غادة العبسي في عيد الأم: حرضتني أمي على النظر إلى أعلى
غادة العبسي في عيد الأم: حرضتني أمي على النظر إلى أعلى
تحتفل مصر في يوم 21 من مارس من كل عام بعيد الأم، وذلك احتفاء بدور الأم في حياة أبنائها والمجتمع كله بصفة عامة، وعطائها فهي الحضن الذي يحمي ويحتوي وهي المدرسة الأولى في الحياة يتعلم على يديها الأبناء كل ما يبنون عليهم أسس النجاح والتقدم في حياتهم، عن الأمومة في حياة الكاتب والمبدع ودورها وأثرها في عالمه وحياته، تحدثنا الكاتبة والروائية غادة عبسي لـ "الدستور" في السطور التالية.
قالت الكاتبة غادة العبسي للدستور " كنتُ أقضم أظفاري باستمرار، وبشكل هيستيري، كأنني أذبح ما يؤرقني من أفكار ومشاعر بأسناني، ولا أرتاح إلا برؤية الظفر بعيدا عني، ورثت تلك العادة عن ماما، دون أن أشعر بالطبع، ولكنها أصرت على معالجتي من الأمر، وانقطعت له بمراقبتي ليل نهار، تذكرني كلما هممت بفعلها، تمسك يدي قبل رفعها إلى فمي وتحول الموقف كله إلى كوميديا فأغرق في الضحك وأنسى القلق وقضم الظفر اللعين، تشجعني على وضع طلاء الأظفار، حتى أقلعت تماما عن العادة السامة.
وتلفت العبسي " باتت تفحص يدي وتفرح بما يغضب المدرسات والمفتشات : الأظفار الطويلة، تحرضني في سن مبكرة على الاعتزاز بأنوثتي، كنت أمشي محنية بعض الشيء، خجلا من جسدي الذي ينمو دون إذن مني، تنهرني، تحثني على المشي منتصبة القامة، حرضتني أمي على النظر إلى أعلى.
تؤكد العبسي على ان " هي التي جعلتني أتأمل الكون الواسع، من المؤكد كانت ماما أول رأس أراه يتطلع إلى السماء محدثا الله، فقلدتها، لم تجبرني ماما على شيء، لم تكسر إرادتي يوما ولا ساعة، أحبتني ماما لنفسي لا لنفسها، لديها سر دفين لا أعلمه يجعلها تبدو أصغر وأجمل طوال الوقت، بشرة ماما دافئة في الشتاء وباردة في الصيف.
تختم العبسي " لها رائحة لا توصف أدمنتها حتى بتُّ أرتدي طرحة صلاتها المشبعة بها حتى تعود من عملها وأنا صغيرة، لا أعرف من أين تأتي ضحكة أمي، ولا دموعها، لهما من الصفاء ما يجعل أي صفو دونهما كدر، بريئةٌ ماما, مازالت تندهش وتتعجب من غدر البشر، لا تكتفي بالنظر في عينيّ أو سماع صوتي لتعرف ما بي، تمسك بيدي، تمر على أظفاري لتتأكد أنها بخير ..أنني بخير ..أننا بخير.
