المدنيون والحقيقة.. أولى الضحايا


اشتعلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا منذ أسبوع تقريبًا، وطوال الأيام الماضية لم نعرف إلا القليل جدًا عن الحقيقة، لم نعرف أعدادًا واضحة للضحايا، لم نعرف خسائر كل فريق، ولم نعرف خسائر حلفاء كل فريق، بل لم نعرف خسائر العالم.

المراكز السياسية والاستراتيجية فى العالم تقول تقديرات، عناوين الأخبار ترجح أرقامًا، هذا الفريق وذاك يصدران بيانات يعلنان فيها عن تقدمهما فى المعارك أو استبسالهما فيها، هذا الفريق وهذا الآخر يقولان إنهما سينتصران، ولكن لا شىء واضح.

خريطة العالم تبعثرت، بين مؤيد ومتحفز وخائف وقلق وفارض عقوبات، الدول تنعى الضحايا الذين لا نعرف لهم أرقامًا، وتدعو إلى ضبط النفس وضبط المؤشر على حالة من السلم، الذى لا نعرف له آليات أو ضوابط أو محددات. الخريطة المتبعثرة أساسًا بفعل مستجدات التحالفات والعلاقات الجديدة زادت بعثرتها، وزاد اشتعالها.

السياسيون والخبراء يقولون تنبؤات ويكتبون دراسات، ولكن لا أحد يملك الحقيقة كاملة، لا أحد لديه القدرة على رسم صورة كاملة للصراع الدائر فى هذه المنطقة من العالم، وربما أكون أوضح فى هذا الطرح عندما أقول إنه لا أحد يملك تصورًا لما ستؤول إليه الأوضاع فى الأسبوع الثانى من الحرب، بل لا أحد يملك تصورًا لما سيحدث غدًا، وربما الساعة التالية.

نحن فى زمن جديد، زمن يقولون إنه زمن المعلومات والسموات المفتوحة على الجميع، يقولون إنه زمن الحقائق التى يمتلكها الجميع، طالما لديك شبكة إنترنت، زمن الجميع حاضر إلى جوار الجميع، زمن الفيس بوك وتويتر وتيك توك، زمن ما يقوله ترامب عبر حساباته فى السوشيال ميديا يعرفه المواطن الساكن فى السيدة زينب، ولكن لا هذا ولا ذاك لديه ما يقول.

لم أسترح فى البداية إلى تسمية الحرب الروسية- الأوكرانية حربًا عالمية ثالثة، لكن بعد أسبوع هل مازلت أستطيع تسميتها كذلك؟ لم نعد نعلم.

الضحية هنا ليست آليات عسكرية أو قدرات نووية أو اقتصادية، الضحية ليس جنودًا أو طائرات أو دبابات، الضحية هنا الحقيقة والمدنيون الذين راحوا تحت الركام.

الحرب حتمًا ستنتهى، علمنا التاريخ ذلك، ولكن هذا التاريخ لن يغفر لعالمنا الآن أن أناسًا قتلوا الحقيقة، وسفكوا دماء المدنيين، وما أكثر من سُفكت دماؤهم ليس فى الصراع الدائر الآن، ولكن قبل ذلك فى بلدان عديدة وتحت مسميات زائفة.

نقلا عن "المصري اليوم"

تاريخ الخبر: 2022-03-04 03:16:40
المصدر: العربية - السعودية
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 88%
الأهمية: 93%

آخر الأخبار حول العالم

البرهان: لا مفاوضات ولا سلام إلا بعد دحر “تمرد” الدعم السريع

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:22
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 57%

البرلمان المغربي يشارك في الدورة ال 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-09 12:25:19
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية