محمد سليمان عبدالمالك: روح أسامة أنور عكاشة بترفرف حول «راجعين يا هوى» (حوار)

 

سيناريست بنكهة خاصة، جمع بين براعة الكتابة والتفوق العلمى، وتحول تفرغه لشغفه ونهمه للكتابة واستقالته من الطب سعيًا وراء هذا الحلم- إلى مَثل ملهم للكثير من الشباب الذين يخافون من المغامرة وراء ما يحبون.

السيناريست محمد سليمان عبدالمالك، الذى يعد من الموهوبين فى عالم الكتابة، عرفه الجمهور بشكل كبير من خلال رائعة «باب الخلق» مع الساحر محمود عبدالعزيز، بعد عدة أعمال أظهر خلالها تفوقًا كبيرًا.

ومنذ ذلك الوقت، قدم «عبدالمالك» العديد من الأعمال، التى عكست الموهبة الكبيرة التى امتلكها، وقدرته على التنوع وعدم الاقتصار على منطقة درامية واحدة، كان على رأسها «اسم مؤقت» و«فرق توقيت» و«وعد» و«رسايل» و«ممالك النار» و«خيط حرير»، وصولًا إلى مسلسل «راجعين يا هوى»، الذى يقدمه هذا العام، عن مسلسل إذاعى قدمه المؤلف الكبير أسامة أنور عكاشة فى ٢٠٠٣.

عن المسلسل الجديد، وتحمله مسئولية المعالجة الدرامية لعمل كتبه عميد الدراما العربية أسامة أنور عكاشة، وغيرها من الموضوعات الأخرى، يدور حوار «الدستور» التالى مع محمد سليمان عبدالمالك.

■ كيف وقع اختيارك على «راجعين يا هوى» من بين أعمال عميد الدراما العربية أسامة أنور عكاشة لتقديمها فى الموسم الرمضانى الحالى؟

- من البداية كنت مقررًا أن أقدم هذا العام عملًا بسيطًا مغلفًا بالروح الاجتماعية، ويحتوى على قدر من الرومانسية، ونتيجة ظروف كثيرة تتعلق بالإنتاج الدرامى، تأخرت بعض الوقت، واعتقدت أننى لن ألحق بالسباق الرمضانى من الأساس.

لكن فى هذا التوقيت تواصل معى صديقى المنتج الكبير طارق مرتضى، وقال لى إنه حصل على حقوق إعادة تقديم مسلسل «راجعين يا هوى»، الذى تم تقديمه فى الإذاعة عام ٢٠٠٣، من بطولة الفنان الكبير يحيى الفخرانى، والفنانة القديرة الراحلة معالى زايد.

بمجرد سماع العرض وافقت فى جزء من الثانية، ودون أى تردد، واعتبرته شرفًا كبيرًا لى، خاصة أننى أعتبر نفسى تلميذًا للأستاذ الكبير أسامة أنور عكاشة، ومن الجيل الذى خرج من معطف هذا الرجل العظيم، الذى رحل عنا بجسده فقط.

ووجدت فى هذا المسلسل فرصة هائلة للاحتفاء بذكرى أسامة أنور عكاشة، من خلال تقديم العمل على شاشة التليفزيون، بما يناسب التطور الذى نعيشه فى الزمن الحالى.

■ كم استغرقت فى المعالجة الدرامية، خاصة مع احتياجك لتقديم ٣٠ حلقة مرئية من عمل إذاعى مدة حلقته لا تتعدى ١٥ دقيقة؟

- أخذت نحو ٦ أشهر فى الكتابة، وأعتبره وقتًا مناسبًا لكتابة عمل بالنسبة لى، خاصة أن العمل الإذاعى يعتمد على الخيال، وعند تحويله إلى صورة مرئية يحتاج إلى تطوير ومعالجة فى الفكرة والنص والعالم الذى يتم من خلاله تقديم الأحداث.

وبالفعل تعاملت مع النص الإذاعى باعتباره «مادة خام»، وعملت على تشكيله ليكون مناسبًا لعرضه على الشاشة، بعد ١٩ عامًا من تقديمه فى الإذاعة، عبر تحويله إلى نص يواكب هذا العصر بمتغيراته، مع الحفاظ على روح وإيقاع ولغة أسامة أنور عكاشة.

واحتجت إلى ذلك بشدة، فى ظل أن النص يتضمن مجموعة من القصص التى تسير بالتوازى بطريقة مدروسة وجاذبة، وحرصت على أن تكون كل شخصيات العمل، وعلى رأسها بطل الحكاية «بليغ أبوالهنا»، الذى يجسده النجم خالد النبوى، تحمل شذرات من الشخصيات الدرامية لـ«أسامة أنور عكاشة».

■ البعض لا يعرف معنى «المعالجة الدرامية» والفارق بين السيناريست والمؤلف.. هل لك أن توضح لنا هذه النقطة؟

- هذا سؤال فى غاية الأهمية.. عناصر أى عمل درامى تبدأ بقصة تدور حول أشخاص معينين وأحداث بعينها، وعلاقتها بالمكان والزمان، ثم «المعالجة الدرامية» لتلك القصة، عبر تحويلها لنسيج يصلح لأن يصبح عملًا دراميًا.

يعتمد ذلك على تطوير الشخصيات، سواء عن طريق خلق ملف نفسى تاريخى لكل شخصية، يتضمن الدوافع والمخاوف والأهداف والعيوب والمميزات إلى آخره، كما يمكن خلق شخصيات جديدة تساعد على إثراء الأحداث، بهدف تطوير القصة، وإدخال الحبكة الدرامية التى تتناسب مع الشكل النهائى للعمل، ومن ثم كتابة التتابع الدرامى للأحداث، ودور كل شخصية فيه، والمكان والزمان الذى يدور به الحدث.

بعدها نصل للمرحلة الأخيرة، كتابة السيناريو والحوار، والمقصود بالسيناريو هو تفريغ للتتابع الدرامى فى شكل مشاهد متتالية، مع وصف المكان الذى يدور به الأحداث، وشرح الحالة النفسية لأبطال ذلك المشهد، ووصف ما يستلزم من أحداث سيتم تصويرها. أما الحوار فهو الكلام الذى يدور بين الشخصيات فى كل مشهد لإتمام الحبكة الدرامية.

والمؤلف هو من يفعل ويكتب كل ما سبق، بينما المعالج الدرامى هو من يأخذ قصة أو رواية ويحولها إلى عمل درامى، وينفذ كل ما سبق حتى مرحلة التتابع الدرامى.

أما السيناريست فهو من ينفذ الخطوة الأخيرة، وهى كتابة السيناريو والحوار، وقد يؤدى السيناريست فى بعض الأعمال دور المعالج الدرامى أيضًا، وقد يستعين بمن يساعده فى كتابة الحوار، إذا كان هناك ما يستدعى ذلك، مثل وجود لكنة معينة لبلد أو فئة معينة، ليس لدى السيناريست الخبرة الكافية لصياغة لغة الحوار بها.

■ ألم تقلق من فكرة المقارنة بين مسلسلك والمسلسل الإذاعى الذى تعيد تقديمه من جديد، وفكرة وضع اسمك أمام اسم الكبير أسامة أنور عكاشة؟

- بالتأكيد الاقتراب من عمل قدمه الأستاذ الكبير أسامة أنور عكاشة مسئولية كبيرة، لكنى اعتبرت الأمر تحديًا من نوع خاص، وهذا ما جعلنى أتعامل مع النص بحرص شديد وشغف، لأن الدخول لعالم «عكاشة» كمتفرج، غير الدخول إليه ككاتب، فحينها أنا ملزم بالاشتباك مع أسلوبه وطريقته وعالم شخصياته وطريقة وأسلوب حواره.

■ لكن البعض قال إنك ابتعدت تمامًا عن أسلوب أسامة أنور عكاشة.. ما تعليقك؟

- كما قلت، اعتبرت أن «راجعين يا هوى» تحديًا كبيرًا بالنسبة لى، لذا وضعت خطة محكمة ومبادئ وأصولًا قبل البدء فى المعالجة الدرامية، وكان من الطبيعى أن يفرض اختلاف الزمن تغييرات فى الخطوط الدرامية والشخصيات ولغة الحوار والصورة، وأعتقد أن العبقرى أسامة أنور عكاشة لو كان على قيد الحياة وأعاد كتابة العمل كان أسلوب الحوار سيتغير، فى ظل تطور الأجيال.

■ كيف استقبلت تعليق نسرين أسامة أنور عكاشة، حينما قالت: «عمل والدى فى إيد أمينة»؟

- فخور جدًا بهذا التعبير، الذى أضعه فوق رأسى، ويحملنى مسئولية كبيرة، وأعتبر نفسى حققت حلمًا كبيرًا من أحلامى، فقد كان لدىّ شغف كبير لتقديم عمل من أعمال أستاذى الكاتب الكبير، خاصة أننى متابع جيد لأعماله وقارئ لرواياته.

■ ما ردود الأفعال التى تلقيتها بعد عرض ١٠ حلقات؟

- الحمد لله، ردود الأفعال مبهجة وإيجابية للغاية وفاقت التوقعات، حتى الآن، ومنذ طرح «البوسترات» والفيديو الترويجى للمسلسل، والجميع بدأ يتساءل عن أحداثه، وكيفية إعادة تقديم عمل للأستاذ أسامة أنور عكاشة، والجمع بين كل هؤلاء النجوم، وغيرها الكثير من التساؤلات.

وبمجرد عرض الحلقات الأولى تلقيت أصداءً جيدة جدًا، وأسهم فى ذلك أنه عمل اجتماعى تشويقى، أحداثه سريعة ومترابطة، ويناقش قضايا اجتماعية وإنسانية كثيرة، وأعتقد أنه تم وضع العمل فى ركن متميز بين الأعمال الدرامية فى هذا الموسم.

■ هل توقعت ذلك من البداية؟

- إطلاقًا.. لم أتوقع هذا الصدى الكبير. فقد استقبلت مكالمات هاتفية كثيرة من الأقارب والأصدقاء، ورسائل من الجمهور عبر مواقع التواصل الاجتماعى، أذهلتنى من روعتها. وأكثر ما أسعدنى مكالمة الأستاذ الكبير عبدالرحيم كمال، الذى هنأنى من قلبه، وغمرنى بفيض من المشاعر الصادقة الإيجابية. ولا أبالغ حينما أقول إن كل ردود الأفعال هذه أبهرتنى، وجعلتنى أشعر بأن روح الأستاذ أسامة أنور عكاشة «بترفرف» حول «راجعين يا هوى». 

■ ألم تتخوف من المنافسة وسط كم الأعمال التى تُعرض فى الموسم الرمضانى؟

- نهائيًا.. ودائمًا ما أحرص على تقديم أعمال درامية تدوم، بمعنى أننى لا أقدم عملًا لكى يُعرض فى توقيت أو موسم معين، بل العكس أقدم العمل لكى يعيش ويتم عرضه بمرور الزمن.

■ كيف وجدت التعاون من جديد مع النجم خالد النبوى؟

- خالد النبوى أخ حقيقى وصديق مقرب، وهناك مساحة تفاهم كبيرة بيننا، وهو نجم كبير أشرف بتكرار التعاون معه، بعد نجاحنا فى مسلسل «ممالك النار»، وأتمنى أن يتكرر هذا التعاون خلال السنوات المقبلة أيضًا.

ودعينى أقول لكِ إن خالد النبوى كان هو البطل منذ بداية التحضيرات للعمل، وأظن أن المشاهد لا يمكن أن يتخيل أحدًا يقدم المسلسل غيره.

أداؤه مدهش، ولديه قدرة فائقة على تجسيد الانفعالات، رغم بساطته الشديدة حين يلعب الشخصية المراد تقديمها، فهو يعيش مسارها وتحولاتها حتى تبدو للجمهور مثيرة للمتعة البصرية، الأمر الذى جعله «متفردًا»، وأثبت على مدار مشواره الفنى أنه قادر على تجسيد أى شخصية، وما زال لديه الكثير ليقدمه للجمهور.

■ وماذا عن التعاون الأول مع المخرج محمد سلامة؟

- محمد سلامة مخرج مميز جدًا بين أبناء جيله، وأنا من متابعيه منذ عمله الدرامى الأول «رحيم»، مرورًا بـ«نصيبى وقسمتك» و«ستات بيت المعادى»، كما أنه فى العام الماضى تحديدًا، أشدت بالصورة التى قدمها فى مسلسل «موسى»، والجميع أشاد بها أيضًا.

هذا العام تعرفنا فى سياق مختلف، فقد كان من المفترض أن نقدم عملًا آخر، لكن لم يكتمل، إلا أنه منذ الجلسات الأولى لـ«راجعين يا هوى»، اتفقت أنا و«النبوى» و«مرتضى» على أن يخرج المسلسل، الذى يقدمه بشكل مغاير تمامًا لما قدمه طوال مشواره.

■ مَنْ المؤثرون فى حياة محمد سليمان عبدالمالك من ناحية الكتابة؟

- أعتبر نفسى تلميذًا صغيرًا فى مدينة الأستاذ أسامة أنور عكاشة الكبيرة الواسعة، وفى الأدب تأثر كثيرًا بالعبقريين: نجيب محفوظ ويوسف إدريس، ومن أساتذة جيلى محمد المنسى قنديل، وفى السينما منبهر بالكاتب الكبير الراحل وحيد حامد، والمخرج يوسف شاهين.

■ متى بدأ حبك وشغفك لعالم الكتابة؟

- منذ طفولتى، أتذكر جيدًا وأنا عمرى ١٢ عامًا، عندما أرسلت خطابًا للدكتورة هالة سرحان، ونشرت لى موضوعات فى مجلة «كل الناس»، وكنت أصغر كاتب بها.

بعدها دخلت كلية الطب، وبالتوازى كنت أكتب الكثير والكثير من المقالات الصحفية، وفى إعداد البرامج والمسرح، وكلها كانت محاولات للتطوير من موهبتى، وتحقيق حلمى بتقديم عمل درامى على الشاشة الصغيرة. ولا أبالغ حينما أقول إنه كان تأثرًا بالأستاذ الكبير عميد الدراما العربية أسامة أنور عكاشة.

■ متى جاءت مرحلة التحول من «طبيب» إلى «مؤلف»؟

- تخرجت فى كلية الطب عام ٢٠٠٣، وأصبحت معيدًا فى قسم «صحة عامة»، لمدة ٦ سنوات، وكما قلت فى السؤال السابق، كنت بالتوازى مع مهنتى كطبيب، لى محاولات فى الكتابة، إلى أن جاءت مرحلة التحول الحقيقية فى ٢٠١٠، حينما قررت التفرغ للكتابة، ووجدتها لحظة أن تكون أو لا تكون، واليوم بعد ١٢ عامًا من استقالتى من الطب، أشعر بأنه كان قرارًا صحيحًا بنسبة ١٠٠٪.

 

تاريخ الخبر: 2022-04-11 21:20:49
المصدر: موقع الدستور - مصر
التصنيف: سياسة
مستوى الصحة: 58%
الأهمية: 70%

آخر الأخبار حول العالم

أكادير.. افتتاح الدورة الخامسة لأيام الأبواب المفتوحة للأمن الوطني

المصدر: موقع الدار - المغرب التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 03:25:06
مستوى الصحة: 50% الأهمية: 68%

السعودية والأمريكية - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 03:23:59
مستوى الصحة: 57% الأهمية: 52%

ملاحقة خطابات الكراهية والشر - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 03:23:55
مستوى الصحة: 59% الأهمية: 66%

أبناء جنوب لبنان: لا نريد الحرب.. «حزب الله» ورّطنا - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 03:23:58
مستوى الصحة: 56% الأهمية: 65%

هل يعيد الحوثي اليمن إلى مربع الحرب ؟ - أخبار السعودية

المصدر: صحيفة عكاظ - السعودية التصنيف: مجتمع
تاريخ الخبر: 2024-05-17 03:23:57
مستوى الصحة: 53% الأهمية: 64%

المزيد من الأخبار

مواضيع من موسوعة كشاف

سحابة الكلمات المفتاحية، مما يبحث عنه الزوار في كشاف:

تحميل تطبيق المنصة العربية