“الجسور” يطلق “ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل”


أطلق مركز جسور للدراسات الاستراتيجية، ورقة بحثية بعنوان “ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل..إلى أين؟” من إعداد الباحثة بوحدة العلاقات الدولية، إليان بطرس.

و اشارت الباحثة في ورقتها إلى أن أزمة ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل قد بدأت منذ أن أعلنت قبرص إرادتها في ترسيم حدودها البحرية مع لبنان عام 2006 لاستخراج النفط والغاز بعد أن أشارت الدراسات إلى وجود ثروة نفطية كبيرة في هذه المنطقة، وعليه وأرادت قبرص الاستفادة بها وإخراجها من منطقة البحر المتوسط، ولأن حقول الغاز والنفط البحرية في هذه المنطقة تتماس مع لبنان وإسرائيل ايضًا، ظهرت من هنا أزمة الترسيم وطالب كل من الجانبين بخطوط معينة رفضها الآخر ومن هنا بدأت المفاوضات والمباحثات لتلقي بظلالها على المنطقة ويتصارع عليها كل الأطراف.

ولفتت أن هناك مفاوضات أقيمت من خلال وساطة أمريكية حيث أرسلت الأخيرة المبعوث الأول فريدريك هوف وبعد ذلك المستشار آموس هوكستين، وفى البداية تم إعلان اتفاق الإطار وتم تبنيه رسميًا من إسرائيل وواشنطن والأمم المتحدة واليونيفيل، ورحبت به القوى المسيحية ورحب الرئيس عون حينها بالوساطة الامريكية.

وتستدعى لبنان ضرورة ترسيم حدودها حتى يسهل عليها الخروج من أزمتها الاقتصادية واكتشاف الموارد النفطية الموجودة في مياهها الإقليمية.

وفي مايو 2021 عقدت جلسة مفاوضات في اليونيفيل جنوب لبنان وعلقت بعدها المفاوضات لعدم الوصول لاتفاق ووجود خلاف حول المساحة التي يتم التنازع عليها، حيث اقتصرت المساحة البحرية بنجو 860 كيلو مترًا وفقًا لخرائط الأمم المتحدة عام 2011، ولكن لبنان اعترضت على هذه الخريطة وصرحت بأنها اعتمدت على تقديرات خاطئة وطالبوا بمساحة 1430 كيلو متر مربع ، وهذه المساحة تشمل أحد الحقول وهو حقل كاريش، وهو ما دفع إلى عدم الوصل لحل في هذه الاثناء نظرًا لوجود شركة يونانية تدعى “إنيرجين” وتعمل لصالح إسرائيل فيه، وبالتالي لم توافق إسرائيل على هذا الترسيم .

وبعد سنوات عادت المفاوضات مرة أخرى في أكتوبر 2020 بعد فترة من الجمود ، وبعد أن تراجعت لبنان في قدرتها على حل أزمة الطاقة والكهرباء، ولكن بتمسك إسرائيل بالحدود حتى صيدا وتمسك لبنان بالحدود حتى حيفا ارتفع سقف مطالب الجانبين مما يأزم القضية .

على الجانب الآخر هناك تكهناك بأن حزب الله له يد في إحداث خلاف دائم ورفع سقف المتطلبات اللبنانية في هذا الملف حتى يكون هناك مبرر له في الاحتفاظ بالسلاح، وحتى تكون ورقة ضغط على الولايات المتحدة حتى يتم رفع أسم حزب الله من القوائم الارهابية هذا فيما يتعلق بحزب الله، أما فيما يتعلق بالحكومة اللبنانية والرئيس عون على وجه الخصوص يستغل الرئيس عون ملف ترسيم الحدود للضغط ومطالبة واشنطن برفع العقوبات التي فرضت على صهره الناب جبران بسيل في نوفمبر 2020.

ونظرًا لعدم اتفاق كل من الطرفين بعد المباحثات التي أجراها المبعوث الأمريكي إذ وجه تهديدًا لكل من البلدين بأنه في حالة عدم التوصل لاتفاق وتنازل الطرفين حتى يتم الترسيم سوف ينسحب من تلك المفاوضات وينهى مهمته وأعطاهم فرصة لإنهاء هذا الملف قبل الانتخابات البرلمانية مارس 2022.

وتطرقت إليان إلى الموقف الإسرائيلي من ترسيم الحدود مع لبنان؛ حيث بدأت الجلسة الاولى من المفاوضات بمخالفة اتفاق الاطار بسبب توسع الوفد الاسرائيلي من عسكري إلى عسكري تقني سياسي وحضر وزير عام وزارة الطاقة الإسرائيلي والمستشار الدبلوماسي لنتانياهو، ما جعل المفاوضات تتجاوز الترسيم، هذا في بداية الامر ثم توالت الجلسات واختلفت أسباب عدم الاتفاق حتى وصلت إلى رفض حزب الله للترسيم.

في الجلسات التالية طالبت اسرائيل بحصر التفاوض والمباحثات بمساحة 860 كيلو متر، ورفضت لبنان حينها أن ينحصر التفاوض على هذه المساحة وفى ذات الوقت لم تكن لبنان حدثت خرائطها لدى الأمم المتحدة حتى تطالب برفع سقف مطالبها وكان لابد أن ترفع حينها الوثائق عن طريق مرسوم موقع من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ثم يرسل الى مجلس النواب ومنه الى الأمم المتحدة.

وبعد أن كان رفض حزب الله لاستكمال المفاوضات هو العائق الأكبر أمام الجانب الإسرائيلي بعد المعاكسات التي جرت من قبل الجانب اللبناني تجاه ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل ومطالبتهم بالمزيد، تأتي المستجدات بمجموعة من المؤشرات الإيجابية بالنسبة للجانب الإسرائيلي بعد موافقة حزب الله في لبنان للحكومة بالتقدم في المفاوضات حتى ولو كان بشكل غير مباشر، وبالإضافة إلى دور المبعوث الأمريكي عاموس هوشستين وزيارته لتل أبيب في محاولة لحل الأزمة حيث عقب هذه الزيارة عوده من قبل المبعوث إلى لبنان لاستكمال المفاوضات وهو ما يحلل من الأزمة.

تثق إسرائيل في أن الجانب اللبناني سيضطر للمضي قدمًا في هذا الاتفاق نتيجة الظروف الاقتصادية التي يعاني منها لبنان، وبالتالي لا يمكن أن يقوم الجانب اللبناني بفعل أي من الخطوات التي قد تضر احتياطات الطاقة الاسرائيلية ، كما أن حزب الله يسعى لتحسين صورته وعدم إلقاء اللوم عليه في الأزمات اللبنانية المتتالية، كما أنه يحتاج الأموال التي قد تربحها لبنان من هذا الاتفاق .

وأوضحت بطرس إلى أن بعد ارتفاع سقف الطلبات من جهة الجانب اللبناني ورفضهم للخط الاسرائيلي رقم واحد ورفض خط هوف، قامت لبنان بطرح خط 29 فيما بعد وهو ما رفضه الجانب الإسرائيلي مما ترتب عليه توقف المفاوضات التي عقدت في الناقورة جنوب لبنان، وعليه طرح الوسيط والمبعوث الأمريكي خط 23 وهما ما وافقت عليه لبنان ولكن بشكل غير مباشر، وبعد عودة المبعوث من إسرائيل التقى بالرئيس اللبناني في 10 فبراير 2022 وعليه أوضح هوشتاين للرئيس اللبنانى الطرح الذي توصل إليه مع الجانب الإسرائيلي وقدم مجموعة من الاقتراحات التي يجب أن تدرس للتوصل لحل . وتعتبر هذه الزيارة الثانية خلال أربعة أشهر إلى لبنان.

وكان قد طالب لبنان وقف عمليات التنقيب في 2021 وطالب مجلس الأمن بهذا الامر، وبعد فترة عادت لبنان لتبدي استعدادها لاستكمال المفاوضات حيث قام الرئيس عون بإبداء استعداده لدراسة الطرح الأمريكي على أمل الوصول إلى حل، ولكن على الجانب الآخر أبدا بعض نواب البرلمان اللبناني رفضهم التنازل عن الحق اللبناني من هذا الترسيم الحدودي تحت بند الخروج من الأزمة الاقتصادية، وعليه ظهرت الاتهامات اللبنانية بانحياز المبعوث الأمريكي للموقف الإسرائيلي نظرًا لكونه كان أحد ضباط الجيش الإسرائيلي ويحمل الجنسية الإسرائيلية وبالتالي سوف ينحاز بشكل واضح للمصلحة الإسرائيلية على حساب الأزمة اللبنانية.

وتسألت الباحثة عن ماهية الحل لهذه الأزمة إذ ما كان الجانب اللبناني يرفض الرجوع لخط هوف الذي يقع بين خط واحد والخط 23 وهنا نرجع للتساؤل هل هناك حل آخر توصل له المبعوث الأمريكي وعلى أساسه ذهب إلى إسرائيل ومنه سيذهب على لبنان بخلاف الرجوع لخط هوف، أنتشر في الفترة الأخيرة أن الحل من الممكن أن يكون تقاسم للحقول ولكن يتوقع أن يكون هناك خلاف لبناني إذا كان هذا هو الطرح لأن في هذه الحالة فسوف يكون التقسيم غير عادل للبنانين ولكن في حالة تقاسم الانتاج سوف يكون الامر مختلف وفق هذه الحالة سينال قبول الطرف اللبناني.

يعد تراجع لبنان عن الخط البحري 29 الى 23 تمهيدًا لإتمام لاتفاق الترسيم الحدودي بينهم وبين دولة إسرائيل وهو نتاج الزيارة التي قام بها المبعوث الأمريكي وتوصله لاتفاق بين الدولتين يتم تنسيقه الآن ومتوقف على قرار سياسي حتى يتم إعلان الترسيم بنجاح وباتفاق الدولتين وهو ما سيشكل خروج من المأزق الاقتصادي التي تعاني منه.

وهو ما عارضه بعض الجهات اللبنانية نظرًا لأن رسم الخط 29 كحد فاصل بين لبنان وفلسطين المحتلة، كان برأي من المعهد البريطاني للعلوم ومياه البحار، ويتبع اتفاقية بوليه نيوكومب (الحدودية) بين فرنسا وبريطانيا عام 1921، بالإضافة إلى الهدنة بين لبنان وإسرائيل عام 1949 .

ولكن بعد انفجار المرفأ والأزمة الاقتصادية والمالية يبدو لبنان أكثر حرصًا على حل مشكلة ترسيم الحدود حتى تكون لديه الفرصة في عقد صفقات نفط وغاز تنشل لبنان من نكبته .

وهو ما دفع حزب الله إلى تهدئة الأمور تجاه هذه الصفقة بعد تدافع الاتهامات على حزب الله بتدهور الأوضاع الاقتصادية فى لبنان بعد مرور 5 جلسات من المحادثات برعاية الأمم المتحدة . ولكن لم تستقر الأمور كثيرًا على هذا التناغم والتوافق فبين ليلة وضحاها خرج حزب الله فى الثانى من مارس 2022 بمفاجأة للمحيط السياسي اللبناني برفضه لعملية المفاوضات وترسيم الحدود على ما تم الاتفاق عليه بين المبعوث الامريكي والحكومة الاسرائيلية الحكومة اللبنانية، بعد أن كان قد أعلن موقفة وتأكيده على الوقوف خلف الحكومة اللبنانية فى قضية الترسيم.

ولكن بعد تداول تصريحات على لسان رئيس الوفد اللبناني المفاوض العميد المتقاعد بسام ياسين باعتماد الخط 23 ، واعقبة موقف رئيس الحكومة السابق حسان دياب رافضًا التوقيع على هذا الاتفاق حيث تمت الإشارة إلى أن الرئيس عون سبق وأن عرض على حسان دياب أثناء تولية الحكومة تعديل المرسوم 6433 الذي أودعه لبنان لدى الأمم المتحدة بما يتضمن خط 29 المتنازع عليه مع إسرائيل ولكن الرئيس عون لم يقدم هذا التعديل وهو ما دفع حسان دياب لهذا الموقف.

إذا يعود حزب الله لإرسال رسالة الغير مباشرة إلى الوسيط الأمريكي بضرورة تحقيق مطالبه وإشراكه فى المفاوضات، ورسالة أخرى إلى الحكومة اللبنانية لتحذيرها من اتخاذ أي مواقف دون إشراكه وموافقته فى البداية، وأن أى من الملفات إذ ما تم عرضها وموافقة حزب الله عليها لم تمر بسلام، وهو يعنى أن قضية ترسيم الحدود لابد وأن تمر على طهران بعد وجود مؤشرات بأن يتم الإعلان عن حل فيما يتعلق بالاتفاق النووي الايراني فى فترة قريبة، بالإضافة إلي سعي إيران لرفع العقوبات الموقعة عليها.

ولفتت إليان بطرس، الباحثة بوحدة العلاقات الدولية إلى أن التقديرات تشير للموافقة والتمهيد لترسيم الحدود يرتبط بشكل وثيق بتمرير الغاز المصري من الأردن عبر سوريا لإمداد لبنان بالكهرباء وحل أزمة الطاقة التي يعاني منها لبنان في الفترات الماضية ويبدو أنه هذا هو السبب وراء موافقة لبنان على التراجع من خط 29 إلى خط 23 حتى وان كان بشكل غير مباشر، لتمرير هذا الاتفاق وإذا تم هذا الاتفاق ستعفى كل من لبنان والأردن ومصر من العقوبات التي تفرضها واشنطن على النظام السوري في حالة تمرير الغاز عبر سوريا .

ورجحت إليان بطرس أن الجانب اللبناني وجد أن لا يوجد نتيجة في التمسك بالخط29 وأن الوضع اللبناني متأزم بما يكفي وربما هناك اعتبارات سياسية أخرى تلوح بالآفق، بعد موافقة حزب الله واتفاقه مع الحكومة في هذا الشأن.

وارتباطًا بالداخل اللبناني هناك اعتبارات أخرى قد تكون وراء هذا التراجع وهو اقتراب موعد الانتخابات النيابية اللبنانية والرئاسية في ظل تراكم الأزمات وتأزم الشعب، بالإضافة إلى حرص الرئيس اللبناني على مساعدة صهره جبران باسيل في رفع العقوبات الامريكية عنه، كلها أوراق للمساومة مقابل الترسيم .

ولكن رغم كل هذه المعلومات خرجت الخارجية اللبنانية لتنفي ما قيل حول الموقف اللبناني من التفاوض حول حدودها البحرية وتمسكها بأحقيتها في استغلال المناطق البحرية الخالصة وهو ما ستظهره الايام القادمة ما اذا كانت المعلومات التي تم تداولها على نطاق واسع صحيحة أم هناك تراجع فعلي في مسار هذا الملف وانتظار الاتفاق النووي الإيراني حتى يكتمل وتظهر الصورة .

إذا هناك تذبذب واضح بشأن اتخاذ هذا القرار، ولكن المؤشرات تقود الواقع إلى أن هناك اقتراب في موعد توقيع اتفاقية ترسيم للحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، إذا ما تم إشراك طهران في تلك المفاوضات .

تاريخ الخبر: 2022-03-13 21:21:47
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 57%

آخر الأخبار حول العالم

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم "بطاقة الإعاقة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:26:31
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم "بطاقة الإعاقة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:26:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

أخنوش: نحن حكومة ديموقراطية اجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:25:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية