هل الصلاة تغير المشيئة الإلهية؟..وأن كانت لا تتغير “فلماذا نصلي”


تغلق أبواب وتفتح أخرى ويظل الإنسان ينظر لما هو غير متاح له، لأن العديد من البشر يتطلعون لما هو بعيد عن ايديهم سواء كان مادى او معنوى أو جسديا، ويبدأ البشر ان يطلبوا من الله ما يرغبون به بإلحاح شديد وعندما لا يتحقق طلباتهم يتمردون على الله ويبتعدوا عنه ومن هنا تأتي العديد من التساؤلات .. لماذا لا يستجيب الله أحيانًا لطلبات البشر من المرضى والمتضايقين، مع أنه قد وعد بالاستجابة وهو صالح ورحوم ومحب للبشر؟.. وهل عندما يصلي الإنسان يغير المشيئة الإلهية، وإن كانت المشيئة الإلهية لا تتغير أبدًا فلماذا نصلي إذا؟.. وردا على تلك التساؤلات توجه موقع وجريدة “وطنـي” إلى مسئولي الكنيسة لندرك صحة تلك الأمور.

قال القمص أبرام جيد كاهن كنيسة العذراء بعين شمس، يحتاج الإنسان طوال حياته لمن يعين ضعفه، ومن يسدد احتياجاته التي لا تنتهي. إن الإنسان الحكيم هو الذي يؤمن، ويثق في حب الله وكثرة صلاحه، لذلك يتكل على الله، الذي يعطي دائمًا بسخاء، كقول الكتاب: “وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ، فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ” (يع١: ٥).

ولكن استجابة الله تعتمد على صلوات وطلبات البشر، وأيضًا على حكمة الله وصلاحه.

ـــ العوامل بشرية من صلاة وثقة وإيمان تصنع العجائب

إن الثقة بالله شرط أساسي لاستجابة الصلاة، وذلك كقول ربنا يسوع المسيح: “إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ” (مر٩: ٢٣)، لقد آمن إشعياء النبي بقدرة الله العظيمة، وشهد بذلك قائلًا: “ارْفَعُوا إِلَى الْعَلاَءِ عُيُونَكُمْ وَانْظُرُوا، مَنْ خَلَقَ هذِهِ؟ مَنِ الَّذِي يُخْرِجُ بِعَدَدٍ جُنْدَهَا، يَدْعُو كُلَّهَا بِأَسْمَاءٍ؟ لِكَثْرَةِ الْقُوَّةِ وَكَوْنِهِ شَدِيدَ الْقُدْرَةِ لاَ يُفْقَدُ أَحَدٌ.”(إش40: 26).

وكذلك يستجيب الله طلبات وصلوات المتضعين، ويقيمهم من ضعفهم، بل يصنع بهم عظائم كقول كُلية الطهر العذراء مريم والدة الإله: “لأَنَّ الْقَدِيرَ صَنَعَ بِي عَظَائِمَ، وَاسْمُهُ قُدُّوسٌ” (لو1: 49).

أما المستكبرين فيقاومهم الله، وبالطبع لا يستجيب لطلباتهم كقوله: “… يُقَاوِمُ اللهُ الْمُسْتَكْبِرِينَ، وَأَمَّا الْمُتَوَاضِعُونَ فَيُعْطِيهِمْ نِعْمَةً” (يع4: 6).

إن الإنسان الحكيم يعرف ضعفه، ويثق في الله وفي حكمته وصلاحه أكثر مما يثق في قدرته وحكمته الشخصية كقول الكتاب: “وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ…” (أف3: 20).

:ــ الله لا يستجيب طلبات الأشرار

إن صلاة الأشرار مكرهة الرب لقد أكد الوحي الإلهي أن ذبائح الأشرار وصلواتهم مكروهة لدى الرب، وطلباتهم أيضًا مرفوضة قائلًا: “ذَبِيحَةُ الأَشْرَارِ مَكْرَهَةُ الرَّبِّ، وَصَلاَةُ الْمُسْتَقِيمِينَ مَرْضَاتُهُ. مَكْرَهَةُ الرَّبِّ طَرِيقُ الشِّرِّيرِ، وَتَابعُ الْبِرِّ يُحِبُّهُ” (أم15: 8- 9).

حقا إنه لا يوجد من يقدر أن يدعي أنه بلا خطية، وحقًا أيضًا أن الله يقدر ضعفنا، وأنه يستجيب للتائبين للمعترفين بخطاياهم السالكين في طريق الاستقامة والبر كقول الكتاب: “اِعْتَرِفُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ بِالزَّلاَتِ، وَصَلُّوا بَعْضُكُمْ لأَجْلِ بَعْضٍ، لِكَيْ تُشْفَوْا. طَلِبَةُ الْبَارِّ تَقْتَدِرُ كَثِيرًا فِي فِعْلِهَا” (يع5: 16)

أما إن أصر الإنسان على فعل الشر فلن يستجاب له كقول المرنم في المزمور: “إِنْ رَاعَيْتُ إِثْمًا فِي قَلْبِي لاَ يَسْتَمِعُ لِيَ الرب” (مز66: 18)، ومعنى كلمة راعيت هنا هي: أنه أحب الشر، ولم يتب عنه، بل تركه ينمو في قلبه.

ـــ أعمال المحبة والرحمة تحنن :قلب الله

لقد استجاب الله لصلوات كرنيليوس قائد المئة الأممي، الذي اشتهر بالعطاء وصنع الرحمة، فأرسل له ملاكًا يبشره قائلًا:”فَرَأَى… مَلاَكًا مِنَ اللهِ دَاخِلًا إِلَيْهِ وَقَائِلًا لَهُ: يَا كَرْنِيلِيُوسُ! فَلَمَّا شَخَصَ إِلَيْه وَدَخَلَهُ الْخَوْفُ، قَالَ: مَاذَا يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لَهُ: صَلَوَاتُكَ وَصَدَقَاتُكَ صَعِدَتْ تَذْكَارًا أَمَامَ الله” (أع10: 3- 4).

وأيضًا أقام بطرس الرسول من الأموات امرأة اسمها غزالة، لأنها كانت تعمل إحسانات كثيرة للفقراء، وقد وصفها الوحي الإلهي بقوله: “وَكَانَ فِي يَافَا تِلْمِيذَةٌ اسْمُهَا طَابِيثَا، الَّذِي تَرْجَمَتُهُ غَزَالَةُ. هذِهِ كَانَتْ مُمْتَلِئَةً أَعْمَالًا صَالِحَةً وَإِحْسَانَاتٍ كَانَتْ تَعْمَلُهَا” (أع9: 36).

ــ الإخلاص والأمانة شرط :استجابة الصلوات

لقد أوصى معلمنا القديس بطرس الرسول الرجال بمعاملة زوجتهم معاملة حسنة، مبينًا سبب عدم استجابة الله لصلوات غير الأمناء منهم قائلًا: “كَذلِكُمْ أَيُّهَا الرِّجَالُ، كُونُوا سَاكِنِينَ بِحَسَبِ الْفِطْنَةِ مَعَ الإِنَاءِ النِّسَائِيِّ كَالأَضْعَفِ، مُعْطِينَ إِيَّاهُنَّ كَرَامَةً، كَالْوَارِثَاتِ أَيْضًا مَعَكُمْ نِعْمَةَ الْحَيَاةِ، لِكَيْ لاَ تُعَاقَ صَلَوَاتُكُمْ” (1بط3: 7)، لذلك يا أحبائي يجب ان ندرك ان الله ينظر إلى قلوبنا اثناء الصلوات وينظر إلى أعمالنا الخفية لذلك قبل الصلاة والطلبات نقى قلبك وذهنك فتجد ما يفرح قلبك.

ـــ استجابة الله لطلباتنا تعتمد :على طبيعة الله الصالحة

وفى نفس السياق قال القس ابسخيرون سعد كاهن كنيسة العذراء والقديس موريس، نحن نتحدث عن محبة الله للأنسان الله ضعيف أمام حبه للإنسان ويرغب فى توبته ورجوعه له لذلك يسمح له ببعض الضيقات حتى يرجع ويتوب عن اعماله، لذلك تعتمد استجابة الله لصلواتنا على طبيعته الصالحة التي تتسم بالقداسة والحكمة والصلاح والمحبة ،يستجيب الله طلبات البشر، لأنه صالح وكثير الرأفة إن مشيئة الله وإرادته هي الصلاح على الدوام، وذلك لأن الله صالح، ولا معرفة له بالشرور إطلاقًا، لقد شهد الرب يسوع عن هذا الصلاح قائلًا: “..لِمَاذَا تَدْعُونِي صَالِحًا؟ لَيْسَ أَحَدٌ صَالِحًا إِلاَّ وَاحِدٌ وَهُوَ اللهُ” (لو18: 19). وشهد الوحي الإلهي أيضًا قائلًا: “الرَّبُّ صَالِحٌ لِلْكُلِّ، وَمَرَاحِمُهُ عَلَى كُلِّ أَعْمَالِهِ” (مز145: 9).

إن الله ليس صالحًا فقط، لكن إرادته الصالحة من نحو الإنسان لا يمكن أن تتغير أبدًا بحسب قول الكتاب: “كُلُّ عَطِيَّةٍ صَالِحَةٍ وَكُلُّ مَوْهِبَةٍ تَامَّةٍ هِيَ مِنْ فَوْقُ، نَازِلَةٌ مِنْ عِنْدِ أَبِي الأَنْوَارِ، الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ تَغْيِيرٌ وَلاَ ظِلُّ دَوَرَانٍ” (يع1: 17)، إنه هو الأمين الذي يعطي أبناءه على الدوام وباستمرار.

ــ الله الأب الحنون يسر بطلبات :أبنائه

الصلاة هي علاقة وصلة بالله، وهي موضع سرور الله، وتشتمل صلوات البشر أيضًا على الطلبات التي يحتاجها الإنسان من الله إن الإنسان محدود في إمكانياته، ولا يكتفي بما هو فيه، وهو دائم التطلع لأمور كثيرة سواء مادية، أو معنوية، أو روحية.

ولكن الله كأب لا يريد أن يفرض على ابنه عطاياه، لأنه يريده أن يتمتع بمساحة من الحرية في اختيار ما يرغب فيه (من الأمور التي تناسب إدراكه)، وبالطبع لن يستجيب الأب إلا لما هو نافع لابنه، وبهذا يتحقق للابن نوع من التواصل مع أبيه والاختبار والمعرفة الذاتية، وتتحقق سعادته بنوال ما يرغب فيه هو شخصيًا.

لقد حث الرب يسوع تلاميذه المؤمنين به على طلب ما يحتاجونه كأبناء قائلًا: “إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا” (يو16: 24). إن الله يسر ببنوتنا له، ويشتاق أن يعطينا ما نريده لأننا أبناؤه، ولكن هل يقبل البشر نعمة البنوة ليتمتعوا بسلطان وامتيازات أبناء الله؟!!.

ــ الله يستجيب بحسب مشيئته :الصالحة

عندما يستجيب الله لطلبات البشر تتم الاستجابة في زمان مناسب يحدده هو، وبالأسلوب الذي يشاؤه هو، ولا يقدر أن يجبره أحد على ما لا يريده. لقد أكد معلمنا يوحنا الرسول هذه الحقيقة قائلًا: “وَهذِهِ هِيَ الثِّقَةُ الَّتِي لَنَا عِنْدَهُ: أَنَّهُ إِنْ طَلَبْنَا شَيْئًا حَسَبَ مَشِيئَتِهِ يَسْمَعُ لَنَا. وَإِنْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّهُ مَهْمَا طَلَبْنَا يَسْمَعُ لَنَا، نَعْلَمُ أَنَّ لَنَا الطِّلِبَاتِ الَّتِي طَلَبْنَاهَا مِنْهُ” (1يو5: 14- 15)، إن الله هو صاحب السلطان في مملكة الناس، ولا يمكن أن يعطي كل مَن يشاء ما يطلبه؛ لأن حينئذ لابد أن يتخبط، ويفنى هذا الكون نتيجة استجابة الله لطلبات ليست صالحة وبحسب هوى الناس، وأيضًا نتيجة للتخبط الذي سيقع فيه الكون من تضارب، وعدم انسجام.. إن الله له سلطان ومشيئة مقدسة في مملكة الناس كقول الله لنبوخذ نصر ملك بابل: “… حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ الْعَلِيَّ مُتَسَلِّطٌ فِي مَمْلَكَةِ النَّاسِ وَيُعْطِيهَا مَنْ يَشَاءُ” (دا4: 25).

:ـــ الله يستجيب بحسب حكمته

الله حكيم عظيم الفهم وكل أعماله يصنعها بحسب حكمته اللامتناهية كقول الكتاب: “مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ” (مز104: 24).. وبالطبع يستجيب الله بحسب حكمته في التوقيت المناسب بالطريقة المناسبة، ولذلك لا بد أن نسلم كل أمورنا بين يديه، لأنه هو الحكيم الذي يعلم ما يحتاجه الإنسان أكثر مما يعرف هو عن نفسه كقول الكتاب: “وَالْقَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ…” (أف3: 20).

ـــ استجابة الله (المدبر الكل) :تهدف لخلاص الإنسان

الله يريد خلاص البشر من الهلاك الأبدي، ويريد لكل نفس الحياة الأبدية كقول الكتاب: “الَّذِي يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ، وَإِلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ” (1تي2: 4).. لذلك فكل استجابة لطلبه ما يطلبها الإنسان تصب في خطط وتدبيرات الله العجيبة لأجل خلاص البشر وخيرهم، وبالطبع يرفض الله الطلبات التي تتعارض مع تدابيره المقدسة لخلاص الإنسان.

ـــ الطلبات المستجابة و الطلبات :الغير مستجابة

ومن جانبه قال القمص انطونيوس جرجس راعى كنيسة العذراء المغيثة بحارة الروم، يمكننا تقسيم طلبات البشر إلى ثلاثة أقسام، وذلك من حيث استجابة الله.. اولا طلبات يستجيبها الله دون وقبل أن نطلب.

الله هو الخالق الذي يتعهد خليقته بالرعاية لذلك فهو يهتم بخليقته، ويوفر ما يلزم لاستمرارها، وبقائها “ما دامت مشيئته لها الاستمرار والحياة”، وذلك كقوله: “وَقَالَ لِتَلاَمِيذِهِ: مِنْ أَجْلِ هذَا أَقُولُ لَكُمْ: لاَ تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ، وَلاَ لِلْجَسَدِ بِمَا تَلْبَسُونَ. اَلْحَيَاةُ أَفْضَلُ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلُ مِنَ اللِّبَاسِ. تَأَمَّلُوا الْغِرْبَانَ: أَنَّهَا لاَ تَزْرَعُ وَلاَ تَحْصُدُ، وَلَيْسَ لَهَا مَخْدَعٌ وَلاَ مَخْزَنٌ، وَاللهُ يُقِيتُهَا كَمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلُ مِنَ الطُّيُورِ!” (لو 12: 22- 24).

إنه يهتم، ويعول الخليقة كلها، ويعطي الكل احتياجه المادي حتى الأشرار من البشر كقوله: “… فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ، وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَار وَالظَّالِمِينَ” (مت5: 45).. لذلك يعلمنا الرب ألا نهتم كثيرًا بتلك الأمور المادية قائلًا: “وَحِينَمَا تُصَلُّونَ لاَ تُكَرِّرُوا الْكَلاَمَ بَاطِلًا كَالأُمَمِ، فَإِنَّهُمْ يَظُنُّونَ أَنَّهُ بِكَثْرَةِ كَلاَمِهِمْ يُسْتَجَابُ لَهُمْ. فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ. لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ” (مت6: 7- 8).. أما ما يجب أن نطلبه، ونهتم به كثيرًا فهو الأمور الروحية، وكل ما يتعلق بحياتنا الأبدية.

ـــ طلبات لا يستجيبها الله دون :أن نطلبها بلجاجة

يسوس الله خليقته المادية والقوانين الطبيعية “قانون الجاذبية الأرضية مثلًا أو غيره..”.. وهكذا وضع الله أنظمة وقوانين روحية لملكوته السماوي فعلى سبيل المثال فوز بني البشر بعطايا الله الروحية يتم وفق نظام روحي وضعه الله، يمكننا التعرف على بعض هذه القوانين الروحية من خلال أقوال الرب في الأناجيل، والتي نذكر منها:

“لا نعّم ولا بركات سمائية تعطى لبني البشر دون سؤال أو طلب، وذلك كقول الرب: “اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ. لأَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْأَلُ يَأْخُذُ، وَمَنْ يَطْلُبُ يَجِدُ، وَمَنْ يَقْرَعُ يُفْتَحُ لَهُ” (مت 7: 7- 8).

لا فوز بالملكوت إلاَّ لمن يطلبه بلجاجة، كقول الرب: “فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ؟ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ؟ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟ فَإِنَّ هذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هذِهِ كُلِّهَا. لكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلًا مَلَكُوتَ اللهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ” (مت6: 31- 33).

ـــ طلبات قد يستجيبها الله، أو لا :يستجيبها

يتخيل البعض أن طلبات المؤمن لا بد أن يستجيبها الله، لأنها صادرة من شخص مؤمن، ولكن الله هو الذي يحدد ما يستجيبه من طلبات. فقد لا يستجيب الله طلبات البشر التي تتعارض مع ما ذكرناه سابقًا.. وفيما يلي بعض الأمثلة على صلوات رفض الله استجابتها:ـ

1_”وَلِئَلاَّ أَرْتَفِعَ بِفَرْطِ الإِعْلاَنَاتِ، أُعْطِيتُ شَوْكَةً فِي الْجَسَدِ، مَلاَكَ الشَّيْطَانِ لِيَلْطِمَنِي، لِئَلاَّ أَرْتَفِعَ. مِنْ جِهَةِ هذَا تَضَرَّعْتُ إِلَى الرَّبِّ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ أَنْ يُفَارِقَنِي. فَقَالَ لِي: تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضَّعْفِ تُكْمَلُ. فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ” (2كو12: 7- 9).

2_”هكَذَا قَالَ الرَّبُّ لِهذَا الشَّعْبِ: هكَذَا أَحَبُّوا أَنْ يَجُولُوا. لَمْ يَمْنَعُوا أَرْجُلَهُمْ، فَالرَّبُّ لَمْ يَقْبَلْهُمْ. اَلآنَ يَذْكُرُ إِثْمَهُمْ وَيُعَاقِبُ خَطَايَاهُمْ. وَقَالَ الرَّبُّ لِي: لاَ تُصَلِّ لأَجْلِ هذَا الشَّعْبِ لِلْخَيْرِ” (إر14: 10- 11).

ــ الصلاة باب الأفراح:

يسر الله أن نلجأ إليه بالطلبة والصلاة في كل حين “مع إننا لا نعلم مدى نفع ما نصلي لأجله”.

ويجب علينا كأبناء نثق أنَّنا حينما نصلي ننال بركة سواء استجاب الله طلباتنا أم لا.. والله يريد أن يسعد كل ابن له بإعطائه ما يشاؤه، وهو يعطي، وسيعطي، وقد أعطانا الكثير.. أما حينما لا يستجيب الله لبعض الطلبات، فذلك لأنه لا يريد أن يعطي إلاَّ ما هو نافع أو صالح ما يتفق مع مشيئته.

ويجب أن نثق أن الصلاة والطلبة الله العظيم الخالق أمر يتفق مع طبيعة الإنسان الضعيف الذي يحتاج لخالق أعظم يظلل عليه، ويرعاه، ويسدد احتياجاته إننا نشك في إمكانية امتناع الإنسان المؤمن عن الطلبة أثناء الصلاة (كما يفترض السائل العزيز)؛ لأن الإنسان لا يمكنه أن يتنازل عن تطلعاته ورغباته.. إنه شيء مستحيل أن يكون الإنسان بلا رغبات وتطلعات يتمنى تحقيقها؟ وأيضًا لا يمكن لإنسان كبح رغباته وتطلعاته، وهل إن أمكنه ذلك سيكون سعيدًا؟!! بالطبع لا.. إن أعظم فرح يتحقق للإنسان هو ذلك الذي يتحقق له من خلال علاقته بالله خصوصًا عندما يطلب من الله فيأخذ ما شاءه، وحينئذ يفرح لأنه سيشعر أن الله يغمره بحبه، كقول الرب يسوع الصادق: “وَفِي ذلِكَ الْيَوْمِ لاَ تَسْأَلُونَنِي شَيْئًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ. إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا، لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا” ( يو16: 23- 24).

تاريخ الخبر: 2022-03-11 12:21:19
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 51%
الأهمية: 68%

آخر الأخبار حول العالم

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية