مفاكرة مع عرمان


الرأي اليوم

صلاح جلال

مفاكرة مع عرمان

* تحياتي صديقي العزيز ياسر عرمان، لقد إطلعت على مقالك الموسوم بعنوان الحل السياسى زائف أم حقيقي؟ أنا واثق أنك تمتلك عقلاً سياسياً ماهراً صقلته تجربة عميقة وممتدة ولكن لعنة السودان دائماً فى الأنا الزائدة والمشاغبة والحسد والخلط بين قضايا الحكم الموضوعية والصراع على السلطة، لا توجد سلطة كفاية لكل الطامحين في كل الدنيا لذلك السلطة عظمة نزاع مستمر بلا نهاية وصراعها معوج لا يعرف الاستقامة والأخلاق، مقال جيد لامس قضايا جوهرية كما العادة اكتفى منها بثلاث  للنقاش العلني معك بهدف استقطاب آخرين لهذا الحوار لإغنائه وتعميقه بالحفر على كل جوانبه.

* الأول موضوع أصحاب المصلحة في التسوية السياسية، هم قوى متعددة وأوزان وموازين مختلفة يجب مرحلتها وليست كتلة واحدة Lump sum “المرحلة الأولى” وهم قوى الحرية والتغيير المقاومة للانقلاب وقوى السلام وممثلين للجان المقاومة والحزب الشيوعي والمجتمع المهني والمدني كمرحلة أولى.

* والمرحلة الثانية تشمل الحوار مع القوى المجتمعية من إدارات أهلية وطرق صوفية بالإضافة للنازحين واللاجئين والقوى السياسية التي شاركت في الثورة ولم توقع على ميثاق الحرية والتغيير، وهذه تشمل أحزاب خرجت من الإنقاذ قبل سقوطها وبعض الإسلاميين الثوريين الذين شاركوا في الثورة وقتل بعضهم وأصيبوا فيها، تبحث هذه المرحلة كيفية إشراك هذه القوى في الانتقال ضمن أصحاب المصلحة.

* ثم تأتى المرحلة الثالثة وهي الأحزاب التي سقطت مع الإنقاذ ماعدا المؤتمر الوطني المحلول وهي قوى تشمل المؤتمر الشعبي والاتحادي الديمقراطي الأصل وبقية أحزاب صغيرة وقوى سلام التي كانت ديكور لشمولية الإنقاذ، موضوعياً ما يجمع بين قوى المرحلة الأولى أكثر مما يفرق بينها، وهي الرافعة السياسية الرئيسية للانتقال ولكنها لا يجب أن تحتكره وتجعله نادياً مغلقاً للحظوة والسلطة وبقية الشعب وقواه السياسية رعايا لها.

* ولكن الأزمة الحقيقية يا صديقي هي الصراع على السلطة من يقود ومن يكون المرجعية ونوايا الاقصاء والاقصاء المضاد، لا حل لهذه الأزمة إلا التوافق على تشكيل حكومة كفاءات وطنية مستقلة عن الأحزاب تكون مرجعية السلطة فيها هو البرلمان المُعين الذي يُعلن معها، والذي يبدأ الحوار حوله من الاتفاقات والنسب السابقة كأساس تُجرى عليه التعديلات اللازمة مع استيعاب المتغيرات الجديدة وكيفية الإشراك الرمزي لمجموعات المرحلة الثانية والثالثة في أجهزة الانتقال.

* لتشكيل حكومة انتقالية بهذه الكيفية ستأخذ وقتاً طويلاً قادماً لا يقل عن شهرين إلى أربعة أشهر من مفاوضات المائدة المستديرة المستمرة في تقديري لتشمل وثيقة دستورية وبرنامج مما يعرِّض مصالح مهمة للبلاد للخطر ولأزمات أكبر، عليه لابد من التفكير في حل إنتقالي داخل الانتقال نفسه، بإعادة الحكومة السابقة مثلاً كحكومة تصريف أعمال مؤقتة لحين إكمال التفاهمات وتكوين الحكومة الانتقالية بعد مفاوضات عميقة وتشكيل البرلمان وتحديد مهمام الانتقال ومدته، إذا توافقت القوى السياسية على ذلك فهو حل معقول يقودنا إلى طريق آمن للحلول ويعالج أزمة الاستعجال المخل ويفتح الطريق للإصلاح الاقتصادي.

* إذا لم يحدث التوافق في حوار المائدة المستديرة المقترح في مرحلته الأولى لن يكون هناك حل غير حكومة مؤقتة تجري انتخابات عامة خلال 12 شهراً، ويفوض الشعب من يحكمه ويحدد من هم أصحاب المصلحة، لا توجد حلول سهلة ومجانية يا صديقي ومن دون تكلفة عندما تنهض تيارات صراع على السلطة، وتعجز عن تحقيق التوافق المطلوب للانتقال السلمي.

* الموضوع الثانى القوات المسلحة

إصلاح القوات المسلحة موضوع مهم ومعقد في نفس الوقت، وهو أزمة موروثة من النظام السابق لتحزيبه للقوات المسلحة وخلق قوات الدعم السريع وتقنينها كقوات موازية.

وأيضاً قوات الحركات المسلحة هي نتيجة لإفرازات الحرب الأهلية، يجب علينا مرحلة الإصلاحات المطلوبة للأجهزة الأمنية لتمتد لأكثر من خمسة أعوام قادمة تكملها الحكومة الديمقراطية بخطة واضحة تشمل كل المدخلات لإنتاج قوات مسلحة موحّدة وقوية تحتكر العنف وقادرة على حفظ أمن البلاد حتى لا نغرق الانتقال بأحمال ذات كثافة عالية تؤدي لفشله المبكر.

* ثالثاً: الآن موضوع الانهيار الاقتصادى أولوية متقدمة لأنه يمثل تهديداً وجودياً للدولة تكمل دائرة الخطورة فيه تعدد المليشيات المسلحة في المدن وكل حاملي السلاح في ظل سيولة أمنية غير مسبوقة في تاريخ البلاد، هذا السلاح في ظل مجاعة شاملة سيكون وسيلة لكسب العيش ويفرض على الكل حمل السلاح لحماية نفسه وأسرته، لذلك تشكيل حكومة مؤقتة لتصريف أعمال داخل انتقال أولوية متقدِّمة للسيطرة على الأزمة الاقتصادية وترويضها وفتح الطريق للتعاون مع مجتمع التنمية الدولي باستمطار التعاون والمساعدات المعطلة التىي تبلغ 4 مليارات دولار عاجلة للتنمية والتوازن المالي والنقدي وبداية تحريك البنيات الأساسية للتنمية والاستثمار- يا صديقي لا يوجد حل متاح ضربة لاذب وغير عملي جمع الشامي والمغربي في منبر واحد عاجل ولكن هناك ضرورة لحلول ممرحلة لنصل للتوازن المطلوب للانتقال- وهو الطريق الآمن لتجنب المزالق والمخاطر المدلهمة السودان يمر بصعوبات ولكن أملنا أنه مازال محروساً بعناية الله ووعي أهله، ردد معي قول أصحاب الرايات الخضراء والنذور- يا ود ريا من الخية ويا ود بدر من الفقر- وكله بأمر الله ودعوات الصالحين والإرادة الحرة لهذا الشعب العظيم.

** ختامة

ما قاله الشاعر عبد الرحمن العشماوي

ما قيمة الناس إلا في مبادئهم

لا المال يبقى  ولا الألقاب  والرتب..

نحن نحب الناس كلهم ولكننا نحب السودان أكثر، لذلك لا نخشى إغضاب البعض لإعلاء شأن الوطن

نقطة حوار صريح.

23 مارس 2022م

تاريخ الخبر: 2022-03-26 03:22:26
المصدر: صحيفة التغيير - السودان
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 59%
الأهمية: 69%

آخر الأخبار حول العالم

أخنوش: نحن حكومة ديموقراطية اجتماعية

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:25:49
مستوى الصحة: 47% الأهمية: 56%

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم "بطاقة الإعاقة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:26:31
مستوى الصحة: 49% الأهمية: 62%

مجلس الحكومة يصادق على مشروع مرسوم "بطاقة الإعاقة"

المصدر: الأول - المغرب التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-09 18:26:33
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 61%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية