بعد الحرب الروسية على أوكرانيا وتصاعد حدة العقوبات الغربية على روسيا ووصولها إلى حد إدراج الولايات المتحدة 22 شركة روسية متخصصة في مجال الدفاع على لائحة العقوبات، قالت وكالة الفضاء الروسية روسكوسموس إن موسكو قررت وقف تزويد الولايات المتحدة بمحركات الصواريخ رداً على عقوباتها ضد روسيا بعد غزو أوكرانيا.

وقال ديمتري روجوزين رئيس وكالة الفضاء الروسية روسكوزموس يوم الخميس عبر التلفزيون الروسي الرسمي: "في مثل هذا الوضع لا يمكننا تزويد الولايات المتحدة بأفضل محركات الصواريخ في العالم. دعهم يطيرون على شيء آخر، أعواد المكنسة، لا أعرف ماذا"، حسب ما نقلته رويترز.

ووفقاً لتصريحات روجوزين فقد سلمت روسيا ما مجموعه 122 محركاً من طراز RD - 180 إلى الولايات المتحدة منذ التسعينيات، تم استخدام 98 منها لتشغيل مركبات إطلاق أطلس. فما قصة هذه المحركات؟ وكيف تبيع روسيا محركات الصواريخ للولايات المتحدة رغم العداء المتجذر منذ نهاية الحرب العالمية الثانية؟

أصل الحكاية

محرك الصواريخ الروسي إر دي - 180. (wikipedia) (Others)

منذ تسعينيات القرن الماضي ووسط وهج ما بعد الحرب الباردة بدأ مقاولو الدفاع الأمريكيون استخدام محرك روسي رخيص وفعال لإطلاق صواريخ عسكرية أمريكية إلى الفضاء. ولا تزال الولايات المتحدة غير قادرة على الاستغناء عن محركات الصواريخ السائلة "إر دي-180" الروسية، التي من دونها قد تدخل صناعة الفضاء الأمريكية أزمة حادة ريثما تستطيع إيجاد بدائل محلية أو تطويرها.

وفي الفترة التي تبعت انهيار الاتحاد السوفيتي -منتصف التسعينيات- بدأ الروس تطوير وإنتاج محرك الصواريخ السائل "إر دي-180" على أساس سلفيه "إر دي-170" و"إر دي-171"، اللذين استخدما في مركبة الإطلاق السوفيتية Energia ولا تزال مستخدمة في مركبات الإطلاق الأوكرانية Zenit.

وعام 1996 فاز "إر دي-180" بمناقصة إنتاج وبيع محركات روسية للولايات المتحدة، حيث يجري استخدام المحركات الروسية للمرحلة الأولى من مركبة الإطلاق الأمريكية "أطلس 5 Atlas V".

الحظر الروسي

وإلى جانب قرار موسكو وقف تزويد الولايات المتحدة بمحركات الصواريخ، قال روجوزين إن روسكوزموس ستتوقف أيضاً عن تقديم خدمة صيانة المحركات التي كانت قد سلمتها سابقاً إلى الولايات المتحدة، مضيفاً أن الولايات المتحدة لا يزال لديها 24 محركاً سيجري تركها الآن من دون مساعدة فنية روسية.

وتزامناً مع تعارض المصالح الأمريكية-الروسية بعد قيام الأخيرة في سوريا وشبه جزيرة القرم وفي جميع أنحاء العالم بدءاً من عام 2014، بات يُنظر إلى التكنولوجيا الروسية لإطلاق أقمار التجسس السرية وغيرها من الحمولات الحساسة على أنها مسؤولية أمنية وجيوسياسية. ومع ذلك يقول مسؤولو الدفاع إنه لا يوجد بديل جاهز متاح.

من جانب آخر طالب السياسيون الروس منذ عام 2014 بوقف تزويد الولايات المتحدة بالمحركات الروسية لتلبية احتياجات صناعة الصواريخ الأمريكية، وهو ما تحقق الخميس رداً على عقوبات غربية طالت صناعة الدفاع الروسية والبيلاروسية.

البدائل الأمريكية

منذ اشتعال النقاشات في الكونغرس الأمريكي حول المحركات الروسية قبل 8 سنوات تقريباً، أكد خبراء الصواريخ والفضاء الأمريكيون مراراً أن تطوير بدائل محلية ووضعها ضمن سلسلة الإنتاج الضخم قد يحتاج إلى سنوات، إن لم يكن عقداً كاملاً.

لكن العقوبات الروسية من شأنها أن تسرع خطوات الولايات المتحدة في هذا المجال، خصوصاً أن شركات أمريكية مثل "سبيس أكس" المملوكة للملياردير إيلون ماسك قد أعلنت في عام 2019 عن نجاح تجربتها في تطوير محرك رابتور، الذي باستطاعته إنتاج ضغط يصل لقرابة 270 باراً، أي أعلى من ضغط المحرك الروسي.

وقبل محاولة "سبيس أكس" وتحديداً في عام 2017، قدمت شركة Blue Origin محرك الميثان الجديد BE-4 الذي قد يكون بديلاً محتملاً للمحركات الروسية، والذي لأجل تطويره خصصت وزارة الدفاع الأمريكية 160 مليون دولار.

فيما يرى الخبراء أن شركة سبيس إكس ستستفيد بشكل كبير من حظر المحركات الروسية لأنها تستخدم من قبل منافسها الرئيسي، تحالف الإطلاق المتحد، وهو مشروع مشترك بين مقاولي الدفاع بوينج ولوكهيد مارتن.

TRT عربي