محمد الباز يكتب يوميات الاختيار (9): أم كلثوم تفضح تديُّن الإخوان المزيف من قبرها

المصريون رفضوا رغبة الإخوان فى تغيير هويتهم الثقافية والفنية

السيسى كان يعرف الإخوان ولم ينخدع بهم ولا فيهم أبدًا

بنعومة شديدة استطاع هانى سرحان، مؤلف «الاختيار»، فضح تدين الإخوان المزيف.. وضع ما تدعيه الجماعة الضالة المضللة عن احتكارها الإسلام أمامنا جميعًا، وتركهم عرايا حتى نحكم عليهم، انتقد خطابهم المزور عن حقيقة أن ما يقومون به هو ما يرضى الله ورسوله عنه. 

خلط سرحان فى تكنيك كشف الزيف الإخوانى بين ما هو درامى، تقتضيه الأحداث، وما هو واقعى، من خلال الحوارات التى جرت بين وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى مع ابنته مرة ومع الرئيس الإخوانى محمد مرسى مرة أخرى. 

الموقف الدرامى كانت دلالته واضحة، وأعتقد أن الحلقة التاسعة من «الاختيار ٣» حلقة مؤسسة فى كشف الهراء الفكرى الذى كانت جماعة الإخوان تعيش عليه. 

الإخوانى الذى تسرب إلى صاحب بازار واستأجر منه فاترينة صغيرة إلى جوار محله ليعرض فيها بضاعته، ينتفض عندما يجد الشباب الذين يعملون فى المحل يستمعون إلى السيدة أم كلثوم وهى تشدو «كنت باشتاق لك وأنا وأنت هنا.. بينى وبينك خطوتين»، ويصرخ فيهم قائلًا: «يا أخى ده مكان أكل عيش، بدل ما تشغل قرآن.. تشغل حاجة تغضب ربنا». 

لم يكذب «الاختيار ٣» على الإخوان فى أى شىء، لا فيما هو درامى، ولا فيما هو واقعى. 

فهم يكرهون الفن ويحرّمونه ويمقتون أهله، بل يعتبرونهم من أهل النار، وليس عليك إلا أن تراجع داعيتهم الكاذب عبدالحميد كشك، الذى كان يسخر من الفنانين ويعدهم بالشقاء فى الدنيا والعذاب فى الآخرة، وكأنه يملك مفاتيح رحمة الله وعذابه. 

لم يلتفت الإخوانى، الذى أخرجه صوت أم كلثوم عن شعوره فأظهره على حقيقته، إلى ما قاله الشاب الذى هاجمه بغضب، وقال له: «ما احنا شغلنا قرآن.. وبعدين ما ساعة كده وساعة كده». 

فى هذا التعبير تحديدًا تصوير دقيق لحالة المصريين الإيمانية ولتدينهم العميق، الذى يقوم على الوسطية التى لا تميل إلى التطرف ولا تنحاز إلى الانفلات، وفيه أيضًا رسم للصورة الحقيقية لتدين جماعة الإخوان، وهو تدين عنيف ومتطرف ومشوه، يقلقه الجمال ويؤرقه المزاج الرائق، وأعتقد أن مثل هذا المشهد يمكن أن يفسر لنا لماذا خرج الشعب المصرى على الإخوان ورفضهم بشكل كامل. 

رفض المصريون ضمن ما رفضوه فى جماعة الإخوان الإرهابية أنها كانت تعمل على تغيير هويتهم الثقافية، على تبديل مزاجهم الذى تجلس السيدة أم كلثوم فى قلبه، فهى ليست مطربة عادية ولا عابرة، ولكنها بعض من وجداننا.

هذا عن الدراما... فماذا عن الواقع؟ 

كل المعلومات والأحداث والوقائع التى تأتى فى سياق «الاختيار ٣» عن الرئيس عبدالفتاح السيسى حقيقية تمامًا، بما فيها حرصه على أن يعد الإفطار لعائلته صباح كل يوم جمعة، فلم يكن هذا المشهد تجميلًا للصورة، بقدر ما كان تأكيدًا عليها. 

تفكيك خطاب الإخوان وكشف زيف تدينهم يظهر لنا مرة أخرى من الحوار الذى دار بين وزير الدفاع عبدالفتاح السيسى وابنته آية. 

الابنة: فيه شوية من زمايلى فى الجامعة اتغيروا معايا فجأة، ومبقوش معايا زى الأول، بيقولوا إن حضرتك إخوان، وإن أنا وعائلتنا كلنا إخوان.

وزير الدفاع: طب وإنتى شايفة إيه؟ 

الابنة: أنا عارفة كويس إن حضرتك مسلم وبس، وإن حضرتك علمتنا كويس إننا نحكّم عقلنا فى كل حاجة، خصوصًا لما نسمع حد بيتكلم فى أصول دينّا، وفاكرة كويس إن حضرتك قلت لنا إن اللى احنا شايفينه غلط ممكن غيرنا يبقى شايفه صح، بس هما بيقولوا كده علشان حضرتك متدين قوى وصوام وقوام. 

وزير الدفاع: هى الصلاة وقيام الليل بقت حكر بس على جماعة الإخوان المسلمين، ولا إيه؟!، لا يا بنتى الإشاعات دى بيطلعها الإخوان المسلمين نفسهم، عايزين يبانوا قدام الناس إنهم بس بتوع ربنا، وبيفهموا فى الدين، إنتى بس متضايقيش نفسك، بكرة الناس هتعرف كل حاجة. 

ببساطة شديدة يكشف هذا الحوار الغطاء عن الجماعة التى تشيع عن نفسها أنها وحدها المتدينة، فهى تدعى أنها وحدها من تصلى وتصوم، وكأن الصلاة والصيام حكر عليها، وهى تشيع ذلك حتى يعتقد الناس أنهم وحدهم بتوع ربنا، فيصبح الانقياد لهم بعد ذلك سهلًا. 

وللمرة الثالثة فى نفس الحلقة يتم تفكيك تدين الإخوان الزائف وفساد معتقدهم، وهو ما نراه بوضوح فى الحوار الذى دار بين الرئيس الإخوانى محمد مرسى ووزير الدفاع. 

لقد كان أحد أحلام جماعة الإخوان أن يصبح عبدالفتاح السيسى من أعضاء الجماعة، كانوا يعتبرون انضمامه لهم هدفًا استراتيجيًا، على اعتبار أنه سيكون مفتاحًا للباب الكبير الذى يمكن أن يدخلوا منه للسيطرة على القوات المسلحة. 

عرض محمد مرسى بوضوح لا يقبل التأويل على عبدالفتاح السيسى الانضمام إلى الجماعة. 

قال له: عايزين نتآخى. 

ولما استوضحه وزير الدفاع عن مقصده، قال له: جماعة الإخوان لا تضمر أى شىء لأحد، فلو بقيت معانا هيفرق جدًا.. ومش الناس كلها بيقولوا عليك إخوان، خلاص خليك إخوان. 

ما قاله عبدالفتاح السيسى ردًا على محمد مرسى لم يكن مجرد إجابة بالرفض على طلب، ولكنه كان منهجًا متكاملًا، يضيف إلى هدم صورة التدين الإخوانى المزيف. 

قال: بس أنا مش إخوان ومش هاكون إخوان، ومش سلفى ومش هاكون سلفى، أنا مسلم بس. 

وقع مرسى فى حيرة، فسأل وزير الدفاع: هو يعنى إحنا مش مسلمين؟

رد وزير الدفاع للمرة الثانية، بما يؤكد أنه يعى جيدًا حقيقة الجماعة وحقيقة تدينها، قال: أنتم فكر ومنهج.. وأنا فكر ومنهج آخر، ومنهجى هو الرفق واللين والتسليم. 

لم يعرف عبدالفتاح السيسى الإخوان وتدينهم من خلال القراءة عنهم فقط، ولكن أتاحت له الفترة التى أعقبت أحداث يناير ٢٠١١ أن يتعرف عليهم أكثر ويتعامل معهم أكثر، وهو ما جعله يعرف تمامًا أن هؤلاء أهل دنيا وليسوا أهل دين، وأنهم يرفعون الشعارات الدينية من أجل السلطة وليس لوجه الله. 

ما قاله عبدالفتاح السيسى فى «الاختيار ٣» يتسق مع ما قاله مبكرًا جدًا عن رؤيته لنمط تدين الإخوان. 

ما رأيكم أن أعود بكم إلى ٧ أكتوبر ٢٠١٣. 

فى هذا اليوم نشر العزيز الراحل ياسر رزق الحلقة الأولى من حواره المطول مع وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسى. 

قال له ياسر: أذكر أننى سألت سيادتك بعد إعلان فوز محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، وقبل تسلمه منصبه، هل يقدر مرسى على أن يتخلص من سطوة الجماعة، ويصبح رئيسًا لكل المصريين؟ وأذكر أن سيادتك قلت: ليست المسألة هل يقدر.. وإنما هل يريد أصلًا؟ فكيف كنت تتوقع أنه لا يريد أن يُغلّب مصلحة البلاد على مصلحة الجماعة؟ كيف توصلت إلى هذه القناعة؟ 

قال السيسى: قناعتى بعدم تغليب الرئيس السابق مصلحة البلاد على مصلحة الجماعة تعود إلى الدراسة العميقة للعديد من العوامل التى تبدأ من السمات العامة لشخصية الرئيس وعلاقته بالجماعة ونظامها وأهدافها الحقيقية، والإشكالية فى هذا الأمر- ودون الإساءة لأحد- نابعة من البناء الفكرى والعقائدى لهذه المجموعة، فهناك فارق كبير جدًا بين النسق العقائدى والنسق الفكرى لأى جماعة، وبين النسق الفكرى والعقائدى للدولة، ولا بد أن يتناغم الاثنان مع بعضهما، «نسق العقيدة ونسق الدولة» يجب أن يصعد أحدهما للآخر، إما أن تصعد الدولة إلى الجماعة، وهذا أمر مستحيل، وإما أن تصعد الجماعة إلى الدولة، من خلال التخلى عن النسق العقائدى والدينى، وهذا أمر أعتقد أنهم لم يستطيعوا فعله، لأن ذلك يتعارض مع البناء الفكرى للمجموعة، وسيبقى هذا الفارق بين النسقين مؤديًا إلى وضع متقاطع يقود إلى وجود مشاكل وفوارق، تجعل الناس تشعر بهذا الوضع وتخرج للتظاهر. 

ويضيف السيسى: ومثلما هناك بناء فكرى وعقائدى لجماعة، هناك أيضًا نسق وبناء فكرى وعقائدى لفرد، لكن البناء العقائدى للفرد قد ينسجم مع الدولة، لأنه فى هذه الحالة قد يختار الصعود إلى نسق الدولة للتناغم معها، لكن ذلك يصعب حدوثه فى حالة المجموعة، لأن لها عقيدة واحدة، وتتصور أنها لو فرّطت فى فرد منها فإنها تفرّط فى الفكرة نفسها. 

يعود ياسر إلى السؤال: هل هناك أحد يستطيع أن يجادل بأن هؤلاء الإسلاميين حريصون على الإسلام؟ 

ويجيب السيسى: المشكلة أنهم لا يستطيعون التفرقة بين ممارسات الفرد فيهم كإنسان وفرد فى الجماعة، وبين ممارساته فى إطار نسق الدولة، وحين حدث خلط وعدم تناغم بين نسق الفرد والجماعة والدولة، حدث ما نراه حاليًا، فقد جعلوا الناس ترى أن الإسلام عبارة عن تخريب وتدمير، وأريد أن أقول إن صورة الإسلام حاليًا فى العالم أساء إليها هؤلاء الحريصون على الدين، أساءوا إلى الإسلام بصورة غير مسبوقة، وأصبح الإسلام مرادفًا للقتل والدم والتدمير والتخريب. 

ما جاء على شاشة «الاختيار ٣»، وما قاله وزير الدفاع مبكرًا عن جماعة الإخوان، يؤكد لنا أن السيسى كان يعرفهم ولم ينخدع بهم ولا فيهم أبدًا. 

تاريخ الخبر: 2022-04-11 21:20:49
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 59%

آخر الأخبار حول العالم

مع مريـم نُصلّي ونتأمل (١٧)

المصدر: وطنى - مصر التصنيف: غير مصنف
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:21:27
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 67%

بعائد يصل لـ28.25%.. تفاصيل أعلى 5 شهادات متغيرة في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:20:56
مستوى الصحة: 48% الأهمية: 61%

سعر الريال السعودي اليوم الجمعة 17-5-2024 في البنوك - اقتصاد

المصدر: الوطن - مصر التصنيف: سياسة
تاريخ الخبر: 2024-05-17 06:20:57
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 65%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية