كيف غيرت الأمانة مسار حياة شاب ليبيري فقير؟

  • جوناثان باي-ليلي
  • بي بي سي نيوز - مونروفيا

قصة الشاب الليبيري، إيمانويل تولو، ربما يمكن وصفها بأنها من أساطير العصر الحديث.

الشاب البالغ من العمر 19 عامًا، الذي يرتدي زيًا مدرسيًا من قميص أزرق سماوي وسروال كُحلي اللون، يبدو مختلفا في فصل مليء بالتلاميذ الذين تقل أعمارهم عنه بنحو ست سنوات.

لكن الشاب، الذي كان قد توقف عن الدراسة من المرحلة الابتدائية في السابق، سعيد الآن.

في العام الماضي، كان يكافح من أجل كسب لقمة العيش كسائق دراجة نارية لنقل الركاب بالأجرة، عندما وجد مبلغا، من أوراق نقدية أمريكية وليبيرية، قدره 50 ألف دولار، في كيس بلاستيكي على جانب الطريق.

كان بإمكانه بسهولة الاستيلاء على هذه الكمية من الأموال التي كان من شأنها أن تغير حياته. لكنه أعطاها لعمته لتحافظ عليها. وعندما طلب المالك الشرعي المساعدة في العثور على النقود عبر الإذاعة الوطنية، تحرك إيمانويل.

تخطى مواضيع قد تهمك وواصل القراءة
مواضيع قد تهمك
  • الزواج: العرائس القاصرات اللائي لم يتخلين عن أحلامهن
  • توأم الروح: لماذا لايزال البعض يؤمنون بأسطورة "النصف الآخر"؟
  • الرجل الذي عاش وحيدا في غابة في سنغافورة لنحو ثلاثة عقود
  • لماذا كاد مدير ناجح أن يحرم من دراسة العلوم والرياضيات؟

مواضيع قد تهمك نهاية

سخر البعض من صدقه، قائلين إنه سيموت فقيرًا. لكن تصرفه أكسبه مكافآت سخية، بما في ذلك مكان في معهد ريكس - إحدى المدارس المرموقة في ليبيريا.

سلمه الرئيس الليبيري، جورج ويا، مبلغ 10 آلاف دولار، كما قدم له مالك وسائل إعلام محلية نقودًا، تم جمع بعضها من المشاهدين والمستمعين. أما صاحب المال الذي تم العثور عليه فقد تبرع له ببضائع قيمتها 1500 دولار.

علاوة على ذلك، وربما الأهم، قررت إحدى الكليات في الولايات المتحدة تقديم منحة دراسية كاملة له بمجرد إكمال تعليمه الثانوي.

"الاستمتاع بالانضباط الأكاديمي"

وهذا ما يركز عليه الشاب في معهد ريكس، وهي مدرسة داخلية تأسست قبل 135 عامًا لنخبة المجتمع الليبيري المنحدرين من نسل العبيد المحررين الذين أسسوا البلاد. تقع مبانيها المكونة من طابقين في مجمع جميل وخصب، على بعد 6 كيلومترات من ساحل المحيط الأطلسي.

قال إيمانويل وهو يضحك: "أنا أستمتع بالمدرسة، ليس لأن ريكس اسم كبير ولكن بسبب الانضباط الأكاديمي والأخلاقي".

مثل العديد من الأطفال الليبيريين القادمين من خلفية ريفية فقيرة ويضطرون إلى القيام بذلك، ترك إيمانويل المدرسة في سن التاسعة من أجل كسب بعض المال لمساعدة أسرته. كان هذا بعد وقت قصير من وفاة والده في حادث غرق، حين ذهب للعيش مع عمته.

وأصبح سائق دراجة نارية لنقل الركاب بالأجرة بعد عامين فقط.

التعليق على الصورة،

يقع معهد ريكس المرموق في أراضي خصبة غرب العاصمة الليبيرية مونروفيا

بعد هذا الوقت الطويل بعيدا عن التعليم، يحتاج تولو إلى الكثير من الدعم الإضافي في المدرسة.

عندما انضم لأول مرة إلى زملائه بالصف السادس "كان يشعر بأن قدراته أدنى منهم قليلا. لم يكن بإمكانه التعبير عن نفسه في الفصل، لكننا عملنا على معالجة ذلك يومًا بعد يوم"، حسبما أوضح مدرس الفصل الرئيسي تامبا بانجبور لبي بي سي.

وأضاف: "أكاديميًا، جاء بتأسيس ضعيف، لذلك حاولنا ضمه إلى برنامج تطوير. وهذا يساعده".

أمامه الآن ست سنوات في المدرسة الثانوية. وسيبلغ من العمر 25 عامًا عندما يتخرج. لكنه لا يمتعض من فارق السن مع زملائه ويصفهم بأنهم "ودودون".

يستمتع إيمانويل أيضًا بالعيش في المدرسة الداخلية، قائلاً إن "الحياة في السكن المدرسي جيدة، لأنها طريقة لتعلم العيش بمفردك يومًا ما".

بالنظر إلى المستقبل، يريد دراسة المحاسبة في الجامعة "لإعداد نفسي للمساعدة في توجيه استخدام أموال البلد".

يُنظر إلى حكمته وأمانته كمثال يحتذى به في بلد تنتشر فيه مزاعم الفساد، وحيث غالبًا ما يُتهم المسؤولون بسرقة موارد الدولة.

"من الجيد أن نكون صادقين"

تخطى البودكاست وواصل القراءة
البودكاست

تابوهات المراهقة، من تقديم كريمة كواح و إعداد ميس باقي.

الحلقات

البودكاست نهاية

يعلق على الطريقة التي سخر بها بعض الناس منه بسبب إعادة الأموال، ويعترف بأنه كان بإمكانه استخدام الأموال لتحسين وضعه المادي "لكن ذلك ما كان ليمنحني الفرصة التي أتيحت لي الآن".

يشكر إيمانويل ربه على منحه المكافآت، ويقول أنا "ممتن لوالديّ لأنهما علّماني أن أكون صادقًا".

"رسالتي لجميع الشباب هي: من الجيد أن نكون صادقين. لا تأخذوا ما لا يخصكم".

المعلمون في معهد ريكس يقدّرون وجود إيمانويل هناك.

قال بانجبور عن إيمانويل، المشجع المتعصب لفريق تشيلسي الإنجليزي، الذي يلعب إلى جانب الطلاب الأقرب إلى عمره: "لم نستفد مؤخرًا من أمانته كمدرسة فحسب، بل إنه الحارس الثاني لفريق المدرسة".

كما يرحب زملاء إيمانويل في الفصل بوجوده هناك.

وصفته بيثلين كيلي، 11 عامًا، بأنه "صديق عظيم نحب المشاركة معه والاهتمام به لأنه هادئ ولا يتحدث كثيرًا. (هو) مخلص ومحترم وصادق".

ويقدّر كاليب كوبر، 12 عامًا، سلوك إيمانويل في الفصل وفي السكن المدرسي.

قال كاليب وهو يضحك "إنه لا يسرق من الأصدقاء".

"إذا وجد إيمانويل شيئًا لا يخصه، فإنه يبلغ المعلم بذلك. وإذا لم يكن أحد المعلمين موجودا في الجوار فإنه يضعه على مكتبهم".

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة،

استخدام الدراجات النارية في نقل الركاب بالأجرة وسيلة شائعة بين الشباب لكسب العيش في ليبيريا

ومن واقع الحياة التي تركها إيمانويل وراءه، لا يبدو أن سائقي الدراجات النارية بالأجرة يحسدونه على مستقبله الجديد.

أحدهم، لورانس فليمنغ البالغ من العمر 30 عاما، قال لبي بي سي إنه ترك المدرسة في الصف التاسع عندما كان مراهقًا، وأنه تابع قصة إيمانويل عن كثب.

وقال "إنه لأمر جيد أن يعود إيمانويل إلى المدرسة، نشكر الرب عليه".

وأثناء وقوفه بجانب دراجته النارية المصنوعة في الصين عند مفترق طرق مزدحم بمدينة برويرفيل، غربي مونروفيا، نقل له نصيحة.

"يجب أن يبقى في المدرسة من أجل مستقبله ومستقبل أطفاله ... لديه الآن فرصة لا يملكها البعض منا".