حثّت الدول الأوروبية، بما فيها فرنسا وألمانيا وإيطاليا، كلاً من حكومتَي صربيا وكوسوفو، على "التريث وضبط النفس وعدم الانزلاق في التصعيد المتبادل، بما قد يدفع المنطقة إلى مستنقع عنف جديد". وذلك بعد اندلاع احتجاجات واسعة للإثنية الصربية في عدد من المدن الكوسوفية.

وخرج صرب كوسوفو يوم الجمعة مندّدين بما سمّوه "التضييقات" التي تمارسها عليهم حكومة بريشتينا، في ما يتعلق بمنعهم من التصويت في الانتخابات الرئاسية الصربية المرتقَبة في 3 أبريل/نيسان المقبل، الأمر الذي فتح جبهة مشتعلة جديدة بين كوسوفو وصربيا، تُضاف إلى العداء التاريخي بين الطرفين.

تأتي هذه التحديات الجديدة التي تواجهها كوسوفو بعد ما يقارب سنة من تولية الرئيسة الشابة فيوزا عثماني، التي تعهدت مُذّاك إلى أن تُخرِج البلاد من مستنقع المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي تعانيها، وحماية سيادتها واستقلالها، مما يفسر خطوتها الأخيرة في السعي وراء الانضمام إلى حلف الناتو وسط الجمود الذي تشهده محادثات بلادها مع بلغراد.

جبهة جديدة مشتعلة مع صربيا

تعرف المحادثات الصربية والكوسوفية برعاية الاتحاد الأوروبي جموداً يهدِّد بفشلها، بعد اندلاع توتر جديد بين البلدين إثر منع حكومة كوسوفو نظيرتها الصربية من إجراء الاقتراع الرئاسي المرتقَب داخل أراضيها، إذ شدّد في وقت سابق رئيس الوزراء الكوسوفي ألبين كورتي، على أن بلاده "لا تعارض حقّ صرب كوسوفو في التصويت في الانتخابات الصربية، لكن يجب أن لا تنتهك العملية دستورها وسيادتها".

وشهدت بلدات شمال كوسوفو ذات الأغلبية الصربية، يوم الجمعة مظاهرات حاشدة تندّد بقرار برشتينا، حاملين لافتات كُتب عليها "نريد حقوقنا الإنسانية" و"كورتي لن تطردنا من كوسوفو". ردَّت عليها الحكومة الكوسوفية بأنه "كان على صربيا الاتفاق معنا أولاً قبل الدفع بإجراء الاقتراع، لا أن تتصرف كأن ليس لكوسوفو حكومة".

ولا تزال صربيا متشبثة بموقفها غير المعترف باستقلال كوسوفو، موقف تدعمها فيه موسكو التي تشنّ هجوماً على أوكرانيا بذريعة منعها من الانضمام إلى حلف الناتو، وعرفت بلغراد مظاهرات حاشدة داعمة للهجوم الروسي، ربطت شعاراتها ما يقع في أوكرانيا بقضية كوسوفو، داعية إلى "حلّ الوضع الحالي في أرضنا المقدسة في كوسوفو وميتوهيا".

يسوّغ هذا الخطوةَ التي أقدمت عليها رئيسة كوسوفو فيوزا عثماني، التي أعلنت سعيها لانضمام البلاد إلى حلف الناتو. وبعثت عثماني برسالة إلى الرئيس الأمريكي جو بايدن، تطلب فيها دعم واشنطن ملف بلادها لطلب عضوية الحلف، مبررة ذلك بقولها: "نحن معرَّضون لجهود روسية حثيثة لتقويض كوسوفو وزعزعة استقرار دول غرب البلقان بأكملها".

مَن فيروزا عثماني؟

تواجه فيوزا عثماني كل هذه التحديات الداخلية والخارجية التي تواجه بلادها بحزم، هي التي اعتلت سدة رئاستها في أبريل/نيسان 2021، بعد أن حصلت على أغلبية 71 صوتاً في الجولة الثالثة للاقتراع البرلماني، من أصل 120 مقعداً يضمّها البرلمان الكوسوفي. بالتالي أصبحت عثماني ثاني امرأة تحظى بذلك المنصب بعد سابقتها عاطفة يحيى آغا.

وفي سنّ لا تتعدى الأربعين قضت أغلبها في السياسة، بدأت فيوزا عثماني التي تتقن أربع لغات أجنبية، نشاطها السياسي منذ المراهقة، ودرست الحقوق في العاصمة بريشتنا، ثم تابعت دراسة الماجستير والدكتوراه بجامعة بيتسبرغ في الولايات المتحدة الأمريكية.

بعد نهاية الحرب سنة 1999، انضمت عثماني إلى أقدم أحزاب كوسوفو، وهو حزب الرابطة الديمقراطية (LDK) التقليدي المحافظ. وعملت ممثلة لكوسوفو في قضية في محكمة العدل الدولية، فدافعت عن شرعية استقلال كوسوفو، وانتهت بكسب كوسوفو تلك القضية ضد صربيا.

عام 2020، وبينما كانت تشغل منصب رئيسة البرلمان في كوسوفو، تولّت عثماني رئاسة البلاد بالوكالة، عقب استقالة الرئيس السابق هاشم تاجي، لاتهام الدوائر المتخصصة في كوسوفو ومكتب المدعي العامّ في لاهاي له بارتكابه جرائم حرب.

وتعهّدَت عثماني عقب انتخابها رئيسة بإصلاح الأوضاع الاجتماعية التي تعاني منها البلاد، ومحاربة الفقر والبطالة، ومحاربة الفساد.

TRT عربي