عكست البيانات التي أعلنت عنها وزارة الداخلية خلال الأسبوعين الماضيين، بشأن تنفيذ الأحكام الشرعية بعدد من الجناة في مناطق مختلفة، حجم الاهتمام الذي يوليه القضاء والأنظمة المرعية، لفئة الأطفال، وتجلى ذلك من خلال العقوبات المغلظة تجاه مرتكبي تلك الأفعال الجرمية تجاه هذه الشريحة.

استدراج الأطفال

فبحسب البيانات المعلن عنها، فقد جرى تنفيذ حكم القتل تعزيرا في المنطقة الشرقية بحق وافد بعد أن ثبت شرعا، استدراجه لطفلين وخطف طفلة والاعتداء عليها وتعذيبها واغتصابها، وفي مدينة جدة، جرى تنفيذ حكم القتل تعزيرا بأحد الجناة، بعد ثبوت قتله لابنته بعدة طعنات، إضافة إلى تنفيذ حكم القتل تعزيرا بحق وافد، ثبت شرعا قيامه باستدراج عدة أطفال وفعل فاحشة اللواط بهم بالقوة.

تغليظ العقوبة

مما استقر عليه القضاء السعودي وفق جملة من القرارات والسوابق القضائية، فإن الأفعال الجرمية التي ترتكب تجاه الأطفال، تكون مسوغا لتغليظ العقوبة تجاه الجناة، والتي ترتقي أحيانا إلى حد المجازاة بالعقوبات الحدية متى توفرت شروطها وضوابطها الشرعية، وبالتوازي مع ذلك يأتي نظام مكافحة الإيذاء ونظام حقوق الطفل ونظام مكافحة التحرش، ليعمل بالتوازي للتأكيد على ذلك.

الأكثر استغلالا

قال القاضي السابق والمحامي عبدالكريم الشمري، إن تغليظ العقوبة تجاه كل من يرتكب فعلًا مجرمًا تجاه «الأطفال» على وجه الخصوص، مرده إلى أن هذه الشريحة على وجه الخصوص لا تمتلك ما تدرأ به الخطر عنها، فضلًا عن كونها الشريحة الأكثر عرضة للاستغلال لكونها لا تملك الإدراك الكافي وأدوات الحماية التي تجعلها في معزل عن الإيذاء وسوء المعاملة ونحوه، إضافة إلى انعدام الندية بين الجاني والمجني عليه، لذلك تجد أن المشرع السعودي شرع جملة من الأنظمة التي تجرم كل صور الإيذاء التي تمارس تجاه الطفل، وحتى متى كان الطفل متهمًا، فإن له نظامًا مستقلًا عن غيره «نظام الأحداث»، ينظم التعامل معهم منذ بداية التحفظ عليهم على ذمة الجنح التي أوقفوا على ذمتها، وحتى الوصول إلى نهاية العملية الجزائية وهي المحاكمة.

عقوبة القتل

يذكر أن العمل القضائي استقر على إيقاع عقوبة القتل حدًا بحق من يثبت قيامه بالاغتصاب، وفقًا لما صدر عن هيئة كبار العلماء في قرارها رقم 85 وتاريخ 1401/‏11/‏11، لكون هذه الجرائم تعد ضربًا من ضروب المحاربة والسعي في الأرض فسادًا، ولما فيها من غلبة وقهر، ويجري ذلك بعد ثبوت الفعل ثبوتًا قطعيًا بطريق الإثبات الشرعي، وبما يكفل حماية الضروريات والعناية بأسباب بقائها مصونة سالمة، ويتحقق ذلك من خلال إيقاع العقوبة المشددة متى قام دليلها القاطع وتوافرت شروطها وانتفت موانعها.