يواجه رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان منذ أسابيع عاصفة سياسية منقطعة النظير، إذ تتحرك المعارضة البرلمانية لحكومته من أجل سحب الثقة منه وإسقاطه عن المنصب. وترجع المعارضة هذا القرار إلى مسؤولية خان في تدهور الأوضاع الاقتصادية بالبلاد، كما لكونه فقد الأغلبية البرلمانية بعد استقالة حوالي 20 نائباً من الائتلاف الذي يقوده.

هذا وكان من المزمع إجراء جلسة برلمانية لمناقشة القضية يوم الـ25 مارس/آذار الماضي، لولا قرار رئيس البرلمان إرجاءها. وكان نائب رئيس المجلس البرلماني قاسم خان سوري قد برر التأجيل برفض النواب مناقشة نقاط أخرى على جدول الأعمال قبل النظر في حجب الثقة.

وتعهد عمران خان بأنه لن يستقيل وسيقاوم حتى النهاية، متهماً المعارضة بأنها تسعى إلى زعزعة استقرار البلاد وتنفذ أجندات خارجية. واتهم رئيس الوزراء الباكستاني الولايات المتحدة الأمريكية بسعيها إلى إسقاط حكومته، في وقت دعم مسؤولون في واشنطن مساعي سحب الثقة التي تخوضها المعارضة.

اتهامات خان

وكشف خان، خلال خطاب له يوم الخميس، بأنه تلقى تهديدات أمريكية بإسقاط حكومته لكونه رفض الإذعان لمطالبها بإقامة قواعد عسكرية. وخاطب الشعب الباكستاني قائلاً: "أعلن أمام الشعب أنّني تلقيت رسالة تهديد من أمريكا (...) هددَتْ أمريكا بإسقاط حكومتي لأنني رفضت إقامة قواعد عسكرية لها في أرضنا".

وجدد رئيس الوزراء الباكستاني رفضه الاستقالة من منصبه، مشدداً على أنه سيكمل "اللعبة إلى آخرها، وننتظر إلى يوم الأحد لنرى ما سيتمخض عنه التصويت في البرلمان".

وأضاف أنّه "خلال ما يسمى الحرب على الإرهاب، تعرضت باكستان للإهانة"، مؤكداً عدم التراجع:" (لن أركع) أمام أيّ أحد، ولن أسمح لشعبي بالركوع أمام أحد، ولن أسمح للمعارضة بالنجاح مطلقاً"، وتابع بأن "سياسة باكستان الخارجية يجب أن تكون مستقلة ولا تصطفّ ضد أحد. وإذا نجحت محاولات المعارضة، فإن الأجيال المقبلة لن تسامح".

بالمقابل، استدعت الخارجية الباكستانية القائم بأعمال السفير الأمريكي للاحتجاج على دعم الولايات المتحدة مساعي المعارضة للإطاحة برئيس الوزراء عمران خان.

هل يدفع خان ثمن رفضه الهيمنة الأمريكية؟

وتشهد العلاقات الباكستانية الأمريكية تأرجحاً كبيراً، منذ أن نفذت الولايات المتحدة خروجها الكارثي من أفغانستان. وسبق أن انتقد عمران خان هذا الأمر، قائلاً في أحد خطاباته: "إن باكستان انضمت إلى الحرب الأمريكية بتكلفة عشرات الآلاف من الضحايا وخسائر اقتصادية بمليارات الدولارات لكنها لم تلقَ أي إشادة من واشنطن للتضحيات".

فيما ساهم خروج أمريكا من أفغانستان في التدهور الذي يعرفه الاقتصاد الباكستاني. فوفقاً للسفارة الأمريكية بإسلام آباد، منذ بداية الحرب في أفغانستان حتى نهايتها عام 2021، خصصت الولايات المتحدة أكثر من 32.5 مليار دولار من المساعدات المدنية والعسكرية لباكستان. وانخفضت المساعدات المدنية الأمريكية لباكستان برسم 2022 إلى حدود 300 مليون دولار.

وزادت العلاقات الأمريكية الباكستانية توتراً مع اندلاع الهجوم الروسي على أوكرانيا، حيث رفضت هذه الأخيرة إدانة الأمر أو الاصطفاف مع الغرب في عقوباته ضد موسكو. بل وزار رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان الكرملين في أوج هذه الأزمة الدولية، سعياً منه إلى توثيق العلاقات وبحثاً عن المساعدة الاقتصادية. وقال خان وقتها إن باكستان ستواصل استيراد القمح والغاز من روسيا رغم العقوبات الدولية واسعة النطاق.

ثمة مسألة خلافية كذلك بين إسلام آباد وواشنطن، هي الإقبال الباكستاني على التسلح من الصين. حيث أنفقت باكستان، فقط في عام 2021، أكثر من 750 مليون دولار على واردات الأسلحة من الصين العام الماضي، وفقاً لبيانات أعدها معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام. فيما تتمتع بيكين وإسلام آباد بعلاقات سياسية واقتصادية قوية، ظهرت جلية في سعي خان إلى فك العزلة الديبلوماسية عن أولمبياد بكين الشتوية الماضية بحضوره حفل افتتاحها، تزامناً مع دعوات دولية لمقاطعته.

TRT عربي