مع الساعات الأخيرة قبل حلول شهر رمضان المعظم المبارك رمضان، ومع هذا الانتظار له المصاحب بالفرح الذي يعيشه المُسلمون كما اعتادوا، فهو شهر الفضيلة وأعمال الخير والروحانيات، والتجليات، نجد أن البعض يدعي أنه يزداد في عصبيته وانفعاله خاصة مع أول أيام رمضان لكونه لم يتناول ما اعتاد عليه من مشروبات أو مأكولات في نهار يومه، ونتيجة لهذا الادعاء يبرر هؤلاء ارتكابهم لبعض أعمال العنف والشجار في هذا الشهر الفضيل.

تواصلت "الدستور" مع عدد من استشاريي الصحة النفسية لكشف حقيقة تلك الادعاءات.

الدكتور أحمد جمال الدين أبو العزائم استشاري الصحة النفسية، أكد أن شهر رمضان هو شهر الراحة النفسية بكافة أشكالها، فهو ينمي روح التسامح والتآخي، ويقوي العلاقات الاجتماعية، موضحًا أن كافة تلك الأمور من شأنها بعث الراحة النفسية على المُسلم من جديد، وهذا هو الحال الذي يجب أن يكون عليه أي مُسلم في رمضان، وليس العكس.

وأضاف أنه ينبغي إدراك مفهوم الصيام الحقيقي بكونه لا يعني مجرد الامتناع عن الأكل والشرب، كما أن الهدف منه ليس كما يقول البعض هو الشعور بالفقراء، بل إن للصيام العديد من الفوائد والأهداف من بينها تعويد الجسم على أن يكون أكثر تحملًا وصبرًا، مشيرًا إلى أن إحساس الجوع والعطش الكبير يمر به الإنسان فجأة أحيانًا بالأوقات العادية، وأن بتدريبه على الصيام في شهر رمضان فيمكنه التغلب على مثل هذه المواقف.

وأردف أن الصيام يفتح للإنسان كذلك مجالًا أكثر اتساعًا للكشف عن قوته وقدراته النفسية والعقلية، وبالتالي الإبداعية التي لم يكن ليستطيع كشفها بالأوقات العادية، مشيرًا إلى أن تلك من بين المزايا التي ميّز الله بها الإنسان عن سائر خلقه وهي أن يكون قادرًا على الإبداع، والتي يكون رمضان فيها هو من بين الأوقات التي تظهر بها تلك الميزة.

أما عن مبرر البعض في الانفعالات الزائدة والعصبية بهذا الشهر خاصة بأول شهر رمضان، أنها نتيجة الصيام، وعدم تناول ما اعتادوا من مأكولات ومشروبات نهارًا، يقول أبو العزائم إن هذه العصبية وتلك الانفعالات إنما يرجع إلى أسباب نفسية وعصبية لدى الشخص نفسه وليس إلى صيامه، موضحًا أن لجوء بعض الأشخاص إلى تناول المشروبات التي تحتوي على الكافيين بكثرة، وكذلك إلى التدخين بشراهة يدل على محاولتهم الهروب من مشكلة داخلية أو معاناة ما، وهذه المُشكلة وما ينتج عنها من عصبية إنما يحتاجان إلى اللجوء للعلاج النفسي فالمرض النفسي هو مرض مثله مثل سائر الأمراض وينبغي العلاج منه.

من جانبه؛ أكد الدكتور هشام ماجد استشاري الصحة النفسية، أنه على عكس ما يدعيه البعض تمامًا فإن الصيام يمنح راحة تامة لكافة أجهزة الجسم مثل الجهاز الهضمي والتنفسي "إذ لا يدخل الرئة سوى الهواء"، موضحًا أنه بالتالي يمثل ذلك تأثيرًا إيجابيًا على الجهاز العصبي الذي يكون أكثر استرخاءًا وهدوءًا، موضحًا أن تلك يجب أن تكون فرصة للتأمل والتدبر والتلذذ بالعلاقة الروحية بين العبد وربه في تلك الأثناء، مشيرًا إلى أن ذلك هو مفهوم الصيام الحقيقي.

وتابع أنه لمن يتحجج بحرمانه مما اعتاد على تناوله نهارًا من مأكولات ومشروبات في الشهر الكريم أنه ذلك ما يدفعه إلى أن يكون شخصًا عصبيًا ومنفعلًا طول الوقت، فيجب أن يستعد هؤلاء من قبل قدوم الشهر بتقليل بعض هذه المكيفات والمشروبات سواء بصيام بعض الأيام المتفرقة في أيام شهر شعبان، أو بالتقليل من كميات التناول منها، مما تكون فرصة كبيرة لهم لينتهوا من تلك العادات السيئة إلى الأبد.

جدير بالذكر أنه بالعام الماضي وبأول أيام شهر رمضان المبارك لقى شاب مصرعه، طعنًا في مشاجرة بالسلاح الأبيض بقرية منصورية الفرستق التابعة لمركز كفر الزيات بمحافظة الغربية، بسبب رش المياه فى الطريق العام، عقب حدوث مشادات كلامية حادة بينه وبين أحد الأفراد. 

وفي ذات اليوم لقيت ربة منزل مصرعها على يد زوجها، بقرية بلتان مركز طوخ في محافظة القليوبية، بسبب الخلافات الزوجية ورفضه توفير مصروفات المنزل لها ولأبنائه، فيما دلت التحريات الأولية، إلى أن رغبة الأطفال في فانوس رمضان بجانب الأم وطلبتها بذيادة مصروف المنزل من الأسباب الرئيسية التي دفعت الزوج لقتلها.