بعدما شهدت ميكولايف أسابيع رهيبة حاول خلالها الجيش الروسي إسقاط هذه المدينة الرئيسية الواقعة على طريق أوديسا، أكبر ميناء في أوكرانيا، لكن بدون جدوى، يبدو أن التهديد يتراجع في الأيام الأخيرة. حتى أن حدة المعارك على الجبهة انخفضت بشكل ملحوظ، مع هجوم مضاد تشنّه القوات الأوكرانية على خيرسون الواقعة على بُعد 80 كلم نحو الجهة الجنوبية الشرقية، وهي المدينة المهمة الوحيدة التي أعلن الجيش الروسي السيطرة الكاملة عليها.
ورغم أن حافلات صفراء تغادر كل صباح المدينة باتجاه الغرب لإجلاء عشرات الأشخاص بينهم عدد كبير من الأطفال، إلا أن السكان يأملون في عودة الحياة إلى طبيعتها تقريبًا.
وقال حاكم المنطقة فيتالي كيم السبت في أحد مقاطع الفيديو التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي وجعلته معروفًا منذ بدء الغزو الروسي، "الطقس رائع" مضيفًا "وبدون ضربات، سيصبح أكثر روعةً".
في نهاية هذا الأسبوع، لم تعد صفارات الإنذار تثير قلق المارة الذين يتزايد عددهم في الشوارع. ومعظمهم بالكاد يسير بسرعة عند سماعها.
أدت إحدى الضربات على قرية قريبة من ميكولايف في الخامس من آذار/مارس، إلى إصابة صوفيا فنُقلت إلى مستشفى أطفال تأمل في الخروج منه قريبًا.
توضح والدتها لودميلا أن ابنتها "أُصيبت بشظايا في رأسها ولم يكن بالإمكان إزالة بعضها". وصوفيا طريحة فراش في قسم جراحة الأعصاب تحيط به بطانيات معلّقة بمشابك غسيل، حيث تتغطى ببطانية ملوّنة وتحمل دمية محشوة هي عبارة عن دبّ أبيض كبير.
وتقول المراهقة الهادئة والتي تغطي الضمّادات رأسها ويديها، "الآن بات بإمكاني تحريك ذراعَي وساقَي قليلًا، لكن لا يمكنني الوقوف بدون مساعدة أمّي، لكنني آمل أن أتمكن من الخروج قريبًا".
قتيلان و12 جريحًا
توضح المسؤولة في المستشفى إرينا تكاتشينكو أن صوفيا "خضعت لعميات عدة لكن لا يزال هناك قطعًا (معدنية في رأسها). حياتها لم تعد بخطر لكن ذلك يمكن أن يضرّ بصحّتها، لذلك نستعدّ لإخضاعها لعملية جديدة".
تؤكد لودميلا التي تحاول إخفاء غصّتها، "أعرف أنه يجب ألا أهمل نفسي، وإلا سأنهار".
ما يطمئنها هو شجاعة ابنتها. فصوفيا تقول "أريد أن أصنع قيثارة لأتعلم العزف عليها، بما أن شقيقي كسر قيثارتي". تعدها والدتها بأنها ستشتري لها قيثارة جديدة.
تتابع الطفلة "أحلم بأن أكون فنانةً، لقد درستُ الرسم على مدى فصل" مضيفةً "أريد أن أصبح رسامة مشهورة وأن أعيش من فنّي".
وعلى سرير في الجانب الآخر من الستار الفاصل، يجلس ميشا البالغ خمسة أعوام والذي فقد والدته جراء قصف. ينهض الطفل الذي تغطي ضمادة رأسه من سريره المليء بالدمى المحشوة، ليساعده جدّه وجدّته على ارتداء ملابسه.
تشرح إرينا تكاتشينكو "حولنا طابقنا السفلي إلى ملجأ، مقسّم إلى فروع جراحة أعصاب وجراحة وعلاج الصدمات ومواليد جدد".
من جانبه، يؤكد كبير الأطباء في المستشفى ألكسندر بليتكين أن "في ذروة الحرب، عندما تعرّضنا لهجوم +الفاشيين+، ليس هناك كلمة أخرى يمكن أن أستخدمها، استقبلنا 12 طفلًا مصابين بجروح ذات خطورة متفاوتة"، مضيفًا أن "اثنين لم نتمكن من إنقاذهما".
ويشير إلى أن "الوضع الآن استقرّ بعض الشيء".
في مؤشر إضافي على التهدئة، أعلن حاكم المنطقة تخفيف القيود على بيع الكحول فسمح بيع المشروبات الروحية في عطل نهاية الأسبوع، لكنّه حذّر من أنه سيُعيد فرض التدابير في حال الإفراط.
© 2022 AFP