“الجسور” يصدر ورقة عن لاجئي أوكرانيا


أصدر مركز جسور للدراسات الإستراتيجية، ورقة بحثية بعنوان “لاجئي أوكرانيا… هل هو رحيل مؤقت أم استيطان أوروبي دائم؟!” من إعداد إليان بطرس، الباحثة بوحدة العلاقات الدولية بالمركز، ومراجعة هاني إبراهيم رئيس المركز.

وناقشت الورقة عدد من الأسئلة؛ هل تستغل أوروبا بشكل عام ودول شرق ووسط أوروبا على وجه الخصوص الأزمة الأوكرانية لصالحها نتيجة معاناة كثير من الدول الأوروبية من نقص العمالة وقلة عدد السكان في بعض المناطق نظرًا لانخفاض درجات الحرارة في بعض المناطق؟! هل سيستقر اللاجئين فى دول أوروبا ويندمجون فيها أم سيعيشون فى مخيمات لجوء لحين انتهاء الحرب؟! هل اللاجئ الأوكراني مماثلاً لغيره من اللاجئين الأفغان أو السوريين أو العراقيين من وجهة نظر عدد كبير من الدول الأوروبية؟!

وقد تفاقمت الأزمة الاوكرانية واتسعت أبعادها وتأثيراتها سواء على الشرق الأوسط أو على أوربا والعالم بشكل عام، بتزايد أعداد اللاجئين الأوكرانيين نتيجة استمرار الحرب والقصف لوقت طويل، وتأثرت الدول الأوروبية بشكل خاص بهؤلاء الأشخاص القادمين إليها، فكان لابد من وجود خطط محددة تستوعب هذه الأعداد حتى تستقر الأمور ويتم توجيههم إلى أماكن سكنية مستقرة وآمنة، نظرًا لكون الأغلبية العظمى من هؤلاء هم من كبار السن والنساء والأطفال وبالتالي كان التعاطف كبير تجاههم من مختلف الدول الأوروبية لهذا السبب ولعدة أسباب أخرى يشوبها التمييز، وتسابقت الدول لإمدادهم بالطعام والملابس والمساعدات الطبية والصحية.

وعليه ينطلق هذا التقرير لتوضيح عدد من النقاط من بينها؛ إلقاء الضوء على حجم اللاجئين وكيفية تعامل الدول الأوروبية معهم، وحجم المساعدات الانسانية التي خصصت لهؤلاء في سبيل تخطي الأزمة الإنسانية التي يتعرضون لها، وإمكانية اندماجهم داخل المجتمعات الأوروبية من عدمه في ظل توارد عدد من التصريحات المختلفة والتضارب فى الآراء داخل المجتمع الأوروبي.

2.9وأشارت إليان في بحثها إلى أن مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة في أوكرانيا قبل الأحداث الأخيرة وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين، وعليه أعلنت المنظمة الدولية للهجرة أن هناك أكثر من 2.5 مليون شخص غادر أوكرانيا منذ اندلاع الحرب وحتى أخر بيان المنظمة الدولية للهجرة في 11 مارس 2022، وتعد هذه الموجة من اللجوء هي الأكبر داخل أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية متجهين إلى عدد من الدول من بينها رومانيا وبولندا وسلوفاكيا نظرًا لقربهم من أوكرانيا.

وأبدى الإتحاد الأوروبي استعداده لاستقبال ملايين من اللاجئين، وبادر بتقديم الحماية الفورية للاجئين الأوكرانيين لمدة تصل إلى ثلاث سنوات مع تقديم ما يلزم من مساعدات وبشكل سريع وتضم التغطية التأمينية والتواجد فى سوق العمل، حيث وصل عدد اللاجئين الأوكرانيين إلى ألمانيا أكثر من 20 ألف لاجئ يزداد عددهم بشكل يومي وهو ما استدعى الحكومة الألمانية لفتح عدد من الملاجئ لتوفر الحماية والمأوى لهؤلاء اللاجئين. وتتوقع الأمم المتحدة أن عدد اللاجئين سوف يزداد بمرور الوقت وقد يصل ما بين 4-7 ملايين لاجئ، وهو ما يؤكد أن عدد اللاجئين النازحين إلى أوروبا سوف يتجاوز عدد الذين دخلوا أوروبا في عام 2015.

وتعد بولندا هي المستقبل الأكبر للاجئين الأوكرانيين حيث استقبلت أكثر من نصف اللاجئين عبروا حدودها، حيث بلغ عددهم من 24 فبراير حتى 11 مارس بما يتجاوز 1.525.000 مليون لاجئ، وساعد الشعب البولندي اللاجئين الأوكرانيين وقام بتزويدهم بالبطاطين والملابس نظرًا لانخفاض درجات الحرارة في هذا التوقيت، وساعد فتح الشركات المشغلة للسكة الحديد الأوروبية اللاجئين بالسماح لهم بالسفر مجانًا لكل من يحمل هوية أوكرانية بالإضافة إلى منحهم تصاريح إقامة مؤقتة لتسهل عليهم عملية الانتقال وتهون عليهم وطئة الحرب.

بالرغم من أن بولندا سبق وأن رفضت مع المجر والنمسا قبول طلبات اللاجئين السوريين إلا أن بولندا رحبت بالأوكرانيين واستقبلت أكبر عدد منهم وسهلت لهم الإجراءات ويرجع السبب إلى أنها المرة الأولى التي تدق فيها أجراس الحرب على أوروبا بهذا الشكل وهو ما دفع الدول الأوروبية للترحيب بهؤلاء اللاجئين الأوكرانيين على اعتبار أنهم ينتمون إلى القومية الأوروبية وهو ما يستدعي تغيير التفكير في إمكانية استقبال لاجئين هذه المرة. وقبل الحرب بأسابيع قامت بولندا ببناء تحصينات على حدودها مع بيلا روسيا لمنع دخول اللاجئين العراقيين والأفغان من العبور لحدودها.

وأثناء الحرب الأوكرانية عانى الكثير من الأفارقة المقيمين في أوكرانيا أثناء دخولهم بولندا حيث تعرضوا لعدد من المضايقات ومع من الدخول وهو ماأعلنه وزير خارجية جنوب إفريقيا.

ومازال التمييز في استقبال اللاجئين يحاوط بولندا والنمسا حيث تعارض كل منهما من استقبال غير الحاملين للجنسية الأوكرانية من العبور لحدودهم وهو ما يثير انقسامًا داخل الاتحاد الأوروبي، وردًا على هذه التوجهات فقد صرحت لوكسمبورج أنها سوف توفر الحماية لكل شخص قادم من أوكرانيا دون تمييز في اللون واللغة والدين.

واستقبلت فرنسا أكثر من 7500 لاجئ أوكراني خلال أسبوعين، بالإضافة إلى إرسال فرنسا 33 طنًا كدفعة أولية من المساعدات الإنسانية إلى بولندا لمساعدة اللاجئين الأوكرانيين هناك وسيتم إرسال 30 طنًا إلى مولدوفا فى وقت قريب.

تشير البيانات والتحليلات أن معظم اللاجئين الأوكرانيين هم من الأطفال والنساء وكبار السن لأن الحكومة الأوكرانية تجبر الرجال من سن 18 – 60 عام على التجنيد الإجباري ويتم منعهم من مغادرة البلاد، وبالتالي تتعاظم الأزمة الأوكرانية بضرورة إيواء هؤلاء الأطفال والنساء وكبار السن فى منازل آمنه وهو ما تسعى الدول الأوروبية لتحقيقه.

وخلصت الباحثة إلى أن أوروبا بشكل عام ودول شرق ووسط أوروبا على وجه الخصوص سيستغلوا الأزمة الأوكرانية لصالحها نتيجة معاناة كثير من الدول الأوروبية من نقص العمالة وقلة عدد السكان فى بعض المناطق نظرًا لانخفاض درجات الحرارة في بعض المناطق، حيث تعتبر هذه الدول هؤلاء اللاجئين أيدي عاملة متميزة مثل رومانيا والمجر بلغاريا ومولدوفا بعد أن اعتادت هذه الدول على رحيل سكانها بشكل كبير. وبالتالي سوف يكون هناك اندماج واضح وغير مسبوق للأوكرانيين داخل مختلف الدول الأوروبية فهناك فرصة كبيرة للتنقل والتعايش داخل هذه المجتمعات نتيجة تقارب اللغات والثقافات إلى حد كبير، وعليه قد تعمل أوروبا على الاستثمار في القوى البشرية التي ستنتجها الحرب الروسية الأوكرانية لتحقيق مصالحها ولتسدد من فجواتها.

ولن يكون اللاجئ الأوكراني مماثلاً لغيره من اللاجئين الأفغان أو السوريين أو العراقيين من وجهة نظر عدد كبير من الدول الأوروبية، فكان هناك ترحيب وتوقعات باندماج شامل داخل المجتمعات الأوروبية فهو لم يصل إلى مرحلة الاقامة في مخيمات على حدود لعدد من السنين دون تحرك واضح من الدول، ولم يصل الأمر إلى وفاة الأطفال نتيجة الانخفاض الشديد في درجات الحرارة مثلما عانى السوريون! وهو ما يوضح مستقبل هؤلاء اللاجئين الأوكرانيين وماهية التعامل معهم من قبل الدول الأوروبية كما سبق الاشارة إلى المساعدات المقدمة والتسهيلات المعدة لهم. ولكن هذه المساعدات لا تنفي معاناة هؤلاء اللاجئين فخسائر الحرب واللجوء تطال الجميع ولكن تختلف درجة التعامل معها من حالة إلى أخرى.

أما فيما يتعلق بروسيا، لن تكن هناك أزمة بالنسبة لروسيا في أن تعيد بناء أوكرانيا بعد أن تستقر الأمور وتحقق أهدافها بتغيير الحكومة الحالية ليحل محلها حكومة جديدة ترضى عنها روسيا وتختارها لتحكم المنطقة الأقرب إليها والتي تمس أمنها القومي بشكل كبير، وبالتالي فرص إعادة بناء وتهيئة أوكرانيا لن تكون صعبة أو مستحيلة، وهو ما سينعكس بالإيجاب فيما بعد على اللاجئين الأوكرانيين في حالة رغبتهم في العودة إلى وطنهم بشكل أسرع.

تاريخ الخبر: 2022-03-18 09:21:24
المصدر: وطنى - مصر
التصنيف: غير مصنف
مستوى الصحة: 47%
الأهمية: 50%

آخر الأخبار حول العالم

أمن القليوبية يكشف حقيقة اختطاف طفل واحتجازه تحت الأرض

المصدر: صوت الأمة - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-04-27 18:21:08
مستوى الصحة: 58% الأهمية: 63%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية