اغتصاب أطفال الخلاوي.. اضطرابات وآثار نفسية بعيدة المدى

أثارت حادثة اغتصاب أحد شيوخ الخلاوي لعشرات الأطفال في إقليم دارفور- غربيّ السودان، ردود فعل غاضبة ومستنكرة، وأعادت وضع القضية على طاولة المختصين في المجالات الحقوقية والنفسية والإجتماعية.

التغيير- عبد الله برير

نحو «20» تلميذا على الأقل، تعرضوا للاغتصاب والتحرش من معلمهم، في أحدى خلاوي تحفيظ القرآن الكريم بولاية شمال دارفور- شمال غربي السودان.

وتعد خلوة تحفيظ القرآن، أحد أولى محطات بناء النشء وترسيخ القيم والمثل، وبناء الشخصيات القويمة، ولكنها تحولت بفعل سلوكيات بعض الشيوخ المنحرفة إلى أحد أبرز الأماكن التي تتم فيها جرائم التحرش والاغتصاب، الأمر الذي يقود إلى اضطرابات نفسية وتأثيرات اجتماعية وسلوكية بعيدة المدى.

أصل الحكاية

ووفقاً لما كشفته الأمين العام لمجلس رعاية الطفولة بولاية شمال دارفور حكمت حافظ محمود، بشأن حادثة اغتصاب شيخ خلوة لعشرين طفلاً تتراوح أعمارهم بين 6 و13 عاماً، أنّ المجلس تلقى بلاغاً في أكتوبر 2020 من 10 أسر يفيد بتعرض أبنائهم لتحرش جنسي في إحدى الخلاوي بالفاشر من قبل شيخ الخلوة الذي يبلغ من العمر 30 عاماً.

ووقعت الحداثة في محلية أمبرو التي تبعد نحو 290 كيلو متراً شمال غرب مدينة الفاشر حاضرة الولاية.

ونوهت حكمت في تصريحات إعلامية مؤخراً، إلى أن هنالك 10 أسر أخرى تكتمت على الأمر ولم تفتح بلاغات.

وذكرت أن هذه الحادثة هي الأولى من نوعها بشمال دارفور.

وقالت إن الإجراءات بدأت بواسطة النيابة وأسرة حماية الطفل وتم الوصول للأطفال العشرة وتلقوا دعماً نفسي وكانت استجابتهم كبيرة.

وأوضحت أن العقوبة في قانون حماية الأسرة والطفل لجرائم الاغتصاب والتحرش بالأطفال تتراوح بين (25) سنة إلى الإعدام.

ونوهت إلى دور الأطباء النفسيين والأجهزة الأمنية وحكومة الولاية ومتابعة حاكم إقليم دارفور .

وقالت حكمت، إن عدد الأطفال المغتصبين «بلغ عشرين طفلاً من الذكور تم الاعتداء عليهم في نوفمبر الماضي من قبل شيخ الخلوة المتهم في القضية».

وأكدت أن السلطات الأمنية ألقت القبض على المتهم في القضية منذ تاريخ الاعتداء على الأطفال، وحبسه في سجن «شالا» بالفاشر.

وأوضحت أن المتهم ألحق أذىًّ جسيماً في الأجهزة التناسلية لبعض الأطفال المغتصبين.

وذكرت أنهم جلسوا مع والي شمال دارفور نمر محمد عبد الرحمن، لمناقشة الأمر، وبناءً على ذلك تم القبض على المتهم، وترحيل عشرة من الأطفال إلى مدينة الفاشر لتلقي العلاج، وأجريت لهم جلسات علاجية مع اختصاصيين نفسيين لمدة شهر كامل.

وأوضحت حكمت أنهم حجبوا المعلومة عن الإعلام نظراً للحالة النفسية التي يعيشها الأطفال وأسرهم.

وأكدت أنهم كانوا في طريقهم إلى تمليك المعلومات للرأي العام بعد محاكمة المتهم وفقاً لقانون حماية الأسرة والطفل.

وكانت الأنباء تحدثت عن وقوع (15) حالة اغتصاب جديدة في خلاوي بمحلية اللعيت في ولاية شمال دارفور، وذكرت أنه تم التستر على الجريمة خوفاً من “طلاسم الشيخ”.

أثر بعيد المدى

وأوضحت الطبيبة النفسية رجاء محمد أحمد، أن «الاغتصاب هو فعل ذو طبيعة جنسية بإجبار أحدهم لملامسة أعضائك الخاصة أو بملامسة أعضائه الخاصة».

وقالت لـ«التغيير»: «حينما يحدث ذلك للأطفال، فاستقبالهم له يكون مختلفاً عن ما يحدث للكبار لأن عقلهم لم ينضج بعد، لذلك فأثره النفسي كبير جداً يؤدي لشعور الخوف، القلق والتوتر أثناء حدوث الحدث».

وأضافت: «أما الأثر البعيد المدى هو الاكتئاب، القلق، عدم الثقة في النفس، عدم الثقة في الآخرين، عدم المقدرة على إقامة علاقات مع الآخرين، عدم المقدرة علي حب نفسه، عدم المقدرة على ممارسة الجنس، اضطرابات الأكل، اضطرابات النوم، الاكتئاب، اضطراب التوتر بعد الصدمة وعدم الثقة في المجتمع ونظامه الأخلاقي لأن الفعل تم من نموذج المعلم ونموذج رجل الدين».

ونوهت إلى ازدياد احتمالية أن يمارس نفس الفعل على من هم أضعف منه، بالإضافة إلى الأثر الجسدي مثل النزيف، هتك الأعضاء الجنسية والتعرض للإصابة بالأمراض التناسلية.

وأكدت رجاء أنه من الضروري تثقيف أطفالنا أن جسدهم ملكهم وليس من حق أحد لمسه بغض النظر عن نوعية العلاقة التقديسية.

وقالت: «من المهم ملاحظة الوضع النفسي للأطفال وعند ظهور أعراض نفسية مفاجئة من المهم عرضه على المتخصص لأنه كلما تمت المعالجة سريعاً بعد التعرض يقل احتمال حدوث الأعراض بعيدة المدى التي بإمكانها أن تؤثر على مستوى حياة الفرد لبقية حياته».

وشددت رجاء على أنه من المهم عدم ترك الأطفال مع أشخاص لم يتم اختبار أخلاقهم قانونياً، وقالت: «الاغتصاب يدمر حياة الفرد».