقاومة بحري الريح محمد، بطلق ناري في البطن بمليونية 13 يناير، وارتقى عضو لجان أمبدة، علي حب الدين في ذات اليوم إثر إصابته مباشرةً بعبوة غاز مسيل للدموع.

ونفذت قوات الأمن في 17 يناير مجزرة جديدة سقط خلالها 7 قتلي من بينهم عضو لجان مقاومة الخرطوم جنوب حسن إبراهيم البشير محمد الماحي، بجانب محمد عثمان الشريف، سراج الدين عبد الله احمد، محمد نور (بيشو)، ومضوي ضياء الدين محمد أحمد.

وفي 22 يناير شيع الآلاف، بود مدني، الشهيد محمد خلف الله الشهير   (شعيرية) الذي أصيب في مليونية 17 يناير .

وارتقت روح الشهيد محمد عامر عليش من لجان مقاومة الجريف خلال مشاركته في مليونية 24 يناير إثر إصابته برصاصة في الرأس من قبل قوات السلطة الانقلابية.

واستشهد عضو لجان البراري ثابت معاوية، إلى جانب الشهيد قاسم محمد من لجان مقاومة مدني جراء إصابته في الرأس والكتف.

كبلو: من قادوا الحراك هم الأكثر تأثيراً وقتلهم كان مع سبق الإصرار والترصد

وأعلنت تنسيقيات لجان كرري في 26 يناير استشهاد عبد المنعم نجل استشاري النساء والتوليد المعروف محمد علي، إثر إصابته بطلق ناري في العنق بموكب 30 ديسمبر بأم درمان.

وفي 30 يناير استشهد عضو لجان مقاومة أم درمان القديمة محمد يوسف، بعد إصابته برصاصة في الصدر، وفي 15 فبراير توفي الشهيد منذر عبد الرحيم،  من لجان مقاومة أم درمان إثر إصابته بمليونية 14 فبراير برصاصة في الكتف الأيسر اخترقت الصدر.

ونعت تنسيقيات أم درمان (الترس) مهتدي حيدر، جراء  أصابته من القوات الانقلابية في مواكب أم درمان بالقرب من البرلمان في ذات اليوم 14 فبراير.

من القاتل

ربط مراقبون، عودة عمليات القتل التي تطال قيادات الحراك والثوار، من جديد، بإرجاع صلاحيات جهاز الأمن والمخابرات العامة، قبل مواكب 30 ديسمبر والتي راح ضحيتها 6 شهداء.

ولم يستبعد المتحدث الرسمي باسم تنسيقيات لجان الخرطوم عمر زهران، خلال حديثه لـ(التغيير) تورط جهاز الأمن، في حملات القمع التي طالت النشطاء.

وتابع: “كلنا يعلم قذارة هذه المؤسسة والطريقة التي تعمل بها”، كما حمّل السلطات الانقلابية وكافة مؤسساتها الأمنية ومؤيدوها من الحركات المسلحة، مسؤولية القتل الممنهج بحق الثوار.

مضيفاً: “هناك موجات من العنف غير المبرر في استهداف الشعب السوداني”.

صدقي كبلو

واعتبر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي صدقي كبلو، أن هذا العمل ممنهج وصادر من جهة سياسية.

قبل أن يصوب أصابع الاتهام للحركة الإسلامية المحلولة، بالوقوف مباشرة خلف اغتيالات قادة الحراك.

وأكد في اتصال هاتفي مع (التغيير) أن انقلاب البرهان امتداد  لانقلاب يونيو 1989 وحاضنته.

طرف ثالث

مع تصاعد سلسلة الاغتيالات تسرع الحكومة  لنفي مسؤوليتها عن تلك العمليات وتأكد عدم علمها بمنفذيها، وما فتئ قائد الانقلاب عبد الفتاح البرهان، يجدد نفيه في أكثر من مناسبة، إصداره لاية تعليمات بقتل المتظاهرين السلميين، كما شدد على أن القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى يستحيل أن تفكر يوما في إشهار و توجيه سلاحها لقتل أبناء شعبها، واتهم أجهزة أمنية وطرفاً ثالثاً بالضلوع في عمليات القتل، وأطلق وعودا بفتح تحقيقات في الأمر.

قائلاً: نسعى لمعرفة القتلة، سوى كانوا من الأجهزة الأمنية أو من طرف ثالث، لافتاً إلى انه سيتحمل المسؤولية إذا ثبت إنه من  أصدر أوامر القتل.

منظم أم عشوائي؟

المتحدث الرسمي باسم تنسيقيات لجان مقاومة الخرطوم، د. محمد أنور ، أكد لـ(التغيير) أن هناك استهدافاً للجان وكل الكتل الثورية التي أخذت موقفاً مبدئياً وعملياً ضد الانقلاب مثل غاضبون وملوك الاشتباكات غيرهم.

وأشار إلى أن الاستهداف يشمل الناشطين داخل اللجان، والكتل الثورية التي تكون في مقدمة المواكب.

وتابع: نعتقد أن الأخيرة –الكتل الثورية-  يتم استهدافها بشكل منظم.

ونبه أنور إلى نقطة مهمة وهي أنه بالرغم من أنّ بعض الاغتيالات تتم في مناطق احتكاك بين القوات النظامية والمتظاهرين السلميين، في شوارع رئيسية مغطاة بكاميرات مراقبة على الأرجح، إلا أنه لا توجد جدية من الحكومة في الكشف عن قتلة الشهداء.

موضحاً أن كاميرات المشاركين في المواكب تحمل المئات إذا لم يكن الآلاف من المقاطع التي توثق  انتهاكات جسيمة، وهي متوفرة بوسائل التواصل الاجتماعي.

أنور:  الاغتيالات تتم في شوارع مغطاة بالكاميرات ومع ذلك يفلت القتلة

وأكد عضو لجان مقاومة جبل أولياء عبد العظيم إسحق علي عبد الله، أن هناك قواسم مشتركة بين ضحايا الانقلاب، وكل من استشهد كان لديه تأثير ودور فعال في العمل العام والعمل الخدمي، والإنساني، ورفع الوعي والتأثير على مستوى الحراك، بمعني آخر كان لديهم رأس مال اجتماعي وقبول منقطع النظير  وهو ما يشكل أكبر خطر على الانقلابيين (حد قوله).

مشيراً إلى أن القتل يكون أحيانا بتنميط، لأصحاب الشعر  الطويل المسدل أو المفلفل، حيث يعتقد الانقلابيين وأجهزتهم القمعية أن (الراستة) إما شيوعي أو علماني.

ونبّه إلى أن تتبع الخيوط يقودنا إلى نتيجة واحدة أن الشهداء كانت بينهم علاقات ما، وهذا يؤكد أن القتل لم يكن عشوائياً، فأصحاب “الشلة” الواحدة أو من يتحركون في مجموعة بعينها هم دائما في دائرة الاستهداف.

معتبراً أن عمليات القتل المتسلسل تحمل رسائل مفادها “سنتستهدفكم الواحد تلو الآخر .. ولدينا قائمة أخرى بمطلوبين”.

ومضي صدقي كبلو في ذات الاتجاه، مؤكداً فرضية القتل الممنهج للثوار.

قائلاً: ما يحدث الآن أشبه بالتصفيات التي حدثت في اعتصام القيادة العامة، حيث كان الاستهداف للثوار الذين قادوا التظاهرات.

مشيراً إلى أن ذلك يثبت في حالة الشهداء الذين وصلوا إلى 86 شهيداً.

وقال القيادي الشيوعي:  ليس من باب الصدفة الاستهداف الذي تم في 17 نوفمبر، و30 ديسمبر و30 يناير وغيرها.

وواصل بأن من قادوا الحراك هم الأكثر تأثيراً وقدرة على الخطابة والإبانة.

وأكد أن قتلهم كان مع سبق الإصرار والترصد والتخطيط، وأن القاتل كان يبحث عنهم.

بيد أن عضو تنسيقيات لجان مقاومة بحري، محمد عبيد، قال إن الاستهداف لم مقصودا لناشطين بأسمائهم وشخصياتهم.

وذهب في إفادة لـ (التغيير) إلى أن القتل كان للفاعلين في الحراك.

وتابع: من الطبيعي أنّ

يكون المستهدفين من لجان المقاومة من داخل المواكب والمليونيات، لأنهم الابرز  في دائرة الفعل والتأثير .

تاريخ الخبر: 2022-03-01 21:21:59
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 55%
الأهمية: 62%

آخر الأخبار حول العالم

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:49
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 56%

حركة حماس تقول إنها تدرس "بروح إيجابية" مقترح الهدنة في قطاع غزة

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-03 12:27:46
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 67%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية