افتتاحية الدار: المغرب والإمارات.. جذور التاريخ وطموحات المستقبل


الدار/ افتتاحية

لا يكاد يمرّ يوم وطني أو مناسبة دينية أو حدث إقليمي إلا وتتأكد عراقة العلاقة المغربية الإماراتية ومتانتها. انسجام راسخ وتوافق في كل القضايا الثنائية والعربية، وتوجّه واثق نحو المستقبل بكل ما يتيحه من إمكانات وفرص. هذه المعاني الراسخة بين المغرب والإمارات هي نفسها التي أوحت بها صورة اللقاء الذي جمع بين جلالة الملك محمد السادس وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد آل نهيان وهما يجمعان أفراد الأسرتين الحاكمتين على إفطار رمضاني بكل ما يعنيه ذلك من رموز ودلالات معبّرة. فزيارة ولي عهد أبوظبي للمغرب ليست بروتوكولا رسميا بقدر ما هي عودة إلى الوطن الثاني الذي يؤوي جانبا من ذكرياته.

تتزايد حقيقة تميّز العلاقات بين البلدين سطوعاً مع التطور الكبير الذي عرفه التعاون بينهما في السنوات القليلة الماضية. لقد عبّر المغرب من جهته عن التزام لا يلين تجاه كل قضايا الأمن والاستقرار في منطقة الخليج العربي، ولم يتردد في تقديم الدعم السياسي والعسكري للتحالف العربي، وبالمقابل كانت الإمارات العربية المتحدة من بين الدول العربية الأولى التي بادرت إلى تقديم التأييد الرسمي لمغربية الصحراء من خلال الإعلان عن افتتاح قنصليتها في الأقاليم الجنوبية للمملكة. وبين هذين الحدثين توافقت كل من المملكة المغربية والإمارات العربية المتحدة حول ضرورة طي صفحة النزاع العربي الإسرائيلي بالتقدم نحو تطبيع إيجابي للدفع بخطة السلام في المنطقة والحفاظ على الحقوق الفلسطينية.

وبغضّ النظر عن التنسيق في مقاربة القضايا الدولية من عدمه، تتقاطع الرؤية المغربية والإماراتية في الكثير من القضايا التي تشغل المنطقة العربية والعالم. فبالإضافة إلى التقارب الملحوظ فيما يتعلق بعملية السلام في الشرق الأوسط، لم يختلف الموقف المغربي والإماراتي كثيرا في قضية الحرب الروسية الأوكرانية عندما فضّل المغرب عدم حضور التصويت في مجلس الأمن ضد روسيا، بينما قررت الإمارات العربية الامتناع عن ذلك أيضا. ولعلّ هذا التقارب بين البلدين على مستوى مقاربة الملفات الدولية يعود في جانب من جوانبه إلى الإرث التاريخي المشترك للعلاقات بين البلدين منذ أيام الشيخ زايد والملك الراحل الحسن الثاني.

لقد كانت الثقة المتبادلة دائماً عماد العلاقات بين الرباط وأبو ظبي، ولطالما وجد قادة الإمارات في المملكة المغربية الحكمة والسند والناصح الأمين، كما كانت المملكة المغربية تعتبر الإمارات دائما نموذجا رائداً للطموح نحو التحديث والتقدم والتحدي. ولعل ما يمثّل قيادة البلدين اليوم هو هذا التكامل بين الحكمة والطموح، الحكمة النابعة من إحساس ووعي واقعي بالتحولات التي يعرفها العالم بعيداً عن الخطابات العنترية والمغامرات الشوفينية التي أرهقت عالمنا العربي في النصف الثاني من القرن العشرين، والطموح المنطقي نحو تحقيق السيادة والتقدم وبناء دول قادرة ومستقلة ومنتجة. هذا هو المشروع الطموح الذي حملته الإمارات العربية المتحدة ويحمله المغرب أيضا بعد أن تبين بما لا يدع مجالا للشك أن الدول العربية أضاعت زمنا طويلا في صراعات لا طائل من ورائها.

يُعطي إذن قائدا البلدين من خلال هذا التظافر الدائم في مختلف المناسبات دروسا واضحة في ضرورة التطلع إلى المستقبل مع الاعتزاز الرزين بالماضي والإرث التاريخي. إنهما يلتفّان حول مائدة الإفطار الرمضاني بكامل طقوسها ورمزيتها الدينية والثقافية، لكن عينيهما في الوقت نفسه على ملفات المستقبل المشتركة التي تواجه المنطقة والإنسانية، ملفات الأمن والاستقرار وتحقيق السلم والرخاء الاقتصادي والطاقي والخروج من أزمات العالم بأقل الخسائر. ولن نبالغ إذا قلنا في هذا السياق أن العلاقات المغربية الإماراتية مؤهلة أكثر من أي وقت مضى لمفاجأة المنطقة العربية ومحيطها الإقليمي بنماذج التعاون المشتركة الرائدة من خلال مشاريع غير مسبوقة وواعدة.

تاريخ الخبر: 2022-04-11 03:23:48
المصدر: موقع الدار - المغرب
التصنيف: مجتمع
مستوى الصحة: 49%
الأهمية: 61%

آخر الأخبار حول العالم

هل يمتلك الكابرانات شجاعة مقاطعة كأس إفريقيا 2025؟

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-04-29 00:25:42
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 69%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية