اختبار واشنطن.. ما تفسير السياسة الأمريكية حيال الحرب في أوكرانيا؟

الرئيس الأمريكي جو بايدن عندما كان في منصب رئيس لجنة الخارجية في مجلس الشيوخ كان يقود جهود التشريع في الكابيتول في 1998 من أجل ضم بولندا وهنجاريا والتشيك لحلف شمال الأطلسي "الناتو"، وقال في حينه:"هذا إصلاح تاريخي لظلم فرض على الشعب في بولندا وهنجاريا والتشيك من قبل ستالين، وقدر بأن الناتو سيجلب 50 عاماً من السلام".

 كان يستمع له في حينه رئيس جهاز الأمن الروسي FSB “فلاديمير بوتين”، وهو جهاز الاستخبارات الذي ظهر خلفاً لجهاز الـ KGB، بعد عامين فقط،  أصبح رئيس جهاز الأمن الروسي رئيساً لروسيا، ربما تذكر بوتين تذكر "أيدولوجية" بايدن عند دخوله البيت الأبيض، وما تذكره أضاء داخله إشارات التحذير..

الأيدولوجية الأمريكية والهدف الروسي

بعد وقت قصير على دخوله إلى البيت الأبيض، ألقى الرئيس الأمريكي جو بايدن خطاباً في السياسة الخارجية، أعلن فيه أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تقف موقف المُتفرج، وأكد أن عليها أن تقود العالم في مواجهة تحديات المستقبل، وشدد على أن الولايات المتحدة ستدافع مع حلفائها عن القيم الأمريكية، وتحدث في حينه صانعو السياسات الأمريكية أن هذا هو عهد مواجهة التهديدات الخارجية – المقصود روسيا والصين- وحل الأزمات الداخلية التي تتعلق بالتداعيات الاقتصادية لجائحة كورونا. الغزو الروسي لأوكرانيا قد يكون جعل "المواجهة" أقرب مما توقع كثيرون. 

الأيدولوجية الأمريكية حيال الحرب واضحة منذ يومها الأول، فإدارة جو بايدن تمثل فكراً ليبرالياً، يتبنى الديمقراطية والدبلوماسية لغرض حل النزاعات، فالولايات المتحدة - التي تعبت من الحروب -  لم تطلق تهديدات باستخدام القوة العسكرية ضد روسيا، ووضعت لهذا شرطاً واحداً وهو: إذا غزت روسيا دولة من الناتو سنتحرك عسكرياً.

في المقابل، تعمل موسكو، على محاولة صياغة نظام عالمي جديد، يتوافق مع مصالحها الاستراتيجية في أوروبا وتمنع انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو الذي ترى فيه تهديداً لأمنها القومي.

وفي مقابل سياسة بايدن الدبلوماسية، يتحرك بوتين بالقوة العسكرية، والحديث في الأوساط السياسية يزعم أن هدف بوتين يتجاوز "أوكرانيا وانضمامها لحلف الناتو"، بل يهدف إلى إعادة الوضع الأمني في أوروبا إلى مرحلة ما قبل انهيار الاتحاد السوفيتي، وإعادة إقامة منطقة نفوذ روسي في شرق أوروبا، وإجبار الولايات المتحدة على أن تبعد عن حدوده، بقواتها ومنظومات سلاحها الاستراتيجي الدفاعي والهجومي الذي نشرته في شرق القارة الأوروبية.

اختبار واشنطن

الإدارة الأمريكية فهمت أنه بعد الانسحاب من أفغانستان في أغسطس الماضي، فإن العالم وحلفاءها يراقبون في صمت كيف تتحرك واشنطن للدفاع عن حلفاءها، وفي ضوء هذا، وإنطلاقا بالعمل من خلال الإيدولوجية الموضحة أعلاه، فإن إدارة بايدن، اختارت مواجهة روسيا من كل الجبهات ماعدا العسكرية.

فرضت واشنطن مع الحكومات الغربية عقوبات قاسية على روسيا وبوتين، والمقربين منه، ورجال الأعمال، وفرض حظر شامل على البنوك الروسية الكبرى، وقطعت العلاقات الاقتصادية الروسية مع المنظومة المالية في الولايات المتحدة، وتم طردها من الـ (SWIFT)، وأوقفت ألمانيا مشروع أنبوب الغاز نوردستروم 2، بالإضافة إلى إغلاق المجال الجوي أمام الطائرات الروسية، وتزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية فائقة، والهدف هو: عزلة تامة لروسيا ستخلف لها آثار اقتصادية كبيرة، قد تكون بعيدة المدى لكنها موجعة.

يحاول الغرب تكبيد الاقتصاد الروسي ثمناً باهظاً، والمس بمكانة روسيا في الساحة الدولية، وقد أثبتت الولايات المتحدة قدرتها على بلورة ائتلاف أوروبي بقيادتها في مواجهة روسيا، ولاتزال هناك انتقادات تطال الغرب باعتبار أن العقوبات لم توقف الهجوم الروسي على أوكرانيا، ولكن الأزمة الحقيقة أن البديل لهذا الخيار هو الذهاب في مواجهة شاملة، وهو ما يعني حرب عالمية ثالثة، مع رئيس يوجد لديه رؤوس نووية وزر تشغيل أحمر على مكتبه، وفي وقت قريب هدد باستخدامه أمام عيون العالم.

التداعيات

عالمياً: الحرب في أوكرانيا هي الاختبار الدولي الأول للولايات المتحدة بعد الانسحاب من أفغانستان، فالولايات المتحدة فعلت ما تعهدت به وهو عدم التدخل العسكري، والاكتفاء بالعقوبات، ولكن سيبقى تقييم: هل هذه الأيدولوجية ناجعة لمواجهة الدب الروسي أم لا؟

كما أن الواسعة للحرب ستتخطى حدود أوروبا، وسيبلغ صداها ساحات بعيدة، مثل الصين التي يمكن أن تجد في الأحداث فرصة للقيام بفرض سيطرتها على تايوان، والذي كانت تخطط له منذ عقود. 

إقليمياً: أثبتت الأزمة في أوكرانيا أهمية الشرق الوسط بالنسبة إلى واشنطن في المنافسة الاستراتيجية العالمية في مواجهة الصين وروسيا، إذ يُعتبر سوق الطاقة في الشرق الأوسط مصدراً إضافياً لتحدي الاحتكار الروسي في أوروبا.

على الرغم من الإدراك أن الولايات المتحدة تقلص تدخُّلها في الشرق الأوسط، فإن عدة دول في المنطقة لا تزال ترى في العلاقات الجيدة مع الإدارة الأمريكية مدماكاً مركزياً في عقيدتها الأمنية. لكن من جهة أُخرى، كانت دول المنطقة مهتمة أيضاً بالحفاظ على شبكة العلاقات مع روسيا، ونتائج المعركة في أوكرانيا سيكون لها تداعيات على هذا التوازن.

داخلياً: الأزمة أوكرانيا ستحسم مصير الانتخابات النصفية في الولايات المتحدة، ومكانة الرئيس الأمريكي جو بايدن بين الأمريكيين والعالم.

تاريخ الخبر: 2022-03-07 21:20:58
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 45%
الأهمية: 55%

آخر الأخبار حول العالم

رصد 54 مخالفة في منشآت التدريب الأهلية في شهر مارس السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:06
مستوى الصحة: 51% الأهمية: 65%

رواد مركبة الفضاء الصينية “شنتشو-17” يعودون إلى الأرض في 30 أبريل

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:17
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 60%

هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:14
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 67%

أمطار مصحوبة بعدد من الظواهر الجوية على جميع مناطق المملكة السعودية

المصدر: جريدة الوطن - السعودية التصنيف: إقتصاد
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:24:07
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 50%

الصين: “بي إم دبليو” تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 09:25:11
مستوى الصحة: 45% الأهمية: 58%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية