عن الاحتمالات المتزايدة للحرب النووية


د. مهند حاج علي

تتحول العقوبات الغربية القاسية على الجانب الروسي، الى حصار قد تكون تبعاته المالية والاقتصادية أشد وقعاً على روسيا من الحرب، وبالتأكيد ستتعاطى موسكو مع هذا التهديد المستدام على هذا الأساس. وفي موازاة ذلك، من الصعب أيضاً الجزم بأن المساعدات العسكرية الغربية إلى أوكرانيا، والسماح لمتطوعين بالمشاركة في المعركة ضد روسيا، ستمر دون رد ولو مؤجل من موسكو، سيما في ظل توالي التهديدات على لسان الرئيس فلاديمير بوتين وفريقه السياسي.

العقوبات والتصعيد العسكري ومأزق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا، قد يُؤديان الى أزمة وجودية، ويدفعانه الى حافة الهاوية في اتخاذ القرارات، وهذا خطر. لهذا السبب، نرى أن عدداً من الخبراء المرموقين في المجال النووي باتوا يُبدون قلقهم من مسار الأمور، ويتوقعون للمرة الأولى منذ عقود احتمالات تطور الوضع باتجاه اللجوء لهذا الخيار في حال تواصل تصعيد كل الأطراف.

جايمس أكتون مدير البرنامج النووي في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، كتب مقالاً عن التهديد النووي في صحيفة “واشنطن بوست”، داعياً الإدارة الأميركية وحلفاءها الى فتح كوة في الجدار وتأمين مخرج للرئيس الروسي بهدف تجنب مواجهة “نووية”. “الخطر بالحقيقة جدي تحديداً لأن التهديدات النووية لروسيا لن تنجح” في تحقيق أي أهداف سياسية، وفقاً لأكتون، وسنكون أمام بوتين معزول وغاضب يخوض حرباً تقليدية طويلة، ويُدير اقتصاداً يتحطم على وقع العقوبات الغربية. في هذا الموقف، تزداد احتمالات اللجوء الى الخيار النووي.

هذا التقويم لاحتمالات الخطر النووي يتقاطع مع كلام خبير آخر هو البروفيسور الإسرائيلي ديما أدامسكي الذي نشر أخيراً كتاباً بعنوان “العقيدة النووية الروسية: الدين والسياسة والاستراتيجية”. أدامسكي، كما نقل عنه عاموس هرئيل في صحيفة “هآرتس”، يرى ان بيان بوتين “النووي” احتوى على مفردات دينية وتاريخية لو أضفناها الى المسار المتوتر للحرب، فإنها تُثير القلق من هذا الاحتمال القاتل.

صحيح أن الهدف الروسي من هذه التهديدات النووية، هو تحقيق أهداف على الأرض من خلال دفع الطرف الآخر للتنازل عسكرياً أو سياسياً (تعهد بعدم الانضمام لحلف الناتو أو الاتحاد الأوروبي، وتسوية بشأن المناطق المتنازع عليها). إلا أن عدم تحقيق هذا الهدف، وتباطؤ التقدم الروسي، أيضاً يُؤديان الى ارتفاع احتمالات اللجوء لهذا الخيار، بما أن التهديد أو التلويح به لم ينفع في السير قدماً. وهذه ورطة لجميع الأطراف. في ظل التهديد النووي، هناك حدود لمدى الهزيمة التي بالإمكان إلحاقها بالخصم. إذا كانت إيران ردت على العقوبات بقصف الدول المجاورة، لماذا على روسيا أن تقبل بأقل من ذلك؟

هرئيل ينقل تحليلاً عن خبيرة أخرى من جامعة هارفرد هي الدكتورة فيونا هيل، مفاده أن بوتين واضح في كلامه عن وضعالخيار النووي على الطاولة، وهذا الرجل “إن كانت لديه وسيلة يستخدمها، وإلا فلماذا يملكها؟”. وأشارت الى استخدام روسيا بقيادة بوتين، مادة البولونيوم المشعة لتسميم خصوم سياسيين، و”إذا كان هناك من يعتقد بأن بوتين لن يستخدم سلاحاً يملكه لأنه وحشي، فليُعد حساباته”.

بغض النظر عن هذه الحسابات، بالإمكان اليوم توفير مخرج لائق بالحد الأدنى لروسيا دون تنازلات كبرى. انسحاب روسي من أوكرانيا مقابل تعهد من قيادتها بعدم الانضمام للحلف الأطلسي، ورفع تدريجي للعقوبات الغربية. وعلى الجانب الروسي التراجع عن قرار ضم شبه جزيرة القرم، والاعتراف بالسيادة الأوكرانية على المناطق المتنازع عليها، أو بعضها. المهم أن التنازل طريق مؤلم للحل، وكما يقول أكتون في مقاله، فإن “إنهاء الحروب يشمل دائماً تنازلات مؤلمة، وهي في نهاية المطاف أفضل من البدائل الأخرى ومن ضمنها في هذه الحالة، حرب نووية”.

تاريخ الخبر: 2022-03-04 15:22:12
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 60%
الأهمية: 58%

آخر الأخبار حول العالم

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:00
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 69%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:50
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 52%

الحوار الاجتماعي.. التفاصيل الكاملة لاتفاق الحكومة والنقابات

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:27:04
مستوى الصحة: 55% الأهمية: 59%

السجن 4 سنوات لصاحبي أغنية “شر كبي أتاي”

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-29 18:26:44
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 52%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية